موجة جديدة من الصواريخ جو-جو: التفوُّق الجوّي للأنظمة الأكثر تطوراً
لطالما كان التفوُّق الجوّي، منذ الحرب العالمية الثانية، شرطاً أساسياً لتحقيق النصر في الحرب ضدّ خصومٍ من الأنداد أو شبه الأنداد. وفيما تُعتبر صواريخ الجو-جو عنصراً أساسياً للتفوُّق الجوّي فإنّها لا يمكن اعتبارها كذلك على نحو منعزل لأنّ أداء المقاتلات التي تُطلِق هذه الصواريخ هو أمرٌ حاسمٌ أيضاً، ولا سيّما مع أسلحة «في ما يتعدّى المدى البصري» BVR التي يمكن أن تكتسب ميزة حركيّة مهمة إذا ما كانت منصّة الإطلاق تُحلِّق على نحو أعلى و/أو أسرع من الهدف. كما أنّها تعتمد على أداء رادار المنصّة، لتوفير معلومات أوّلية عن الهدف وكذلك لتعديلات منتصف مسرى التحليق عبر وصلة بيانات لإيصالها إلى موقعٍ يمكن عنده للرؤوس الباحثة لتلك الصواريخ أن تستحوذ على الهدف. ومن هذا المنطلق، تعتمد النتيجة على الحركية وإذا ما كانت إلكترونيات الصاروخ قادرة على التصدّي للإجراءات المضادة للهدف على غرار ناثرات الرقائق المعدنية التشويشية chaff، والشُّهب النارية flares، والأشراك الخداعية. إنّه أكبر عاملٍ معروف يتوجّب استبيانه، حيث إنّ المواصفات في هذا المجال محفوفة بسرّية عالية لدى جميع الدول، كشأن أرقام الأداء في العالم في ما يتعدّى ما يُعلَن عنه في كُتيبات الإستخدام التسويقية.
إنّ الصاروخ الجو-جو، لهذا السبب، يُمثِّل إحدى تلك القدرات التي تبذل الدول الراغبة في أعلى درجة من الاستقلالية في دفاعها جهوداً كبيرة في تطويرها من دون مساعدة. ولقد كانت الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا مهيمنة في هذه التكنولوجيا على مدى عقود فيما تُشكِّل الصين والهند منافستين مع توليفة من الأسلحة المستوردة، أو المصّنعة بموجب ترخيص، أو المستنسخة في ترساناتها. وكان من شأن الإدماج الأخير لمعظم شركات صناعة الصواريخ الأوروبية في شركة «مبدا» MBDA أنْ استحدثَ محوراً تكنولوجياً، فيما اتّبعت الهند المسار الصعب لتحقيق الاستقلالية في هذا المجال بينما تحرّكت الصين من الإنتاج بموجب ترخيص والتطوير بقرصنة التصاميم إلى قدرةٍ سيادية.
وفي حقل القتال التهارشي Dog Fight أو تلك «ضمن المدى البصري» WVR، يُعتبر الرأس الباحث الذي يعمل بالتصويرالحراري أو التصوير بالأشعة تحت الحمراء هو السائد، في حين أنّ أحدث ما تتضمّنه أسلحة الـ BVR هو التركيز على الرؤوس الباحثة الرادارية ذات «صفيف المسح الإلكتروني النشط» AESA الصغير جداً. لكنّ الصورة حتماً هي أكثر تعقيداً من ذلك حيث من الممكن إدماج رؤوس باحثة متعدّدة أنماط التشغيل في أسلحة أكبر حجماً، أو كما هو النهج الروسي منذ أمد بعيد من خلال بناء اشتقاقات موجَّهة رادارياً وبالأشعة تحت الحمراء IR لصواريخ المدى البعيد الأساسية ذاتها وإطلاقها زوجاً زوجاً أو حتى بصَلْياتٍ أو هطلات لعددٍ أكبر من الصواريخ لجعل الدفاع ضدّ هذه التوليفة أصعب ما يكون.
ولا ريب في أنّ أوروبا قد انتزعت قَصَب السَّبَق في العالم الغربي مع صاروخ «ميتيور» MBDA Meteor، الذي كان المُشغِّل الأول له سلاح الجو السويدي على متن مقاتلاته Saab JAS-39C/D Gripen. وبفضل محرِّك الدفع النفّاث الانضغاطي ramjet بالوقود الصلب ذي الضغط المتغاير، يمكن للصاروخ الحفاظ على قوته الحركيّة وبالتالي قدرته على المناورة بقوة وصولاً إلى المرحلة النهائية من الاشتباك، حتى على مدى أقصى ما يمنحه كما هو معروف «منطقة اللافرار» الأكبر مقارنةً بأي صاروخ جو-جو آخر، وفقاً للمُصنِّع، ما يجعله على الأرجح صاروخ الجو-جو الغربي الأكثر اقتداراً، بافتراض أنّ رأسه الباحث العامل بالحيّز الراداري X يمكنه أن يتغلَّب على الإجراءات المضادة للهدف.
وفي 23 آذار/مارس، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنّها مَنَحت شركة «رايثيون» Raytheon عقداً تزيد قيمته على 523 مليون دولار للحصول على عددٍ غير محدّد من «صواريخ الجو-جو المتقدّمة المتوسطة المدى» AMRAAM. والصفقة التي تُمثِّل تعديلاً على عقدٍ أسبق، تُغطِّي إنتاج «الدفعة 31» والاستعداد لـ «الدفعة 32» اللاحقة، التي يُعتقَد بأنّها دفعة الإنتاج الأولى التي ستشمل تعديلات «مطابقة الشكل وتجديد الوظيفة» F3R التي ترمي إلى التغلُّب على مسائل التقادُم أو العديمة الفائدة التي يُعتَقد أنّها تؤثّر على أكثر من 50 في المئة من قوة التوجيه. ويشتمل برنامج F3R على نحو 15 «بطاقة دارة» ويشهد صعوبات مع تصميم «الدارة المتكاملة المخصّصة لتطبيق» ASIC، ويبدو أنّ هذه الصعوبات قد حُلَّت الآن. ويتضمّن العقد أيضاً مبيعات عسكرية خارجية إلى اليابان، والكويت، وبولندا، وإندونيسيا، وقطر، وألمانيا، وأستراليا والمملكة المتحدة، على أن يجري العمل على التصنيع في توسن بولاية أريزونا، ومن المقرّر استكماله في العام 2021.
وبحسب معلومات متوافرة، ليس ثمة دلالة على أنّ جهد F3R سيمدّ السلاح بقدرٍ كبير من الأداءالإضافي، ولو أنّ الإلكترونيات الأكثر حداثة يُرجَّح أن تكون أسرع، وهو ما يُشكِّل فائدة على الدوام.
يشهد هذا القرن العديد من جهود الأبحاث والتطوير للخروج ببديلٍ لصاروخ AMRAAM، وفي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تبيّن أنّ الولايات المتحدة كانت تعمل على «سلاح الاشتباك البعيد المدى» LREW على مدى عامين بغرض الحفاظ على السيادة الجوية.
ويُرجَّح أن يكون سلاح LREW ذا فائدةٍ لبرنامج «خفض مخاطر منصّة الاختبار لسرعة الصوت الفائقة» SSTRR، الذي استُحدِث للنظر في توليفاتٍ من تكنولوجياتٍ تشمل خاصية «أضرب لتقتل» hit-to-kill وتوليفة القسم الدافع للصاروخ العاملة بتنشق الهواء air Breathin لسلاح بعيد المدى بالحجم ذاته كما صاروخ AMRAAM.
وممّا لا ريب فيه أنّ التوجه نحو سلا ح LREW كان الدافع إليه ما يُطوِّره الصينيون والروس وحتى الهنود فضلاً عن المنافسة في السوق الغربية التي يُمثِّلها صاروخ «ميتيور» Meteor.
ومن بين ما طوَّره الروس R77M، وهو الاشتقاق الأحدث من الصواريخ التي تحمل تسمية AA-12 Adder من قِبَل حلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO. وطراز M من الصاروخ، الذي طُوِّر في الأساس خلال ثمانينيات القرن الماضي كنظيرٍ لصاروخ AMRAAM، من المُعتَزم أن تُجهّز به المقاتلة الخفيّة Sukhoi Su-57 ويُعتَقد أنّه يشتمل على رأس باحث AESA فضلاً عن تحسيناتٍ في قسم دفع الصاروخ والتحكُّم به.
طوّرت روسيا أيضاً فئة من الأسلحة لا نظيرَ لها في الغرب، وهي صواريخ كبيرة جداً، وسريعة وبعيدة المدى تستهدف تدمير طائرات الصهريج الجوي، وطائرات «نظام الإنذار المبكر والسيطرة المحمول جواً» AWACS وكذلك طائرة «أنظمة الاستخبار والمراقبة وحيازة الأهداف والاستطلاع» ISTAR الكبيرة والأخرى الخاصة بالدعم، ولو أنّ التقارير تشير إلى أنّ تطويرها قد شَهِد مشكلاتٍ وتأخير. وتحدّثت مصادر مختلفة عن أمداءٍ تُراوِح بين 200 و 400 كيلومترٍ لأسلحةٍ من بينها Novator K100، الجاري تطويره حالياً بالتعاون مع الهند، وكذلك Vympel K37 (المعروف لدى «الناتو» بتسمية AA-13 Arrow).
وثمة أرقام مماثلة تُنسَب إلى الصاروخ الصيني Chinese PL-15، الذي جرى رصده على مقاتلة متعدّدة الأدوار خفيفة الوزن عملانية من طراز Chengdu J-10C واحدة على الأقل مجهَّزة بزوج من هذا الصاروخ إلى جانب زوجٍ من الصاروخ PL-10 للقتال التهارشي.
ثمة قدرة ذات فائدة محتملة لأي «صاروخ جو-جو» AAM موجَّه رادارياً هي النمط المضاد للإشعاعات الرادارية حيث أنه يبيّت إشعاعات رادار الطائرة المستهدفة، لا سيّما إذا كان ذلك الرادار كبيراً وقوياً كشأن رادار AWACS. ومع ذلك، تتيح تكنولوجيا AESA استخدام تقنية الاحتمالية المتدنّية للاعتراض، وأنماط المسح غير المتوقّعة وإدارة الطاقة، على سبيل المثال، تلك التي تجعل الرادارات الحديثة أهدافاً أكثر تحدّياً بكثير للأسلحة المضادة للإشعاعات الرادارية ذات الفتحة المحدودة وطاقة المعالجة المحدودة التي يمكن توضيبها حتى في صاروخ أكبر نسبياً.
أمّا تهديف الطرف الثالث فهو خاصية طبيعية للأسلحة البعيدة المدى مثل هذه، ومن شأن توليفة أنظمة «إجراءات الدعم الإلكتروني» ESM التشبيكية في الجو، أو البر، أو على متن السفن بحراً مقرونةً بوصلاتٍ بيانية أنْ توفّر تعديلات في منتصف مسرى الصاروخ فيما الصواريخ ذات البدن الأكبر توفّر حيّزاً لاستيعاب رؤوس باحثة متعدّدة أنماط التشغيل.
بعدما اصطدمت بالرفض الأميركي لتصدير مقاتلة F-22، شَرَعَت اليابان بالعمل على استراتيجية ذات شعبتَين تشمل الإنتاج المحلي للمقاتلة الضاربة المشتركة F-35A JSF وكذلك جهود «أبحاث وتطوير» R&D تهدف إلى إنتاج مقاتلة خفيّة يابانية بالكامل، وهي ما أثمرت حتى الآن بزوغ طائرة اختبار التكنولوجيا Mitsubishi X2 Shinshin وحيدة. ومن أجل تحقيق المقاطع العَرَضِيّة الرادارية المنخفضة، يتعيّن على الطائرات الخفيّة أن تحمل أسلحتها بحجيرات داخلية، وهذا ما يضع حدوداً على أطوال السلاح الذي بإمكانها استخدامه.
والصاروخ الياباني الجديد Mitsubishi AAM-4B البالغ طوله 3.667 أمتار وقطره 203 ملم هو أكبر من أن يأخذ مكانه في حُجيرة السلاح في مقاتلة F-35A. وعوضاً عن ذلك، ستُجهِز مقاتلاتَ Mitsubishi F2 التابعة لسلاح الدفاع الجوّي الياباني بصاروخٍ تتحدّث التقارير عن أنّ مداه يصل إلى 120 كيلومتراً ويشتمل على رأس باحث يعمل برادار AESA، وهو الأول من نوعه بالنسبة إلى صاروخ جو-جو عملاني.
ومن أجل تسليح مقاتلة F-35 بسلاحٍ أكثر اقتداراً من AMRAAM، توجّهت اليابان للتعاون مع المملكة المتحدة على تطوير «صاروخ جو-جو مشترك جديد» JNAAM، الذي قد يشتمل على إدماج تكنولوجيا الرأس الباحث في رادار AESA الياباني في بدن صاروخ Meteor، الذي بإمكانه أن يُدمج على مقاتلة F-35.
وفيما تحدّثت تقارير عن أنّ اليابان تتخلَّى عن طموحاتها لإنتاج مقاتلة خفيّة محلية، انبَرَت وزارة الدفاع اليابانية لنَفِي ذلك. ويتوقّع البعض أنّ اليابان قد تختار المضي قُدُماً بتطويرٍ مشروع تعاوني لمقاتلة خفيّة كبيرة قادرة على أن تحمل داخلياً صواريخ مضادة للسفن فائقة لسرعة الصوت ذات مدى طويل.
ثمة جدالٌ بأنّ المقاتلات الخفيّة تحتاج إلى أعدادٍ أكبر من الصواريخ لا صواريخَ ذات أمداءٍ أبعد لأنّها ستكون بذلك قادرة على الاقتراب من مقاتلات العدو بحصانةٍ ومُنْعَة، لكن يُرجَّح أن تنفد من الصواريخ سريعاً. ومن بين المقاربات لحل هذه المشكلة تطوير صواريخ أصغر حجماً وأقصر مدى على غرار صاروخ «كودا» Cuda (وهو لا يزال في مرحلة المفهوم) من شركة «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin، على سبيل المثال، وعلى نحو بديل إرساء تضافرٍ بين المقاتلات الخفيّة والطائرات غير الخفيّة التي تنقل حمولاتٍ كبيرة من الصواريخ البعيدة المدى على مسافاتٍ آمنة من التهديد. أمّا في المفهوم الثاني، فستتعقب المقاتلات الخفيّة صواريخ مطلقة من طائرات الدعم الناقلة للصواريخ عبر شبكة اتصالات خفيّة آمنة، إذ إنّ الطائرة الخفيّة إذا ما استخدمت راداراتها فستُضاعِف مخاطر تعرُّضها للرصد والاشتباك معها من قِبَل الخصم.
وبالنسبة إلى المفهوم الثالث، فإنّه على العكس من ذلك يغتنم كلّياً القدرة الخفيّة للمقاتلة من الجيل الخامس عبر استخدامها كطائرات ناقلة للصواريخ- على ما يُفتَرض مع صواريخ صغيرة قصيرة المدى داخل الطائرة - في حين أنّ الطائرات الأقل خِفْيَةً ذات الرادارات الأكثر قوة فتوفّر بيانات التهديف، ما يُمكِّن مقاتلات F-35 و F-22 من الحفاظ على السكوت الراداري.
وتُظهر الرسوم التوضيحية للصاروخ الاختباري Cuda صاروخاً يبلغ طوله نصف طول AMRAAM، ويمكن لحُجيرة السلاح في أيٍّ من هاتَين المقاتلتَين الخفيّتَين أن تستوعب ستة صواريخ منه. ويُعتَقد أنّه يشتمل على تكنولوجيا «أضرب لتقتل» hit-to-kill المستقاة من برنامج Patriot PAC-3 مع خفض في وزن الرأس الحربي وحجمه.
على صعيد آخر، فإنّ «صاروخ القدرة المتقدِّمة الصغير» SACM هو ذو قالب مماثل. ويقول سلاح الجو الأميركي إنّ البرنامج يستهدف دعم سلاح خفيف وصغير وشديد الفتك ومتاح بسعر اقتصادي ذي تصميمٍ متقدِّم لهيكله وقدرات تحكُّم تضافرية لتحقيق «السيادة الجوّية»، ذلك الذي يمكن نقله بأعدادٍ كبيرة.
وصاروخ SACM كان أحد أهداف عقد للأبحاث والتطوير بقيمة 14 مليون دولار الذي مَنَحَه سلاح الجو الأميركي إلى شركة Raytheon مطلع العام 2016. أمّا الهدف الآخر فكان «ذخيرة الدفاع الذاتي المصغَّرة» MSDM، التي من المُعتزم أيضاً أن تكون صغيرة بما يكفي لحملها بأعدادٍ كبيرة وإمداد الطائرة بقدرة دفاعية بسلاحٍ تدميري hard-kill ضدّ أسلحة الجو-جو والسطح-جو لدى العدو.
ربّما تبدو «ذخيرة الدفاع الذاتي المصغَّرة» MSDM أشبه بمفهومٍ تقليدي راديكالي، لكنّها تُمثِّل تطبيق مفهومٍ راسخٍ تماماً في مجالٍ جديد. فإصابة صاروخٍ داهم بصاروخٍ دفاعي أو أي سلاحٍ موجَّهٍ آخر هو النمط السائد في دفاعات السفن الحربية، وأنظمة الدفاع الصاروخي البالستي وحتى الإجراءات المضادة المدرّعة للقتل الخشن. كلّ ذلك يتطلّب رصد التهديد وتعقُّبه والاشتباك معه ضمن نطاقٍ زمني ضيق، في حين أنّ بيئة العربات الأرضية هي لا شكّ الأكثر تطلُّباً هنا، ولو أنّ الصواريخ الحديثة المضادة للسفن هي فائقة السرعة وقادرة على القيام بمناورات إفلاتية. وممّا يجدر تركيز الانتباه عليه، هو أنّ إسرائيل تبحث أيضاً عن صاروخٍ يخلفُ الصاروخ جو-جو المتوسط المدى الموجَّه رادارياً «ديربي» Derby، وهي كانت في العام 2009 قد كشفت عن أنّه قد يكون اشتقاقاً من صاروخ Stunner المُطلَق من الأرض من نظام الدفاع الجوّي المتوسط إلى بعيد المدى David’s Sling (مِقلاع داوود)، ولو أنّه من دون الحشوة المعزِّزة لدفع الصاروخ في المرحلة الأولى. وثمة تقارير تتحدّث عن أنّ هذا الصاروخ المُطلَق من الأرض يبلغ مداه العملاني أكثر من 160 كيلومتراً، لذا فإنّ الاشتقاق الجو-جو يُرجَّح أن يُسجِّل مدىً مماثلاً، اعتماداً على سرعة وارتفاع منصّة الإطلاق.
ويتميّز صاروخ Stunner بشكلٍ فريد مائلٍ مُتَدلٍّ لأنفه، وذلك بسبب الحاجة إلى استيعاب الرأس الباحث لرادارAESA بالموجة المليمترية وكذلك الرأس الباحث بنظام «رصد التغيُّر المتلازم» CCD البصري الإلكتروني والآخر العامل بالتصوير الحراري على حدٍّ سواء. ويشتمل السلاح أيضاً على وصلة بيانات ثلاثية الاتّجاه، وربّما يكون ذلك إشارة إلى القدرة على تبادل المعلومات مع منصّة الإطلاق ونظام تهديف طرف ثالث أيضاً.
أسلحة الطاقة الموجَّهة؟
يطغى على أي نقاشٍ حول الفعالية المستقبلية لصواريخ جو-جو وِشَاحٌ كثيف من عدم اليقين ويشمل ذلك الإجراءات المضادة. ففي ظل غياب أي حرب جوّية فعلية على نطاقٍ كبير بين خصومٍ أنداد أو شبه أنداد، فإنّ المحاكاة باستخدام أفضل التقديرات المتوافرة لأداء السلاح والإجراءات المضادة ينبغي أن تفي بالغرض. ومن بين العناصر الأساسية في تحقيق ذلك، «احتمالية الإصابة التدميرية» probability of kill المطبَّقة على كلّ عملية رمي لصاروخ، وهي في غياب أية بيانات من العالم الحقيقي حول أداء الإجراءات المضادة والإجراءات المضادة المضادة لدى العدو إنّما تبقى في نطاق التَّخمِين المحسوب.
كما أنّ ثمة احتمالية أكبر يُرجَّح أن تنجم عن تطوير أسلحة طاقة موجَّهة عمليّة بما في الأسلحة الليزرية والأخرى ذات «الموجة الصغرية العالية الطاقة» HPM. ويبدو أنّ نظام «الإجراءات المضادة الموجّهة بالأشعة تحت الحمراء» DIRCM المستنِد إلى الليزر قد أبطلَ مقدرة معظم الصواريخ العاملة بالأشعة تحت الحمراء على إلحاق أية أذيّة بالطائرات المجهَّزة به، وربّما بإمكان أسلحة الليزر العالية الطاقة المحمولة جواً، إمّا وحدها أو بتوليفةٍ مع أنظمة HPM أن تقوم بالمثل ضدّ أسلحة موجَّهة رادارياً، وسيكون قَصَب السَّبَق في تحقيق تفوُّقها الجوّي بالطبع للجهة التي تتمكّن من تطويرها أولاً على نحو أمثل.^