برامج تحديث «عربات القتال الروبوطية» و«الآهلة اختيارياً» تحسّن قدرات المناورة وتنأى بالجندي عن المخاطر

يُطوّر الجيش الأميركي حالياً عائلة عربات القتال من الجيل التالي، وعلى الأخص منها «عربات القتال الروبوطية» (RCV) و«عربات القتال الآهلة اختيارياً» (OMFV). والهدف من وراء هذا التطوير للأنظمة الجديدة هو إعداد تشكيلات مشاة مهيَّأة للنمط المتغيّر للمناورات الحربية، والسعي إلى استبدال عربات القتال المتقادمة منذ عقود بأنظمة حديثة أكثر اقتداراً، تعتمد تكنولوجيات قتالية جديدة بالكامل لتحسين قدرات المناورة والقتال وتعزيز قدرة الجندي على البقاء وإبعاده قدر الإمكان عن المخاطر.

عربة القتال الروبوطية RIPSAW® M5 التي توفر قدرة تحمل غير مسبوقة وقدرات ثورية. يتيح محركها الهجين إجراء مناورات هادئة وزيادة الموثوقية. الصورة: Textron

وجدير بالذكر أنّ برنامج «عربات القتال الآهلة اختيارياً» OMFV قد انطلق في العام 2018، بهدف تطوير عربة حديثة تحل مكان «عربة المشاة القتالية» M2 BRADLEY التي وصلت إلى أقصى حدود التحديثات واستنفدتها. ومن جهة ثانية، يُخطّط الجيش الأميركي للاستحصال على «عربات القتال الروبوطية» بثلاث فئات أحجام مختلفة: العربات الخفيفة RCV-L (ولا يزيد وزنها عن 10 أطنان ويمكن نقلها بالطوافات)، والعربات المتوسط RCV-M (ويُراوح وزنها بين 10 و 20 طناً وتُنقل عبر طائرة النقل C-130)، والعربات الثقيلة RCV-H (وتزن ما بين 20 و 30 طناً وتُنقل عبر طائرة النقل C-17).

وفي كانون الثاني/ يناير العام 2020، منح الجيش الأميركي شركة «كينيتيك نورث أميركا» QinetiQ North America عقداً للحصول على أربع عربات RCV-L خفيفة مخصّصة للاختبار من أجل استبدال العربات القديمة، وكذلك منح شركة «تكسترون» Textron عقداً لأربع عربات RCV-M متوسطة للغرض ذاته. واختارت شركة QinetiQ، بالشراكة مع «برات أند ميلر» Pratt & Miller، تقديم اشتقاق من «العربة الاستطلاعية المستقلة التراكبية» (EMAV)، بينما طوّرت شركة Textron، بالتعاون مع شركتي «هويل أند هويل» Howell & Howell و«فلير» FLIR اشتقاقها M5-6 من العربة البرّية غير الآهلة Ripsaw.

طورت شركة Milrem Robotics، عربة قتال روبوطية جديدة (RCV) تحت مسمى Nordic Robotic Wingman بالتعاون مع Kongsberg Defense & Aerospace

وتُلبّي هذه العربات، التي جرى تسليمها بدءاً من أواخر العام 2020 وحتى منتصف العام 2021، معاييرَ الحجم والأداء الإجمالي لفئات «عربات القتال الروبوطية» (RCV) المنشودة، و«المنصات المتعددة المهام» (MMP) المنشودة. ومع ذلك، في حين أنها بُنيت لأجل مرحلة التقييم لبرنامج «عربات القتال الروبوطية»، فإنها ليست المنافسة الفعلية لعقود الإنتاج. ومن شأن نتائج فرص استبدالها للمنصات القديمة أن ترشد الجيوش في صوغ المتطلبات التقنية والأخرى الخاصة بالأداء لعربات RCV للإنتاج المستقبلي. وستشكل هذه العربات البديلة المنصات المُثلى لتطوير التكتيكات، والتقنيات والإجراءات لتعزيز قوة الفتك لدى الوحدات القتالية من خلال «التضافر ما بين المنصات الآهلة والأخرى غير الآهلة» (MUM-T).

وعقب عامٍ من إدماج البرمجيات، وتدريب المشغّلين، والتقييم العام (بما في ذلك اختبارات نيران حيّة)، خضعت هذه المنصات البديلة لـ «تجارب عملانية ممدّدة» (SOE) بين شهري حزيران/يونيو وأيلول/سبتمبر من العام 2022 في قاعدة «فورت هود» (Fort Hood) بولاية تكساس، حيث تضمّنت تلك التجارب النشرَ الأول لـ «عربات القتال الروبوطية» (RCV) إذ عملت جميع «العربات الخفيفة» (LV) الأربع كوحدةٍ متكاملة، وعملت «عربات القتال الروبوطية-المتوسطة» (RCV-M) الأربع كوحدةٍ تامة ثانية. وسيتم نشر هذه العربات في أدوار هجومية ودفاعية على حدٍّ سواء.

ومن بين الأنظمة المُدرجة التي تم نشرها، هناك «النظام الجوي غير الآهل المربوط بوتد» (tethered UAS)، و«جهاز التشويش المضاد للأنظمة الجوية غير الآهلة» (counter-UAS jammer)، فضلاً عن وحدة تعمية دخانية تراكبية، و«نظام سلاح مشترك مشغّل من بُعد» (مع أسلحة يُشغّلها الطاقم تصل إلى عيار 50 كاليبرا و«الصواريخ الموجّهة المضادة للدبابات» JAVELIN ATGM)، ووظيفة قيادة ذاتية. ومن بين النواحي الرئيسية التي يجري تقييمها، الأداء فوق طيفٍ واسعٍ من التضاريس الميدانية الواقعية، فضلاً عن قدرة تلك العربات على تحديد وتجنُّب العوائق وإطلاق الأسلحة خلال تنقُّلها. وهناك «تجارب عملانية ممددة» (SOE) إضافية مقرّرة للتأكد من أن المهندسين يُصمّمون أنظمةً ذات فائدة فعلية في الميدان.

ويحظى اشتقاق «عربة القتال الروبوطية الخفيفة» (RCV-L) حالياً بالأولوية ضمن برنامج تطوير هذه العربات، ومن المتوقع استكمال تقييم النموذج الأولي واختباره في الربع الثالث من العام 2026 على أن يُتّخذ قرار بالإنتاج المتسلسل بين الربع الرابع من ذلك العام والربع الثاني من العام 2027. وتلحظ ميزانية الجيش الأميركي 700 مليون دولار تقريباً لتطوير هذه العربات على مدى خمس سنوات.

تضافر الآهل وغير الآهل» - موجة المستقبل

ليس من الصدفة أن يُصار في آنٍ معاً إلى تطوير «عربات القتال الآهلة اختيارياً» (OMFV) و«عربات القتال الروبوطية» (RCV). ومن المتوقّع أن يؤدّي «التضافر ما بين المنصات الآهلة والأخرى غير الآهلة» (MUM-T) دوراً مهمّاً في العمليات القتالية المستقبلية للجيوش، سواء لخفض تعرُّض الجنود للمخاطر أو لتمديد المدى العملاني وتوسيع نطاق الوعي المحيط للتشكيلات البرّية. وقال اللواء روس كوفمان (Ross Coffman)، مدير فريق تطوير عربة القتال من الجيل التالي لدى «قيادة القدرات المستقبلية للجيش» (AFC): «إذا ما أمكن لنا أن نُمدِّد الميدان بنحو كيلومترين مع روبوط، عندها يعني ذلك أن بوسعنا اتخاذ القرارات قبل قدوم العدو». وأضاف كوفمان أنّه بالإمكان استخدام «عربات القتال الروبوطية» لإلهاء الخصم المتقدّم فيما تُنفّذ الوحداتُ الآهلة انسحاباً، وقال: «بات بوسعنا أن نقرن تلك الروبوطات بعربات جوية غير آهلة، فتواصل عندئذ الإبلاغ، والاشتباك، وضعضعة انتشار العدو. ومن ثمّ نُطلق وابلاً من قدراتنا ضدّ جهوده الرئيسية».

ORION: «النظام الجوي غير الآهل المربوط بوتد» (tethered UAS). الصورة: Elistair

واعتماداً على القوة النارية المطلوبة على الجبهة، يمكن لـ «عربات القتال الآهلة اختيارياً» (OMFV) أن تتدخّل دعماً لخط الجبهة الروبوطية. ومن شأن دورات الاختبار والتقييم المتواصلة لعربات OMFV و RCV على حدٍّ سواء أن تُحدد ما إذا كانت «الأنظمة غير الآهلة» ملائمة على نحو أفضل لكي تحل مكان العربات الآهلة في تأدية الأدوار الميدانية الأشد خطورة، والنأي بالجندي بعيداً عن المخاطر، أو ما إذا كان بإمكانها أن تُعزّز قدرة الفتك الإجمالية عبر تولّي أدوار جديدة. وبينما لن تتمكن عرباتُ القتال الروبوطية أبداً من أن تستبدل الجندي البشري كعنصرٍ أساسي في الحرب البرّية، فلا ريب أنّ «التضافر ما بين المنصات الآهلة والأخرى غير الآهلة» (MUM-T) سيترك تأثيراً كبيراً على التكتيكيات والعقيدة القتالية في الآتي من العقود.^

تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2025
رقم الصفحة
39

أخر المقالات