الشاحنات التكتيكية: نقلٌ آمن للإمدادات إلى الجبهات

تشكّل شاحنات الإمداد المقتدرة في الطرق الوعرة، صلة وصل بعيدة المدى بين الموانئ الاستراتيجية ومستودعات الإمداد الإقليمية، فضلاً عن صلة وصل متوسطة إلى قصيرة المدى بين مستودعات الإمداد ومواقع القوات على الجبهات الأمامية. ويمكن تمديد مهمة إعادة الإمداد هذه داخل الميدان المتّسع، بعمق كيلومتر إلى أربعة كيلومترات للوحدات القتالية. وتُجري القوات البرية في أرجاء العالم، بما في ذلك تلك الموجودة في أميركا الشمالية وأوروبا، عمليات تحديث لأساطيل الإمداد اللوجستي التكتيكية لديها بغية تحسين كفايتها وتعزيز قدرتها على إمداد القوات العملانية في الميدان.

يهدف برنامج «الشاحنة التكتيكية المشتركة» (CTT) للجيش الأميركي إلى استبدال مختلف طرز شاحنات النقل المتوسط والثقيل الموجودة حالياً في الخدمة بنظام عربة تراكبية وحيدة. ووفقاً لبيانات تخطيط الجيش الأميركي، فإن العربات هذه ستُعزز وحدات القتال والدعم القتالي عبر جميع مستويات الحركية التكتيكية آخذةً في عين الاعتبار جميع نواحي المهام، والأعداء، والجنود، والتضاريس، والوقت والأوضاع في الأماكن الآهلة. وينبغي إجراء العمليات على الطرق واجتيازاً للأرياف، على مدار الساعة في جميع المناطق بشتّى أحوالها الجوية. وثمة خطط لتطوير خمسة اشتقاقات CTT، هي «نظام مناولة الحمولة» Load Handling System، و«قاطرة الطرق الوعرة» Off Road Tractor أو غير المرصوفة، و«قاطرة النقل البعيد على الطرق» Line Haul Tractor، و«ناقلة الوقود» Fuel Carrier، و«ناقلة الشحن» Cargo Carrier. وستؤدي هذه الاشتقاقات جميع فئات مهام الإمداد بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الشحن الموضّب في حاويات، ومعدات الجَسْر. وهي ستستبدل «نظام التحميل على منصة أو بلاطة» Palletized Load Systems (PLS)، وقاطرة العربة التكتيكية المتوسطة M1088، وقاطرة النقل لمسافات طويلة على الطرق M915 و«الشاحنة التكتيكية الثقيلة ذات الحركية الموسّعة» (HEMTT).

سيتطلب من «نظام مناولة الحمولة» (LHS) تحميل ونقل وتفريغ مجموعة متنوعة من الحاويات المفتوحة فضلاً عن تلك المطابقة لمعايير «آيزو» ISO، ووحدات المهام الهندسية، وخزانات الوقود ووحدات الضخ. والحد الأدنى لسعة الحمولة البالغ 16,477 كيلوغراماً، إضافة إلى قاطرة ومقطورة تحمل وتفرغ بواسطة «الرافعة الشوكية» Fork Lift وبلاطة.
وبإمكان «قاطرة الطرق الوعرة» أو غير المرصوفة أن تقطر مجموعة متنوعة من المقطورات الصغيرة ذات قعر البدن المسطّح والمنخفض وصولاً إلى سعة 40 طناً، بما في ذلك مقصورات وخزانات وقود مركبة على القاطرة.
أمّا «قاطرة النقل البعيد على الطرق» فستقتصر مهامها على العمليات فوق الطرق المعبدة. وستقطر مقطورات صغيرة ذات قعر بدن مسطّح ومقطورات صهريج وقود في سرعات مألوفة على الطرق السريعة.
وستحمل «شاحنة الصهريج» Tanker Truck وتوزع ما يبلغ في حده الأدنى 9,464 ليتراً من الوقود، ويمكنها أن تقطر مقطورة تحمل خزان وقود إضافياً. وسيوزع الصهريج مجموعة متنوعة من الوقود مباشرة إلى الطائرات والعربات، أو ينقل الوقود إلى صهاريج أخرى أو محطات توزيع الوقود.
وسينقل اشتقاق «الحمولة أو الشحن» Cargo ذخائر ويبلغ الحد الأدنى لسعته 10,000 كيلوغرام. وإضافة إلى ذلك، يمكن للشاحنة أن تقطر مقطورة بحمولة إضافية. وتشمل الحمولات إما ثماني بلاطات نقل معيارية أو أربع حواضن «أنظمة راجمات صواريخ» (MLRS). ومن شأن رافعة على متن الشاحنة أن تُحمّل وتُفرّغ الحمولة.
وستستند عائلة «الشاحنات التكتيكية المشتركة» CCT من العربات إلى عربات متوافرة تجارياً (COTS) معدلة أو معسكرة، وتشمل على تكنولوجيات وقدرات حديثة وناشئة غير متوافرة في الشاحنات العسكرية التقليدية.
ومن المقرر إدماج «أنظمة مساعدة السائق المتقدمة» (ADAS) المتوافرة تجارياً في عائلة «الشاحنات التكتيكية المشتركة» CTT من أجل تعزيز السلامة فيها. وتشمل تلك الأنظمة التحذير من الانعطاف خارج المسار، والمحافظة على المسار، والتحذير من الاصطدام، وتجنب الاصطدام، والتحكم بالاستقرار، والمعلومات التحليلية المتقدمة لسلوك القيادة، ورؤية محيطة على مدار 360 درجة.

تحديث العربة اللوجستية للقوات الكندية
استكملت القوات المسلحة الكندية بفعالية برنامج تحديث «نظام عربة الدعم المتوسطة» (MSVS) في ربيع العام 2021. وكان هذا البرنامج قد بدأ في العام 2009 بعقد مُنح إلى شركة «نافيستار إنترناشونال» Navistar International لتسليم 1,300 «شاحنة عسكرية متوافرة تجارياً» (MILCOTS) حتى العام 2011. واستمد تصميم العربات من الشاحنة المدنية للشركة International WorkStar 7400، وجرى تسليمها بستة طرز مختلفة، من بينها ثلاثة اشتقاقات لنقل الحمولة بلغ عددها الإجمالي 360 عربة. وخُصّصت جميع شاحنات MILCOTS لقوات الاحتياط لأجل العمليات المحلية فحسب.
ومُنِحت هذه الشركة أيضاً طلباً إضافياً لنحو 1,500 شاحنة «الطراز العسكري المعياري» SMP (إضافة إلى 300 مقطورة و 150 نظام حماية درعية) إلى شركة «ماك ديفنس» Mack Defense في العام 2015. وتستند شاحنة SMP إلى شاحنة Renault KERAX الثمانية الدفع، التي حقّقت «القدرة العملانية الكاملة» (FOC) في شباط/فبراير العام 2021.
وكان البرلمان الكندي قد صادق في العام 2019 على مشروع «تحديث العربة اللوجستية» (LVM) الجديد، وسيتم الاستحواذ، من خلال هذا المشروع، على عربات لوجستية خفيفة (4 إلى 5 أطنان) وثقيلة (16,5 طناً+) لاستبدال الأسطول الحالي المتقادم، الذي وصل إلى نهاية حياة خدمته. ويلحظ المشروع أيضاً، إضافة إلى العربات، الاستحواذ على مقطورات، وحاويات ووحدات متخصصة الأغراض، وأنظمة مناولة مواد، وحاويات وقود ومياه. وتم وضع طلب مقترحات/ مناقصة للشاحنتين الأوليتين المصنّفتين بفئة الشاحنات المتوسطة.
 

وقد تأهلت سبعة فرق إمداد في العام 2009 للمنافسة على هذا العقد: «دايملير أيه. جي.» Daimler AG (انسحبت في أيلول/سبتمبر العام 2020)؛ و«جنرال دينامكس لاند سيستمز – كندا كوربورايشن» General Dynamics Land Systems – Canada Corporation و General Dynamics Land Systems Inc.؛ و«إيفيكو ديفنس فهيكلز» Iveco Defense Vehicles S.p.A.؛ و«ماك ديفنس» Mack Defense LLC؛ و«نافيستار ديفنس» Navistar Defense LLC؛ و«أوشكوش ديفنس كندا إنكوربورايتد» Oshkosh Defense Canada Incorporated و«أوشكوش ديفنس» Oshkosh Defense؛ و«راينميتال كندا إنك» Rheinmetall Canada Inc. و«راينميتال مان ميليتاري فهيكلز» Rheinmetall MAN Military Vehicles (RMMV) GmbH.
ومن المقرر أن يتم هذا العام المصادقة على المشروع ومنح العقود، كما هو مخطط له. ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم الأولى في العام 2026/2027 واستكمالها في العام 2030/2031. وستكون فترة خدمة العربات المتوقعة بين 20 و 30 عاماً.

تستثمر القوات المسلّحة الألمانية في عربات نقل جديدة غير محمية (Ungeschützte Transportfahrzeuge - UTF) لتلبية متطلبات محلية متزايدة فضلاً عن طلبات خارجية. وتشمل عائلة UTF عربات سداسية الدفع مع زنة حمولة 5-7 أطنان، وعربات ثمانية الدفع تصل زنة حمولتها إلى 14,200 كيلوغرام. ويمكن نقل الحمولة على سطح الشاحنة أو داخل حاويات؛ كما يمكن تجهيز الشاحنات لنقل الوقود. وبوسع شاحنات سلسلة HX2، التي صنعتها شركة Rheinmetall MAN Military Vehicles (RMMV) أن تجتاز طرقاً غير مرصوفة، وتنفيذ العمليات في الطرق الوعرة، وبقدرتها تسلُّق منحدر بنسبة %60 وخوض غمار 1.6 متر في المياه. وبحسب الجيش الألماني، يمكن لهذه الشاحنات أن تُجاري دعم دبابات القتال الرئيسية في الميدان. كما بالإمكان تركيب مركن سلاح مشغل عن بعد في أعلى المقصورة. ويعود الفضل في ذلك نسبياً إلى نظام التعليق النباضي وذراع اللّي أو الالتواء المنخفض.
وخلال شهر كانون الثاني/ يناير 2021، منح مكتب المشتريات العسكرية الألمان عقداً لشركة «أيفيكو ديفنس» IVECO Defence لشراء 1046 شاحنة محمية GFT على أن تكون مهلة التسليم بين العامين 2021 – 2028. وتتألف الدفعة الأولى من 224 شاحنة تستند إلى شاحنة IVECO الثمانية الدفع المعسكرة TRAKKER، وعلى أن تورد لخمسة اشتقاقات. وتلحظ العربات أفضل ما في السوق في فئتها وعلى وجه الخصوص مقصورة مدرعة. وتوفر حماية ممتازة ضد البالستيات، والألغام، والحشوات المتفجرة المرتجلة ميدانياً IED، والعوامل النووية الكيميائية والجرثومية NBC. جهزت بعض هذه الشاحنات برافعات هيدرولية تصل طاقتها إلى 15 طناً.

استحوذ الجيش البريطاني على ما يُقارب 7,500 «عربة دعم لوجستي» (LSV) من شركة RMMV في الفترة الممتدة من العام 2008 وحتى العام 2013. وينتمي نحو %90 من هذه الشاحنات إلى عائلة HX. وتشمل الاشتقاقات الخمسة شاحنات حمولة سعة 6، و 9 و 15 طناً فضلاً عن صهاريج دعم وعربات استرداد أو إخلاء. وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، تتميز عربات LSV الجديدة بحركية أكبر من عربات شحن الجيل السابق ويمكن تجهيزها بتدريع، وأجهزة اتصالات ومعدات «إجراءات إلكترونية مضادة» (ECM)، ورشاش عيار 7.62 ملم.

وكان الجيش البريطاني قد استكمل في ربيع العام 2021 استحواذه على «نظام التحميل المعزّز على بلاطة أو طبلية» EPLS MK3 الذي يستند إلى اشتقاق LSV زنة 15 طناً. ونظام EPLS المجهّز برافعة HIAB يمكنه أن يستوعب حمولة «حاوية مفتوحة أو مكشوفة» flatrack زنة 16 طناً، أو حمولات شحن موازية، تمكّنه من إجراء عمليات تحميل وتفريغ سريعتين في الميدان. وكحل بديل، يمكن للنظام أن ينقل حاوية ISO بطول ستة أمتار من دون الحاجة إلى الحاوية المكشوفة. وبحسب وزارة الدفاع البريطانية، ستُلبي هذه المشتريات متطلبات قدرة النقل المتوسط المتعددة الاستخدام لتوفير الجيل الجديد من توزيع العتاد عبر أرجاء الميدان، وفي مختلف بيئات التشغيل. وفي الإجمال سيتم تصنيع 382 نظام EPLS MK3 من خلال تحويل شاحنات LSV زنة 16 طناً الموجودة بالفعل في الخدمة. وتُنفذ هذا العمل شركة «مان تراك» MAN Truck المتفرّعة من شركة RMMV و«بوس يو كاي ليمتد» Buss UK Ltd..

تعتبر «الناقلة اللوجستيات المتعددة الأغراض» Porteur Polyvalent LOGitique (PPLOG) منصة الإمداد الأساسية لدى الجيش الفرنسي. ويتميز أكثر من نصف الوحدات المطلوبة بمقصورات مدرعة مع حماية ضد المخاطر البالستية وعصف الألغام. ولدى الشاحنة مركن سلاح آهل مركب على متن المقصورة. ويمكن لهذه المقصورة ذات التكييف الهوائي أن تستوعب مجموعة من أنظمة الاتصالات والقيادة فضلاً عن نظام إجراءات إلكترونية مضادة. وتشتمل الشاحنة الثمانية الدفع على نظام تحميل برافعة محورية ذاتية الأداء مركّبة خلف المقصورة، وتبلغ سعة حمولتها نحو 16,000 كيلوغرام. وتلائم هذه العربة جميع التضاريس (بما في ذلك الطرق الجبلية المغطاة بالثلوج) وجميع المناطق بمختلف أحوالها الجوية.
ويأتي تطوير ناقلة PPLOG ضمن برنامج «الناقلة البرّية المتعددة الأغراض» (Porteur Polyvalent Terristriére - PPT) الذي وُضع تصوّره للمرة الأولى في العام 2010. وإضافة إلى ناقلة PPLOG (التي تشكّل القسم الأغلب من الاستحواذ المخطط له)، يشمل برنامج PPT أيضاً عربة استرداد وعربة هندسية. وتستند هذه العربات جميعاً إلى هيكل شاحنة Iveco Defense M320 45، ويتم تجميعها في فرنسا من قِبَل شركة «سوفرايم» Soframe.

تعكف هولندا على تنفيذ «برنامج الاستبدال المشترك - العربات المدولبة» Defensiebrede Vervanging Operationele Wielvoertuigen (DVOW)، ويتضمن هذا البرنامج الشامل استبدال العربات اللوجستية DAF Logistics بنحو 2,800 شاحنة Scania GRYPHUS، المشتقّة من الشاحنة المدنية Scania XT التي وُضعت في الخدمة العام 2017. وتتميز العربات الجديدة بقدرة محسنة جداً في الطرق الوعرة و«إلكترونيات العربات» vetronics الحديثة. ويمكن تعديل تصميم الشاحنات التراكبية لتنفيذ طيف واسع من المهام، بدءاً من نقل الحمولة إلى نقل الجنود. وستُجهّز بعض هذه الشاحنات برافعة تُركّز خلف المقصورة. واعتماداً على متطلبات المهمة، يمكن استبدال المقصورة غير المدرعة بأخرى مدرعة تدريعاً كاملاً. ومن بين التحسينات، حزمة مساعدة السائق ونظام الإدراك التكتيكي على مدار 360 درجة. وستتسلم القوات البرية الهولندية نحو 2,400 شاحنة من هذا الطراز معظمها ثماني الدفع مع زنة حمولة 10 أطنان، فيما ستدعم الأخريات خدمات أخرى.

من بين الخصائص الرئيسية التي قد تصبح معيارية، أقله وسط القوات المسلحة الطليعية في العالم، خاصية الأتمتة الذاتية للعربة. وحينما أُطلق الجيل الأحدث من عربات شركة Rheinmetall MAN Military Vehicles (RMMV)، وهو سلسلة HX3، في الخدمة خلال شهر أيار/مايو العام 2021، أطلق لودفيك أوستلير Ludwig Ostler، المدير التنفيذي لشركة RMMV، عليها لقب «الشاحنة التكتيكية المستقبلية». ومن بين مزاياها الفريدة: «أنظمة متقدمة لمساعدة السائق» ADAS فضلاً عن التشغيل نصف المؤتمت والمؤتمت كلياً كخيار. وتشتمل أنظمة ADAS على «نظام مساعد لمكابح الطوارئ» EBA، و«التحكم المتكيف بسير العربة» ACC، و«التحذير من الانحراف عن المسار» LDW، وهي تُسهم جميعاً في تحقيق السلامة عبر التخفيف من إرهاق السائق والتعويض عن ظروف القيادة الصعبة.
إن مهام الإمداد الذاتية المؤتمتة بالكامل تُعتبر الخطوة المنطقية التالية، خصوصاً في دعم الوحدات الواسعة الانتشار، ما يوفر على الطواقم البشرية التعرض لنيران العدو أو الأسر. وهذا ما سيتطلب تطوير متواصل للقدرات في «الذكاء الصناعي».
وهنا تأتي أهمية أنظمة حماية الطاقم التي تزداد باضطراد في تجهيز الشاحنات العسكرية بها، تصدياً للتهديدات التي تواجه الكوادر العسكرية.

كانت الشاحنات العسكرية فيما مضى تعمل في المنطقة الخلفية من ميدان القتال، ناقلة الذخائر والأرزاق والوقود وغيرها من الإمدادات الضرورية الحساسة إلى الوحدات المنتشرة على الجبهات الأمامية، ولم يكن يُتوقع منها أن تكون على تماس مباشر مع قوات العدو وبالتالي لم تكن محمية.
تطلب الأمر في مسرحَيْ العمليات الأفغاني والعراقي، تزويد الشاحنات في المواقع المتقدمة بالإمدادات الضرورية وسرعان ما أصبحت عرضة لهجمات منتظمة، ليس من نيران أسلحة خفيفة فحسب، بل أيضاً من «القذائف الصاروخية» (RPG)، وألغام و«عبوات متفجّرة مرتجلة ميدانياً» (IED)، ما نجم عنه خسائر كبيرة في الشاحنات، وطواقمها وإمداداتها القيّمة. وأدى ذلك إلى ميدنة سريعة لشاحنات ذات سقف مقصورة مدرّعة لتأمين أعلى مستوى من الحماية لشاغليها ضد مجموعة واسعة من التهديدات.

بعدما كانت مقصورات شاحنات النقل العسكري غير مجهزة بتدريع إضافي سلبي إذ لا حاجة لها لمثل هذا التدريع، الذي قد يعوق أحياناً رؤية السائق عند السير فوق الطرق المدنية ويُخفض من وزن الحمولة، فإنّ العديد من الشاحنات العسكرية أصبحت اليوم مجهزة بمقصورات محمية جيداً مصنوعة كالعادة من الفولاذ المثبّت باللحام. كما تم تجهيز تلك المقصورات المحمية بنوافذ مضادة للرصاص والشظايا لكنها في بعض الحالات تكون أصغر حجماً من النوافذ العادية ما يعوق المراقبة، خصوصاً الرؤية الأمامية وعلى الجانبين.
وتعتمد مستويات الحماية البالستية الدقيقة على متطلبات المستخدم النهائي ومواقع نشر هذه العربات، لكنها في العادة ترقى إلى مستوى المعيار العسكري STANAG 456 Level 2  أو Level 3 لتحمل هجمات نيران أسلحة خفيفة على غرار الرشاش عيار 7.62 ملم. ومن شأن تأمين حماية بمستويات أعلى أن يجعل المقصورة أكثر ثقلاً وكلفة. ويمكن تجهيز المقصورة بمستوى أعلى من الحماية للتصدي لقذائف الـ RPG ذات الرأس الشديد الانفجار المضاد للدبابات، بتدريع قفصي الشكل يتألف من قضبان متشابكة bar/slat، تُثبّت بعيداً عن المقصورة.

ثمة بديل لتدريع قفص القضبان المتشابكة يتمثل في الجهاز الشبكي سلسلة British AmSafe Bridport TARIAN RPG الذي طورته الشركة بالتعاون مع الشركة البريطانية «ديفنس ساينس أند تكنولوجي لابوراتوري» Defence Science and Technology Laboratory (DSTL). وقد زوّد الجيل الأول من هذا النظام مقصورات بعض ناقلات المعدات الثقيلة الثمانية الدفع التابعة للجيش البريطاني من طراز Oshkosh Defense M1070F التي كانت تنتشر أساساً في العراق، في حين أن الجيل الأحدث من TARIAN يُجهز بعض عربات الدورية المحمية الرباعية الدفع من طراز General Dynamics Land Systems FOXHOUND المنتشرة في مالي. وهذا النوع من الشباك الخفيفة الوزن أخف بكثير من تدريع قفص القضبان المتشابكة bar/slat إضافة إلى كونه يوفر رؤية أفضل للطاقم وقد بيع في الخارج لتركيبه على «عربات قتال مدرعة» (AFV) حيث شكّل الجيش الدنماركي عميل التصدير الأول.
وقد زوّدت شركة «كينيتك نورث أميركا» QinetiQ North America كميات كبيرة من أنظمة الحماية Q-Net المماثلة ليس للقوات المسلحة الأميركية فحسب، بل أيضاً لعملاء في الخارج لتركيبها على متن شاحنات فضلاً عن عربات AFV.
وفي فرنسا، تُعتبر شركة «أركوس ديفنس» Arquus Defense (المعروفة سابقاً باسم «رينو تراكس ديفنس» Renault Trucks Defense مُصنّع الشاحنات العسكرية الرئيسية، وهي تُزوّد الهيكل السداسي الدفع لشاحنة نظام المدفعية Nexter CAESAR عيار 155 ملم / كاليبر 52 ، يُصنع هذا الهيكل بالكامل في منشأة «ليموجيس» Limoges مع مقصورة محمية تماماً. وقد حدّثت شركة Arquus Defense بالفعل العديد من شاحنات نقل الحمولات العسكرية لدى الجيش الفرنسي زنة 4 أطنان من نوع GBC 8 KT (السداسية الدفع) إلى مستوى جديد يُدعى BC 180 (سداسي الدفع) زنة 5 أطنان مع مقصورة خلف المحرك مزوّدة بحزمة تدريع إضافية اختيارية.
وبعد استخدام Arquus Defense لتمويلها الداخلي للأبحاث والتطوير، ابتكرت جيلاً جديداً من الشاحنات العسكرية يُدعَى ARMIS، وسيجري تسويق عائلة منها مع خيار مقصورة محمية، وسيتم عرض هذه العائلة على الجيش الفرنسي لتلبية متطلباته المستقبلية من ناحية الشاحنات، التي من المتوقع أن تكون من خلال منافسة مفتوحة.

تُصنّع شاحنات Rheinmetall MAN Military Vehicles (RMMV) العسكرية، المخصصة لاجتياز الأرياف، في منشآت الشركة في العاصمة النمساوية فيينا، في حين تُصنّع المقصورات المحمية في منشأة مبنية لهذا الغرض في مدينة «أونترولس» والتي استكملت حتى الآن صنع أكثر من 2,500 مقصورة.
ويمكن تجهيز شاحنات RMMV بـ «المقصورة المدرعة المدمجة» (IAC) وهي الأرقى ضمن مجموعتها، أو «المقصورة المدرعة التراكبية» (MAC)، وهذه الأخيرة تُجهّز بأطقم تدريع إضافية، عندما تكون العربة منتشرة في عمليات عسكرية.
ومن بين المورِّدين الآخرين لأنظمة حماية طاقم شاحنات النقل العسكرية، الشركة الإيطالية Iveco Defense Vehicles، التي زوّدت أساطيل من الشاحنات العسكرية للعديد من العملاء بما فيهم فرنسا وألمانيا وإيطاليا، وجميعها هي من المقصورات المرتكزة فوق المحور الأمامي للشاحنة (فوق المحرك) forward control cab.
وتُنتج شركة Oshkosh الأميركية «عائلة العربات التكتيكية المتوسطة» (FMTV) باشتقاقين رباعي الدفع وسداسي الدفع مع خيار تزويد تلك العربات بمقصورة محمية بالكامل، من النوع المرتكز فوق المحور الأمامي للعربة، فضلاً عن القدرة على تزويد هذه المقصورات بحزم تدريع إضافية، يوفرها عدد من الشركات المتخصصة.
وتوفر شركة «راينميتال بروتكشن سيستمز» Rheinmetall Protection Systems الألمانية، التي تضم الشركة الشهيرة عالمياً «آي بي دي» IBD، حزم حماية سلبية متكاملة لمجموعة متنوعة من المنصات بما في ذلك الشاحنات العسكرية.
وقد زوّدت الشركة البريطانية «أن بي ايروسبايس» NP Aerospace حزم تدريع إضافية للعديد من العربات في الداخل والخارج فضلاً عن عربات محمية تستند إلى هيكل Land Rover DEFENDER (رباعية الدفع) أو Mercedes Benz G-WAGON  (رباعية الدفع) لكنها لم تعد قيد التسويق.
وختاماً، على الرغم من أنّ معظم الشاحنات العسكرية الروسية هي غير ذات تدريع، فهناك عدد قليل من شاحنات URAL السداسية الدفع قد شوهدت مع مقصورة محمية في خلال القتال الأخير الجاري في أوكرانيا.