حرب النجوم: عسكرة الفضاء الخارجي
على الرغم من أن الأمم المتحدة عملت من دون كلل ضد إطلاق الاتحاد السوفيتي آنذاك القمر الصناعي «سبوتنيك» Sputnik في العام 1957، لضمان أن يبقى الاستخدام الإنساني للفضاء الخارجي حصرياً للأغراض السلمية. فإن هناك أعداداً متنامية من الدول تعمل على عرض قدراتها في الفضاء وأن ليس كل واحد منها يأخذ بالاعتبار الأغراض السلمية وإن على مستوى التدخل الخارجي الذي يبدو وكأنه يتصاعد.
وفي الثالث والعشرين من شهر أيار/ مايو 2019، وافقت لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي على خطط وضعتها إدارة الرئيس الأميركي ترامب على تأسيس قوة أو سلاح الفضاء الأميركي، وبذلك تصبح القوة السادسة في القوات المسلحة الأميركية، وستصبح هذه المبادرة، التي تهدف إلى إطلاق عمليات الفضاء العسكرية مستقلة عن سلاح الجو الأميركي، وهي شهادة للأهمية المتنامية للفضاء في المجال العسكري.
لم يعد السباق على السيطرة الفضائية مقتصراً على ركني الحرب الباردة – الولايات المتحدة وروسيا، وورقة الأصول الفضائية في الاتحاد السوفيتي السابق، والولايات المتحدة الأميركية وهناك الآن دول أخرى، وعلى وجه الخصوص الصين، تشمل خطوات رئيسية لتبرهن أنها أيضاً قادرة على السيطرة على ما يجري من مدارات حول الأرض.
وفيما الاستخدام التقليدي للأصول الفضائية يتحضر في الدعم القتالي على غرار الاتصالات والتجسس، وقد قيل ذلك تاريخياً كمسعى سلمي، فيما اعتبر تأسيس سلاح الفضاء الأميركي من قِبَل محللين كثيرين على أنه تحرك نحو عسكرة محتملة للفضاء الخارجي.
أصبحت الاتصالات الساتلية ترتدي أهمية متزايدة في مجال الحرب الاتصالية، كما أن حماية القدرات المحمولة فضائياً أصبحت أيضاً ذات أهمية متزايدة.
وفي آذار/ مارس 2019، شمّرت الهند عن عضلاتها من خلال أداء ناجح لاختبار «مضاد لقمر صناعي» (أو عملية Shakti) ASAT، وذلك من خلال إسقاط إحدى الأقمار الصناعية الخاصة بها والمتمركزة على مدار منخفض حول الأرض من خلال صاروخ اعتراضي مشتق من صاروخ بالستي. وقد هلل لهذا الحدث رئيس الوزراء الهندي مارندا مودي واعتبرها حالة من الفخر والاعتزاز، كما أنه نظر إليه من قِبَل العديد من المحللين كمخابرة لمجتمع الفضاء الدولي للبدء جدياً بالعمليات الجوية المستدامة على المدى البعيد. وقال شاغون ساشريفا المحلل الرئيسي في مؤسسة أبحاث نورثيرن سكاي في ما خص استشارات سوق السواتل والفضاء: «مع إثارة الولايات سلاح الفضاء وإطلاق الهند صاروخ اعتراضي مضاد للأقمار الصناعية، فنحن اليوم نتكلم عن عسكرة الفضاء الخارجي». وتابع قائلاً: «المشكلة الآن هو أنه لا يوجد قوانين وأنظمة كافية قادرة على إطلاق سلاح فضائي بصورة سلمية، وهناك الآن مخاطرة كبيرة لهذه الأشياء التي تدور بطريقة خاطئة وتشكل مصائب كبيرة في الفضاء».
وبرهنت عملية Shakti أن الهند كغيرها من الدول المتطورة في المجال الفضائي (على غرار الصين، وروسيا والولايات المتحدة) أنها قادرة على إسقاط سواتل مقاومة وقادرة أيضاً على توليد كم ضخم من الإسقاطات الفضائية، والتي من شأنها أن تعرِّض للخطر المسارات غير المتحكم بها، وبالتالي تعريض العربات الفضائية للخطر في بيئات ملبدة بالمخاطر في المدارات المنخفضة حول الأرض.
وقد ولد الاختبار الهندي ASAT نحو 270 قطعة من الإسقاطات الفضائية بحسب «القيادة المشتركة للفضاء» الأميركية، والتي تقوم بمراقبة وتعقب القطع المسقطة في مدارات حول الأرض، بما في ذلك الشظايا والإسقاطات التي يتجاوز قطرها الـ 10 سنتيمترات.
وعلى الرغم من ادعاء الهند أن هدفها من الاختبار كان منخفضاً جداً وأن الإسقاطات المتولدة ستحترق في الجو بمهلة أيام قليلة، لكن الكثير من المحللين يخالفون ذلك وقالوا إن هناك عدة قطع تصاعدت إلى مدارات أعلى بواسطة عصف الصاروخ وستأخذ سنوات عديدة للتخلص منها.
وبحسب ساشديفا Sachdeva: «إن التساقطات والشظايا مجربة وقد تصطدم الآن مع أية سواتل لدول أخرى». ولقد كان اختيار ASAT للهند التي أخذتها هي بأن الدول الأخرى قد تطلب إجراء الحدث ذاته لتسجيل قيمة استراتيجية ما قد يسبب مشكلة كبيرة.
ونفذ حدث مماثل في الصين العام 2007 لاستهداف ساتل أكبر حجماً وفي مدار أكثر ارتفاعاً. وولد هذا الحدث فوراً أكثر من 2000 قطعة من الإسقاطات الفضائية التي يمكن تعقبها، ما جعله الحدث الأكبر تاريخياً في تولد الإسقاطات الفضائية، وتبعه في العام 2000 اصطداماً ما بين القمر الصناعي الروسي Kosmos 2251 المنقرض والساتل «إيريديوم 33» Iridium 33 الذي كان قيد التشغيل وواحد من سواتل الاتصالات التابعة لمجموعة Iridium.
وبلغ عدد الشظايا المرصودة في عرض ASAT الصيني نحو 3500 شظية والتي زادت بفعل الاصطدامات اللاحقة فقط 570 من أصل العدد أعلاه. وإلى ذلك، أنتج هذا الحدث نحو 150.000 جسماً صغيراً لا يمكن تعقبه بالتكنولوجيات الموجودة في عصرنا الحالي. وأثار هذين الحدثين في العامين 2007و 2009 مشكلة أو معضلة الإسقاطات الفضائية والعمليات المدارية المستدامة ودفعت بها إلى مقدمة اهتمامات وكالات الفضاء الرائدة عالمياً. وهناك القليل طاف على السطح يقول بأن التوجه السلبي قد يميل بسهولة إلى عارض Verler، وهو سيناريو تم التكهن به في سبعينيات القرن الفائت من قِبَل رائد الفضاء دونالد كسلر التابع إلى وكالة NASA بأنه في مكان معين كثافة الشظايا المدارية سينجم عنها حالة من الاصطدامات لا يمكن التحكم بها.
وكان إدراك الوضع الفضائي SSA قبل هذين الحدثين أي ASAT الصيني واصطدام إيريديوم – كوزموس، ساكناً للغاية وغير ديناميكي، بحسب ما قال ترافس لانجستر، نائب رئيس وزراء الدفاع الأميركية وتطوير أعمال الاستخبارات الفضائية لدى شركة AGI. وهي شركة برمجيات تتخذ من فيلادلفيا مقراً لها، تهتم بتطوير الحلول للمنظمات الجوفضائية والدفاعية، وأطلقت AGI في العام 2014 مركزاً للعمليات الفضائية التجارية، وهو أكبر مركز تجاري في العالم لِـ «إدراك الوضع الفضائي» SSA، ويقوم حالياً بتعقب أكثر من 9000 ساتل للقطاع العام في الفضاء.
في الواقع ابتدأ الزخم لتحويل الفضاء إلى بيئة شديدة الاكتظاظ، وأصبح هناك وبصورة مفاجئة العديد من الأجسام الفضائية لتعقبها، وتكمن المشكلة بأن الأنظمة التقليدية شيدت لكشف الصواريخ الداهمة ولتزويد الإنذارات لهذه الأنواع من الأجسام.
إلى جانب الدول الناشئة التي تقوم بعرض عضلاتها الفضائية بأشكال واختيارات ASAT المكونة للشظايا، فإن المشكلة تفاقمت من جراء التطورات السريعة في قطاع الفضاء الخارجي.
ومنذ العام 1957 هناك نحو 8500 ساتلاً أطلق إلى الفضاء و 5000 ساتل من هذه ما زالت في مدارات حول الأرض ولكن فقط 2000 منها قيد التشغيل العملاني حالياً. ومع ذلك بدأت الشركات التجارية منذ العقد الفائت بإطلاق أعداد كبيرة من السواتل للأغراض المختلفة، بما في ذلك المراقبة الأرضية والاتصالات. ولعل العدد الأكبر من هذه الخطط على غرار مجموعتي Space X و OneWeb والتي تشمل الآن وعلى مدى السنوات العشر المقبلة، ما يحتمل أن يطلق نحو 14000 ساتلاً. وتابع، حتى ولو أن 25 في المئة من هذه الخطط كانت ناجحة، فهي تشكل أكثر من ضعف أو حتى ثلاثة أضعاف أعداد السواتل المشغّلة في الوقت الحاضر.
إن مهمة مراقبة ماذا يحدث في الفضاء أصبحت أكبر وأكثر تعقيداً. وعلاوة على ذلك، هناك بعض النزاعات التي تقوم بها بعض الدول لاستخدام السواتل لأغراض التجسس على دول أخرى، أو حتى تعطيل عملياتها. وعلى سبيل المثال، وفي العام 2015، تسبب ساتل روسي تحت مسمى Luch بالكثير من القلق من خلال مناوراته المشبوهة في مدارات مرتفعة جداً عن الأرض.
إن المدار المرتفع عن الأرض والذي موقعه على ارتفاع 36000 كلم، يحلق حول الأرض بسرعة تناهز الدوران الحالي لكوكب الأرض. وكنتيجة لذلك، فإن ساتل يعمل على مدار عال عن الأرض، يظهر وكأنه يبقى ثابتاً فوق بقعة معينة من الأرض، وموفراً رؤية ثابتة لقسم من العالم. يشكل هذا موقعاً فريداً وهذا ما يتوخاه مراراً وتكراراً مشغلو سواتل الاتصالات. ومع ذلك، فإن ساتل Luch ثابر على تغيير موقعه كل مجموعة شهور، مناوراً بخطورة عالية قريباً من بعض الأصول الدولية الاستراتيجية.
تقليدياً، كانت قيادة قوة الفضاء المشتركة الأميركية، (من خلال السرب 18) مسؤولة عن تعقب الأجسام التي تدور حول الأرض بما في ذلك السواتل العملانية ومركبات الفضاء البائدة والشظايا المولدة من الاصطدامات وتزود هذه القيادة أيضاً إنذارات للمشغلين التجاريين الذين مراكبهم الفضائية عرضة لخطر اصطدامها بجسم آخر.
وفي أوائل العام 2019 صرح سلاح الجو الأميركي بعد عشر سنوات من التخطيط بأنه ألغى برنامج مركز العمليات الفضائي المشترك JMS، الذي كان يهدف إلى تحديث عمليات التعقب للأجسام الجوية. وفي بداية عمله، نقل IMS المقاربة الأفضل للعمليات بحسب ما قال النقيب دايفد ليابس الناطق الرسمي عن قيادة الفضاء في سلاح الجو الأميركي. وتابع قائلاً: اليوم، فإن قيادة JMS ببساطة ليست مرنة بما فيه الكفاية لتلبية تحديات التهديدات المتوسعة بسرعة في المجال الفضائي، مشيراً إلى أن القيادة اليوم تتمحور حول مقاربة هندسة مفتوحة التي ستستخدم التحويلات الموجودة لاستضافة التطبيقات المتقدمة في مجال القيادة والسيطرة C2 و SSA الحائزتين على شهادتي الصلاحية من قبل وزارة الدفاع الأميركية. والتي طورتها الصناعة التجارية، إضافة إلى الحكومة الأميركية على مبدأ بنية تحتية مقدمة من الحكومة. وسيتضمن النظام الجديد القطع الأفضل في IMS، ولكن في الوقت عينه يفتح الباب على مصراعيه للابتكارات الأسرع.
وبما أن مقاربة حيازة برمجيات أكثر مرونة نحن بأمس الحاجة إليها، فإننا نستخدم مقاربة عمليات تطويرية لميدنة القدرات بسرعة، بحسب ما قال ليابس. تتسم هذه القدرات بأنها مفصلة حول رغبة الزبائن ومجهّزة من خلال سلسلة من المنتجات المصنعة بسرعة ومصممة لوضع الأدوات الحائزة على الصلاحية مهلة أسبوع واحد فقط. وعلى الشركة التحول إلى مثال SSA المستندة إلى التهديدات المتقدمة ضد التفوق الفضائي الأميركي مضاعفة بذلك القدرة على التنبؤ بالنشاط، وتفسير البيانات الجديدة وتعاملها مع السرعة والتأكيد.
ويقع في لب التطورات الجديدة برمجيات مرنة تسمح للمستخدمين بتعريف - وكما الحكومات والمطورين التجاريين لتأمين - برمجيات استجابة ذات صلة بالبرمجيات بمهلة أسابيع أو أشهر بدلاً من المحاولة لتخطيط ما تحتاجه الشركة على مدى خمس سنوات من الآن. وأشار ليابس إلى أن الفضاء هو بيئة ديناميكية كثير التنازع عليها وأن مشغليها للفضاء يجب أن يكون لديهم مدخل لأية تطبيقات جديدة يحتاجونها».
وستعمل البرمجيات المرنة ضمن إطار مفهوم القيادة والسيطرة لإدارة القتال الذي سيوفر هندسات وبرمجيات لتمكين الولايات المتحدة مشاطرة البيانات المهمة مع الشركاء، وتطوير تطبيقات جديدة وتعريف التهديدات وتحقيقها بكفاية عالية.
على مدى السنوات القليلة الماضية، أبرم سلاح الجو الأميركي اتفاقيات مع عدة شركات تجارية لحيازة تكنولوجيات وخدمات SSA مبتكرة، وعلى سبيل المثال فازت شركة Applied Defence Solutions بعقد من سلاح الجو الأميركي لتزويده بخدمات SSA لزيادة القدرات العسكرية لهذا السلاح. وقالت الشركة على أثر ذلك بأنها ستعمل مع الشركاء بما فيهم «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin، و«باسيفيك ديفنس سوليوشنز» Pacific Defence Solutions، و«كراتوس آر تي» Kratos RT لتزويد بيانات SSA من مصادر تجارية.
وفي نيسان/ أبريل 2019، منح مركز أنظمة الفضاء والصواريخ في الولايات المتحدة الأميركية شركة «أوستن» Austin عقداً بقيمة ستة ملايين دولار لتزويدها بحلول ذكاء صناعي AI للجيل التالي من تكنولوجيا SSA. وبحسب الإصدار الصحافي، ستمكن الخوارزميات الذكية سلاح الجو من الانتقال من مقاربات تقليدية إلى حل أكثر توقعاً. ولشركة AGI نصيب في خدمة العسكريين، وأبرمت هذه الشركة عقداً مع سلاح الجو الأميركي في نيسان/ أبريل المشار إليه أعلاه لتبادل المعلومات والخدمات. وكجزء من هذه الصفقة ستكون AGI قادرة على طلب معلومات محددة من «سرب التحكم الفضائي» والتي ستتسلمه بمهلة يوم واحد بدلاً من الوقت المطلوب، بدلاً من ثلاث إلى أربع أشهر كما كان في السابق.
وصرّح لانغستر بأن تطوير خوارزميات أسرع وأكثر قدرة لمعالجة البيانات يشكل التحدي الأكبر الذي يواجه مجال SSA وتقوم AGI بتشغيل شبكتها الخاصة للتلسكوبات البصرية ولكنها تستخدم أيضاً بيانات مزودة من طرف ثالث وهي تتطلع بجدية لتطوير مستشعرات جديدة. إن كمية البيانات التي تولدها التليسكوبات والمستشعرات بحاجة إلى معالجة في الوقت الحقيقي وبدقة أفضل. وبغية مساعدة مشغلي ساتل معين عليه فهم المخاطر أثناء مقاربة الإسقاطات الفضائية.
وبالعودة إلى AGI لقد كانت تطور محرك معالجة البيانات التحليلية منذ العام 2009، وتأمل الشركة في تقديم منتجاتها للقوات الدفاعية، وهناك فجوة كبيرة في أن تكون قادرة على معالجة مصادر البيانات الموجودة في عصرنا الحالي، وأن تكون قادرة على دمجها وتحويلها إلى معلومات قابلة للتنفيذ في برنامج زمني. كما أن للقوات العسكرية مهمة في دمج المصادر التجارية والحكومية لإضافة بيانات جديدة.
وأضاف بأن الحاجة إلى قدرة أفضل لمعالجة البيانات ستكون أكثر وضوحاً حتى يتحول نظام مراقبة السياج الفضائي لسلاح الجو الأميركي ليصبح كلياً Online، والذي حدث بالفعل أواخر العام 2019. يشكل السياج الفضائي جيلاً ثانياً لنظام مراقبة الفضاء، والذي شيدته شركة Lockheed Martin ويشغل حالياً في مجال الاستخبارات. وكشف بنجاح كبير رادار الحيز S القوي جداً والذي يقع موقعه في محلة كواجالين ضرب الهدف الجوي لاختبار ASAT الهندي الذي حدث أوائل العام 2019. وباستطاعة الرادار متى يصبح عملانياً بالكامل كشف عشرة أضعاف الأجسام الجوية أكثر من التلسكوبات SSA الموجودة حالياً والتي تملكها الولايات المتحدة.
وأكد لانغستر بأن السياج الفضائي سيؤدي إلى إجراء تحسينات رئيسية في الطريقة التي تقوم بها الولايات المتحدة بكشف، وتعقب، وتبويب وتمييز الإسقاطات الفضائية والأنظمة الفضائية المعادية. وأضاف: بأنها ستوفر كشفاً في الوقت الحقيقي تقريباً للأجسام الصغيرة، ومراقبة عالية الدقة، والتغطية اللازمة للقسم الجنوبي من الكرة الأرضية للكشف الزمني للأحداث والتهديدات والتمييز المحسّن للأجسام.
وتقوم حالياً شبكة المراقبة في سلاح الجو الأميركي بتعقب أكثر من 25000 جسماً، وعندما يصبح السياج الفضائي عبر الإنترنت، فإنه يتوقع أن يزداد هذا الرقم بصورة بارزة بسبب الحساسية الكبيرة في رؤية الأجسام الأصغر حجماً والتي من شأنها أن تهدد الأصول المهمة. قد يؤدي السياج الفضائي إلى رؤية 200000 جسماً إضافياً أو عدد أكبر بكثير من الأجسام في القائمة، بحسب ما يقول لانغستر. هناك وفرة أيضاً في المستقبل وإذا سلط الضوء على مجموعات مدارات الأجسام حول الأرض، فإنها ستولد أيضاً بيانات. إن SSA لن تكون الوحيدة فقط فهي تهتم بسلامة طيران الفضائي للأجسام، ولكنها تجسد أيضاً تداخلاً في الترددات الراديوية. وبحسب ساشديبا، تولد التكنولوجيا المتوافرة حالياً أعداداً كبيرة من الإنذارات الإيجابية الزائفة التي تدفع المشغلين إلى الإسراع في تجنب المناورات في مركباتهم الفضائية لتجنب المخاطر عندما تمر بالفعل قطعة واحدة من الإسقاطات الفضائية ضمن المسافة الآمنة نسبياً. إن خفض أعداد الإنذارات الزائفة وتأمين إنذارات بدقة أفضل هي واحدة من أهداف التكنولوجيات الجديدة. وقال ساشيفا: «نريد حلولاً أكثر دقة، وأكثر تناسباً زمنياً». وأضاف: «في الوقت الحاضر فإن معظم أنظمة SSA بشقيها التلسكوبي والراداري هي مرتكزة أرضاً، ولكن قد تكون بحاحة إلى إضافة المزيد من الأنظمة المرتكزة في الفضاء الخارجي والتي من شأنها أن توفر الدقة التي تحتاجها لنكون قادرين على دمج البيانات من المستشعرات المرتكزة فضاءً وأرضاً.
يشغل سلاح الجو الأميركي برنامج المراقبة الفضائي المرتكز فضائياً، والذي لديه حالياً خمسة سواتل في مدار مصمم لجمع البيانات حول الأجسام الفضائية من صنع الإنسان.
أطلق Block 10 Pathfinder، في العام 2010 ومكث في الفضاء حتى العام الفائت، وهو يدور على ارتفاع 630 كلم ويتطلع الساتل إلى الأعلى حيث الحزام الثابت على ارتفاع 36000 متراً، حيث ترتكز الأصول الفضائية العسكرية الأكثر أهمية وباستطاعته رصد ومراقبة الأجسام التي هي ليست أقل من متر مكعب وتورد البيانات التي تسمح بتوقيع مساراتها.
وكجزء من برنامج «إدراك الوضع الفضائي» GSSAP GEosynchrosous، يقوم أيضاً سلاح الجو بتشغيل أربعة سواتل في مدار ثابت قريب حول الأرض الذي بإمكانه مراقبة الطائرة التابعة بتفاصيل عظيمة. وأطلق ساتلين من طراز GSSAP في العام 2014 وأصبحا عملانيين في العام 2015 بعد فترة من الزمن لإجراء الاختبارات. وأضيف الزوج الثاني من السواتل في العام 2016 وأصبحا عملانيين في العام 2017 بعد سنة من إطلاق الزوج الأول، ولدى المشغلين التجاريين حصتهم أيضاً في SSA المرتكزة جواً. وفي نيسان/ أبريل من العام 2019 أقدمت شركة ExpAnalgtic التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لإدارتها العامة، والتي تشغل شبكة تلسكوبات SSA المرتكزة أرضاً الأكبر في العالم، على الشراكة مع شركة «نورث ستار» NorthStar الكندية، التي تطور مجموعة من 40 ساتلاً والتي تتعقب الأجسام في مداراتها الفضائية. ومع المستشعرات المحمولة فضائياً، أصبح بإمكان مزودي SSA التغلب على الأصول الجوية وأية اضطرابات أخرى التي تسببت جواً والتي تحد من أداء التليسكوبات المرتكزة أرضاً. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2018، فازت NorthStar بعقد تمويل من «التحالف الفضائي» Space Alliance، وهو كناية عن شراكة استراتيجية تجمع مصنّعي الجوفضاء الأوروبيين المؤلف من «تيليسبازيو» Telespazio (إحدى شركات «ليوناردو» Leonardo)، و«تاليس ألينيا سبايس» Thales Alenia Space لتشييد مجموعتها من السواتل التي تزن كل منها 700 كلغ مجهزة بكاميرات بصرية لمراقبة البيئة المدارية.
وقال لانغستر بأن شركة AGI تتطلع إلى تطوير مستشعرات مبتكرة على غرار الرادار التجاري في العمق الفضائي، وهذه التكنولوجيا، التي يقع مقرها في مراكز المراقبة الراديوية في انتاريو، وطورت بالشراكة مع شركة Thoth Technologies الكندية، تستطيع رصد الأجسام التي يبلغ قطرها مترين وتقع في المدار Geostalinory وحتى الأعلى منه.
وأضاف لانغستر AGI نتطلع أيضاً إلى قطاعات أخرى لنستوحي الكيفية التي تنجز فيها تحسينات إضافية. وعلى سبيل المثال، بعض الأنظمة التي استخدمت في المجال البحري، والتي تسمح للسفن بالإرسال المتواصل للمعلومات، حول موقعها، قد تستخدم في السواتل في المستقبل. وأشار إلى أنه لدينا المفاهيم والأفكار التي نود تقديمها للسوق. وهذا يمكننا أيضاً من الحصول على الموارد لمساعدة العملاء الدوليين.
وإلى إضافة أو دمج خدمات تجارية أكبر حجماً من محفظة SSA. هناك توجه بدأ يظهر لزيادة التعاون الدولي، ووقعت القيادة الاستراتيجية للولايات المتحدة نحو مئة اتفاقية تعاون مع المنظمات الدولية والتجارية لتشغيل السواتل، وتتضمن قائمة الشركاء وكالة الفضاء الأوروبية والمنظمة الأوروبية لاستثمار سواتل الرصد الجوي والدول التالية: أستراليا، وبلجيكا، والبرازيل، وكندا، والنروج، وبولندا، ورومانيا، وإسبانيا، وكوريا الجنوبية، وتايلاند، والإمارات العربية المتحدة والمملكة المتحدة.
وقال لانغستر : «إن الطريقة التي تدافع وتحمي أسلوب عيشنا تتمثل في إقامة التحالفات والشراكات مع الدول الذين لديهم الهدف المشترك للاستخدام السلمي المستمر للفضاء». وأضاف: «ساهم شركاؤنا الدوليون في برنامج SSA وساعدوا قدرتنا على الاتصال عبر الكرة الأرضية لسنوات عدة».
ومع ذلك، ومنذ الزيادة المتوسعة في معرفة ما يحدث في الفضاء كنتيجة حتمية للشركات التجارية، هناك توجه نحو تقويض بعض مسؤوليات إلى جسم آخر والسماح للعسكريين بالتركيز بصورة حصرية على أنشطة SSA ذات الصلة بالدفاع.
سلاح الجو الأميركي هو منظمة ملازمة للقوات المسلحة، وتستخدم حالياً مواردها لأغراض غير عسكرية عندما يتعلق الأمر بإدارة الحركة الفضائية أو سلامة الرحلة الفضائية للمشغّلين التجاريين والمدنيين والدوليين»، بحسب ما قال لانغستر، وتابع: «كان هناك في السنوات الست الأخيرة تحرك زاخم ومتنامي لتسليم المسؤولية إلى وكالة مدنية على غرار وزارة التجارة»، ويعتقد لانغستر بأن هكذا تحرك سيقوي فرص مزودي SSA التجاريين دولياً، مشيراً إلى أنه يعتقد بأن هناك كم ضخم من فرص اللاعبين التجاريين على غرار AGI التي تزود قدرات SSA من خلال عمليات المعالجة والتجميع وتوزيع معلومات SSA. وتابع قائلاً: «وذلك يتضمن تعاون وزارة الدفاع لتطوير مفاهيم العمليات التي تستخدم وتساعد في الابتكار المستمر المقدم من الموردين التجاريين».
ويتفق كل من لانغستر وساشديفا على أن هناك ضرورة ملحّة ومناسبة عند اللاعبين العالميين للبدء بأخذ مسألة SSA على محمل الجد في كل أنشطة القوانين واستخدام المبتكرات التكنولوجية. قال ساشديفا بأن المشكلة الآن هي بأنه لا يوجد أحد يفكر بجدية في هذه الأشياء. وأضاف: «وهم يفكرون بأن الشيء الأكبر الذي قد يحدث هو أن يحصل اصطدام حيث نتلقى بعدها بعض الأموال، ولكنهم لم يتحققوا من أن شيئاً قد يحدث، وفي المستقبل فإن الفضاء حول الأرض قد يصبح خارج العمل».
يعتقد بعض الناس بأن لدينا الوقت لمواجهة هذا التحدي، ولكن في الواقع لا نعمل شيئاً في هذا المجال. وأطلقت SpaceX أول 60 قمراً صناعياً فيما بدأت شركة OneWeb بإطلاق مجموعتها في أوائل آذار/ مارس 2009، وهناك الكثير من اللاعبين الآخرين يطلقون أقماراً صناعية صغيرة وهناك حاجة ملحّة وحقيقية لمعالجة هذه المسألة» ودائماً بحسب لانغستر.