مهندسو Embraer يتصدّون للتحديات التكنولوجية المستقبلية
يعتزم فريق الهندسة لدى الشركة الجوفضائية البرازيلية المتعددة الجنسيات «إمبراير» Embraer المضي قدماً في تنفيذ عددٍ من المشاريع، ولو أنّ وضع تصاميم لطائرات جديدة ليس على سُلّم الأولويات في الوقت الراهن، وقد سلط الضوء على التحديات التكنولوجية التي تتوقعها هذه الشركة البرازيلية، كل من مات ثيربر Matt Thurber؛ وكرايغ هويلي Craig Hoyle في النشرة اليومية لِـ Flight Daily News.
وتدعم «وحدة أعمال الهندسة المركزية»، التي تضم 3,500 مهندس مخضرم، جميع وحدات أعمال Embraer، ليس من ناحية الطائرات فحسب، بل أيضاً من جهة الأنظمة الدفاعية والبحرية، وفقاً لما قاله لويس كارلوس أفونسو Luis Carlos Affonso، نائب الرئيس الأعلى للهندسة والتكنولوجيا في الشركة.
وتابع يقول: «ذلك جزء آخر من وصفتنا السحرية. فنحن قد تعلّمنا من خبرات كل وحدة أعمال ونواصل التحسين. وهناك العديد من الفرص لنُحسّن الطريقة التي نُطوّر فيها المنتجات».
وتتميّز Embraer بسِجلّ أداء ناصع في ملاقاة أو تلبية ميزانيات التطوير، والجداول الزمنية، والمواصفات، بحسب أفونسو. واستكملت Embraer برنامج الطائرة النفّاثة E2 قبل شهرين من الموعد المقرّر، أي أسرع بكثير من إنجاز برنامج Airbus neo، و Boeing Max، و Bombardier CSeries، و Sukhoi Superjet، فضلاً عن برنامج Mitsubishi MRJ المُلغى. وقال: «لقد حظيت طائرة E2 بالمصادقة الثلاثية (في آن) من قِبل «الوكالة الوطنية للطيران المدني» (ANAC) البرازيلية، و«الوكالة الأوروبية للسلامة الجوّية» (EASA) و«إدارة الطيران الاتحادي الأميركي» (FAA) للمرة الأولى في التاريخ».
ومن وجهة نظر العملاء، فإنّ وحدات الأعمال الثلاث لتصنيع الطائرات لدى شركة Embraer - طائرات الخطوط الجوية E-Jet، وطائرات النقل والخدمات KC-390، وطائرتي الأعمال النفاثة Praetor و Phenom - تجاوزت جميعاً التّوقعات. وأضاف أفونسو: «إننا لا نسلّم الطائرة إلى العملاء حتى نضع اللمسات النهائية على التطوير».
ومن بين النشاطات الحالية في تطوير المنتجات الجديدة طائرة الشحن E1، والطرز الجديدة من KC-390، ودعم تطوير طائرة «إقلاع وهبوط عموديين كهربائيين» eVTOL من قِبل الشركة التابعة «إيف» Eve، وتسريع الخطى لتلبية طلبية «نت جيتس» NetJets (مشغّل الطائرات الخاصة أو رجال الأعمال العملاقة)» لتصل إلى 250 طائرة أعمال نفاثة من نوع Praetor 500.
في غضون ذلك، تستعد Embraer لتحدي كبير سيواجه الصناعة، كما أوضح أفونسو، خصوصاً من ناحية هدف «صفر انبعاثات الكربون» بحلول العام 2050. ولفت إلى أنه «سيكون هناك تحدٍ كبير من ناحية الاستدامة.
نعتقد أن هذا التحدي سيتخطى الطيران التجاري. يبدو الأمر بعيداً لكن التحدي هائل».
وتمضي شركة «إيف اير موبيليتي» Eve Air Mobility، المتفرعة من Embraer، قدماً مع تصميم eVTOL، وقد استقطبت حتى حينه 2,850 طلبية، ويبدو أنّ أفونسو يُدرك مدى العوائق التي تطال هذه الطائرة المشغّلة بالبطاريات الكهربائية.
وأوضح: «الطاقة الكهربائية الكاملة تجدي نفعاً مع المنصات الصغيرة، لكن البطاريات لا تتطور سريعاً كما هو متوقع». وتختبر Embraer وقودَ طيران مستداماً SAF بنسبة 100 بالمئة وخلايا وقود عالية الحرارة فضلاً عن تكنولوجيا تتناسب وأنظمة الدفع المستقبلية على غرار نظام الأنابيب النانوية الكربونية لإذابة الجليد، والمحرّكات الصغيرة المشغّلة وأجهزة التحكم الكهروميكانيكية للطائرات الكهربائية.
ويرى أفونسو العديد من الفرص للطائرات الكهربائية الهجينة وأنظمة الدفع العاملة بخلايا الوقود الهيدروجينية. لكن بالنسبة إلى الطائرات الأضخم حجماً، فإن الشركة تعتقد أن «وقود الطيران المستدام» (SAF) هو الحل الوحيد لتحقيق أهداف خفض الانبعاثات الكربونية. ويقول: «تتمثل مهمتنا في أن نصبح طليعيين في تحقيق هدف الوصول إلى صفر انبعاثات».
ومن شأن الأنواع المختلفة من مصادر الطاقة قيد التطوير أن تستحدث العديد من الفرص. وقال أفونسو: «حتى ولو أن الطاقة قد تكون مختلفة، فإن مقدار التعديل والتعلم الذي يتعين علينا القيام به في الطائرات سيكون هائلاً»، وسمّى الإدارة الحرارية كإحدى التحديات. وأوضح: «تُولّد خلايا الوقود كميات هائلة من الحرارة. ينبغي علينا أن نتعلّم كيف نتعامل مع هذه المسألة من دون أن نستحدث قدراً كبيراً من الأعباء. هناك العديد من مسائل الإدماج، فالأمر ليس «اقبسْ وشغّل» plug and play ما يقوم به الآخرون».
كانت قيادة شركة Embraer قد اختارت، أثناء جائحة وباء «كوفيد-19» في العام 2020، مجموعة من 50 موظفاً لتطوير خطة استراتيجية لمستقبل الشركة، تُدعى «فيت4 غروث» Fit4Growth. وقال فرانسيسكو غوميز نيتو Francisco Gomes Neto، المدير التنفيذي لشركة Embraer، في لقاءٍ إعلامي بمنشآت شركة «أوغما» (Ogma) التابعة للشركة في العاصمة البرتغالية لشبونة قبيل «معرض باريس للطيران 2023» Paris Air Show 2023 ، إنّ الشركة اضطرت في العام 2020 لمواجهة أزمتين مختلفتين، الوباء وإلغاء الصفقة مع شركة «بوينغ» Boeing.
فقد كانت شركة Boeing وافقت على شراء 80 بالمئة من وحدة أعمال الطائرات التجارية لدى Embraer مقابل 4,2 مليارات دولار لكنها انسحبت من الصفقة في شهر نيسان/أبريل العام 2020. وأوضح نيتو: «استحدثت خطة Fit4Growth لمساعدتنا على البقاء في ذلك الزمن الصعب ولكي تستعد الشركة أيضاً لمستقبل زاهر». وتلحظ أهداف الخطة الوصول إلى تحقيق إيرادات بقيمة 8 مليارات دولار في العام 2027، انطلاقاً من 4.5 مليارات دولار في العام 2022.
وتستند خطة Fit4Growth إلى خمسة أهداف رئيسية للمساعدة على مضاعفة الإيرادات وتحسين الربحية: مبيعات إضافية لمنتجات Embraer الحالية؛ والتركيز على الكفاية؛ والشراكات الاستراتيجية؛ والابتكار؛ والمبادرات البيئية والاجتماعية والحكومية.
وتابع يقول: «في العام 2022، حققنا أرباحاً في جميع وحدات الأعمال. وبدءاً من العام 2023 فصعوداً، نراها فترة نمو واعد، لتحقيق كامل إمكانيات Embraer». وتعتمد خطة الكفاية جزئياً على الشركة الفرعية Ogma، التي تملك Embraer نسبة 65 بالمئة منها، والحكومة البرتغالية ما تبقّى منها. وتستأثر Ogma بتاريخ طويل لا سيما في تصنيع مختلف المنتجات الجوفضائية منذ العام 1918، وهي الآن تخدم كجزء أساسي في استراتيجية نمو شركة Embraer، سواء في خدمات التصنيع أو «الصيانة والتصليح والترميم» MRO.
وجدير بالذكر أنّ نجم مجموعة منتجات Embraer تألّق خلال «معرض باريس للطيران 2023»، بما في ذلك الطائرة الأكبر ضمن عائلة الطائرات النفاثة الإقليمية E-Jet E2، ألا وهي E195-E2. كما عرضت الشركة أيضاً الطائرة التيربوداسرية العسكرية A-29 Super Tucano، وطائرتي نقل/صهريج C/KC-390: واحدة من «سلاح الجو البرازيلي»، وثانية هي نموذج التصدير الأول للطائرات المقرر تسليمها إلى «سلاح الجو البرتغالي» في وقت لاحق من هذا العام.
وقد باعت Embraer حتى حينه أكثر من 2,000 طائرة E-Jet، بعد إطلاقها برنامج E1 مع هدف إجمالي يصل إلى 650 وحدة. وبلغ إجمالي المبيعات حتى أواخر شهر أيار/مايو الماضي 1,747 طائرة E1 و 270 طائرات E2. وقد بدأت عمليات تسليم طائرات E190-E2 و E195-E2 التي أُعيد تجهيزها بأجنحة ومحركات جديدة في العامين 2018 و 2019 على التوالي، وقد جرى دفع أكثر من 70 وحدة مشغّلة بمحركات Pratt & Whitney PW1900G.
ويرأس آرجان مايير Arjan Meijer، المدير التنفيذي لـ «وحدة الطائرات التجارية» لدى Embraer، حالياً حملات لتحقيق مبيعات محتملة لنحو 200 طائرة E-Jet E2، مع توقعات بتوقيع بعض الصفقات هذا العام. وتشمل الفرص خطوطاً جوية تحتاج إلى استبدال طائراتها من طراز E1، إضافة إلى أكثر من 1,000 طائرة متقادمة من طرازي Airbus A319 و Boeing 737-700، التي ستُسحب من الخدمة في السنوات القليلة المقبلة. وتتوقّع Embraer أيضاً مضاعفة الاهتمام بسوق طائرات النفاثة ذات المقاعد الـ 100-150 للطائرات الإقليمية، وأحدث الأمثلة على ذلك هي صفقات طائرات E2 مع «الخطوط الجوية الملكية الأردنية»، والشركة العُمانية «طيران السلام» Salam Air، والخطوط الجوية السنغافورية «سكوت» Scoot.
في المقابل، يلحظ غوميز نيتو إلى أنّ صفقة كبيرة لتزويد الخطوط الجوية «بورتير ايرلاينز» Porter Airlines، الكندية بخمسين طائرة E195-E2 «ستفتح لنا الأبواب في أسواق أميركا الشمالية». وكانت شركة الخطوط الجوية الإقليمية الكندية هذه قد استلمت الطائرتين الأوليين من طراز 132 مقعداً في كانون الأول/ديسمبر الفائت.
ويقول: نعمل على تنشيط إنتاجنا ليزيد عن 100 طائرة تجارية في السنة، كما كنّا في الماضي»، وتسعى Embraer لتحقيق هذا الهدف بحلول العام 2027-2028.
وبالنسبة إلى هذا المُصنّع الجوفضائي البرازيلي، الذي يحقق 90 بالمئة من إيراداته في مبيعات دولية عبر أنحاء العالم، فإن ضمان صفقات دفاعية هو أيضاً يحظى بالأولوية على أجندة الشركة.