Slideshows

أنظمة المسيّرات: الحارس الجوي الصامت ضد تهديدات الغواصات

تُعيد «الأنظمة الجوية غير الآهلة ذوات الأجنحة الدوّارة» وضع القواعد في «الحرب المضادة للغواصات» (ASW). فبإمكان تلك الأنظمة، مقارنةً بالمنصات الآهلة أو المسيّرة، أن توفر مراقبة متواصلة لفترات أطول بكثير، وهو ما يضع الغواصات تحت الضغط لفتراتٍ أطول. لكن هل ستجعل تهديدات الغواصات المُتملّصة صفحةً من الماضي مما عفا عليه الزمن؟ يسلط كاتب هذه المقالة الضوء على هذه المستجدات في هذا المجال.

ALPHA Unmanned Systems A900

في غمرة مشهدية الحرب البحرية المتطوّرة أبداً، تُعيد توليفة متناغمة من الأسلحة والمستشعرات الفائقة التطوّر المنبثقة من التقدّم التكنولوجي الذي لا يهدأ، صوغ الديناميات الاستراتيجية في أعالي البحار. فقد حفّزت دروسٌ مستقاة من النزاع الروسي-الأوكراني تحوّلاً نموذجياً، دفع الدول إلى إعادة تقييم عقائدها الدفاعية. ويسود حِسٌّ شديد بالإلحاحية أو الضرورة الطارئة فيما تعكف الدول جاهدة على صوغ «مفاهيم عمليات» CONOPS جديدة من أجل أن تدمج بإحكام تلك الابتكارات في أساطيلها البحرية.

ويوافق العديد من الخبراء على أمر واحد: الخطى السريعة للحرب البحرية، فالمخاطر باتت أشد، والدفاع يغدو أكثر تعقيداً. وفي مقابل كل ذلك، يبقى العالم التحتمائي مذهلاً وغامضاً.

إن «الحرب المضادة للغواصات» (ASW)، وهي جهد محفوف بالمخاطر لسفن السطح، تتعلّق بتوازنٍ دقيق جداً للمخاطر. فكل سفينة تدخل منطقة خطر الطوربيدات من غواصة متربّصة تصبح هدفاً مفتوحاً، عرضة لصلية قاتلة من الطوربيدات. ويُدلّل هذا التعرُّض على الدور الحاسم الذي تؤدّيه طوافات «الحرب المضادة للغواصات» و«طائرات الدورية البحرية»، إذ إنّ الغواصات تبقى بطبيعتها عاجزة أمام التهديدات الجوية.

SKELDAR V-200

ومع ذلك، ثمة موجة تحوّل تطال الاستراتيجيات البحرية فيما تُثبت المسيّرات تميُّزها كبديلٍ مُقتدر للمنصات الجوية التقليدية. وقد خطّت البحرية الأميركية مساراً لها نحو المستقبل، بوضع خططٍ لتوظيف «عربات جوية غير آهلة» (UAV) أو المسيّرات في عمليات حرب مضادة للغواصات. ومن المتوقع أن تصبح العربة الجوية غير الآهلة البحرية MQ-9B SeaGuardian، معزّزة بوحدة نظام إدارة التحكم بالطافيات الصوتية السونارية لرصد الغواصات  Sonobuoy Management Control Systemحارساً صامتاً ضدّ تهديدات الغواصات.

وفي تركيا على سبيل المثال، تستخدم البحرية التركية العربة الجوية غير الآهلة Aksungur UAV، وهي تتميّز بقدرتها على المكوث في الجو لفترة 60 ساعة. ولا تُراقب هذه العربة فحسب السطح لمراقبة بروز أي مرقاب (أو مِئفاق - بيريسكوب) لغواصة، بل هناك خطط لتزويدها بمنصة إطلاق «طافيات صوتية سونارية» (sonobuoy) وجهاز إصغاء سوناري، بما يجعل منها أكثر اقتداراً في «الحرب المضادة للغواصات». وفي الوقت ذاته، يجري تحديث «عربات السطح غير الآهلة» بصفائف مقطورة، وأجهزة سونار غاطسة، وطوربيدات، بما يُحوّلها إلى منصات حماية في المياه العميقة.

وفي خضم كل هذه المستجدات في تقدُّم التكنولوجيا البحرية، فإن مسيّرات الأجنحة الدوّارة (rotary-wing drones) التي تستحدث توليفة فريدة من المرونة والقوة، تُمثّل خطوة كبيرة إلى الأمام في تطوّر الحرب البحرية.

فاعل جديد في العمليات المضادة للغواصات

سيُشكّل إدماج «الأنظمة غير الآهلة» استراتيجية محورية لمواجهة التحديات التي تفرضها الغواصات. فقد أحدثت المسيّرات ذوات الأجنحة الدوّارة مجموعة فريدة من الفوائد لعمليات «الحرب المضادة للغواصات» (ASW) للتصدّي لبعض التحديات الطويلة الأمد التي واجهتها المقاربات التقليدية.

فقد أبدت مرونة لا نظير لها بما سمح لها بالملاحة في بيئات بحرية معقّدة بكل سهولة، فهي خلافاً لطائرات الأجنحة الثابتة بإمكانها أن تحوم فوق مناطق محدّدة، وتوفر قدرات مراقبة ممدّدة في غاية الأهمية لرصد تهديدات غواصات مُراوِغة. وإضافة إلى ذلك، فإنّ نشر «الطافيات الصوتية السونارية» عبر هذه المنصات سيوفر قدرة مجدية لعمليات «الحرب المضادة للغواصات» (ASW).

TAI Aksungur
نظام SKELDAR V-200 لنشر الطافيات

خير مثال على هذه القدرات المضادة للغواصات هو «النظام الجوي غير الآهل ذو الإقلاع والهبوط العموديين»  V-200 VTOL UAS من شركة «يو أم أس سكيلدار» UMS Skeldar المجهّز بقدرة لنقل «طافيات صوتية سونارية» (sonobuoy) لتنفيذ عمليات مضادة للغواصات. ويُستخدم نظام SKELDAR V-200 ذو الأجنحة الدوّارة لمجموعة واسعة من التطبيقات مثل «الاستطلاع، والتعرُّف على الهوية، وحيازة الهدف، والحرب الإلكترونية، وهو «نظام جوي غير آهل» متوسط المدى يمكنه أن يُحلّق لساعات بينما يوفّر معلومات في الوقت الحقيقي لمحطة تحكُّم أو لمحطة طرفية فيديوية مشغّلة من بُعد.

وإضافة إلى قدرات المراقبة، يوفر نشر النظام لطافيات صوتية سونارية أداة حاسمة للرصد الصوتي التحتمائي، بما يُعزّز قدرة النظام على رصد وتعقُّب الغواصات.

ويتألف حل «الحرب المضادة للغواصات» من شركة UMS SKELDAR من عربتين جويتين غير آهلتين مجهزتين بست «طافيات صوتية سونارية» خاملة يتم نشرها لتمييز غواصة معادية عن السفينة المُضيفة. ويمكن للعربة غير الآهلة الثانية المجهّزة بخاصية ترحيل بيانات أن تمكث في الجو لنحو ست ساعات فيما هي تُرسل بيانات إلى السفينة المُضيفة، كما يوضح أدريان ستيتلير (Adrian Stettler)، مدير المبيعات والتسويق لدى شركة UMS SKELDAR، ومدير المشروع لحل ASW فيها.

إن إدماج نظام جوي غير آهل ذي أجنحة دوّارة في عمليات «حرب مضادة للغواصات» (ASW) يمثل قفزة نوعية إلى الأمام في قدرات الحرب البحرية. فالمرونة المحسّنة لمثل هذه الأنظمة، واستجابتها السريعة، وخفضها للمخاطر، وإدماجها للطافيات الصوتية السونارية، وفترة مكوثها المطوّلة في الجو تجعل منها منصات لا تُقدّر بثمن للتصدي للقدرات الخفية وتعقيد تهديدات الغواصات الحديثة. وفيما تواصل القوات البحرية التأقلم مع التحديات المنبثقة، من المتوقع أن تؤدي «الأنظمة الجوية غير الآهلة ذوات الأجنحة الدوّارة» دوراً حاسماً في صوغ مستقبل «الحرب المضادة للغواصات».^

Date
Issue Months
Year
2025
Page No
36

Featured News