مقاتلة «نظام الأنظمة» المستقبلي FCAS: جيل جديد وسحابة قتالية واتصالية وذكاء صناعي
استعدّ «النظام الجوي القتالي المستقبلي» (FCAS) أخيراً للانطلاق مع دخول دراسات المرحلة Phase 1B رسمياً حيّز التنفيذ في 20 آذار/ مارس الماضي. وستسمح هذه الخطوة الأولى للمُصنّعين بالمضي قُدماً في تطوير «نظام السلاح من الجيل الجديد» (NGWS) مع ميزانية تصل إلى 3.2 مليارات يورو.
وبعد أشهر عديدة من الجمود بسبب تنافس بين المُصنّعين، أُبرمت اتفاقية في الأول من كانون الأول/ديسمبر العام 2022، على الأخص ما بين شركة «داسو أفييشن» Dassault Aviation الفرنسية وشريكتها «إيرباص» Airbus، التي تُمثل مصالح ألمانيا وإسبانيا في «مقاتلة الجيل الجديد» (NGF)، أي البلدين الآخرين المشاركين إلى جانب فرنسا في المشروع. وأعقب ذلك في 16 كانون الأول/ديسمبر العام 2022 منح عقد الدراسة لمرحلة Phase 1B من برنامج نظام FCAS إلى المُصنّعين من قِبل «وزارة القوات المسلحة» الفرنسية.
وقد منحت «وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية» (DGA)، نيابة عن الدول الشريكة الثلاث، عقد المرحلة Phase 1B لتطوير الطائرة الاختبارية لنظام FCAS لكلٍّ من «داسو أفييشن» Dassault Aviation، و«إيرباص» Airbus، و«إندرا» Indra، و«أوميت» Eumet وشركائها الصناعيين، بحسب بيان صحفي مشترك للمُصنّعين.
وتبلغ قيمة هذا العقد نحو 3.2 مليارات يورو وسيُغطّي العمل على الطائرة الاختبارية لنظام FCAS ومكوناتها لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام. والطائرة الاختبارية المنشودة هي نوع من نموذج أولي القصد منه تحسين موثوقية التكنولوجيات المختارة.
وقد رحّب «وزير القوات المسلحة» الفرنسية سيباستيان ليكورنو Sebastien Lecornu بمنح هذا العقد الذي يُمثل «خطوة كبيرة إلى الأمام لهذا المشروع المهم لحماية مصالحنا الاستراتيجية. وهو شهادة على العزم المشترك للدول الشريكة والمُصنّعين للعمل معاً نحو تحقيق الهدف في العام 2040 مع نظام مشترك على مستوى الاتحاد الأوروبي لجميع المهام الجوية».
أُطلق مشروع نظام FCAS في العام 2017 من قِبل باريس وبرلين، لتنضم إليهما لاحقاً مدريد في العام 2019. وبفضل خارطة طريق مشتركة طموحة، حدّدت فرنسا وألمانيا وإسبانيا الخطط الإرشادية ومراحل هذا النظام القتالي الجوي المستقبلي التعاوني.
ومن المعتزم أن يستبدل نظام FCAS طائرة القتال الفرنسية «رافال» Rafale، ومقاتلات «يوروفايتر» Eurofighter الألمانية والإسبانية بحلول العام 2040. ويُطرَح FCAS على أنه «نظام الأنظمة» إذ إنّ الطائرة القتالية ستُلحق بها «ناقلات مشغّلة عن بُعد» (RC) «عربات جوية غير آهلة صغيرة»، تتصل جميعاً من خلال «سحابة قتالية» combat cloud مع منصات عسكرية أخرى منخرطة في الميدان.
وسيدمج نظام FCAS منصات ومستشعرات حالية وأخرى من الجيل التالي، فضلاً عن تكنولوجيات مستقبلية حاسمة بغية التهيُّؤ والاستجابة لتحديات وتهديدات العقود الآتية. وبالتالي سيضمن هذا النظام للقوات المسلحة في هذه الدول الثلاث الإفادة كلياً على نحو كامل من عصر القتال التعاوني.
وفي هذا العصر الجديد، سيُضاعف تشبيك جميع اللاعبين والمعدات من قوتهم. إنه نوع من قتال يتمركز حول الاتصالية. ففي صميم القتال التعاوني تكمن مشاركة البيانات والمعلومات. فعلى سبيل المثال، يمكن لمسيّرة ترصد مدرعة للعدو أن تنقل موقع الهدف إلى دبابة مجهزة على نحو أفضل لتدميرها. وبعبارة أخرى، سيكون بإمكان نظام FCAS أن ينتقل من طيران اليوم إلى أجواء قتال أكثر تعاوناً وذلك بفضل نظام مدمج، عالي الاتصالية، يستند إلى البيانات، فضلاً عن «الذكاء الصّناعي» (AI).
ويتميّز FCAS بكونه نظاماً مفتوحاً، وذلك يعني أن مكوّناته قد تتطوّر على مر الزمن. وسيكون بإمكان «نظام الأنظمة» هذا، بفضل هندسته التراكبية، أن يُدمج تكنولوجيات مستقبلية حاسمة بغية اغتنام كامل إمكانيات «البيانات الكبيرة» و«الذكاء الصّناعي» (AI). وسيكون هذا «الذكاء الصّناعي» بالطبع ذا فائدة في إدارة التشبيك.
فعلى سبيل المثال، في حال حدوث اضطراباتٍ تتصل بالتشويش، ستُعيد الشبكات ترتيب نظامها لكي تمنح الأولوية لدفق البيانات الضرورية الأكثر أهمية.