مراقبة الحدود: عين المستشعرات السَّاهِرة!
ثمة عنصرٌ أساسي حاسم في حماية الحدود هو استخدام المستشعرات المرتبطة بشبكة «قيادة وسيطرة» C2 الأشمل، ما يتيح للجنود رصد التهديدات والتعامل معها في الوقت المناسب. وتتوافر حلولٌ عديدة في السوق لتلبية هذه القدرة الحاسمة. وهذا ما يتناوله بحث للكاتب بيث ستيفنسون في النشرة المختصّة «ديجيتال باتل سبايس».
غالباً ما تكون النزاعات الدولية نتيجة التوتُّرات الناشئة بين دولٍ مجاورة، وبالتالي تصبح مراقبة الحدود، سواء كانت برّية أو ساحلية، هدفاً أساسياً للعديد من الدول. وسواء كانت الدول منخرطة بالفعل في نزاعٍ أو أنّ هناك توتُّرات تحتاج إلى المتابعة، فبإمكان أنظمة الرصد والمراقبة أن تساعد على تعقُّب التحرُّكات في ما بين الدول وفي داخلها، حيث يجري تطوير عددٍ من التكنولوجيات المستخدمة في هذا المجال.
تُنفَّذ مراقبة الحدود عادةً باستخدام مستشعرات «بصرية إلكترونية/أشعة تحت الحمراء» EO/IR ورادارية، إمّا كأنظمة مستقلّة أو كجزءٍ من نظام أشمل «قيادة وسيطرة واتصالات وكومبيوتر واستخبار ومراقبة واستطلاع» C4ISR. ويمكن أن تكون هذه المستشعرات للمراقبة الحدودية غير مأهولة، أو مستشعرات تُركَّب على متن عربة أو طائرة مُسيَّرة رباعية الشفرات quadcopter، و«عربات جوّية غير آهلة» UAV تكتيكية صغيرة أو مستشعر لبرج ثابت. وينبغي على تلك المستشعرات أن تُدمَج لكي نحصل على «قيادة وسيطرة» C2، بخياراتٍ عديدة منها المنشآت الثابتة أو المركبة، والتثبيت على عربة أو أنظمة محمولة يدوياً.
تجمع شركة «هنسولدت» HENSOLDT الرادار و«البصريات الإلكترونية» EO في منتجاتها لمراقبة الحدود. ومن بين خياراتها أو إعداداتها استخدام نظام SharpEye SxV مركَّباً على سارية وحيدة، والذي يدمج معاً نوعَي المستشعرين هذَين مع وحدة منصّة pan and tilt، يمكن تشغيلها مركَّبة على منصّة ثلاثية القوائم أو كقسم من سياج مراقبة إلكترونية.
وكحلٍّ بديل، يمكن تركيب رادار SharpEye بشكلٍ دائم على بُرج، أو قاطرة تستخدم هوائياً صفيفاً مفتوحاً بعيد المدى بطول 5.5 أمتار. ويقول مارك باون مدير التسويق في الشركة: «ثمة طلب على معدّات بصرية إلكترونية/أشعة تحت الحمراء EO/IR كجزءٍ من نظام لمراقبة الحدود سواء متجاورة أو موزَّعة، اعتماداً على المتطلّبات».
ويتابع باون: يُدعَى «النظام البرمجي للقيادة والسيطرة C2 من «هنسولدت»، CxEye، وهو يربط أنماط تشغيل مستشعرات المراقبة مع بعضها البعض ... كصورةٍ وحيدة على مستوى القيادة ويسمح لعُقَد التشغيل المحلية بأن يكون لديها أيضاً تحكُّم مستقل بأنظمة الاستشعار».
وأوضح باون «أنّ نظام CxEye سواء استُخدِم كجزءٍ من نظام سيطرة أو كوسيلة لتوزيع بيانات الهدف الراداري وتعقُّبه، فإنّه يُمثِّل «الوسيلة الأكثر بساطة وفعالية لدمجها مع أنظمة أخرى».
وقد كانت الشركة في الأساس مُصنِّعاً لرادارات الملاحة وإدراك الوعي المحيط، فضلاً عن كونها مورِّداً لخدمات حركة السفن في الموانئ ورادار المراقبة الساحلية. وأضاف باون: «إنّ الإفادة من تكنولوجيا استشعار رادار SharpEye في تطبيقات حفظ أمن الحدود كانت الخطوة المنطقية التي اتّخذتها الشركة لسنواتٍ خلت».
وتشهد شركة «هنسولدت» هذه الأيام طلباً مساوياً في المجالَين البحري والبرّي، وتؤكّد قدرتها على توفير الخبرات للتطبيقات في هذَين المجالَين. وأوضح باون أنّ العربات الجوّية غير الآهلة الصغيرة تغدو تهديداً من شأنه أن يدفع قُدُماً متطلّبات الرصد والتعقُّب الجوّيَين. وقد طوّرت الشركة بالتالي نظام «حلّ السارية الوحيدة» Single Mast Solution SMS-D الذي يجمع أيضاً الرادار والبصريات الإلكترونية لهذا التطبيق.
وقال باون: «طُوِّر «حلّ السارية الوحيدة» على نحو أمثل لرصد الطائرات المسيَّرة، حيث يُخصَّص الرادار لرصد وتعقُّب التهديدات الجوّية الصغيرة، فيما تُدمَج الكاميرا الحرارية البصرية الإلكترونية مع متعقِّبٍ فيديوي. ويفيد نظامSMS-D من النظام البرمجي CxEye ما يُسهِّل إدماجه في صورة قيادة وسيطرة C2».
في المقابل تُطوِّر الشركات المُصنِّعة للرادارات عائلة النظام الراداري MHR (الرادار النصف كروي المتعدّد المهام) العاملة بالحيّز S، التي يمكن الاستفادة منها لتطبيقات أمن الحدود وهي تُركَّب عموماً على قاعدة ثلاثية القوائم أو سارية/ منشأة، وهناك متطلّبات لتصميمٍ يُركَّب على سطح عربة. وتطور Leonardo DRS رادار MSTAR V6 من عائلة النظام الراداري MHR
وبما أنّ عائلة الرادار MHR معرَّفة برمجياً، فبالإمكان تغيير وتعديل أنماط تشغيل الرادار باستخدام البرمجيات، واعتمادها في تطبيقاتٍ مختلفة من بينها مراقبة الحدود، ومراقبة البرّ والمراقبة الساحلية.
ويزعم المُصنِّعون أنّ منتجات MHR تُوفِّر موثوقية جيدة و«فترة فاصلة عالية بين حالتي الإخفاق» MTBF، لكونها صُلادية من دون أجزاء متحرِّكة، وتُقدَّر الفترة الفاصلة بين الإخفاقات لكلّ نظام بنحو 25,000 ساعة، في مراقبة الحدود على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع، وهذا ما يمنح قدرة للعمل على مدى ثلاث سنوات متواصلة من دون مشكلاتٍ أو أعطال.
ثانياً، هناك القدرة ليس على تحديد موقع الأهداف الساحلية الأرضية فحسب، بل أيضاً على توفير قدرة ثلاثية الأبعاد. فبالإمكان أيضاً رصد الأهداف البرّية والأهداف المنخفضة والبطيئة على غرار الطائرات المُسيَّرَة.
على الرغم من أنّ المستشعرات هي في العادة مرتَكِزة برّاً لمراقبة الحدود، ثمة فائدة في تركيبها على منصّات جوّية لتوفير منظورٍ مختلف من عل. وتعمل شركة «تاليس» Thalesعلى تطوير رادار Searchmaster المتعدّد المهام الذي يمكن استخدامه في عددٍ من السيناريوهات المختلفة. وهو يُوفِّر لمراقبة الحدود رادار فتحة اصطناعية/ قدرة مؤشر الأهداف الأرضية المتحرِّكة لتعزيز المهمّة.
وقال ثيبولت ترانكارت نائب الرئيس لتسويق مشاريع «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR الاستراتيجية لدى Thales: «صُمِّم Searchmaster لكي يكون راداراً ذا قدرة متعدّدة الأدوار ومتعدّدة أنماط التشغيل. والهدف هو أن يرقَى إلى حدّ المنافسة في كلّ نمطٍ من الأنماط، سواء كان جو-جو، أو جو-بحر، أو جو-أرض».
وفيما هناك دورٌ للمراقبة البحرية لرادارSearchmaster- حيث تعكف البحرية الفرنسية على تحديث طائرة Breguet Atlantique 2 (ATL2) بهذا الرادار - فإنّ العمل جارٍ لاستطلاع استخدامه المحتمل كقدرة مراقبة للحدود على متن منطادٍ مثبَّت بوتد. وأوضح ترانكارت: ثمة ميلٌ لدى بعض العملاء للحصول على منطادٍ ثابت، ويمكن لرادار Searchmaster أن يُشكِّل إضافة جيدة لهذا النوع من المهام».
وأشار ترانكارت إلى أنّ العديد من العملاء المحتملين يأخذون في الاعتبار رادار Searchmaster، إلى جانب «نظام إدارة المهام» AMASCOS من تطوير الشركة - لأجل عمليات محاربة تهريب الممنوعات، وقال: «يُعِدّ مزيدٌ من العملاء عبر العالم مبادئ لـ ’مفهوم العمليات» CONOPS تلحظ استخدام مناطيد أو بالونات ثابتة مع رادارٍ لمراقبة الحدود الزرقاء (بحراً) أو الخضراء (برّاً)». وأضاف: «يُلائم رادار Searchmaster، إلى جانب نظام المهام AMASCOS، لهذا النوع من تكنولوجيا مراقبة الحدود».
بدأت اختبارات الطيران لهذا الرادار في العام 2016، وهو استكمل التجارب على متن طائرة ATL2 قبل تسليمه إلى البحرية.
وفيما تتشابه الحدود الساحلية والبرّية عبر أنحاء العالم - من حيث كونها نقطة ضعف حيث يدخل من خلالها نشاطاتٍ غير مرغوب بها أن تنتقل من بلدٍ أو موقعٍ إلى آخر - فإنّها تختلف من حيث الحجم أو المسافة، فيما لا تكون الحركة بين البلدان مسألةً حسّاسة أو مُلِحّة في منطقةٍ كشأنها في منطقة أخرى.
ولهذا الغرض، تتباين الأنظمة المستخدمة لمراقبة الحدود من ناحية التعقيد والتطوُّر، وعلى الرغم من التشابُه في التكنولوجيا المعتمدة، فبالإمكان نشرها بوسائل شتى. وتتماثل المتطلّبات عبر أنحاء العالم، الناشئة من تهديداتٍ مشتركة. واستجابةً لذلك، تُطوِّر الصناعة حلولاً متدرِّجة المقاييس ذات تكنولوجيا مشتركة يمكن تطبيقها بدرجاتٍ متفاوتة اعتماداً على احتياجات كلّ عميل.