التصدّي الأوروبي الدفاعي لتهديدات الصواريخ الفائقة لسرعة الصوت
تلقى «إئتلاف أوروبي»، ترأسه شركة «مبدا» MBDA، دعوة لتقديم عرض في شهر أيار/مايو الماضي للمشاركة في برنامج «صندوق دفاعي أوروبي» يهدف إلى تطوير نظام صاروخ اعتراضي يمكنه التصدي لأسلحة ضاربة متقدمة مناورة وفائقة لسرعة الصوت. والمشروع المعروف باسم Hydis2 (دراسة حول صاروخ اعتراضي دفاعي فائق لسرعة الصوت)، يلحظ مرحلة أولية لمدة ثلاثة أعوام، يُصار خلالها إلى تقييم ثلاثة تصاميم مبدئية - اثنين مع ثلاث مراحل لاندفاع المحرك، وواحد ذي مرحلتين - قبل اختيار واحد منها للعمل على إنضاجه أكثر فأكثر.
وإلى جانب انخراط MBDA من خلال نشاطاتها في فرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا، يغطّي الكونسورتيوم 19 شريكاً في 14 دولة أوروبية من بينها هولندا. وقد عملت MBDA على تكنولوجيا دفاعية مضادة للمخاطر الفائقة لسرعة الصوت على مدى سنوات عديدة مع مشروعها «أكويلا» Aquila وقد راكمت بالفعل معرفة هائلة عن طبيعة التهديدات والحالات المتعلقة باعتراض «عربات» (أي صواريخ) تحلق بسرعات تصل إلى 5 ماك (Mach 5) أو أكثر من ذلك.
وقد استمد جزء من تلك المعرفة من تجارب حدثت أخيراً في أوكرانيا، حيث أطلقت «القوات الروسية» صواريخ «كينزال» Kinzhal الفائقة لسرعة الصوت المُطلقة جواً، وصواريخ «إسكندر» Iskander البالستية/ المناوِرَة. ومع ذلك، تُمثّل هذه الصواريخ شكلاً بدائياً من التهديدات الفائقة لسرعة الصوت لأن مساراتها البالستية الأساسية يمكن توقّعها نسبياً حتى المرحلة الأخيرة. والأمر ذاته ينطبق جزئياً على صاروخَي DF-21 و DF-26 الصينيين اللذين يُوظّفان «عربتين مناوِرتين» (MaRV) لمرحلة السقوط أو الانقضاض (re-entry) لكن مع درجات محدودة من القدرة على المناورة عقب اقترابٍ خطر بالستي.
والتهديد المستقبلي الأساسي – أي التحدّي التكنولوجي الأكبر - يأتي من العربات الانزلاقية الفائقة لسرعة الصوت، المتمثلة اليوم في الصاروخ الصيني DF-17 والصواريخ الجوالة الفائقة لسرعة الصوت على غرار صاروخ «زركون» Zircon الروسي. وهو يُحلّق عادةً في المجال الجوي على ارتفاعات تراوح بين 30,000 قدم و 50,000 قدم (أي من 9,000 إلى 15,000 متراً)، مستغلّاً الفجوة بين الأنظمة الدفاعية الحالية في الطبقة الأولى للغلاف الجوي - مثل «الصاروخ المعياري» SM-2 و SM-6، و PAC-3 - والدفاعات على أعالي الطبقة الأولى للغلاف الجوي/وبداية الطبقة التي تليها - مثل نظامي SM-3 وصاروخ»الدفاع الجوّي للارتفاعات العالية الطرفيّة» THAAD.
وإضافة إلى ذلك، تتميّز هذه الأسلحة بحُرّية حركة وافية، ما يجعل من المحال توقع مسراها. أما الاشتباك مع الأسلحة في المرحلة الطرفية النهائية فهي ضمن نطاق الأنظمة الحالية على غرار «أستر» Aster، لكن ذلك لا يُعتَمد إلّا كخطٍ دفاعي أخير، فيما يستحسن اعتراض الأسلحة وهي لا تزال على ارتفاع التحليق الجوال.
ومع ذلك، فإن الطبيعة الشديدة المناورة لهذه الأسلحة وسرعاتها يجعل من المحال الحفاظ على دفاعات بقعة محددة من دون رمي العديد من الصواريخ الاعتراضية لمواجهة صاروخ داهم بغية تغطية جميع المسارات المحتملة لاقتراب الصاروخ. وقد ينجم عن ذلك إشباع الدفاعات واستنزاف قدراتها سريعاً، فضلاً عن التكاليف الباهظة.
وإلى جانب تقصّي المناهج الجديدة لتأمين إنذار وتعقب في الوقت المناسب، فمن بين التكنولوجيات الأساسية قيد التطوير تلك التي تتضمن كيفية تجنّب تلك الثُّغَر عبر استخدام «الذكاء الصناعي» لتفعيل أمثل لنقاط الاعتراض المتوقّعة. ويمكن تعزيز ذلك عبر تأخير إطلاق الصاروخ الاعتراضي لأطول فترة ممكنة، وهذا يحتّم بالمنطق أن يكون هذا الصاروخ المعترِض بحد ذاته ذا تصميم فائق لسرعة الصوت.