Atlas: على الرغم من كل شيء .. الإنتاج يتصاعد والصادرات تتحسن

مجموعة من مشاكل التطوير في برنامج الناقلة الجوية التكتيكية A400M جعلت منه برنامجاً محبطاً ومكلفاً لشركة «إيرباص» Airbus، ولكن الإنتاج يستعيد وتيرته وآفاق التصدير تتحسن.

سيحقق البرنامج الأوروبي للناقلة الجديدة التكتيكية A400 Atlas إنجازاً مهماً في أواخر السنة الحالية، عندما تسلم شركة Airbus Defence & Space الطائرة الخمسين من Atlas بعد 4 سنوات من تسليمها هذه الطائرة لسلاح الجو الفرنسي الذي كان أول من أطلقها.

وقد كانت هناك دلالة أقل وضوحاً عندما سلمت أواخر أيار/ مايو الطائرة رقم 44 وهي بذلك قد دفعت بعمليات التسليم لهذه الطائرة ذات المحركات الأربعة محركات أبعد من رقم إنتاج الربع الأول نحو سجل الطلبات لدى الشركة من 8 دول مجموعة 174 طائرة. والطائرة التي هي محل البحث هي التاسعة من أصل 53 يتوقع إنتاجها لسلاح الجو الألماني والذي حين يتسلمها سيكون المشغل لأكبر أسطول منها.

بالإضافة إلى مجموع التزامات فرنسا وألمانيا التي تشكل %59 من كل طلبات Atlas فهناك حالياً أربع دول أخرى تشغل A400M هي: إسبانيا المشاركة بالبرنامج، وتركيا وبريطانيا وزبون التصدير الوحيد، ماليزيا. وابتداءً من العام 2019 ستحصل دولتان أخريان هما بلجيكا واللوكسمبورغ على تسعة نماذج منها.

بالنسبة إلى شركة Airbus، فإن تأمين زبائن دوليين إضافيين من أجل النقل المتعدد الأهداف والصهريج الجوي هو هدف رئيسي يبدو كأنه يحرز زخماً بعد عدة سنوات صعبة.

وفي ما تعتبر الشركة سلاح الجو الملكي الماليزي كمشغل لِـ A400M اليوم، فإنها خسرت سابقاً جنوب أفريقيا كشارٍ محتمل، في حين انسحبت الدولتان المساهمتان في البرنامج إيطاليا والبرتغال قبل تأمين عقد الإطلاق الأولي. هذا العقد الذي كان يغطي آنذاك ١٨٠ طائرة وتم توقيعه من قِبَل 7 دول في أيار/ مايو 2003 عبر وكالة المشتريات الدفاعية الأوروبية OCCAR.

الآمال المعقودة على التصدير تبقى مرتفعة تحت قيادة كورت روسنر Kurt Rossner مدير برنامج الناقلة الجوية A400M الذي كان قد حدد سابقاً هدفاً لبيع 300 طائرة على فترة 30 سنة. وقد أوصى خلال حديث له في أواخر أيلول/ سبتمبر 2015 عن إمكانية تأمين بيع 50 طائرة خلال خمس سنوات.

وتجد Airbus نفسها في موقف لا تحسد عليه نتيجة المتاعب الناجمة عن التطوير والإنتاج والتي تبقى مشكلة كبيرة رغم تزايد ظهور A400M حيث تبني القوات الجوية المشغلة للطائرة أساطيلها وتنشرها بوتيرة أكبر محلياً أو بعيداً في الميدان.

الاضطرابات في قائمة التسليم وقيود التشغيل المرتبطة بمشاكل مع شركة «يوروبروب الدولية» Europrop International حول المحرك TP400D6 وعلبة السرعة الداسرية التي تصنعها شركة «أفيو» Avio التي تتعثر في تقديم قدرات تكتيكية وعدت بها، أدت إلى تلقي الشركة سلسلة من الأعباء المالية القاسية ضد عقدها.

وفي أواخر شباط/ فبراير تم تأكيد أزمة أخيرة للبرنامج على شكل عقوبة مالية قدرها 1.2 مليار يورو أُعلن عنها فيما أصدرت الشركة نتائجها السنوية للعام 2016. وأتت هذه الغرامة زيادة على غرامة المليار يورو التي أعلنت عنها Airbus في تموز/يوليو الماضي.

مقاربة جديدة

استخدم توم أندرز Tom Enders، الرئيس التنفيذي لمجموعة Airbus هذه الغرامة لمناشدة عملاء البرنامج الأوروبيين للتباحث مع الشركة لوضع تعريف لمقاربة جديدة، التي من الممكن أن تؤدي إلى تخفيض ما يعتقده عبئاً مالياً غير عادل فُرِض على الشركة. وقال أندرز: «نحن نطلب منهم معاودة الانخراط معنا في محادثات جادة لخفض الغرامات المالية وإحراز حالة مربحة لكل الأطراف».

وأسف Enders للقرار الذي اتخذته Airbus بالموافقة على شروط التعاقد الأولية للطائرة A400M والتي تعهدت بتطويرها وتقديمها في وقت قصير عبر استجلاب خبراتها الواسعة كمصنِّع للطائرات التجارية. لقد كان هذا بالرغم مما لديها من قدرة متدنية للتحكم بتطوير نظام الدفع المعقد الخاص بها والذي تم اختياره من الأول. وقال Enders: «الموازنة والإطار الزمني للعقد كانا قصيران إضافة إلى ذلك فقد ارتكبنا أخطاء لا تصدّق، لقد أخذنا على عاتقنا المسؤولية والتبعات حول المحرك». لقد تراكمت إحباطات Enders من جراء الشروط التي تم التوافق عليها في مراجعة للعقد في العام 2009 عندما أعيد تحديد الخط المرجعي للعقد، حيث وُجدت Airbus مسؤولة عن دفع تعويضات مالية عن أضرار عائدة إلى حالات التأخير والوصول المتأخر للقدرات المتقدمة.

وبينما إحباطات Enders كانت جلية، غير أنه تحدث بشغف عن الناقلة الجوية A400M الواعدة والتي من المنتظر أن تصبح الأفضل عالمياً منبهاً : «أنا مقتنع بأنها تستحق الجهد لأننا نبني ونسلم أفضل طائرة في العالم عند حصولنا على محرك مقتدر بالكامل».

لم تظهر أية تفاصيل عن الدول المشاركة في البرنامج حول رغبتها في تعديل الاتفاق لتخفيف العبء الذي تحمله Airbus الآن، ولكن المصنّع قال إن اجتماع للوزراء قد انعقد في 30 آذار/ مارس ووصفه الطرفان بالإيجابي.

بوجود هذه المشاكل التي تؤثر في عمليات التسليم، ليس من الصعب تبيان الأسباب التي جعلت Airbus تفشل في زيادة الطلبات المتراكمة في سوق صادرات الناقلة الجوية A400M. هذا على الرغم من الثغرة التي أتاحتها شركة «بوينغ» Boeing في توقفها عن إنتاج ناقلتها الجوية الاستراتيجية C-17 والتي يبدو أنها المنافس الرئيسي للطراز الأوروبي بالمبيعات إلى جانب طائرة C-130 الأصغر حجماً من «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin.

تشير التقارير الواردة من إندونيسيا بداية هذا العام أن جاكارتا قد تكون قريبة من طلب الحصول على الناقلة الجوية Atlas للانضمام إلى أسطول النقل الجوي لديها والذي يضم طائرة Airbus الأصغر حجماً C295. ولكن ما زال هناك عقداً بحاجة للتوقيع. المؤشرات المبكرة تفيد بأنه من الممكن أن تكون جاكرتا تسعى للحصول على خمس وحدات من هذا الطراز.

وقد قامت طائرة  A400M، تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني RAF، بزيارة أندونيسيا بداية هذا العام كجزء من جولة شملت معرض لانكاوي الدولي البحري والجوي LIMA 2017 في ماليزيا. وخلال هذا الحدث أصبح سلاح الجو الملكي الماليزي الزبون الأول لإتمام أسطوله من الناقلة الجوية Atlas حيث تم عرض النموذج الرابع. وقام السرب 22 الماليزي بداية هذا العام للمرة الأولى بتسليم المساعدات الإنسانية مستخدماً هذا الطراز الذي راكم حتى الآن أكثر من 2000 ساعة طيران.

كما شارك سلاح الجو الملكي البريطاني RAF أيضاً في معارض في أستراليا ونيوزيلندا خلال جولة مكثفة. وينظر إلى ويلنغتون Wellington كزبون آخر محتمل في المستقبل للناقلة A400M نظراً لحاجتها لاستبدال أسطولها المتقادم من طائرات C-130H.

وتنظر Airbus إلى المكسيك منذ زمن طويل كشارٍ محتمل لِـ Atlas. وفي إشارة حديثة جداً إلى اهتمام محتمل لهذه الدولة، أرسل سلاح الجو الإسباني عيّنته الأولى من أصل 27 التي تم التعاقد عليها مع مدريد وتم تسليمها في شهر كانون الأول/ ديسمبر الفائت إلى تمارين FAMEX في قاعدة سانتا لوتشيا Santa Lucia الجوية.

وهناك دول أخرى في أميركا اللاتينية تعتبر كعملاء محتملين أيضاً لشراء الطائرة في المستقبل فيما قامت أيضاً Airbus بتقديم عروض عن الناقلة لعدد من الدول في الشرق الأوسط.

إحدى العوامل ذات الأهمية لزبائن التصدير المحتملين هو الوقت اللازم لإنتاج طائرتهم وتسليمها، وتقترح Airbus أنها تسعى لزيادة مرونتها عبر اتفاقات مع الزبائن الرئيسيين.

وفيما أشار Enders في شباط/ فبراير إلى أن Airbus ستشحن على الأرجح أكثر من 20 طائرة Atlas هذا العام للمرة الأولى وهو ما يعتبر ارتفاعاً ملحوظاً عن 17 طائرة سُلِّمت في العام 2016، فإن الشركة تجري حالياً مباحثات مع OCCAR والدول المشاركة في البرنامج حول معدل التسليم المناسب للناقلة الجوية A400M للعام 2017.

وتقول الشركة: «سيعكس الرقم النهائي المتفق عليه عدداً من العوامل من جملة ما تتضمن: المعدل المقبول للأسطول الأمثل الذي يطلبه سلاح الجو لكل دولة تشغِّل A400M، التوازن المرغوب من قِبَل كل زبون بين تواريخ التسليم والبدء بتقديم القدرات المحسنة المصدقة التي تنفذ باستمرار، وإتاحة التحول السهل نحو تسليم طائرات التصدير عندما تصبح المبيعات مضمونة. ونظراً لهذه العوامل فإن الرقم لعام 2017 لا يستجيب بالضرورة مع المعدل الأقصى الذي يمكن تحقيقه صناعياً».

وعلى الرغم من التغييرات المطلوبة للشروط التعاقدية التي تسعى إليها Airbus، يبقى الطلب الأوروبي المحوري لِـ 170 طائرة بدون تغيير. وأعربت إسبانيا عن أنها لن تكون قادرة على وضع كل طائراتها في الخدمة الفعلية. ويبدو أن ألمانيا قد تراجعت عن اقتراح سابق يقضي بإيجاد مشترين في سوق الصادرات لتصدير عشر من طائراتها أل 53 التي خططت لامتلاكها.

تقول شركة Airbus التي شاركت بإحدى طائراتها من أسطولها المؤلف من ثلاث طائرات لتجارب الطيران في العروض اليومية في Le Bourget أنها تركز حالياً على تأهيل إسقاط الحمولات الجوية، وزيادة عدد المظليين المصادق عليه في الإنزال لمرة واحدة، والتحري عن مسألة العبور والتي أدت إلى بعض القيود خلال نشاطات طاقم التسليم. وتشمل اختباراتها أيضاً تطوير وتأهيل قدرات أنظمة فرعية لمعونات دفاعية إضافية. كل هذا سيطوِّر الأداء التكتيكي لطائرة Atlas وذلك عقب تسليم العينة الأولى في العام 2016 لسلاح الجو الألماني مع تصريح للعمل في بيئة معادية.

وفيما القدرات التكتيكية مُلحّة لدخول حيز الاستخدام، فإن فرنسا وبريطانيا بالأخص تحققان خبرات متزايدة عبر توفيرهما الدعم اللوجستي للعمليات الحربية وتأديتهما عمليات انتشار بعيدة المدى.

تم تسليط الضوء على القدرات التكتيكية من خلال الظهور الاعتيادي المتكرر في منطقة أوديه ماك لووب Mack Loop لتجارب الطيران المنخفض في منطقة Wales. وقد حصل الطراز ذو المحركات الأربعة على مصادقة العمل منخفضاً حتى 150 قدماً خلال النهار و 300 قدم خلال الليل.

ووفقاً لجدول أصدرته Airbus بعد سنة من توقيعها في عام 2003 على عقد مرحلة التطوير والإنتاج مجتمعين، فقد توقعت أن تسلم ما يقدر بِـ 30 طائرة A400M بالنسبة للدول الشريكة في البرنامج وعملاء التصدير بحلول العام 2012 وأن تكون الآن في المراحل النهائية من تسليم طلباتها الأساسية فيما العقود الدولية تستجمع خطاها.

لقد كانت انطلاقة Airbus بطيئة غير أنه يمكنها أخيراً أن تكون مستعدة لتنفيذ تصورها التكتيكي لطائرة Atals. ومع تراكم ثلاثة أرباع الطلبات المتعاقد على تسليمها وقيام OCCAR بوضع الخطوط العامة لمخطط الإنتاج الذي سيستمر حتى العام 2024 على الأقل، فإن الوقت هو بجانب

طائرة النقل التكتيكي A400M في ساحة العروض الخارجية
شاركت طائرة النقل التكتيكي A400M في العروض الجوية اليومية طوال أيام المعرض
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2017
رقم الصفحة
36

أخر المقالات