3M22 ZIRCON:الصاروخ الروسي الجوّال الفائق لسرعة الصوت
أثبتت تقارير أنّ روسيا قد اختبرت صاروخاً جوّالاً فائقاً لسرعة الصوت يُدعَى «زيركن» 3M22 ZIRCON ، كما لفتت النشرة الأوروبية المختصة بالأمن والدفاع «يوروبيان سكيورتي أند دفنس» European Security & Defence. إن الصاروخ هو عضو في عائلة النظام الصاروخي 3K22 ZIRCON. وباستطاعته أن يُحقِّق سُرعات فائقة للصوت تُراوح بين 5 و 6 ماك ما يجعل أنظمة الدفاع الصاروخي غير فعّالة، حيث تبيَّنَ أنّ اعتراض الصواريخ الجوّالة الفائقة لسرعة الصوت مهمة معقّدة جداً.
وذكرت التقارير أنّ الصاروخ خضعَ لتجارب رمي من منصّة إطلاق مرتكزة بحراً، واستكملَ أولى التجارب لاشتقاق الطراز البحري الذي صُمِّمَ لتجهيز غوّاصات «هاسكي» HUSKY العاملة بالطاقة النووية، وهي حالياً قيد التطوير، وكذلك لتجهيز المدمِّرات القتالية فئة «كيروف» KIROV العاملة بالطاقة النووية أيضاً من مشروع Project 11442 . وتنتمي غوّاصات HUSKY النووية إلى الجيل الخامس من الغواصات. ووفقاً لتلك التقارير، ستُجهَّز مدمِّرات KIROV بأنظمة الإطلاق العمودي المتعدّدة الأدوار 3S14 (VLS). وهذه المدمِّرات مسلّحة بالفعل بمدافع بحرية رشّاشة AK-130 عيار 130 ملم، وأنظمة «صواريخ سطح-جو» SAM، وأنظمة أسلحة للدفاع القريب أو التوي حول السفينة «كورتيك» KORTIK، ونظام الصاروخ/ الطوربيد المضاد للغوّاصات «فودوباد» VODOPAD.
ويجري تحديث كلٌّ من مدمِّرات «بيوتر فيليكي» PYOTR VELIKIY ومدمِّرات «أدميرال ناخيموف» ADMIRAL NAKHIMOV من فئة KIROV بالصاروخ الجوال الجديد الفائق لسرعة الصوت. ومن المفترض أن تكون مدمِّرات ADMIRAL NAKHIMOV قد دخلت الخدمة العملانية هذا العام. وثمة تقاريرٌ أيضاً تُفيد بأنّ مدمِّرات PYOTR VELIKIY و ADMIRAL NAKHIMOV ستُجهَّز باشتقاقٍ بحري من نظام S-400 البعيد المدى والنظام الصاروخي «بوليمنت ريدوت» POLIMENT REDUT المتوسط المدى، كما أن هناك تكهنات أن تُجهَّز هذه السفن أيضاً بالنظام الصاروخي S-500.
ويتوقّع أن يستبدل نظام الصاروخ الجوّال المضاد للسفن ZIRCON قرينه النظام الصاروخي المضاد للسفن الفائق لسرعة الصوت «بي-700 غرانيت» P-700 GRANIT، كما يُحتَمل أيضاً أن يستبدل الصاروخان المضادان للسفن «بي-800 أونيكس» P-800 OYNX و«كاليبر أن كاي» KALIBER NK. وعلى الرغم من أنّ خصائص صاروخ ZIRCON غير معروفة بعد، تَشِي التقارير بأنّ مدى الصاروخ يبلغ نحو 400 كيلومتر. ووفقاً لِمَا قال إيغور كوروتشينكوIgor Korotchenko، رئيس تحرير نشرة «ناشنال ديفنس» National Defence، فإنّ صاروخ ZIRCON «قد يُحسِّن الخصائص القتالية للسفينة، وقدرتها على البقاء وكذلك قدرات الرمي فضلاً عن توسيع نطاق مهامها القتالية في مختلف مسارح العمليات البحرية».
وتعمل دولٌ على غرار الصين والولايات المتحدة على تطوير صواريخ فائقة لسرعة الصوت للحصول على مرونة أكبر واشتباكاً في الوقت المناسب مع أهدافٍ متحركة وحسّاسة زمنياً. وتعمل الولايات المتحدة بالفعل على استراتيجيتها «الضربة العالمية التقليدية في الوقت المناسب» CPGS فيما تُخطِّط لتطوير عائلة من أنظمة الأسلحة التي بوسعها أن تصل إلى أي جزء من العالم في غضون 60 دقيقة أو أقل من ذلك. وفي العام 2014، أعلنَ نائب وزير الدفاع الروسي آنذاك، Yuri Borisov، أنّ روسيا قد تُطوِّر أيضاً أنظمة أسلحة مماثلة كمكوِّنٍ في برنامجها لإعادة التسلُّح للعقد 2016-2025. ويبدو جلياً أنّ الأنظمة الفائقة لسرعة الصوت قد تكون خيار روسيا في تطوير أنظمة مماثلة لضربةٍ عالمية. وتُطوِّر روسيا أيضاً نظام الصاروخ المضاد للسفن الفائق لسرعة الصوت «براهموس» BRAHMOS بالتعاون مع الهند، كما تعمل موسكو على الصاروخ الانزلاقي الفائق لسرعة الصوت Yu-17 (HGV) الذي يتردَّد أنّه ذو قدرة نووية.
وعلاوة على ذلك، ومنذ حقبة «الحرب الباردة»، طبَّقَ الاتحاد السوفياتي استراتيجية «منع الدخول/ المنطقة المحرّمة» A2/AD لحرمان الولايات المتحدة وقوى بحريّة أخرى في حلف شمالي الأطلسي «الناتو» NATO من التفوُّق وإعاقة نفوذها في أي منطقة محدّدة. إن إضفاء البُعد الاستراتيجي على قدرة A2/AD هو نهجٌ مشترك من قِبَل الدول العاكفة على تعديل وتطوير قدراتها الاستراتيجية، ومن بينها روسيا، والصين التي تسعى إلى تحقيق قدرة A2/AD لحرمان الولايات المتحدة من أي تفوٌّق بحري ولكَبْح نفوذ واشنطن المتنامي، خصوصاً في منطقة آسيا المحيط الهادئ. فمن وجهة نظر موسكو وبيجينغ، فإنّ استراتيجية A2/AD هي أكثر أهمية فيما تُطبِّق الولايات المتحدة مفهوم «معركة الجو بحر» Air Sea Battle وكذلك مفهوم «الضربة العالمية التقليدية في الوقت المناسب» CPGS كما سبق ذكره.
ومن شأن الصواريخ الجوّالة المضادة للسفن، خصوصاً الأنظمة الفائقة لسرعة الصوت، أنْ تُعزِّز قدرة A2/AD لدى موسكو. وفي ضوء توجُّه روسيا نحو آسيا (نتيجةً للأزمة الأوكرانية)، يتعيّن على موسكو التعامل مع التفوُّق البحري الأميركي في منطقة الشرق الأقصى. وباستطاعة الصواريخ الروسية المضادة للسفن أنْ تُمكِّن موسكو من فَرْض نفوذها البحري وبالتالي تصبح قوة بحريّة مجدّداً. لذا من الواضح أنّ روسيا ستواصل تطوير أنظمة أسلحة متقدِّمة جداً، هجومية ودفاعية على حدٍّ سواء، لمواجهة الهيمنة الأميركية في آسيا.