الشاحنات العسكرية: نحو تعزيز قدرات البقاء والحركيّة
من الناحية التاريخية، كانت الشاحنات العسكرية منصّات ذات أسطح قماشية أو جلدية، وقلّما كان بالإمكان تمييزها عن نظيراتها التجارية. غير أن النزاعات الأخيرة شهدت توجهاً قوياً لحماية تلك الشاحنات.
القدرة على البقاء هي الأولوية رقم واحد بالنسبة إلى أساطيل اللوجستيات التكتيكية المدولبة المعاصرة – وليس فقط للعربات بل أيضاً لمُشغِّليها على حدٍّ سواء. وهذه هي خُلاصة العمليات العسكرية في أفغانستان – فقد سقط في الأعوام الثلاثة الأخيرة نحو 3500 مقاتل من قوات التحالف في الميدان، فيما أُصيب بأضرار جسدية نحو 30,000 جندي خلال العمليات.
ونقلت نشرة «اللوجستيات العسكرية الدولية» Military Logistics International (MLI) عن جون براينت John Bryant، نائب الرئيس الأعلى لبرامج الدفاع لدى شركة «أوشكوش» Oshkosh، قوله في هذا الصدد: «ينبغي على الشاحنات اليوم أن تحافظ على حياة شاغليها ومشغّليها. ففي النزاعات الأخيرة، لم يكن مطلب إنقاذ الأرواح ذلك الدافع الكبير وراء تصميم العربات التكتيكية المدولبة».
وأوضحت شركة «إيفيكو ديفنس فهيكلز» Iveco Defense Vehicles الإيطالية المُصنِّعة للشاحنات العسكرية حول هذا الموضوع: «قبل الحرب في أفغانستان لم يكن هناك شاحنات مَحمِيّة لدى الجيوش. أمّا الآن فإنّ حماية الطاقم هو دافعٌ رئيسي وراء تحديد مواصفات الشاحنة».
أوضح جون براينت حول التدريع الإضافي قائلاً: «شاهدنا في العراق وأفغانستان تحدّياتٍ هائلة واجهت العربات التكتيكية المدولبة، معظمها تمحور حول واقع أنّ الخطوط الأمامية التقليدية والخطوط الخلفية الدفاعية قد تلاشت إلى حدٍّ ما. فلم يعد ثمة مكانٌ آمن في الميدان، ولم يعد في إمكان قوافل العربات أن تتحرّك بأمان في ‘المنطقة الخلفية’ لأنّه لم يعد هناك أي منطقة خلفية ميدانياً، فالعدو موجود في كل مكان ولا مكان».
وتابع: «لقد واجهت العربات التكتيكية المدولبة وشاغلوها مجموعة متنوعة من التهديدات أينما توجَّهت، بدءاً من الحشوات المتفجّرة المرتجلة ميدانياً IED وصولاً إلى المدافع الرشّاشة، والقذائف الصاروخية RPG ومجموعة ضخمة من الذخائر الحَرَكية ما استدعي مستويات أكبر بكثير من الحماية والحَرَكيّة لم تكن مطلوبة من قبل في العربات التكتيكية المدولبة».
وقد خضعت العديد من العربات، التي استخدمتها «قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان» ISAF، لتحديثاتٍ كبيرة لمضاعفة قدرتها على البقاء. وبموجب «مطلب عملاني مُلِحّ» UOR عزَّزت وزارة الدفاع البريطانية من تدريع أسطول شاحناتها من طراز «مان» MAN، حيث تضمّن ذلك مقصورات قيادة مجهَّزة بحُزمة تدريع سلبي مقوَّى ومتين appliqué توفّر حماية بالستية من «المستوى 2» Level 2 وحماية من عَصْف الانفجار من «المستوى 1+» Level 1+ وهما يطابقان المستوى المعياري الأطلسي العسكري STANAG 4569.
كما جُهِّزت مقدّمة المقصورة وجانباها بتدريعٍ لوحي لاعتراض قذائف الـ RPG قبل أن ترتطم بالتدريع الرئيسي. ومن أجل مواجهة «الحشوات المتفجّرة المرتجلة ميدانياً» IED، جُهِّزت العربات بتوليفة من الإجراءات الإلكترونية المضادة للتشويش، أمّا من ناحية الدفاع الذاتي فقد جُهِّزت الشاحنة بمركن سلاح مجهَّز برشّاش عيار 7.62 ملم مركَّبٍ على كوَّة في السقف.
واشتملت التحديثات أيضاً على إطاراتٍ تعمل حتى ولو فرغت من الهواء run-flat tyres، وأضواء أمامية بالأشعة تحت الحمراء IR، وأضواء للرؤية الخلفية، وأجهزة رؤية ليلية للسائق.
وتُعتبر هذه الإجراءات حالياً معيارية للمُصنِّعين وتشمل جميع فئات أوزان الشاحنات.
عندما انتشر الجيش الكندي في أفغانستان، فإنّه لم يستخدم أيّة عربة من أسطول «العربة اللوجستية المتوسطة المدولبة» MLVW المتقادم المؤلَّف من 2,500 عربة، لأنّها لم تكن مشتملة على الحماية الدرعية المطلوبة لضمان قدرة الجنود على البقاء في الميدان على وجه الخصوص.
وعلى الرغم من أنّ ذلك ليس بالضرورة الدافع الوحيد الذي كان وراء القرار الذي اتُّخِذ لاستبدال هذه العربات، التي صنعتها في ثمانينات القرن الماضي شركة «بومبارديه» Bombardier واستندت إلى تصميم العربة العريقة M35 التي تعود إلى الخمسينات، فإنّ ذلك يمكن بسهولة استبيانه كعاملٍ حاسمٍ.
والعقد الذي بلغت قيمته 725 مليون دولار كندي (558 مليون دولار أميركي) قد مُنِح إلى شركة «ماك تراكس» Mack Trucks (حالياً Renault Trucks Defense) لصنع الشاحنات في تموز/يوليو من العام 2015 لإنتاج «نظام عربة دعم متوسطة – تراعي المعيار العسكري» MSVS-SMP الجديد وهو جزءٌ من «استراتيجية الدفاع الكندية الأولى» التي حدّدت العاصمة الكندية أوتاوا قيمتها بنحو 1.58 مليار دولار كندي لتحسين واستبدال الأساطيل والمعدّات الرئيسية للقوات الكندية.
ويُشكِّل المعيار العسكري SMP الشريحة الكبرى من برنامج «نظام عربة الدعم المتوسطة» MSVS الأشمل، مع عقدٍ أسبق بلغت قيمته 274 مليون دولار أميركي لفئة «المكوّنات المتوافرة تجارياً والمتوافقة مع المعايير العسكرية» MilCOTS الذي مُنِح إلى شركة «نافيستار» Navistar في العام 2006، لتزويد الجيش الكندي بشاحنات من صنع شركة «إنترناشونال وورك ستار» International WorkStar سلسلة 7400.
وستقوم شركة «ماك ديفنس» Mack Defense، أحد المُصنِّعين الستة الذين تنافسوا على عقد المعيار العسكري SMP، بتزويد 1,500 شاحنة ثُمانية الدفع 8x8 تستند إلى سلسلة شاحناتها «كيراكس» Kerax. وقد تغلّبت بذلك على منافستها شركة Navistar، التي عرضت شاحنتها ATX-8، وشركة Oshkosh التي عرضت «الشاحنة التكتيكية الثقيلة ذات الحركيّة الموسَّعة» HEMTT، فضلاً عن شركة «ب أيه إي سيستمز» BAE Systems مع عائلة «العربات التكتيكية المتوسطة» Tactical Wheeled Vehicles (TWV)، و«شركة مرسيدس بنز» Mercedes-Benz مع شاحنة «زيتروس» Zetros، وشركة «راينمتال مان» Rheinmetall MAN مع شاحنة HX77.
وتُشدِّد جميع هذه الشاحنات على قدرة الطاقم على البقاء مع مجموعة متنوّعة من مكوّنات حماية المقصورة، إمّا مركّبة في المصنع أو من النوع الذي يُضاف لاحقاً.
وتشمل تلك مقصورة الطاقم التي تُبدِّد عَصْف الانفجار، ومقصورة مصنوعة من تدريعٍ فولاذي بالستي، وتدريعٍ يتحمّل ضرباتٍ عدّة يؤمّن حماية تصل إلى المعيار العسكري STANAG Level 3/4، ومقاعد ممتصّة للطاقة، وتدريع شفّاف لتحسين الرؤية، وبطانات جانبية مخفِّفة لعَصْف الانفجار، فضلاً عن أنظمة أسلحة للدفاع الذاتي.
مع ذلك، خلُص جون براينت إلى القول بأنّ: «ما قد تعلّمناه في العراق وأفغانستان من خلال التهديدات الناشئة التي واجهتها عرباتنا هو أنّ نظام الحماية لا يتعلّق فحسب بالتدريع، خصوصاً إذا كنت تسعى إلى الحفاظ على أعلى مستويات القدرة الحركيّة في الطرق الوعرة».
وأضاف: «ينبغي أن تتّخذ مقاربةً لقدرة كامل النظام على البقاء. لقد أخذنا في عين الاعتبار كيف يتصرّف كلّ مكوِّنٍ في عربةٍ ما خلال حَدَثٍ تهديدي. فمن الناحية التقليدية، يعمد المُصنِّعون إلى حماية شاغلي العربة بكبسولة تدريعية كبيرة، وطالما لم تحدث ثغرة في التدريع تكون قد أمّنتَ لهم الحماية. وربّما ذلك يكون صحيحاً إلى حدٍّ ما، إذا ما كانت العربة ذات وزنٍ غير محدود، لكن من أجل توفير مستوى حقيقي متوازن من الحماية والحَرَكيّة علينا أن نتخطَّى ذلك في مقاربتنا للقدرة على البقاء».
وأوضح براينت أنّ ذلك يعني التركيز على كلّ شيء بدءاً من الحماية التدريعية بحدّ ذاتها (المواد المختارة ونمذجة كيف ستكون ردّة فعلها خلال أيِّ حَدَثٍ تهديدي) والتكنولوجيا المعتمدة في مقاعد العربة، وكيف يتم تركيب جميع المكوّنات الداخلية فيها. ويشمل ذلك أيضاً تأثير عناصر نظام دفع العربة، وهو ما قد يُشكِّل أهمية كبيرة في حال لم يتم تصميمها على نحو ملائم.
وتابع: «علينا أن نتطلّع إلى تأثير الهيكل ومكوّنات جهاز التعليق. وعلينا أن نأخذ كلّ تلك العوامل في عين الاعتبار كي نعلم تماماً كيف تتصرّف العربة في ظل حَدَثٍ تهديدي أو خلال مجموعة متنوّعة من الأحداث التهديدية. فقد صُمِّمَ كلّ شيءٍ في العربة إمّا لكي يُسهِم في تحقيق القدرة على البقاء أو لضمان أن لا يخلّ أيّ مُكوِّنٍ من تأمين القدرة على البقاء».
وختم براينت قائلاً: «ذلك النوع من مقاربة التصميم ... هو في غاية التعقيد وهو شيءٌ لم نشهده بالفعل أبداً في العربات التكتيكية المدولبة قبل نشوب النزاعات الأخيرة في العراق ومن ثم أفغانستان».
بغض النظر عن الوزن، يتعيّن على العربة التكتيكية المدولبة الحديثة أن تملك القدرة على الانطلاق والحركيّة في الطرق الوعرة – ليس أقلّه بأنّ مسارح العمليات الحربية لا تشتمل بالطبع على طرقٍ واسعة ومعبَّدة.
ولفتَ براينت إلى أنّ «التغيير الأكثر أهمية من ناحية التهديدات الناشئة وذاك الذي يطال المتطلّبات يتمثَّلان في الرغبة بتحقيق قدرة على الطرق الوعرة أكبر بكثير من قبل – وهي ليست بالطبع من الخصائص الاعتيادية لأي عربة تكتيكية مدولبة». وأضاف: «إنّ تزويد العربات بأنظمة تعليق متفوّقة الأداء تسمح لها بالحركيّة على الطرق الوعرة واجتياز التضاريس الشاقة بسُرعاتٍ عالية إنّما يُنقِذ الأرواح وذلك بإخراج الجنود من الطرق التقليدية المتوقّعة من قِبَل العدو».
وتستخدم عربة الشحن/ناقلة الجند «تاترا أيه تي أكس-8» Tatra ATX-8 من شركة Navistar Defense تكنولوجيا الهيكل التكتيكي ونظام التعليق المستقل لاجتياز تضاريس أرضية معقّدة بسرعةٍ عالية.
وأخبرت شركة Navistar نشرة «اللوجستيات العسكرية الدولية» MLI أنّ «العربة قادرة على اجتياز منحدرات مائلة بنسبة %55، ومنحدرات جانبية بنسبة %45. كما أنّها قادرة على اجتياز مطبٍّ عمودي بارتفاع 0.6 متر وخندق بعرض 2.1 متران. كما أنّها قادرة على عبور مياهٍ بعمق 1.5 متر».
أمّا المحوران النصفيان الأمامي والخلفي الموجَّهان بالمقود والمتأرجحان فهما مجهَّزان بمغاليق جهاز تفاضلي، ومغلاق تفاضلي متداخل في ما بين المحاور ومُخمِّدات للصدمات تلسكوبية الشكل. أمّا الهيكل ذو البُنية الثلاثية الأبعاد 3D فيتجنّب إلى حدٍّ كبير الضغوط الالتوائية والانحنائية على البدن.
ويشتمل نظام التعليق المستقل على مهماد هوائي عند كلّ عجلة. وتدور العجلات على نحو مستقل مع خلوص أرضي مرتفع، في حين أنّ النظام المركزي للتحكم بضغط العجلات يسمح بتعديل الضغط لتحسين جودة سير العربة على مختلف التضاريس الأرضية.
وتُجهَّز عربة ATX-8 أيضاً بنظام تحكُّم بارتفاع بدن العربة. وهذا يسمح للسائق بتبديل ارتفاع الهيكل خلال التحرُّك وفقاً لنوعية التضاريس ويتيح تحميل هذه العربة على متن طائرة النقل العسكري C-130.
منحت شركة «ليبهر» Liebherr الألمانية، الرائدة عالمياً في أنظمة الرافعات المتحركة، شركة «راينمتال» Rheinmetall طلباً لمقصورات السائق ومقصورات الرافعات لصالح جيل جديد من عربات الرافعات التابعة للجيش الألماني. وبدءاً من العام 2018 ستزود Rheinmetall ما مجموعه 71 مقصورة سائق ومقصورة مشغل الرافعة لصالح 38 رافعة متحركة محصنة طراز G-LTM إضافة إلى 33 لصالح عربات رافعة للإخلاء محصنة. وبلغت القيمة الاجمالية للطلبات عشرات ملايين اليورو، وسيكتمل التسليم في العام 2021.
تحمي مقصورة السائق الطاقم من التهديدات البالستية إضافة إلى الألغام الأرضية وعصف الحشوات المتفجرة المرتجلة ميدانياً. وتتميز أيضاً بنظام تطهير عوامل التلوث النووي والبيولوجي والكيميائي. كما تؤمن مقصورة الرافعة الحماية لمشغل الرافعة من الرمايات البالستية أثناء عمليات الرفع. ويتشابه التصميم لكلا المقصورتين G-BKF و G-LTM.
لهذا الطلب دلالات مهمة لِـ Rhienmetall من عدة نواحي، فهو تالياً «مصنع معدات رئيسي» آخر يتم تزويده بحلول حماية مدمجة. علاوة على ذلك، يوفر البرنامج مثلاً رائعاً للتعاون بين القطاع الخاص والمكتب الفيدرالي الألماني لمعدات وتكنولوجيا المعلومات والدعم أثناء الخدمة للجيش الألماني BAAINB والفضل يعود إلى إدارة التحقق المدمجة، إذ إن دورة التطوير كانت قصيرة، ورغم أن المشروع بدأ في العام 2013 فإن الطراز الأول اكتمل في العام 2016. وتجدر الأشارة إلى أن الإنتاج المتوالي وعمليات التسليم إلى الجيش الألماني ستبدأ في العام 2018.
أكّدت شركة Iveco بدورها أنّه ستكون هناك حاجة متواصلة لقدرةٍ على الطرق الوعرة أو الحقلية مع أنظمة تعليق مستقلّة مستخدمة على بعض المنصّات التكتيكية. وقد فازت الشركة بعقدٍ قيمته 153.8 مليون يورو (آنذاك 172.38 مليون دولار أميركي) وذلك لتزويد وزارة الدفاع الأسبانية بنحو 734 شاحنة.
وستُغطِّي الطلبية مجموعة من عربات «تراكر» Trakker بمختلف أنواعها، رباعية وسُداسية وثُمانية الدفع، وتشمل اشتقاقَي صهريج وعربة إخلاء. وأعلنت شركة Iveco: «من ناحية مجموعة الشاحنات، ثمة متطلّباتٌ أخرى أكثر أهمية على غرار الحمولة، والأبعاد، والتراكبية وتعدُّد الوظائف».
ومع ميلٍ قوي نحو تعدُّد الوظائف، تعرض الشركة مقصورات مدرّعة وغير مدرّعة قابلة للتغيير المتبادل بين الاشتقاقات في إطار العقد الأسباني متى كان ثمة حاجة إلى حمايةٍ إضافية. والدافع وراء هذا القرار هو، بحسب شركة Iveco، يتمثَّل في أنّ «التدريع الواقي من ضرباتٍ عديدة فيما هو ضرورة لا بُدّ منها لجميع العربات المستخدمة في الأماكن الحسّاسة، فإنّه ما خلا تلك الحالات لا ضرورة له».
الإفادة من التكنولوجيات الجديدة هي أيضاً خطوة مكملة للقدرة على البقاء، كما يرى جون براينت. فقد أضافت شركة Oshkosh أنظمة التشخيص المتكاملة المدمجة في «مركن القيادة» على جميع عرباتها التكتيكية المدولبة، بما في ذلك «الشاحنة التكتيكية الثقيلة ذات الحركيّة الموسَّعة» HEMTT.
وقال براينت: «هذا يسمح بالفعل للمُشغِّل بالتحكُّم بكلّ شيء بدءاً من الهواء المضغوط في الإطار الداخلي للعجلة وصولاً إلى مراقبة جميع الأنظمة تماماً من داخل مقصورة العربة. ويُشكِّل هذا النظام، فيما هو فعّالٌ جداً، جزءاً من هندسة أكبر نطاقاً في العربة. واليوم حينما نتحدّث عن ماذا بعد؟.. فإنّنا نرى متطلّباتٍ متزايدة بشدّة لقدرات أنظمة قيادة وسيطرة واتصالات وكمبيوترات واستخبار C4I وإدراك الوضع التكتيكي المحيط جنباً إلى جنب متطلّباتٍ لأدوات تحكُّم رقمية للعربة بحدّ ذاتها».
وأضاف براينت: «لذا فيما يتطلّب عميلنا الدفاعي أنظمة تحكّم رقمية وأنظمة تشخيص لعرباته، على غرار نظامنا Command Zone، فإنّه أيضاً يُضاعِف جداً من متطلّباته لمعدّات C4I مدمجة ومتكاملة».
وهذا النوع من التوصيلية التكنولوجية شكَّل أيضاً مطلباً ضمن برنامج المشتريات السويدية/النروجية المشترك بقيمة 1 مليار يورو الذي فازت به شركة تصنيع العربات العسكرية «راينميتال مان ميليتاري فهيكلز» Rheinmetall MAN Military Vehicles، هذا البرنامج الذي قد يشهد إقدام البلدَين على شراء نحو 2,000 عربة لوجستية من الآن وحتى العام 2026.
ومن شأن هذا الجيل الجديد من الشاحنات أن يُحسِّن قدرة النقل والطاقة اللوجستية للقوات المسلّحة في هذَين البلدَين فيما يُعزِّز في آنٍ القدرات العملانية. وهذه المنصّات التي جرى تعديلها خصيصاً بما يتوافق والاحتياجات الخاصة للقوات المسلّحة للبلدَين المذكورين، سيجري تجهيز بعضها بمقصوراتٍ مدرّعة لتأمين الحماية للطاقم من عَصْف الألغام، والتهديدات البالستية وشظايا المقذوفات.
ومن أجل تعزيز قدرة الطاقم على البقاء والكفاية القتالية، فضلاً عن الأداء العملاني للعربات، سيجري تجهيزها بتكنولوجيا اتصالات و«قيادة وسيطرة» C2، وفي بعض الحالات بمراكن أسلحة يتم التحكّم بها عن بُعد مركّبة على السطح.
خَلُصَ براينت في تحليله إلى القول: «أرى أنّ مطلب القدرة على البقاء سيصبح نوعاً ما مطلباً عالمياً بغض النظر عن مسرح القتال. ولا أرى حاجةً لمزيدٍ من تعزيز الحماية أسفل بدن العربة المبدِّدة لعَصْف الانفجار. بل أرى الحاجة المتواصلة لحمايةٍ على مدار 360 درجة ضد مقذوفات الطاقة الحركيّة KE والحاجة المتواصلة أيضاً للقدرة على السير على الطرق الحقلية. وسيتطلّب منّا على نحو متواصل أن نوفّر حركيّة مَحمِيّة على مستوياتٍ لم نشهدها تقليدياً من قبل في العربات التكتيكية المدولبة».
وممّا يؤكّد على ذلك، أنّ الجيش الأميركي حينما أطلق «المفهوم العملاني الجديد للجيش»، أعلن رئيس الأركان الجنرال ريموند أوديرنو Raymond Odierno أنّ العربات التكتيكية المدولبة قد تحتاج في المستقبل إلى «قدرة على البقاء، وحركيّة وموثوقية، وموادٍ ذات معدّلات «قوة إلى وزن» محسَّنة، وصلابةٍ، ومتانة ومقاومة بالستية على نحو أكثر».