قدرات التجسير الأوروبية
سلّطت الحرب في أوكرانيا الضوء على أهمية قدرات التجسير (bridging) لاجتياز عددٍ كبير من عوائق الفجوات المائية بمختلف أبعادها. ويمكن أنْ تتضمّن تلك العوائق أنهر ذات أحجام متباينة وحتى مستنقعات مائية وبحيرات. وتتخلل جغرافية القارة الأوروبية عوائق على نطاق واسع يمكن أن تشل قدرات العربات المدرعة وحركيتها ما لم تملك الجيوش قدرات لاجتياز جميع هذه الحواجز الطبيعية. إنّ التجسير هو إحدى الوسائل القليلة لاجتياز الفجوات والثغرات المائية، لكنّ الجيوش الأوروبية تعاني من فجوة كبيرة خطرة في هذا المجال، كما يؤكد تيم فيش محرر هذه المقالة.
أوجزَ تقريرٌ أصدره الجيش السوفياتي في العام 1965 نطاق التحدّيات الجغرافية في أوروبا وأعداد العوائق التي يتوجّب اجتيازها. ويؤكد التقرير أن الجيش المتقدم هناك سيُصادف نهراً أو فجوة مائية أخرى بعرض 5 أمتار على الأقل مع اجتياز كل 5 كيلومترات. ومن ثمّ سيُصادف فجوة بعرض 10 أمتار بعد اجتيازٍ لكل مسافة من 10 كيلومترات. وتتضاعف فرص مصادفة أنهر وعوائق مائية أكبر من ذلك مع اجتياز مسافات أطول.
وتتوقّع الجيوش أن تجد عائقاً بعرض 100 متر على الأقل كل 35 كيلومتراً بل وحتى عوائق أكبر من ذلك، بعرض 100-300 متر، مع اجتياز كل 100-150 كيلومتراً. ويمكن أن تكون بعض العوائق أعرض من 300 متر. وقدّر التقرير أن %60 من العوائق المائية كانت ذات عرض يقل عن 20 متراً مع %40 من تلك العوائق بعرض يزيد على 20 متراً. وبينما هناك جسور وقنوات قائمة فعلياً فوق معظم العوائق المائية في أوروبا، فإنّها خلال فترات الحروب يمكن أن تُدمّر أو يُدافع عنها بضراوة لمنع استخدامها، لذا ثمة حاجة لوسائل اجتياز بديلة.
نتيجة لدراسات جغرافية، حشد الجيش السوفياتي مخزونات كبيرة من معدات التجسير التي جرى تنظيمها في كتائب وأفواج هندسية متخصصة. وتدعم هذه الكتائب الهندسية مختلف ألوية المشاة المؤلّلة وتشكيلات أخرى.
ولا يزال الجيش الروسي حالياً يملك معظم تلك الأنظمة، التي تشمل نظام التجسير TMM-3M المركّب على شاحنة، والجسر المدرع MTU-72 والجسرين العائمين PMP و PP-2005، والمركب التجسيري PTS-2. ويمكن لنظام TMM-3M أن يجسر مسافة تصل إلى 42 متراً مع قدرة على تحمُّل 60 طناً. ويستغرق إقامة أو تمديد النظام 60 دقيقة. وعادة ما يتم نشر هذه الأنظمة التجسيرية التكتيكية الأكبر حجماً ما أن تكون المنطقة آمنة، لكن بإمكانها أن تجتاز عوائق أكبر ودعم حمولات أثقل من طبقات التجسير المدرعة.
ورُكِّبَ نظام التجسير MTU-72 على هيكل دبابة قتال رئيسية T-72 (MBT)، ويعني ذلك أنّ بإمكانه مجاراة تشكيلات الدبابات بغية دعمها وتوفير قدرة اجتياز فجوات أو ثغرات بعرض 20 متراً، تلك التي يمكن نشرها في غضون ثلاث دقائق فحسب. وتُمكِّن ناشرات الجسور المدرعة على غرار هذه دعم قوة مدرعة ثقيلة مزودة بدبابات قتال رئيسية (MBT) من المضي في تقدمها؛ وبما أن نظام MTU-72 المدرع، بالوسع تشغيله في ظروف قتالية.
ويمكن أن يصل طول أنظمة تجسير عائمة مثل نظامَيْ PMP و PP-2005 إلى حدّ 120 متراً وتتحمّل ثقل 60 طناً مع جسر بطول 190 متراً يحمل 20 طناً. وتتألّف هذه الأنظمة من مجموعة من أقسام «أطواف تجسيرية مسطّحة عائمة» (pontoon) يتم وضعها باحترافية عالية في مكانها بواسطة زوارق قطر صغيرة ومن ثمّ يتم وصلها معاً. وبوسع عربة النقل البرمائية المجنزرة PTS-2 أن تجتاز المياه وتملك القدرة على نقل عربة مدرعة خفيفة وقطعة مدفعية أو نحو 72 جندياً. وفي أماكن أخرى، يملك الجيش قدرة إقامة جسور بطول 1 كيلومتر باستخدام وحدات «أطواف تجسيرية مسطّحة عائمة» بل حتى مد خطوط سكّة حديد فوقها للإفادة من شبكة سكّة الحديد الروسية الممتدّة لمسافاتٍ طويلة بغية تأمين الإمدادات.
مع ذلك، وعلى الرغم من المخزون الهائل الحجم من هذه المعدات في الترسانة السوفياتية، فقد فَقَد الجيش الروسي في مطلع الحرب الأوكرانية كمية كبيرة منها - تُوازي ما بين ست إلى عشر كتائب هندسة - لأن عقيدته وتدريبه على عمليات التجسير كانا غير فعاليين. فوحدات التجسير عند استخدامها على نحو غير ملائم في بيئات غير آمنة تغدو والجنود الذين يريدون الاجتياز عرضة للمخاطر. وقد فشل الجيش الروسي في ضمان أمن المنطقة قبل محاولة القيام بعمليات تجسير.
لكنّ الجيش الروسي يملك مخزونات كبيرة وبإمكانه استبدال المعدات التي فُقدت. وفي ما يتعدى خط الجبهة الأمامي، تستخدم روسيا أنظمة تجسير لاستبدال البنية التحتية المدمّرة ولاستحداث خطوط اتصالات ومواصلات أرضية إضافية. واستخدمت روسيا أيضاً قدراتها التجسيرية لدعم انسحاب استراتيجي من مدينة «خرسون»، حيث سحبت نحو 25,000 جندي في تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2022 عقب تدمير الجسور الرئيسية فوق نهر «دنيبرو».
وشكّل نقص معدات التجسير في الجانب الأوكراني عائقاً كبيراً. فقد كان الهجوم الأوكراني المخطط له في صيف العام 2023 فاشلاً لأن الأوكرانيين حاولوا اختراق خطوط الدفاع الروسية القائمة. ولم يكن من الممكن الالتفاف على تلك الدفاعات الروسية باجتياز الأنهار.
ولم يكن نقص معدات التجسير مقتصراً على أوكرانيا. فباقي دول أوروبا أيضاً تملك مخزونات محدودة، ويبقى التجسير أولوية ثانوية. ويقوم حلفاء أوكرانيا الأوروبيون والولايات المتحدة بإمدادها ببعض أنظمتهم. ففي آذار/ مارس العام 2023، أدرجت الولايات المتحدة نظامها «جسر النشر المدرّع» M60 (AVLB) ضمن حزمة مساعداتها إلى كييف البالغة قيمتها 400 مليون دولار. وزوّدتها ألمانيا أيضاً بِـ 14 نظاماً مماثلاً من نوع Biber (Beaver) AVLB من مخزونات الجيش الألماني.
استند نظام جسر النشر من عربات مدرّعة AVLB إلى دبابة الجيش الأميركي القديمة M60 ويمكنه أن ينشر جسراً ذا شكل مقص فوق فجوة بعرض 20 متراً. ومع ذلك، يستغرق نشره عشر دقائق ويستأثر بـ «تصنيف حمولة عسكرية» (MLC) درجة 60، لكنه لا يدعم سوى وزن 60 طناً. إنّ معظم دبابات القتال الرئيسية الحديثة أثقل من ذلك.
ويُستخدم تصنيف الحمولة العسكرية (MLC) ليُمثل قدرة نقل الحمولة لدى معدات اجتياز العوائق وتأثير عربة ما بوزنها وأبعادها عند الاجتياز. وتُوزّع أوزان وحمولات العربات المجنزرة والمدولبة على نحو مختلف، وتراوح درجات تصنيف الحمولة العسكرية عادة من 4 إلى 150.
ونقلت مجلة «ميليتاري تكنولوجي» عن النقيب جوش ويلي، الضابط المسؤول عن الحركية في «مكتب أوروبا وأفريقيا» لدى «نائب رئيس أركان الجيش الأميركي لقطاع الهندسة» (ODCSENG): «بالنسبة إلى القوات الأميركية، تُعتبر «شركة التجسير المتعددة الأدوار» (MRBC) مع «قدرات التجسير العائم المحسّن [جسر عائم أو مكوّن من عائمات عديدة عائمة متصلة]» (IRB)، و«جسر الدعم الجاف» (DSB) عماد قدرة التجسير التكتيكية لدينا».
وأضاف ويلي: «بالنسبة إلى الفجوات الضيقة (على غرار سواقي الأنهر) وهي موجودة بأعداد أكبر بكثير في أنحاء أوروبا من الأنهر الواسعة، نملك في مخزوناتنا «الجسر الهجومي المشترك» (JAB) و«جسر النشر من العربات المدرعة» (AVLB). ونحتفظ أيضاً بمخزون تجسير بالألواح المدرعة الذي أثبت مدى فائدته في استعادة خطوط التواصل (أي الطرق) منذ استخدام نظام Bailey Bridges في الحرب العالمية الثانية».
وتقوم شركة «جنرال داينامكس يوروبيان لاند سيستمز» General Dynamic European Land Systems (GDELS) للأنظمة البرّية الأوروبية بتصنيع نظام IRB ويتألف هذا النظام من حجيرات عائمة يتم نقلها عبر شاحنات سداسية الدفع وعربات نقل جسور، وثم يتم وضع النظام التجسيري في الماء باستخدام نظام هيدروليكي. وما أن تصبح تلك الأقسام عائمة حتى يغدو بالإمكان استخدامها كل على حدة كعوامة متعددة الحجيرات أو يتم وصلها معاً، وتُستخدم كجسر عائم للعربات المجنزرة أو المدولبة. ويمكن مد جسر عبور بطول 100 متر في غضون 30 دقيقة مع نظام حائز على درجة «تصنيف حمولة عسكرية» تبلغ MLC 80 للعربات المجنزرة ونظام حائز على درجة «تصنيف حمولة عسكرية» تبلغ MLC 96 للعربات المدولبة. ويبلغ عرض النظام 6.75 أمتار بما يسمح بحركة نقل ذهاباً وإياباً، ويمكن استخدامه فوق أنهار تتدفق بقوة 3 أمتار مكعبة في الثانية وما فوق.
وقال ناطق من شركة GDELS: «يُستخدم نظام IRB، بصفته خليفة لنظام الجسر المعلّق الواسع الانتشار Ribbon Bridge System (RBS)، من قِبل الولايات المتحدة، وألمانيا، والسويد، وهولندا، وأستراليا، والعراق والبرازيل». وكانت هولندا قد طلبت ثلاثة أنظمة IRB في تموز/ يوليو العام 2023 تشمل «عوامات تجسيرية مسطّحة عائمة» وأقسام تجسيرية يبلغ طولها في الإجمال 225 متراً، وزوارق نشر جسور. ومن المقرر أن تبدأ عملية التسليم بين العامين 2025 و 2026.
يُصنّع نظام «جسر الدعم الجاف» (DSB) من قِبل شركة التجسير البريطانية «دبليو أف إي أل» WFEL، التي اشتراها العملاق الدفاعي الفرانكو-ألماني «كي أن دي أس» KNDS. ومع تصنيف للحمولة العسكرية يبلغ MLC 120، تُطلق عارضة تمديد معدات التجسير في نظام DSB من خلفية شاحنة لوجستية متخصصة عشرية الدفع (10x10 عجلات) مع ألواح تجسير تنقلها عربات لوجستية قياسية ثمانية الدفع (8x8). ويتخذ بدن شاحنة 10x10 شكل حرف A، ويشتمل على نظام ميكانيكي لنشر عارضة تمديد معدات التجسير، تلك التي تُمدّد بأقسامها فوق الشاحنة ومن ثم تُدفع فوق الثغرة. وعندما تصل تلك العارضة إلى الضفة الأخرى، تستخدم عندئذ لنشر ألواح التجسير التي تُدلَّى من تحت وتُمدّد فوق الثغرة باستخدام نظام سكّة.
وأوضح توم ويني (Tom Winney)، مدير تنمية الأعمال لدى شركة KNDS UK، أنّ نظام DSB «يغطي ثغرة بعرض 46 متراً في غضون 90 دقيقة باستخدام طاقم من ثمانية أشخاص. وقد أصبح «جسر الدعم الجاف» DSB نظام التجسير التكتيكي المعتمد في أوروبا ويحظى بشعبية كبيرة». وقال ويني إن هذا النظام قد استحوذ عليه الجيش البريطاني ودول أوروبية أخرى وأن الولايات المتحدة كانت قد اشترت كميات كبيرة جداً منه مع وجود أكثر من 100 نظام في مخزوناتها، وأوضح: «ذلك يعطينا فكرة عن عدد مصادر التجسير لدى الولايات المتحدة، وهو يتجاوز بكثير ما لدى معظم الدول الأوروبية».
وكانت وزارة الدفاع البريطانية قد وقّعت عقداً في مطلع هذا العام بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني مع شركة KNDS UK للحصول على عدد غير مفصح عنه من أنظمة DSB تتوافق تشغيلياً مع أنظمة أوروبية أخرى. وستستبدل أنظمة DSB هذه نظام «معدات نشر الجسر الذاتي الحركة» BR90 (ABLE)، الذي لا يسعه تحمُّل دبابة القتال الرئيسية Challenger 3 MBT المحدّثة ولا يتوافق مع أنظمة الحلفاء الأوروبيين. ويتم شراء أنظمة DSB ضمن برنامج وزارة الدفاع Project Tyro الذي يستبدل مجموعة من أنظمة التجسير الأقدم عهداً.
أمّا «نظام الجسر الهجومي المشترك» M1074 (JAB)، فهو كنظام AVLB يستند إلى دبابة القتال الرئيسية Abrams M1 MBT، والذي يستبدل نظام AVLB المستند إلى دبابة M60 ونظام M104 Wolverine منذ العام 2020. ونظام «جسر الهجوم المشترك» (JAB) الذي تصنعه شركة General Dynamic Land Systems في الولايات المتحدة وشركة «ليوناردو دي أر أس» Leonardo DRS هو قيد الإنتاج منذ العام 2016. ويمكنه أن ينشر «الجسر الهجومي الثقيل ذا شكل المقص» (HASB) مع «تصنيف حمولة عسكرية» تبلغ MLC 115، والذي يُوضع فوق هيكل دبابة Abrams ويتم نشره عمودياً باستخدام آلية إطلاق جسر هيدروليكية لتغطية فجوات أو ثغرات بعرض 18.3 متراً. وبالإمكان استعادة جسر HASB عبر نظام JAB عند اقتضاء الحاجة.
وأضاف النقيب جوش ويلي أنّ الجيش الأوروبي قد اختبر أيضاً التوافق التشغيلي مع أنظمة التجسير البرمائية M3 لدى الجيشين البريطاني والألماني.
جرى تطوير الجسر البرمائي M3 على نحو مشترك من قِبَل المملكة المتحدة وألمانيا وأُدخل في الخدمة العام 1996. ويستند هذا الجسر إلى عربة رباعية الدفع مع عوامتين تجسيريَيْن عائمَتين مصنوعتيْن من الألومينيوم في الخلف ويمكن نشرهما قبل دخول العربة إلى المياه تماشياً مع التعويمية أو قوة الطفو لديها. وبينما تنشر العوامتان التجسيريتان المسطّحتان العائمتان عند جانبي العربة ويندمجان مع بدن العربة، ليُمثلان معاً منصة عائمة يمكن نشرها فوق الماء.
ووفقاً للجيش الألماني، يشتمل جسر M3 على ثلاثة ألواح انحدارية (Ramp) تُستخدم لوصل العربات الفردية من أجل النقل والتجسير، بغية تشكيل ممر العبور في الجسر وكذلك لكي تكون لوح دخول وإنزال. ويتم نشر هذه الألواح برافعة هيدروليكية على المتن.
وعندما تجمع العربات معاً في المياه، يستغرق الأمر فحسب 10 دقائق لتمديد جسر بطول 100 متر وعرض 4.76 أمتار، أو عندما تُدمج معاً (2-6) تشكّل عوامة عبور متكاملة الأداء. ويمكنها مع تصنيف حمولة عسكرية تبلغ MLC 85 أن تدعم جميع عربات حلف شمال الأطلسي «الناتو» (NATO).
وعلى غرار IRB، تقوم شركة GDELS ببناء نظام M3، وقد أكد ناطق باسم الشركة أنّه بالإمكان الوصل بين هذين النظامين عبر جسر توصيلي، وقد أبدت هيئات مشتريات عديدة متخصصة بالجسور اهتماماً بشراء توليفة من هذين الحلّين، إذ إن ذلك يوفر توافقاً تشغيلياً عملانياً ممدداً مع مستخدمي نظامي M3 و IRB.
وأضاف ناطق من شركة GDELS أنّه: «من بين مشغّلي M3 الحاليين، ألمانيا، والمملكة المتحدة، والسويد، وأوكرانيا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة، وإندونيسيا، وتايوان. كما من المتوقّع أن تحظى لاتفيا، الدولة الأطلسية الأخرى بعددٍ من هذه الأنظمة».
وكانت السويد قد وقّعت في آذار/مارس العام 2024 عقداً مع شركة GDELS للحصول على أنظمة جسر برمائي M3 إضافية - دفعة ثالثة - لتعزيز قدرات اجتياز الفجوات المائية لدى حلف الأطلسي.
ويستخدم الجيش الألماني أيضاً نظام Biber (Beaver)، وهو «جسر النشر المدرّع» (AVLB) المستند إلى هيكل دبابة Leopard 1 . أما درجة تصنيف الحمولة العسكرية لهذا النظام فهي MLC 50، ويملك القدرة على اجتياز ثغرة بعرض 20 متراً مع طاقم من اثنين، حيث ينشر الجسر أفقياً لتخفيض بصمة العربة.
يملك الجيش الألماني لدعم اجتياز «دبابات القتال الرئيسية» للفجوات المائية نظام الجسر المدرّع Leguan (Iguana)، الذي يستخدم هيكل دبابة القتال الرئيسية Leopard 2، وهو يملك قدرة حمولة تصل إلى 90 طناً. ويشتمل هذا النظام على مجموعة من وحدات التجسير التي بإمكانها أن تغطّي فجوات بعرض 14 متراً، أو 26 متراً، أو حتى 35 متراً. ويتوافر نظام Leguan الذي يُصنّعه أيضاً العملاق الصناعي KNDS منذ العام 2019. ويتوقع أن يستبدل في نهاية المطاف أنظمة Biber AVLB . وقال ويني إنّ هناك 17 عميلاً عالمياً لنظام Leguan يمثلون العملاء الدوليين لدبابة Leopard 2 MBT، بما يجعل منه نظاماً آخر يحظى بالشعبية. وقد طلبت النرويج ستة أنظمة Leguan AVLB في آذار/مارس العام 2019، فيما طلبت الدنمارك ستة أنظمة مماثلة في أواخر العام 2019، وكانت هولندا قد سبقتهما بطلب ثمانية أنظمة في العام 2016 في إطار برنامج مشتريات مشترك مع ألمانيا، التي طلبت بدورها سبعة أنظمة.
وكانت فنلندا قد طلبت في نهاية العام 2023 ستة أنظمة إضافية لنشر جسر Leguan من أجل تركيبها على هيكل دباباتها من طراز Leopard 2A4، وبلغت قيمة العقد 26 مليون دولار، حيث سيُصار إلى إدماج الأنظمة محلياً من قِبل شركة «باتريا» Patria وستبدأ عمليات التسليم بين عامي 2026 و 2028. وأضاف ويني أنّ الشركة تتهيّأ أيضاً لتسليم وحدات التجسير Leguan على متن ناقلات الجند المدرعة الثمانية الدفع Boxer.
ويستخدم الجيش البريطاني بالفعل نظام Titan AVLB المستند إلى هيكل دبابة القتال الرئيسية Challenger 2 MBT لدعم أفواج الدبابات لديه بجسور يمكنها أن تغطي فجوات يصل عرضها إلى 60 متراً.
ووقّعت إيرلندا في أيلول/سبتمبر العام 2022 عقداً مع شركة KNDS UK لشراء نظامها «العارضة الجسرية المتوسطة» Medium Girder Bridge (MGB)، وهي إحدى أكثر أنظمة التجسير شعبوياً، حيث أكدت الشركة أنها باعت أكثر من 500 نظام مماثل في أنحاء العالم، وتحديداً إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والحلفاء الأطلسيين.
وكانت شركتا GDELS و«راينميتال» Rheinmetall قد أطلقتا في العام 2021 نظام نشر الجسر التكتيكي Anaconda الجديد المركّب على شاحنة HX2 ثمانية الدفع كأحدث اشتقاقٍ من نظام التجسير Biber. ويؤمّن هذا النظام قدرة اجتياز فجوات جافة يصل عرضها إلى 22 متراً.
في غضون ذلك، وعلى الرغم من أنّ الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا الشمالية تستحوذ معدات تتوافق تشغيلياً مع حلفائها، فإن الأمر لا ينطبق عند جميع الأعضاء في حلف شمال الأطلسي «الناتو». وتستخدم فرنسا وإيطاليا وسويسرا نظام «الجسر العائم المدولب» (PFM)، الذي تُصنّعه شركة CNIM الفرنسية. وقد طورت هذه الشركة نظاماً جديداً لِـ PFM F3 يمكنه أن يسوعب حمولات أثقل تصل إلى 120 طناً.
وكانت بولندا قد وقّعت في العام 2022 عقداً مع شركة CNIM للحصول على نظام PFM و 200 متر من الجسور، مع عقد ثانٍ وقّعته في شباط/فبراير العام 2024 للحصول على 700 متر إضافية من الجسور.
ويعمل الجيش الفرنسي أيضاً على تحديث نظام نشر الجسور السريع SPRAT (Système de Pose Rapide de Travures) الذي قامت شركة CNIM بتسليم 10 أنظمة منه بين عامي 2011 و 2013. ويُركّب نظامان تجسيريان بطول 14.3 متراً على شاحنة 10x10، ويمكن نشرهما أوتوماتيكياً باستخدام ذراع ميكانيكي. وبالوسع إدماجهما لتوفير جسر بطول 26 متراً. ويستأثر نظام SPRAT بتصنيف حمولة عسكرية تبلغ MLC 70.
أما الاشتقاق الفرنسي من نظام M3 فهو Engin de Franchissement de l’Avant (EFA) الذي يوظّف عوامتين مسطحتين مركبتين على عربة تعمل إمّا كعبّارة أو كعوامة قادرة على وصلهما بعربات EFA أخرى. ولا يملك الجيش الفرنسي أي نظام من AVLB.
واشترت أسبانيا أنظمة Leguan لتركيبها على دباباتها التقليدية M60 لتطوير نظام VLPD 26/70 E وتشغيله إلى جانب أنظمتها التجسيرية المدرعة M60 AVLB. ومع ذلك، تنشد أسبانيا الحصول على 24 نظام Biber AVLB من ألمانيا لاستبدال أو تعزيز هذه الوحدات. ومع ذلك، لا يمكن لنظام M60 AVLB أو نظام Biber حتى بهذه القدرات أن يدعما [أو يتحملا ثقل] دبابات القتال الرئيسية Leopard 2 MBT لدى الجيش الإسباني.
،على الرغم من أنشطة المشتريات الأخير لدى القوات العسكرية للاستحصال على مخزونات إضافية من معدات التجسير، فإن حجم المخزونات ذات الصلة في أنحاء أوروبا هو أدنى بكثير مما تقتضيه الحاجة أو ما تملكه روسيا. ولم يتضح بالكامل ما إذا كانت الجيوش الأوروبية تأخذ مسألة التجسير العسكري بجدّية أو ما إذا كانت تعترف بالعدد الكبير للعوائق في أوروبا التي يتعيّن اجتيازها.^
