الدرع الصاروخي البالستي الخاص بحلف الناتو

في ظل بيئة التهديدات الصاروخية المتفاقمة، أصبحت الحاجة ملحّة إلى نظام درع صاروخي باليستي شامل ومتفوق تكنولوجياً بالنسبة للحلفاء الغربيين الآن، أكثر من أي وقت آخر في تاريخ العالم.

MDR

لذا يقع على عاتق الولايات المتحدة وحلفائها في حلف الناتو مسؤولية كبيرة لحماية مواطنيها في هذه الحقبة الجيوسياسية التي قد تكون الأكثر خطورة في حياتنا. فالصواريخ كثيرة، وهي وسيلة لتسليط الضوء على القوة على المستويين الإقليمي والاستراتيجي. ومع تكاثر الصواريخ الباليستية المخزنة، أصبح لدى العديد من الجهات الحكومية الآن القدرة على الوصول إلى أي مدى، قصير أو طويل، لاستهداف أية دولة تقريباً يعتبرونها عدوة، بالأسلحة التقليدية، وكذلك النووية. لا يقتصر الأمر على زيادة عدد الصواريخ الباليستية فحسب، بل أيضاً في مجالات المدى والتطور والتعقيد من خلال إدخال هكذا تكنولوجيات على غرار الإجراءات المضادة لأنظمة الدرع الصاروخي الباليستي.

ونتيجة لذلك، فقد أصبحت أكثر قابلية للبقاء وأكثر موثوقية ودقة، ما يهدد بخفض الخيارات العسكرية لقادة الحلفاء في الميدان، وربما خفض إمكانية بقاء أصولهم العسكرية البرية والبحرية الإقليمية.

لذلك، من حيث الضرورة التي تهدف إلى الدفاع ضد هذه المخاطر الجلية والراهنة، والتي تتطلب استراتيجية جماعية، وتخطيط مسبق، وتعاون، وقابلية التوافق التشغيلي، وقرارات جريئة، والأهم من ذلك، دروع صاروخية متعددة الطبقات باليستية متفوقة تكنولوجياً باستخدام التطورات التكنولوجية الأكثر حداثة نفسها لضمان النجاح في مهامهم الدفاعية ضد بعض الأسلحة الأكثر تطوراً في فئتها والتي اعتمدت في توجهاتنا الجماعية على الإطلاق. تسلّط هذه المقالة الضوء على عمل التحالف الراهن ضمن إطار وتفكير الدرع الصاروخي البالستي BMD، ومن ثم على التطورات الأحدث في الطبقة العليا.

أنظمة الدرع الصاروخي الباليستي الحالية والمستقبلية لدى حلف الناتو

بالنسبة لحلف الناتو، يشكل انتشار الصواريخ الباليستية تهديداً متزايداً لسكان الدول الأعضاء وأراضيهم وقواتهم، وعلى وجه الخصوص مع قرب العديد من دول الحلف من امتلاك صواريخ باليستية أو تحاول تطويرها و/أو الحصول عليها. وعلى هذا النحو، فإن إحدى المهام الدائمة للحلف هي مهمة الدرع الصاروخي الباليستي لحلف الناتو (NATO BMD)، والذي يشكل عنصراً دفاعياً ورادعاً بالكامل في إطار الدفاع الجوي والصاروخي المتكامل (IAMD) للحلف. وكجزء من مزيج استراتيجي من القوات التقليدية والفضائية والسيبرانية والنووية، يلعب الدرع الصاروخي الباليستي دوراً رئيسياً في حماية السكان والأراضي والقوات الأوروبية في الحلف مع تزايد تهديدات الصواريخ الباليستية، ولا سيما على طول الحدود الجنوبية الشرقية للحلف.

تم إطلاق نحو 1000 صاروخ باليستي وجوال من روسيا وبيلاروسيا والبحر الأسود على البنية التحتية الحيوية والأهداف المدنية داخل البلاد. ومن بين تلك الصواريخ، تم إطلاق صواريخ 9M728 Iskander-K الجوالة

منذ أكثر من عقد من الزمن، تم الاتفاق على توسيع قدرة الدفاع الصاروخي الباليستي كعنصر أساسي لوجود الناتو الدفاعي والردعي، وقبل ما يزيد قليلاً عن ست سنوات تم التوصل إلى القدرة العملانية الأولية لنظام الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف الناتو. تم التقيد بالتزامات مستمرة من قبل قادة الدول الأعضاء في الناتو في قمة مدريد التي أبرمت في العام 2022 لمواصلة تنفيذ نظام الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف الناتو بشكل كامل، ما يتطلب أصولاً ممولة بشكل مشترك، بالإضافة إلى المساهمات الطوعية المقدمة من العديد من الحلفاء. على سبيل المثال، تغطي مقاربة التكيف المرحلي الأميركي الأوروبي (EPAA) المساهمة الأميركية المخططة لحماية أوروبا ضد الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة والوسيطة المدى التي قد يتم إطلاقها من إيران، ولكن دون المساس بالحماية من التهديدات الروسية. في الواقع، وقبل غزو أوكرانيا، كان المقصود إلى حد كبير من أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي التابعة لحلف الناتو مواجهة التهديدات المتزايدة التي يشكلها انتشار الصواريخ الباليستية على الحدود الجنوبية الشرقية للحلف. وجاء ذلك رداً على المخاوف المتزايدة بشأن الأعداد المتزايدة من التجارب الصاروخية التي تجريها إيران، فضلاً عن مدى ودقة صواريخها الباليستية.

وفي حين لا تزال أهداف نظام الدرع الصاروخي الباليستي الخاصة بحلف الناتو قائمة، فإن المستوى المتغير للتهديدات يعني أن إطاره بحاجة إلى التكيف وفقاً لذلك. بشكل عام، يرى الحلف أن نظام الدرع الصاروخي الباليستي الفعال قادر على تعقيد التخطيط العدائي من قبل المعتدين المحتملين، فضلاً عن توفير وقت ثمين لاتخاذ القرار لكل من القيادة العسكرية والمدنية رداً على الهجمات الصاروخية الوشيكة/المستمرة؛ بل إن نظام الدرع الصاروخي الباليستي يساهم كرادع جزئي لتهديدات الصواريخ النووية، ويكمل القدرات النووية للحلفاء، وإن لم يكن يحل محلها، في هذا الصدد.

ومن المثير للاهتمام موقف التحالف بشأن أنظمة الدرع الصاروخي الباليستي قبل 24 شباط/ فبراير 2022، حيث قال: «يهدف نظام الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف شمال الأطلسي إلى الدفاع ضد التهديدات المحتملة الصادرة من خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية» وإن: «نظام الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف شمال الأطلسي ليس موجهاً ضد روسيا ولن يقوض قدرات الردع الاستراتيجي الروسية». وبطبيعة الحال، يخضع هذا الموقف الآن للمراجعة العاجلة انطلاقاً من قمة مدريد؛ ومن الجدير بالذكر أنه في هذه القمة، اعتمد قادة الحلفاء وثيقة سياسة ذات مفهوم استراتيجي لحلف الناتو للعام 2022 التي توجه جميع أنشطة التحالف، بما في ذلك أنظمة الدرع الصاروخي الباليستي، والتي تشمل وتأخذ في الاعتبار البيئة الاستراتيجية السريعة التطور، والتي تنص على ما يلي: «... الجهات الفاعلة الاستبدادية تتحدى مصالحنا، والقيم وأسلوب العيش الحر».

إنهم يستثمرون في القدرات التقليدية والنووية والصاروخية المتطورة، مع القليل من الشفافية أو مراعاة المعايير والالتزامات الدولية. رداً على هذه التحديات الاستبدادية، تنص الوثيقة المفهوم على ما يلي: «يعتمد وضع الردع والدفاع لحلف الناتو على مزيج مناسب من القدرات الدفاعية النووية والتقليدية والصاروخية، تكملها القدرات الفضائية والسيبرانية. إنه دفاعي ومتناسب ومتوافق تماما مع التزاماتنا الدولية».

تحركات EPAA

أما بالنسبة لاتفاقية EPAA المذكورة أعلاه، فإن تنفيذها يعد أمراً أساسياً لـ IAMD التابع للحلف ويتبع عمليات نشر على أربع مراحل، بما في ذلك تلك التي ستوفر فيها الولايات المتحدة دفاعاً صاروخياً باليستياً من المستوى الأعلى لأوروبا. يتم تشغيل مرحلتين من أصل أربع لـ EPAA اليوم، مع وجود عدد متزايد من الحلفاء الذين قدموا بالفعل الأصول، أو بدأوا التطوير أو الاستحواذ على أصول إضافية للدرع الصاروخي الباليستي، بما في ذلك سفن محدثة مزودة برادارات قادرة على الدرع الصاروخي الباليستي، وأنظمة الدفاع الجوي والصاروخي المرتكزة أرضاً، أو قدرات الرصد المتقدمة.

IRIS-T-SLM

وعلى الرغم من أوكرانيا، يستند نظام الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف الناتو إلى المساهمات الوطنية الطوعية، بما في ذلك الأنظمة الاعتراضية والمستشعرات وترتيبات الاستضافة الممولة وطنياً. كما تستند أيضاً إلى أنظمة القيادة والسيطرة التي تشكل العمود الفقري الذي يطلقه برنامج الناتو للدفاع الجوي البالستي BMD، والذي يتم تمويله عادةً من دول حليفة. باختصار، تستضيف ألمانيا، في هذا الوقت، مركز قيادة أنظمة الدرع الصاروخي الباليستي الخاص بحلف الناتو في قاعدة رامشتاين الجوية، وتساهم الولايات المتحدة من خلال نظام (EPAA)، وتستضيف تركيا رادار الدفاع الصاروخي الباليستي الأميركي في كوريسيك، كما تستضيف رومانيا موقع «إيجيس الساحلي» Aegis Ashore في قاعدة ديفيسيلو الجوية، كما تستضيف بولندا أيضاً موقع Aegis Ashore، الذي تم الانتهاء من بنائه في تشرين الأول/ أكتوبر 2022 في قاعدة Redzikowo العسكرية، وقد أكدت وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA) أن الموقع آمن ومقتدر تقنياً في وقت لاحق من العام 2023، وسيكون هذا الموقع تحت سيطرة البحرية الأميركية قبل أن يتم تحويل بعض السيطرة العملانية إلى شركاء التحالف. وإلى ذلك، تستضيف إسبانيا أيضاً أربع مهام متعددة في سفن إيجيس تابعة لها، وقادرة على نصب الدرع الصاروخي الباليستي في قاعدتها البحرية روتا، كجزء من نظام (EPAA) ولاستخدامها كجزء من الدرع الصاروخي الباليستي التابع لحلف الناتو، إذا لزم الأمر. ويعتبر «إيجيس» Aegis نظاماً مقتدراً عندما يتعلق الأمر بالدرع الصاروخي الباليستي – في أواخر العام 2020، أظهرت البحرية الأميركية اعتراضاً ناجحاً لصاروخ باليستي عابر للقارات في مرحلة التحليق المتوسطة، باستخدام صاروخ SM-3 Block IIA المطلق من حاملة الطائرات الأميركية يو إس إس جون فين.

ما ورد أعلاه هو، من دون شك، ليس قائمة شاملة بأي حال من الأحوال، حيث يقدم العديد من الحلفاء أيضاً أنظمة دفاع جوي وصاروخي إضافية ومتكاملة، مثل «باتريوت»  Patriot أو SAMP-T، أو السفن البحرية ذات القدرة المناسبة، بينما يقوم آخرون بتطوير و/أو الحصول على الأصول، والتي يمكن وفي نهاية المطاف، أن تكون مناسبة لدمجها في درع صاروخي باليستي خاص بحلف الناتو.

أوكرانيا وإعادة النظر في أنظمة الدرع الصاروخي الباليستي

وفيما وضع إطار IAMD في متناول اليد، فقد كان يهدف، كما ذكر أعلاه، إلى التصدي لتهديدات الصواريخ الباليستية المنبثقة من خارج المنطقة الأوروبية الأطلسية ولم يكن مصمماً للدفاع ضد الانتقام الاستراتيجي الشامل من روسيا. ولذلك، وكنتيجة مباشرة لاجتياح أوكرانيا، فإن وثيقة EPPA الأساسية في الولايات المتحدة تخضع للتدقيق لتشمل قدرات BMD ضد تهديد روسي. من الواضح أن نرى السبب؛ إذا نظرنا إلى بداية الحرب التي شنت ضد أوكرانيا، ففي الشهر الأول وحده، تم إطلاق نحو 1000 صاروخ باليستي وجوال من روسيا وبيلاروسيا والبحر الأسود على البنية التحتية الحيوية والأهداف المدنية داخل البلاد.

انضمت شركة Aselsan التركية، إلى فريق صناعي متعدد الجنسيات لتقديم الدعم الهندسي لبرنامج الدفاع الصاروخي الباليستي التابع لحلف الناتو. ويبدو في الصورة مركز القيادة والتحكم وإدارة المعارك والاتصالات (C2BMC) لنظام الدفاع الصاروخي الباليستي الأميركي.

ومن بين تلك الصواريخ، تم إطلاق صواريخ 3M14 كاليبر، وصواريخ 9M728 Iskander-K الجوالة، وغيرها من صواريخ Iskander-M وTochka الباليستية قصيرة المدى (SRBMs) من منصات برية وجوية روسية، مع امتلاك الأوكرانيين لبعض قدرات الدفاع الجوي المحدودة لإيقافهم في ذلك الوقت. وعلى حدودها، فإن بطاريات صواريخ «باتريوت» الأميركية والتي هي بحوزة الولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في حلف الناتو تم استخدامها من قبل الدول الأعضاء في حلف الناتو، وتم استخدام بطاريات «باتريوت» الأميركية في بولندا، كما استخدمت بطاريات «باتريوت» الألمانية والهولندية في سلوفاكيا. في حين أن الضربات الصاروخية المكثفة على أوكرانيا استمرت، بطبيعة الحال، خلال فترة الحرب وتم توثيقها جيداً، أثناء كتابة هذه المقالة، تغيرت الديناميكيات كلياً عما كانت عليه في تلك الأيام الأولى، وأصبح لدى الأوكرانيين الآن أصول دفاع جوي فعالة بفضل بطاريتي باتريوت تقريباً (كلاهما تشير التقديرات إلى أنها جاهزة للإطلاق.

إن الضوء الأخضر الممنوح من الولايات المتحدة في تشرين أول/ أكتوبر 2022، ويبدو أنها أثبتت فعاليتها ضد الصواريخ الباليستية المطلقة من الكتف Kh-47M2 Kinzhal الروسية.

وعلى ذلك، وبحسب مصادر استخباراتية دفاعية أوكرانية، فإن مخزون الصواريخ الباليستية الروسية آخذ في التراجع بشكل سريع.

الدرع الصاروخي البالستي كجزء من الدرع الجوي والصاروخي المتكامل

لاختتام هذه النظرة الموجزة على التفكير الحالي للدرع الصاروخي الباليستي الخاص بحلف الناتو، تشكّل هذه القدرة الدفاعية الصاروخية الحاسمة مكوناً رئيسياً في إطار عمل IAMD الإجمالي للتحالف للحماية من التهديد أو الهجوم الجوي أو الصاروخي. ويشكّل هذا عنصراً حيوياً في قوة الردع والدفاع لدى الناتو وقدرته على توفير استجابة استراتيجية لأي حدث، وهكذا يحافظ التحالف على المستوى المطلوب من السيطرة في الأجواء، بحيث يمكن تنفيذ مجموعة كاملة من مهام التحالف على الأرض وفي البحر. تم تصميم IAMD لتوفير تغطية على مدار 360 درجة ما يمكّنه من رصد وتعريف والاشتباك مع أي تهديد من أي اتجاه. بينما في زمن السلم، يبقى الدرع الصاروخي الباليستي الخاص بحلف الناتو، واحداً من نظامي IAMD الرئيسيين الدائمين إلى جانب الشرطة الجوية. وعقب الاجتياح الروسي لأوكرانيا، يقوم NATO IAMD بالتكيف لمعالجة كامل التهديدات الجوية والصاروخية، بما في ذلك تهديدات الأسلحة الفوقصوتية الروسية والمسيّرات. إن الإجراءات التي اتخذها الحلفاء لتحسين قدرة NATO IAMD استجابة لاجتياح أوكرانيا، على سبيل المثال تحريك بطاريات باتريوت المذكورة سابقاً، وهي عرض لكيفية تعاون الحلفاء تحت أشغال IAMD.

ومن الجدير بالذكر أيضاً أنه في أيار/ مايو 2023، تجدر الإشارة إلى أنه تم بنجاح اختبار إطلاق صاروخ اعتراضي PAC-3 MSE من قاذفة باتريوت M903 معدلة ألمانياً في حقل الرماية وايت ساندز، في ظل شروط اختبار محاكاة تكتيكية/عملانية أجرتها القوات الجوية الألمانية ضد هدف صاروخي باليستي تكتيكي افتراضي لإثبات التوافق بين PAC-3 MSE ومحطة إطلاق باتريوت M903 المعدلة ألمانياً. وتشاركت شركة MBDA الألمانية مع شركة Lockheed Martin لإنجاز التعديلات الضرورية لقاذفة الصواريخ لتمكين دمج صاروخ PAC-3 MSE، حيث كان الاختبار خطوة نهائية حاسمة قبل تسليم أول دفعة PAC-3 MSE إلى ألمانيا وتبع ذلك إبرام اتفاقية في العام 2019 بين الحكومتين الأميركية والألمانية لحيازة PAC-3 MSE من قِبَل ألمانيا.

تطوير الصواريخ الاعتراضية في الطبقة العليا

وبعيداً عن تفكير التحالف في بعض التطويرات الأخيرة في نظام الدرع الصاروخي الباليستي (على الرغم من أنه فقط اثنان من عدة تطويرات يمكن مناقشتها)، دعونا الآن نلقي نظرة على بعض التطويرات في الطبقة العليا/ أو المتوسطة الأخيرة مع نظام الدفاع الصاروخي الطرفي للارتفاعات العالية THAAD الأميركية من شركة «لوكهيد مارتن» والصواريخ المشتركة الأميركية/ الإسرائيلية IAI Arrow 3.

تقع المرحلة المتوسطة ما بين مرحلة الإقلاع بعد إطلاق الصاروخ الباليستي والمرحلة النهائية لمسراه، بمجرد إعادة دخوله إلى الغلاف الجوي للأرض. يمكن أن تستمر المرحلة المتوسطة في الفضاء بضعة أو عدة دقائق للصواريخ للمديين القصير والمتوسط، إلى ما يصل إلى 20 دقيقة للصاروخ الباليستي العابر للقارات (ICBM)، الذي يوفر أطول مدة زمنية محتملة بطريقة يستطيع فيه النظام الدفاعي استخدامها ضد صاروخ داهم، ما يمنح المدافع الوقت اللازم لاتخاذ القرار والاعتراض. وهذا يعني أيضاً أن الصاروخ البالستي يرتفع لمواجهة التهديد، ولديه مساحة كبيرة خارج الغلاف الجوي يمكن من خلالها اعتراضه. وإلى ذلك، فإن هذه العوامل، بدورها، تتطلب أن يكون هذا الصاروخ البالستي المضاد كبيراً ومدعوماً بأنظمة رادارية أرضية فعالة، ومستشعرات فضائية، وقادرة على تجنب الأفخاخ المرتكزة فضائياً.

نظام الدفاع الصاروخي الطرفي للارتفاعات العالية

صنع هذا الصاروخ للدفاع ضد الصواريخ على الأمداء التالية: القصيرة والوسيطة والمتوسطة، وهو النظام الأميركي الوحيد المصمم لاعتراض الأهداف على ارتفاعات عاليه من الغلاف الجوي العلوي نزولاً حتى الارتفاعات خارج الغلاف الجوي السفلي. يستخدم النظام تقنية «اضرب واقتل» لتدمير التهديدات التي تعمل بالطاقة الحركية من المأثرة المباشرة، التي تعمل أيضاً على شل الحمولات الفتاكة قبل وصولها إلى الأرض. ويثابر THAAD على إجراء تحسينات تدريجية للقدرات داخل نظام السلاح لتحسين الأداء بشكل مستمر ضد التهديدات الحالية والناشئة. تم تفعيل أول بطارية THAAD في أيار/ مايو 2008 والسابعة في كانون الأول/ ديسمبر 2016.

وبحسب الشركة المصنعة استمر THAAD بإجراء التحسينات التدريجية ضمن نظام السلاح والذي أدى إلى دمجه مع قدرة باتريوت المتقدمة PAC -3 لتحسين شريحة الصاروخ (MSE)، والتي عُرضت في آذار/ مارس 2022 عندما عملت وكالة الدفاع الصاروخي الأميركية (MDA) بالشراكة مع المكتب التنفيذي لبرنامج الجيش الأميركي للصواريخ والفضاء، وقيادة الدفاع الصاروخي والفضائي في الجيش الأميركي، ووكالة الاختبار العملاني لنظام الدفاع الصاروخي الباليستي (BMDS OTA)، باختبار دمج نظام THAAD مع نظام الدفاع الصاروخي «باتريوت». تم إجراء الاختبار، الذي أطلق عليه اسم اختبار الطيران لنظام سلاح THAAD  FTT-21، الذي نفذ في ميدان اختبار صواريخ وايت ساندز بولاية نيو مكسيكو وحقق هدفه، حيث أطلق نظام سلاح THAAD صاروخين اعتراضيين من طراز PAC-3 MSE، اللذين نجحا في تدمير الهدف Black Dagger. وقال الأدميرال جون هيل، نائب مدير MDA، إن الاختبار سجل معلماً ناجحاً في دمج نظامي الأسلحة، ما يمكّن القادة الأرضيين «استخدام الصاروخ المناسب للتهديد المناسب في الوقت المناسب».

نظام الدفاع الجوي والصاروخي Patriot أثناء عرضه في القيادة الجوية لحلف الناتو. ويعتبر الدفاع الجوي والصاروخي المدمج لحلف شمال الأطلسي (NATO IAMD) مهمة أساسية ومستمرة في أوقات السلم والأزمات والصراعات، حيث يعمل على حماية أراضي الحلف وسكانه وقواته ضد أي تهديد أو هجوم جوي أو صاروخي

كان FTT-21 أول اختبار طيران اعتراضي حي لتحسين البرمجيات التي توفر الآن لـ THAAD القدرة لاحتساب حلول إطلاق PAC-3 MSE، والتواصل مع محطة إطلاق M903 Patriot، والتحكم بالتزامن في العديد من صواريخ PAC-3 MSE الاعتراضية أثناء الطيران. إن دمج نظام PAC-3 MSE الاعتراضي في نظام THAAD يسمح بإطلاقه مبكراً، ما يتيح مدة طيران أطول، الذي يؤدي بدوره إلى زيادة مساحة البقعة المحمية، ويقدم دفاعاً متكاملاً متعدد الطبقات. بعد مرور شهر من FTT-21، منحت MDA شركة Lockheed Martin عقداً بقيمة 74 مليون دولار أميركي لإنتاج بطارية THAAD الثامنة لتسليمها إلى الجيش الأميركي في العام 2025. وقال دون نيمبليت، نائب رئيس نظام IAMD في Lockheed Martin MFC. في ذلك الوقت، إن الثقة المستمرة بنظام THAAD و«قدرته الدفاعية الفريدة داخل وخارج الغلاف الجوي» كانت وراء الجائزة، مضيفاً أنه «مع 16 من أصل 16 اعتراض طيراني ناجح والنجاح القتالي الأخير يوثق بوضوح وفعالية نظام THAAD، فإن إضافة بطارية ثامنة ستحسّن الجهوزية العملانية ضد تهديدات الصواريخ الباليستية الحالية والناشئة.

وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2022، سلّمت الشركة نظام THAAD الاعتراضي رقم 700 إلى وكالة الدفاع الصاروخي كجزء من عقد بقيمة 1.4 مليار دولار أميركي في آذار/ مارس 2022 لصواريخ اعتراضية إضافية لكل من الجيش الأميركي والمملكة العربية السعودية. تم تحقيق هذا الإنجاز بعد 14 شهراً فقط من تسليم شركة Lockheed Martin صاروخ THAAD الاعتراضي رقم 600 إلى الولايات المتحدة في آب/ أغسطس من العام 2021. وعلى الرغم من العقد المبرم في آذار/ مارس 2022، فقد مارست وكالة الدفاع الصاروخي حقها في خيار بقيمة 304.9 مليون دولار أميركي لمزيد من الصواريخ الاعتراضية في نيسان/ أبريل 2022.

نظام السلاح AWS وArrow 3

يكتسب نظام درع صاروخي باليستي (BMD) آخر من مرحلة الطبقة العليا/ والمتوسطة قوة جذب في الوقت الحالي للصاروخ الاعتراضي Arrow 3، وهو جزء من نظام السلاح Arrow، الذي طُوّر بشكل مشترك جمعت منظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية (IMDO) ووكالة الدفاع الصاروخي MDA. وتشكل جزءاً مركزياً من مجموعة الدفاع المتعددة الطبقات الخاصة بإسرائيل والذي يستند إلى أربع طبقات: القبة الحديدية، باتريوت، مقلاع داود، إضافة إلى طرازَيْ Arrow-2 وArrow-3. في حين أن صاروخ Arrow 2 الاعتراضي صمم لقدرات الاعتراض في الغلاف الجوي وخارج الغلاف الجوي، فإن صواريخ Arrow 3 الاعتراضية هي من الطبقة العليا والمتوسطة، وهي اعتراضية خارج الغلاف الجوي للاشتباك مع التهديدات على المدى الطويل. يتألف تصميم الصاروخ من مرحلتين: تصميم الحشوة الدافعة الصلبة، التي تشتمل على قسمي الإقلاع والاستدامة إضافة إلى التغلب على عربة القتل الحركية (اضرب لتقتل). يوفر نظام Arrow (المعروف أيضاً بنظام Arrow للأسلحة؛ AWS) رصداً رادارياً وتعقباً واعتراض البيانات لكلا الصاروخين Arrow 2 و3 الاعتراضيين ضد أية أنظمة صاوخية بالستية تكتيكية داهمة على مساحة كبيرة، وبالتالي توفير حماية الأصول الاستراتيجية والمراكز السكنية من خلال نظام متعدد الطبقات. وبدوره، صمم صاروخ Arrow 3 لاعتراض وتدمير التهديدات الأحدث على المدى البعيد، وبخاصة تلك، التي تتضمن صواريخ باليستية عابرة للقارات، التي تحمل أسلحة الدمار الشامل، ونظام إدارة الرمي يوجه الصاروخ الاعتراضي ضد هدفه، كما أن عربة القتل Arrow 3 مجهزة بمستشعرات بصرية إلكترونية ذات استبانة عالية ومتقدمة توفر قدرات استحواذ بعيدة المدى، ما يمكنها من توجيهها بدقة ضد فريستها في بقعة محمية واسعة جداً. وعلى الرغم من أن غلاف المناورة واسع جداً، إلا أن وقت طيرانها قصير، ما يمكّن عدداً كبيراً من فرص الاعتراض ضمن بيئة المرحلة المتوسطة. من خلال دمجه في نظام Arrow الشامل واستكمال البلوكات الحالية والمستقبلية لصواريخ Arrow 2 الاعتراضية، يكمل Arrow 3 قدرة اشتباك على الطبقة العليا الذي هو الآن نظام الدرع الصاروخي الباليستي متعدد الطبقات.

MBDA SAMPT

في كانون الثاني/ يناير 2022، أجرت IMDO وهي جزء من مديرية أبحاث وتطوير الدفاعي (DDR&D) في وزارة الدفاع الإسرائيلية، بالتعاون مع MDA الأميركية ومشاركة قوات الدفاع الإسرائيلية، اختبار طيران ناجح لنظام AWS والصاروخ الاعتراضي Arrow 3 في موقع داخل إسرائيل. تقوم رادارات AWS برصد الهدف والبيانات إلى نظام التحكم في إدارة القتال (BMC)، الذي يقوم بتحليل المعلومات ووضع خطة دفاعية، ما أدى إلى إطلاق صاروخين اعتراضيين من طراز Arrow 3 نحو الهدف لإنجاز المهمة بنجاح. وبالعودة إلى نائب الأدميرال جون هيل في وكالة MDA، حيث قال: «إن الاختبار تم تصميمه لتحدي كل عنصر من عناصر AWS وأن البيانات حول الحدث بأكمله الذي تساعد في توجيه تطوير النظام المستقبلي»، مضيفاً: «إن MDA تتعهد بدعم حكومة إسرائيل في تطوير قدرتها الدفاعية الصاروخية ضد التهديدات الحالية والناشئة.

وقال أحد المسؤولين في IMDO، في الوقت الذي نفذت فيه سلسلة من الاختبارات الناجحة في ألاسكا في العام 2019، فإن قدرات نظام Arrow توسعت بشكل كبير وأن هذا الاختبار الناجح الأخير كان بمثابة «رحلة معقدة» تتضمن AWS الكاملة و Arrow 3 الاعتراضي وسيساعد إحدى الدول الإقليمية على مواصلة جهودها لتعزيز وتحديث قدرات الدفاع الصاروخي لديها متعددة الطبقات لتلبية أي/ أو كل التهديدات الناشئة في المنطقة.

أجرت ألمانيا، ولبضعة أشهر، مناقشات مع إسرائيل حول الحصول على Arrow 3 لتعزيز قدراتها الدفاعية الجوية، وإنشاء درع BMD جديد متعدد الطبقات وفعال والذي سيشمل أيضاً ويتكامل مع IRIS-T الألماني وصواريخ Patriot الأميركية. وفي نهاية شهر نيسان/أبريل، أفادت التقارير أن هذه المحادثات قد وصلت إلى مرحلة متقدمة. ويشكل هذا التطور الرئيسي جزءاً من المقاربة الجديدة الألمانية في الدفاع والمصارفات العسكرية، كنتيجة مباشرة للحرب في أوكرانيا. وبحسب ما ورد تمت الموافقة على الشراء من حيث المبدأ من قبل الرئيس الأمريكي بايدن في آذار/ مارس 2023.^

تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2024
رقم الصفحة
9

أخر المقالات