المدفعية الثقيلة: تحوُّل من المجنزرة إلى المدولبة
فيما تتجه معظم الجيوش الرئيسية في العالم إلى الاستثمار في أساطيل جديدة من «عربات القتال المدرّعة» (AFV)، سواء كانت مجنزرة أو مدولبة، فإنها، إضافة إلى ذلك، تعكف حالياً على تحديث قدراتها المدفعية مع اعتماد أنظمة مدفعية جديدة إضافة إلى تشكيلة من الذخائر المتطورة. وفي حين لا تزال أنظمة المدفعية المقطورة قيد الخدمة والنشر، خصوصاً للوحدات المجوقلة والقوات الخاصة، باتت معظم أنظمة المدفعية اليوم «ذاتية الحركة» (SP) إذ إنها أكثر قدرة على البقاء في الميادين لكونها قادرة على الانخراط في الاشتباك، وتنفيذ مهمة رمي، ومن ثم الترحال قبل أن تتعرض لنيران بطاريات المدفعية المضادة.
باتت معظم أنظمة المدفعية الأطلسية ذاتية الحركة تقريباً، وعلى مدى سنوات عديدة مجنزرة، لكن في السنوات الأخيرة حدث تحول في بعض الدول نحو أنظمة المدفعية «ذاتية الحركة» المدولبة المستندة إلى هيكل سداسي الدفع أو ثماني الدفع. فمثل هذه الأنظمة ذات كلفة عالية يشغلها طاقم خفيف يتألف من ثلاث أو أربعة جنود، وتتسم بحركية استراتيجية أكبر ويمكن نشرها على مسافات طويلة من دون اللجوء إلى وسائل نقل للمعدات الثقيلة (HET)، وهذه دائماً ذات إمداد محدود.
ما زالت المدفعية الثقيلة، وبخاصة أنظمة المدفعية ذاتية الحركة عيار 155 ملم/ كاليبر 52، الركن الأساسي في الجيوش الحديثة في الحروب والعمليات المرتفعة الحدة، وذلك على الرغم من أثمانها وأكلاف تشغيلها المرتفعة، نظراً لما توفره من قوة نيران وحماية وحركية تكتيكية عالية. جميع هذه المميزات جعلتها السلاح الأمثل في الدعم الناري لمواكبة الوحدات الميكانيكية وتأمين دعم ناري كافٍ ودائم لها في مختلف مراحل العمليات الحربية.
وتصنّف المدفعية الصاروخية أو راجمات الصواريخ ضمن هذه الفئة، وغالباً ما تكون تحت قيادة المدفعية. وكما رأينا، طرأت تحسينات عدة على أنظمة المدفعية ذاتية الحركة لزيادة قدراتها، وبخاصة في عمليات «الحل والترحال» وفي معدلات الرمي والمدى.
وبينما لا تزال هناك بعض أنظمة المدفعية «ذاتية الحركة» عيار 155 ملم /كاليبر 39 قيد الخدمة في العالم، بما في ذلك الأعداد المتراجعة لعائلة المدفع M109A3 الأميركي من «ب. أيه. إي. سيستمز» BAE Systems، فإنّ معظم أنظمة المدفعية «ذاتية الحركة» المعتمدة من قِبَل الجيوش مؤخراً مجهزة بذخيرة عيار 155 ملم /كاليبر 52 وتلاقي «مذكرة التفاهم البالستية المشتركة» (JBMoU) لدى حلف شمال الأطلسي «الناتو» (NATO). وقد نشر هذا الحلف بالفعل أعداداً كبيرة من الأنظمة المدفعية الأميركية على غرار M107 عيار 175 ملم و M110A2 عيار 203 ملم لكن هذه الأنظمة يتم سحبها من الخدمة لدى معظم الدول ولو أنها تتسم بمعدل رمي بطيء وتحتاج إلى عربة واحدة مخصصة لإعادة إمدادها بالذخيرة. وقد تم الاحتفاظ فقط بنظام المدفع M110A2 لأنه يملك قدرة نووية تكتيكية.
كان الجيش الفرنسي أول مَن ميدن نظام مدفعي «ذاتي الحركة» مدولباً مع نظام Nexter CAESAR عيار 155 ملم /كاليبر 52 المستند إلى هيكل عربة «أركوس ديفنس شيربا» Arquus Defense Sherpa السداسية الدفع. وكانت الاشتقاقات الأولى مجهزة بمقصورة غير محمية سرعان ما استُبدلت بمقصورة محمية. ويستخدم الجيش الفرنسي حالياً 76 مدفع CAESAR وقد نُشِرت هذه المدافع على نطاق واسع في الخارج، ووفقاً لشركة «نكستر» Nexter أطلقت هذه المدافع ما يزيد عن 100,000 طلقة مدفعية عيار 155 ملم خلال عمليات قتالية.
وفي شباط/فبراير العام 2022، منحت «وكالة المشتريات الدفاعية» (DGA) الفرنسية شركة Nexter عقداً لتطوير وتأهيل المدفع «ذاتي الحركة» CAESAR MK II عيار 155 ملم /كاليبر 52 خلال أربع سنوات، والذي سيستند إلى هيكل عربة/ شاحنة Arquus Defense سداسية الدفع. وسيكون أمام وكالة DGA في العام 2024 خياران، إما لإطلاق إنتاج 109 عربات CAESAR MK II جديدة بالكامل، أو إطلاق إنتاج 33 عربة CAESAR MK II جديدة بالكامل يمكن تعزيزها بإعادة تحديث 76 مدفع CAESAR جارٍ نشره حالياً، لكن هذين الخيارين من شأنهما أن يوفرا أسطولاً يضم في الإجمال 109 مدافع CAESAR MK II بحلول العام 2031.
وإضافة إلى هيكل عربة Arquus Defense الجديدة التي تدفع بمحرك ديزل بقوة 460 حصاناً متصلاً بجهاز ناقل للحركة أوتوماتيكياً بالكامل. سيشتمل نظام CAESAR MK II على سطح مقصورة محمية من المستوى 2 (Level 2) من المعيار العسكري STANAG 4569 لحلف الأطلسي ضد مخاطر الألغام والمقذوفات البالستية، إلى جانب أحدث طراز من برمجيات إدارة الرمي وجهاز الراديو الجديد Thales Contact المعتمد على نحو مشترك في برنامج الجيش الفرنسي SCORPION.
وعلاوة على المبيعات إلى الجيش الفرنسي، جرى بيع نظام CAESAR عيار 155 ملم / كاليبر 52 إلى إندونيسيا، والمملكة العربية السعودية (على متن منصة UNIMOG سداسية الدفع) وتايلاند.
وفي الآونة الأخيرة، طورت شركة Nexter اشتقاقاً من CAESAR يستند إلى هيكل شاحنة ثمانية الدفع من صنع «تشيكيا ديفنس فهيكلز» Czech Defense Vehicles الذي يتسم بمستوى عالٍ من الحركية في الأرياف وهو مجهز بمقصورة تحكم أمامية. وكانت الدنمارك العميل الأول لهذا النظام وقد تقدمت بعقود لنحو 19 مدفعاً في الإجمال. أما العميل الأحدث فكان جمهورية تشيكيا التي طلبت 54 مدفعاً. وتستند تلك أيضاً إلى هيكل عربة Tatra العسكرية الثمانية الدفع من صنع «تاترا ديفنس فهيكلز» Tatra Defense Vehicles، حيث جرت عمليات التجميع النهائية في جمهورية تشيكيا من قِبل شركة «إكسكاليبور» Excalibur وتتميز تلك بمقصورة محمية ذات أربعة أبواب منتجة محلياً.
النظام المدفعي الأنبوبي Tubed Artillery System، أو المدفع PzH 2000 عيار 155 ملم / كاليبر 52 من صنع شركة «كراوس مافي ويغمان» Krauss-Maffei-Wegmann (KMW)، هو المدفع الوحيد الذي يستخدمه الجيش الألماني. وجرى تسليم 185 مدفعاً منه في العام 2002. ومنذ ذلك التاريخ، جرى تزويد كرواتيا بـ 12 مدفعاً PzH 2000 من فائض الجيش الألماني، وكذلك 21 مدفعاً إلى ليتوانيا. ومن بين العملاء الآخرين لنظام PzH 2000 الجديد بالكامل، اليونان (24)، وهنغاريا (24)، وإيطاليا (70 من بينها 68 مدفعاً جرى تجميعه بموجب ترخيص)، وهولندا (57) وقطر (24). وفي أيار/مايو من العام 2022، أُرسلت دفعة صغيرة من المدافع من قِبَل ألمانيا وهولندا إلى أوكرانيا.
يُذكر أن الجيش الألماني سحب من الخدمة جميع مدافع FH-70 الـ 216 المقطورة، عيار 155 ملم / كاليبر 39 ، حيث نُقل بعضها إلى أستونيا. كما أقدمت المملكة المتحدة على سحب هذه المدافع من الخدمة أيضاً، ولو أن الجيش الإيطالي يُحدث بعض مدافع FH-70 لديه لتمديد حياة خدمتها مع تركيب «نظام التوجيه المدفعي العامل بالليزر والقصور الذاتي» (LINAPS) من شركة «ليوناردو» Leonardo، المستخدم بالفعل من قِبل العديد من الدول الأخرى ضمن أنظمة المدفعية المقطورة والذاتية الحركة لديها.
وتعمل شركة «كراوس مافي ويغمان» Krauss-Maffei-Wegmann منذ سنوات على ما كان يُدعى في الأساس «وحدة مدفعية الميدان» (AGM) عيار 155 ملم / كاليبر 52 التي ظهرت على متن عدد من المنصات المجنزرة والمدولبة، في حين أن منصات التجارب الأساسية كانت «راجمة الصواريخ المتعددة الإطلاق» (MLRS) الألمانية M270. ويشار هنا إلى الاشتقاق الأحدث من AGM يأتي تحت مسمى «الهاوتزر المتحكم به من بُعد» RCH 155، وهو يستند إلى «العربة المدرعة المتعددة الأدوار» (MRAV) الثمانية الدفع ARTEC Boxer، التي طلبها عدد متزايد من الدول. ويرمي نظام RCH 155 الذخيرة ذاتها عيار 155 ملم / كاليبر 52 الذي يستخدمها المدفع PzH 2000 وهو قيد الخدمة لدى الجيش الألماني، لكنه يحمل فحسب 30 قذيفة وحشوة دافعة 155 ملم مقارنة بـ 60 قذيفة لنظام PzH 2000، لكن بما أن هذا النظام مدولب فإنه يتسم بحركية استراتيجية أكبر.
وفي أواخر العام 2021، كشفت شركة «راينميتال» Rheinmetall MAN Military Vehicles النقاب عن تطويرها لنظام مدفعي ذاتي الحركة مدولب جديد. وعُرض منه نموذج بالحجم الكامل على هيكل عربة Rheinmetall MAN Military Vehicles HX3 عشرية الدفع 10×10 من Rheinmetall، في لندن ومن ثم في واشنطن العام الفائت. ورُكّب برج التحكم من بُعد على مؤخرة العربة وهو مسلح بذخيرة جديدة عيار 155 ملم / كاليبر 60 ومعزز بنظام تلقيم أوتوماتيكي بالكامل للذخيرة ويشمل 30 قذيفة وحشوات دافعة عيار 155 ملم.
كان من المتوقع أن يصبح نظام PzH 2000، عيار 155 ملم / كاليبر 52، على غرار «دبابة القتال الرئيسية» LEOPARD 2 (MBT)، النظام المدفعي المعياري لدى حلف «الناتو»، لكن ذلك لم يحدث. وكان لدى هذا المدفع منافسون أبرزهم K9 Thunder من صنع جمهورية كوريا الجنوبية. ولقد اختارت النروج المدفع K9 وهو من صنع «هانوا ديفنس» Hanwha Defense بعد منافسة شديدة وصنعت منه أعداداً كثيرة لصالح الجيش الكوري الجنوبي، وبأعداد متزايدة لعملاء تصدير. وبحلول أيار/مايو من العام 2022، كان من بين العملاء أستراليا، ومصر، وفنلندا والهند («الهاوتزر المجنزر الذاتي الحركة» VAJRA)، والنروج («نظام المدفعية غير المباشر المتعدد الاستخدام»)، وبولندا (الهيكل تحت مسمى KRAB)، وتركيا (إنتاج محلي تحت اسم T-55 FIRTINA). وعمد بعض العملاء مثل فنلندا وأستونيا إلى تجديد نظام K9 في حين أن آخرين امتلكوا أنظمة جديدة بالكامل. وأعقب إنتاج نظام K9 الأصلي نظام K9A1 مع الاشتقاق الأحدث وهو K9A2 المتسم بتحسينات عديدة من بينها معدات التحكم الإلكتروني بالمدفع، ونظام تكييف الهواء، ونظام إدارة الرمي الجديد ومستوى الحماية الجيدة.
وتستخدم كوريا الجنوبية أيضاً «عربة إعادة الإمداد بالذخيرة» K10 (ARV) التي استندت إلى الهيكل ذاته لعربة نظام K9 THUNDER وهي تنقل عادة 104 قذائف عيار 155 ملم والحشوات ذات الصلة. أما العميل الأول لهذا النظام فكان الجيش الكوري الجنوبي. وهناك أيضاً اشتقاق Fire Direction Centre سيتم تزويد مصر به تحت تسمية K11.
ويُعتبر نظام K9A2 أحد المرشحين للفوز بعقد «منصة الرمي النقالة» (MFP) في المملكة المتحدة، ولهذا الغرض شُكِّل فريق من الشركات يضم Leonardo، و«لوكهيد مارتن يو كاي» Lockheed Martin UK، و«بيرسون إنجينيرنغ» Pearson Engineering، و«هورستمان ديفنس» Horstman Defense و«سوسي ديفنس» Soucy Defence، لصنع مجنزرات من الخليط المعدني والمطاطي المركب.
جرى تطوير النظام المدفعي ARCHER، عيار 155 ملم / كاليبر 52 من قِبَل شركة BAE Systems، في الأساس، لتلبية متطلبات النروج والسويد التي كان من المقرر أن تتسلم كل منهما 24 وحدة. لكن النروج انسحبت وبالتالي سيصار إلى تسليم السويد جميع الأنظمة الـ 48، فيما من المتوقع أن تتسلم 24 وحدة إضافية ليبلغ عدد أسطولها من هذا النظام 72.
واستند نظام ARCHER إلى هيكل شاحنة «فولفو» Volvo سداسية الدفع والملائمة لجميع التضاريس الأرضية مع مقصورة طاقم محمية بالكامل تقع خلف نظام الدفع في المقدمة. تخزن الذخيرة عيار 155 ملم / كاليبر 52 ضمن مقصورة محمية في المؤخرة تضم 21 قذيفة 155 ملم والحشوات الدافعة ذات الصلة. وخلافاً لبعض أنظمة المدفعية المدولبة، فإن عمليات التوجيه والتلقيم والرمي في مدفع ARCHER عيار 155 ملم / كاليبر 52 تتم من قِبَل الطاقم الموجود داخل مقطورة محمية. ووفقاً لشركة «ب. أيه. إي. سيستمز بوفورز» BAE Systems Bofors يمكن لهذا النظام أن يصبح مهيّئاً للإرباض، وتنفيذ مهمة رمي والترحال في غضون 20 ثانية. وعلى غرار معظم أنظمة المدفعية الأحدث عهداً، يمكن لِـ ARCHER أن يُنفذ مهام رمي «ارتطام متزامن لأمداء عديدة» (MRSI). وأدمجت شركة BAE Systems Bofors أيضاً المدفع ARCHER عيار 155 ملم / كاليبر 52 على متن شاحنة ثمانية الدفع من سلسلة Rheinmetall MAN Military Vehicles HX لتلبية متطلبات عملاء تصدير آخرين محتملين، بما في ذلك المنصات النقالة (MFP) لدى الجيش البريطاني التي سيُشار إليها أدناه.
على الرغم من أن صربيا ليست عضوا في حلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO، فإنها تملك قدرات متطورة في القطاع البري، خصوصاً من ناحية المدفعية المدولبة. وتتم جميع صادرات الأسلحة الصربية عبر مكتب «يوغوإمبورت» Yugoimport، وأبرز تلك الصادرات المدفع NORA B52 عيار 155 ملم / كاليبر 52. واستندت الطرز الأولى لهذا النظام إلى هيكل منتج محلياً لكن أعقب ذلك استخدام هيكل شاحنة Kamaz الروسية ثمانية الدفع، وفي الآونة الأخيرة هيكل ثماني الدفع ألماني من شركة «راينميتال مان ميليتاري فهيكلز» Rheinmetall MAN Military Vehicles (RMMV) مع مقصورة محمية بالكامل. ورُكب برج مدرّع على خلفية شاحنة NORA B52 مع 12 طلقة جاهزة للرمي عيار 155 ملم / كاليبر52، و 24 طلقة في الاحتياط. وإضافة إلى استخدام هذا النظام من قِبل صربيا، قام مكتب Yugoimport بتصديره إلى عدة دول، عُلم من بينها قبرص، وبنغلادش، وكينيا وميانمار.
وثمة اشتقاق جديد يخضع للتجارب حالياً يدعى ALEKSANDAR، يتميز بذخيرة عيار 155 ملم / كاليبر 52 ضمن برج في الخلف يتم التحكم به عن بُعد، ومجهز بـ 12 قذيفة عيار 155 ملم والحشوات ذات الصلة. وتتم عمليات التوجيه والتلقيم والرمي في هذا المدفع من داخل مقصورة آمنة ومحمية بالكامل. والهيكل الثماني الدفع المستخدم في نظامَي NORA و ALEKSANDAR اعتمدته صربيا أيضاً لتطبيقات أخرى من بينها سلاح الإطلاق المتعدد البعيد المدى الذاتي الحركة التراكبي Sumadiji مع حواضن إطلاق مدفعية صاروخية غير موجّهة عيار 400 ملم أو 267 ملم.
وإضافة إلى هذه الأنظمة المدفعية الذاتية الحركة (الثمانية الدفع) عيار 155 ملم، طورت صربيا أيضاً عدداً من أنظمة المدفعية الذاتية الحركة عيار 105 ملم و 122 ملم، حيث تستخدم هذه الأخيرة ذخيرة D-30 الروسية الواسعة الانتشار التي يتم تصنيعها في صربيا منذ سنوات عديدة.
حققت «دينيل» Denel الجنوب أفريقية رقماً قياسياً في وزن مدفع الميدان المدولب G6 والذي يبلغ 47 طناً. رغم ذلك، يسير من دون توقف لمسافة 700 كلم على الطرق المرصوفة محمّلاً بِـ 45 قذيفة كاملة مع حشواتها. وقد حققت نجاحاً في تصديره إلى سلطنة عُمان والإمارات العربية المتحدة التي تستخدم أيضاً أجهزة الرصد والملاحة والتوجيه التابعة له والمعتمدة في وحدات مدفعيتها من طراز M109L47 التي عدّلتها شركة Ruag Land Systems. ولم تكتفِ جنوب أفريقيا بالمدافع، فأنتجت برجاً جديداً G6-52 يحمل مدفعاً عيار 155 ملم/ كاليبر 52 المنوّه عنه أعلاه، يصل مداه إلى 53.6 كلم باستخدام قذائف Somchem ذات الدفع الصاروخي الإضافي.
المنافسة الرئيسية الوحيدة على المدفعية «الذاتية الحركة» في أوروبا هي تلك الجارية في المملكة المتحدة التي ترغب في استبدال أنظمتها الذاتية الحركة المجنزرة المنتشرة حالياً AS90 عيار 155 ملم / كاليبر 39 من صنع شركة «فايكرز شيب بيلدينغ أند إنجينيرنغ ليمتد» Vickers Shipbuilding and Engineering Limited (VSEL). وكان من المقرر أن تُحدّث تلك الأنظمة بذخيرة ذات مدى ممدّد عيار 155 ملم / كاليبر 52 وبِـ «نظام حشوات تراكبية» (ERO/MCS) لكن هذا البرنامج تم إلغاؤه.
وكان هذا البرنامج يدعى «منصة الرمي النقالة» MFP وشمل إضافة إلى تحديث السلاح الفعلي بذخيرة 155 ملم / كاليبر 52 ذات مدى ممدد، ونمط رمي أسرع، ومتطلبات أدنى للطاقم، وعدداً من العناصر الأساسية الأخرى بما في ذلك طقم ذخيرة (يشمل الهجوم الانقضاضي من أعلى)، وعربة إعادة إمداد بالذخيرة وحزمة مساعدات تدريب.
وتُسوّق شركة «أيه. أم. جنرال» AM General الأميركية اشتقاقين منخفضي الارتداد من الأنظمة المدفعية عيار 105 ملم و 155 ملم. يستند الأول منهما إلى اشتقاق من «العربة المدولبة المتعدّدة المهام ذات الحركيّة العالية» (HMMWV) الواسعة الانتشار، وباتت تُدعى HAWKEYE 105 mm Mobile Weapon System (MWS). ووفقاً لشركة AM General، أثبتت التجارب أنّ هذا النظام يمكن أن يصبح جاهزاً لتنفيذ مهمة رمي في نحو ثلاث دقائق، وهو بمثابة خفض كبير مقارنة بمدافع الهاوتزر المقطورة عيار 105 ملم، وإضافة إلى ذلك يتطلب طاقماً من أربعة جنود مقارنة بسبعة لمدفع الهاوتزر المقطور. ويتميّز نظام المدفع HAWKEYE 105 mm (MWS) بـ «نظام إدارة رمي رقمي متقدم» (DFCS)، ويمكن تجهيز السلاح بـ «مكبح فوهة» muzzle brake إذا ما تطلب الأمر.
ويُدعى المدفع عيار 155 ملم «نظام الهاوترز النقال» BRUTUS (MHS)، حيث يستخدم الطراز الأول ذخيرة مدفع الهاوتزر المقطور M777A2 عيار 155 ملم / كاليبر 39 ، ويستند إلى هيكل شاحنة «عائلة العربات التكتيكية المتوسطة» (FMTV) السداسية الدفع. كما يشتمل على «نظام إدارة الرمي الرقمي المتقدم» DFCS و«رادار مدمج لتحديد سرعة الإطلاق عند مقطع الفوهة» integrated muzzle velocity radar.
لطالما كان هدف المدفعية تأمين نيران إسكات العدو باستخدام قذائف «شديدة الانفجار» (HE)، فضلاً عن صفات أخرى من بينها القذائف المضيئة والدخانية. وما يزال هذا الدور سائداً لكن تم استخدام ذخائر جديدة ذكية تُمكّن الاشتباك مع أهداف عالية القيمة بذخائر هجوم رأسي انقضاضية، مع نوعين من هذه الذخائر طُورت ونُشرت في أوروبا. وقد جرى تطوير ذخيرة BONUS عيار 155 ملم من قِبل شركة BAE Systems Bofors السويدية و Nexter الفرنسية، وإضافة إلى استخدامها من قِبل هذين البلدين تم تصديرها إلى العميل الأحدث وهو الجيش الأميركي. أمّا الذخيرة الأخرى فهي SMArt عيار 155 ملم التي طُورت في ألمانيا من قِبل ائتلاف شركات يضم «ديهل» Diehl و Rheinmetall ويتوقع أن يبدأ إنتاج هذه الذخيرة مجدداً في المستقبل القريب. ومن بين أحدث التطورات في مجال قذائف المدفعية عيار 155 ملم هو قذيفة NAMMO النروجية ذات الدفع التضاغطي والتي تُشكّل تطوراً كبيراً من ناحية المدى، وتعمل هذه الشركة في السوق الأميركية مع شركة «بوينغ» Boeing.
كريستوفر فوس