معرض Paris Airshow 2017: جيّد ... دون التوقُّعات
انعقد معرض باريس للطيران 2017 في دورته الثانية والخمسين في مطار لو بورجيه المجاور للعاصمة الفرنسية باريس، وأصبح منذ إطلاقه في العام 1953 من بين المعارض الرئيسية الدولية الأكبر في العالم أجمع. وكغيره، عرض باريس للطيران أحدث الطائرات في القطاعين الدفاعي والتجاري إضافة إلى أحدث التطورات أيضاً في عالم الطيران إضافة إلى كونه منصة عالمية لطلب المنتجات الجديدة.
وكان لافتاً هذه السنة، وكبقية المعارض، التنافس الحاد بين «إيرباص» Airbus و«بوينغ» Boeing وذلك من خلال الطلبات والالتزامات على الطائرات الأكثر حداثة. ولقد كانت Boeing الفائزة بامتياز في هذا الحدث كما أشارت وكالة «رويترز» Reuters، إذ تلقت نحو 571 طلباً مقابل 326 طلباً لِـ Airbus، وذلك لا يعني أن المعرض لم يكن جيداً لكلا الفريقين. يذكر أن الطلبات الإجمالية لطائرات Boeing لم يتضمن أكثر من 200 عملية تحويل من طلبات سابقة، وإن كان معظم الزبائن تحولوا إلى الطرازين الأحدثين 737 MAX 8 و 737 MAX 10.
واستفاد المتنافسون في صناعة الطيران من معرض باريس كمنصة لعرض أحدث مبتكراتهم، حيث عرضت Boeing للمرة الأولى طائرة البدن الضيق 737-MAX ولوّحت للزائرين بعائلة 797 المستقبلية في حين عرضت Airbus الطراز الجديد لطائرة البدن الضيق A321 neo بمحركيه الجديدين وطائرة البدن العريض جداً A350.
حفِل المعرض هذا العام بالمنتجات الجديدة والمجددة من طوافات وطائرات وبخاصة الصرعات الطيرانية التي تستدعي الاهتمام.
وكان المعرض مناسبة لإحياء السفر بطائرات فوق صوتية، حيث تجهد عدة شركات على غرار Boom Supasonic على إعادة إحياء طائرة مماثلة لِـ Concorde في الأجواء الصديقة. وتخطط هذه الشركة على أن تحلّق طائرتها الأولى في الأجواء أواخر العام 2018. كما لم يكن المعرض فرصة لعرض المنتجات الجديدة فحسب، بل كان مجالاً لعرض المنتجات الفرعية ذات الصلة بالطيران على غرار خدمات الدعم والأنظمة الفرعية المختلفة ذات الصلة.
وفي الإجمال فإن التحول السعيد للأحداث، وعلى الرغم من أن طلبات الطائرات الجديدة لم تكن غزيرة، فهي ساعدت في تلميع صورة معرض باريس للطيران بإبرامه عقود بمليارات الدولارات التي تلقتها بكل سرور شركات Airbus، و ATR، و Bombardier، و Bell Helicopter، و Boeing، و Embraer، و Leonardo و Lockheed Martin.
ومع تسجيل باريس للطيران 2017 أرقاماً مهمة في المبيعات، ولكن هذه المبيعات كانت دون مبيعات المعرض السابق بقليل، وبلغ عدد الطلبات والالتزامات بما فيها طائرات رجال الأعمال والتيربوداسرية التي أُعلن عنها خلال المعرض، أكثر بقليل من ألف طائرة.. وفي ما خص المبيعات فقد كانت 2017 أقل بقليل من مبيعات 2015 وأقل بكثير من 2013 ولكنها متقدمة على معرض «فارنبره الدولي للطيران 2016».
وفي الإجمال، عرض «باريس للطيران 2017» الصناعة الجوية مدفوعة بالحركة الجوية القوية، ومؤشراً أكثر للاستمرار بشراء الطائرات، على الرغم من الأزمة الاقتصادية. ولقد كان بعض الزبائن من آسيا أكثر فعالية على وجه الخصوص، وهناك أكثر من إشارة حول التحول المتسارع في سوق الطلبات الآسيوية للطائرات الجوية العريضة البدن. وعلى مدى السنوات العشر التالية، تشير توقعات Forecast International أن زبائن آسيا يشكلون نحو 27 في المئة من سوق الطائرات التجارية ذات البدن العريض والعريض جداً، متخطين بذلك أميركا الشمالية (22 في المئة)، وأوروبا (20 في المئة) والشرق الأوسط (18 في المئة). وتجدر الإشارة إلى أن طلب السفر الجوي في آسيا يتزايد بسرعة كنتيجة حتمية لقوة الاقتصاد الإقليمي ونمو الطبقة المتوسطة. إضافة إلى التحرير المتزايد لسوق النقل الجوي الإقليمي والذي سيسهم أيضاً في الطلب القوي.
ومع ذلك، فيما يحاول المراقب التمعن في الطلبات/ الالتزامات الإجمالية التي انبثقت عن معرض باريس للطيران، يلاحظ أمرين:
أولاً، شكلت الشركات المؤجِّرة للطائرات نحو نصف الالتزامات التي أعلن عنها. وفيما لا يشكل هذا الأمر بالضرورة مشكلة ما، فإن طلبات مؤجري الطائرات عادة ما تكون جزئية على الأقل، وذات طبيعة تكهنية، مستندة بذلك إلى توقعات تأجير الطائرات للخطوط الجوية. وإلى ذلك، هناك مستوى قوي من الطلبات من قبل مستأجري الطائرات ما يرفع إمكانية تأمين وفرة من طلبات للخطوط الجوية، فيما ينظر كلا الخطوط الجوية ومؤجري الطائرات إلى المجموعة ذاتها، أي إحصاءات الحركة الجوية قبل اتخاذ القرار لوضع الطلبات.
ثانياً، شكلت سوق الخطوط الجوية لطائرات البدن العريض 76 في المئة من مجموع طلبات والتزامات Boeing و Airbus التي أعلن عنها خلال المعرض. وعلى الرغم من هذه الأمور، أكد معرض باريس للطيران لهذا العام مستقبلاً واثقاً وأكثر زخماً لصناعة الطيران.
انعقد معرض باريس للطيران 2017 في الفترة الممتدة من 19 ولغاية 25 حزيران/ يونيو 2017، وقد خصصت الأيام الأربعة الأولى 19 – 22 للزوار التجاريين فيما خصصت الأيام الثلاثة الأخيرة 23 – 25 للعامة. وأكدت «جيفاس» GIFAS، الجهة المنظِّمة للمعرض، اهتمامها الخاص بعامة الناس من خلال وضع الموارد المختلفة لتحسين استقبال الزوار من خلال: الدخول المجاني إلى المتحف الجوي والفضائي، وتكريس ساحة عامة مساحتها 30.000 متراً مربعاً للعموم، وإنشاء منصة فوق الساحة العامة تتسع لنحو 3000 مقعد، ووضع برنامج للعروض الجوية اليومية لمدة 2 – 3 ساعات، ووضع شاشات عرض عملاقة لتمكين العامة من مراقبة أنشطة المعرض وأخيراً مساهمة فريق «باتروي دي فرانس» بالعروض الجوية في الأيام الثلاثة الأخيرة للمعرض.
وأظهرت الدراسة الاستقصائية التي أعدتها شركة SIAE، بأن معرض باريس للطيران 2017 هو المعرض الأكثر شعبية من قبل الزوار النوعيين والتجاريين والعامة. وأظهرت الدراسة أيضاً أن %98 من الزوار أبدوا ارتياحهم للمعرض منهم %40 كانوا جد مرتاحين، وهذه الأرقام بدأت بالصعود منذ العام 2007.
لماذا المعرض شعبي بامتياز؟ لأن معرض باريس للطيران هو حدث فريد من نوعه فيما خص الحجم والتنوع، لأنه يجذب معاً جميع اللاعبين في الصناعة الجوية العالمية، ويقدم أعداداً كبيرة من العروض الجوية مع رؤية ممتازة. إنه يوفر للمحترفين التجاريين الفرصة لتقديم منتجاتهم وخبراتهم في أفضل الظروف، وهو يوفر كالعادة توجهاً نحو الشباب صغار السن والوظائف والتدريب. أخيراً وليس آخراً، أجرى المعرض تحسينات كبيرة في مجال خدمات العارضين والزوار والتي اتخذت طابع الأولوية (استثمارات مهمة في تشييد مركز المعرض وعمليات الرقممة، وتقديم وسائل جديدة عالية الأداء).
كما نظم خارج المعرض، العديد من الأحداث من قبل العارضين في مدينة باريس العاصمة والتي ساهمت في جعل المعرض خبرة فريدة.
من الخدمات والنشاطات الجديدة في باريس للطيران 2017 «المختبر الجوي الباريسي» Paris Air Lab، الذي تضمن باحة الابتكارات التي تقع وسط المعرض في قاعة كونكورد. وهو ينتشر على مساحة 2000 متر مربع ومخصص كلياً لابتكارات اللاعبين الرئيسيين في الصناعة الجوفضائية. وتضمن Paris Air Lab أيضاً باحة للابتكارات المثيرة والخبرات التفاعلية باستخدام الحقيقة الافتراضية والمعززة. وشمل المختبر أيضاً الأنشطة الجوية التالية: طائرات المستقبل، والطيران المسيّر، وأنظمة الدفع، والتطبيقات الرقمية الجديدة، والعربات الجوية غير الآهلة، والتواصلية، والمصانع الجوية المستقبلية، وأخيراً الفضاء: المراقبة الأرضية والوكالات الفضائية إلخ.
وبالتعاون مع شركة BCI Aerospace حفل المعرض للمرة الثانية بِـ «خدمات اجتماعات رجال الأعمال» Business Meeting Services، التي نفّذت من العشرين وحتى الثاني والعشرين من حزيران/ يونيو. يذكر أن هذه الخدمة أطلقت في العام 2007 وكانت ناجحة جداً في باريس للطيران 2017 مع 764 مشاركاً ونظمت نحو 8046 اجتماعاً للأعمال.
وإضافة إلى الخدمات الكثيرة، هناك تطبيق الهاتف الجوال حيث وفر المنظم تطبيقات IOS و Android، وهي وسيلة مهمة جداً للاطلاع على كل تفاصيل الزيارة، حيث باستطاعة المستخدمين الحصول على مجموعة واسعة من المعلومات في الوقت الحقيقي، على غرار لائحة العارضين وأخبارهم بالتفصيل، برنامج العروض الجوية، لائحة بالطائرات الجاثمة في ساحة الطائرات، ولائحة بالخدمات المتوافرة من مطاعم، ومحال تجارية وغيرها...
وأدرجت GIFAS «برنامج Carceplane» أي منتدى الوظائف والتدريب Job & Training Forum، وهي قدمت باحات مخصصة للمهن الاحترافية والتدريب، والاستخدامات الجوفضائية، والنقل الجوي والصناعات الدفاعية الوطنية.
وتحت عنوان «السفر إلى قلب الامتياز» فإن المعرض الحالي أجرى صورة شاملة حول هذا القطاع، ضمن باحة مساحتها 3000 متر مربع، حيث يدعى الزوار لاستشراف الصناعة الابتكارية في جولة تفاعلية وتثقيفية. والباحتان يكمل بعضهما البعض فـ Carceplane تشكل باحة للعروض التدليلية والمناقشات تقدم من قبل خبراء في هذا المجال فيما يشكل منتدى الوظائف باحة للالتقاء بمديري التدريب والتأهيل من مؤسسات الأعمال والتعليم.
وأخيراً، قدمت GIFAS، في مقاربة ممتعة للعلوم، وبالتعاون مع رابطة Planets Science Consortium، برنامجاً لترقية الصناعة الجوفضائية للشباب صغار السن. وفي الوقت الذي تقوم به الصحافة والحرفيين بتعميم الصعوبات التي تعترض تأهيل المهندسين، هدفت هذه المبادرة لتوفير استجابة لنحو 400 شاب (60 فريق) مهتمين بهذا البرنامج كل عام. كما يتيح التحدي الصاروخي Rocketry challenge فرصة لتطوير التعاون الدولي ما بين الروابط الصناعية الأميركية AIA، والبريطانية ADS، والفرنسية GIFAS واليابانية SIAC من خلال إجراء حوارات غير رسمية تهدف إلى ترقية روابط وثيقة.
كبقية المعارض الطيرانية، فإن معظم العقود التي أبرمت خلال فعاليات باريس للطيران كانت من نصيب القطاع التجاري مع عقود ضئيلة جداً للقطاع العسكري، وفي ما يأتي العقود والعروض العسكرية التي أعلنت خلال المعرض:
أبرمت مجموعة «ستلواجن غروب» Stelwagen Group عقداً مع شركة Airbus Defence & Space لبيعها 12 طائرة C295 للنقل المتوسط. يذكر أن طائرة C295 عرضت أثناء معرض باريس للطيران قبل الانطلاق برحلة جوية حول العالم أواخر حزيران/ يونيو الفائت واستمرت حتى أوائل آب/ أغسطس.
كما سلمت Airbus ست طائرات A400M للنقل التكتيكي إلى سلاح الجو الفرنسي وستسلم 9 طائرات إضافية حتى أواخر العام 2018. يذكر أن هذا السلاح يقوم بدعم برنامج A400M كما أن رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون انتقل إلى معرض باريس للطيران على متن A400M.
بدورها كشفت شركة «تكسترون» Textron النقاب عن العربة الجوية التكتيكية غير الآهلة «نايتواردن» Nightwarden وهي تحلق لمدة 16 ساعة في الطلعة الواحدة وعلى سقف عملاني يصل إلى 16000 قدم. ويتوقع أن تحمل هذه الطائرة معدات للاتصالات، والاستشعار والاستخبار أو حتى صواريخ «فيوري» Fury من صنع Textron الخاصة بالعربات الجوية غير الآهلة.
كما أماطت شركة «ليوناردو» Leonardo اللثام عن عربة الهدف الجوي الجديدة M-40، تدفع العربة بمحرك أحادي وهي ذات أداء متوسط إلى عالي وبكلفة مجزية، كما يمكن استخدام M-40 كنظام محاكي معادي لأغراض التدريب.
وعلى صعيد آخر، أبرمت شركتا «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin و«تاتا» TATA الهندية اتفاقية لإنتاج مقاتلة F-16 في الهند، وتراوح حاجة سلاح الجو الهندي ما بين 100 و 250 طائرة شرط إنتاجها في الهند كما أكد رئيس الوزراء الهندي «نارندرا مودي» Narendra Modi، وفي الوقت عينه فإن Lockheed Martin في المرحلة النهائية لإبرام عقد لبيع 440 مقاتلة F-35 Lightning II إلى 11 دولة. وتتضمن هذه الصفقة الطرز الثلاث من F-35. وفي ما يأتي مجموعة الدول التي تساهم في البرنامج: أستراليا، الدنمارك، إسرائيل، إيطاليا، اليابان، هولندا، النروج، تركيا، كوريا الجنوبية، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأميركية.
ومن جهة أخرى، تتابع «شركة الطائرات الروسية»Russian Aircraft Corporation (RAC) اختبارات الطيران لطائرة MiG-35 ويتوقع أن ينتهي هذا البرنامج أواخر العام الحالي وأن تبرم موسكو عقداً لشراء 37 مقاتلة MiG-35 بعد الانتهاء من مرحلة اختبارات الطيران
بلغ عديد الزوار 35584 زائراً منهم 14947 زائراً تجارياً و 21637 زائراً عادياً، سجل زيادة قدرها %11.4 عما قبله وشارك فيه 2303 عارضين من 48 دولة، (زيادة %4 عما قبله)، و 4359 صحافياً (زيادة %40.6 عما قبله). وغطى المعرض 122500 متراً مربعاً منها 52000 متر مربع للقاعات، 35500 متر مربع للشاليهات و 35000 متر مربع لساحات العرض الخارجية. وبلغت القيمة الإجمالية للطلبات نحو 130 مليار دولار فيما وصل عدد الوفود الرسمية إلى 296 وفداً من 91 دولة.)
