زوارق البحرية العالية السرعة: تقرير شامل

يُعتبر الزورق القتالي CB90 من «ساب» Saab قصة نجاح عالمية في فئة الزوارق الهجومية. وهناك أكثر من 250 زورقاً مماثلاً قيد الخدمة حالياً في أوروبا وآسيا والأميركيتين، حيث دخلت الوحدات الأولى الخدمة في العام 1991. وفي تشرين الأول/ أكتوبر العام 2019، بدأت شركة Saab بتسليم الطراز الأحدث CB90NG («الجيل التالي») إلى البحرية السويدية التي تُشغّل الزورق الجديد تحت تسمية DOCKSTA CB90HSM.

وبينما من الواضح استمرار عائلة CB90 في الخدمة، فإن الزورق الجديد يضيف مزايا وتحسينات في الأداء تتفوق على القدرات المؤثرة بالفعل على الطُرز السابقة.

يتألف نظام الدفع من محرّكين ديزليين بثماني أسطوانات بقوة 900 حصان ونفّاثين مائيين من ذوي «الدفق المختلط» نوع S32. وقد حسّن تركيب مجموعة ناقل حركة جديدة وإعادة موضعة المحركين من استقرار الزورق حتى خلال الانعطافات الحادة جداً، بينما خفّض ذلك أيضاً البصمة الصوتية. أما السرعة القصوى للزورق فمُصنّفة سرية، حيث لا تكشف Saab سوى أنها «تتجاوز بكثير 40 عقدة» (ترى مصادر طرف ثالث أنها تصل إلى 45 عقدة). ومع ذلك، يؤكد المُصنّع على «سرعة تجوال» (في حالة اضطراب للبحر من المستوى 1) تبلغ 38 عقدة ومدى يصل إلى 300 ميل بحري عند «سرعة تجوالية» (cruising speed).

ويعمل هذا الزورق البالغ طوله 16,3 متراً وزنة 18 طناً بشكل أمثل في البيئات النهرية والساحلية والمياه المفتوحة على حد سواء. وبصمته المنخفضة من حيث الرؤية، وغاطسه البالغ 0.9 متر، وقدرته على المناورة تُهيّئ هذا الزورق لمهام حيث بإمكانه الإفادة من الغطاء الطبيعي مثل الخِيران (جمع خور) والممرات المائية الداخلية وسلاسل الجزر الساحلية. وفي المقابل، تتيح البصمة المنخفضة للزورق بالاقتراب على نحو خفي من الشطآن المعادية اجتيازاً للمياه المفتوحة لإيصال فرق استطلاع وعمليات خاصة أو تنفيذ مهام هجوم مباشر من البحر. ويسمح البدن المُقوّى للزورق بالصعود فوق شواطئ غير المهيّأة لذلك من دون الإصابة بالضرر، وكذلك بالاقتراب من شطآن صخرية مرتفعة حيث بالإمكان إنزال قوات البحرية والكوماندوس سريعاً عبر لوح إنزال أمامي.

الزورق الدفاعي

WATERCAT M18 AMC

تُنتج الشركة الفنلندية «مارين ألوتيك أوي أيه بي» Marine Alutech Oy Ab خطاً كاملاً من الزوارق العالية السرعة الملائمة لجميع الأحوال الجوية، بدءاً من المحيط المتجمد الشمالي وصولاً إلى المناطق الاستوائية، ولجميع البيئات العملانية من المحيط المفتوح إلى المناطق الساحلية، وقبالة الشاطئ، وفي القنوات والممرات المائية داخل البر. وتتراوح عائلة زوارق «ووتركات» WATERCAT لمهام العمليات الدفاعية والخاصة من شركة Marine Alutech بين زوارق الدورية الصغيرة والزوارق الناقلة للجند الهجومية ذات القدرة العالية على البقاء مع سعة تصل إلى 30 جندياً. ويأتي تصميم البدن من المعادن والألمينيوم المركّبة تراكبياً؛ ويمكن تعديل أنظمة المهام وحُزم التدريع الإضافية بما يلاقي متطلبات المستخدم. ومن بين أحدث وأضخم الزوارق في عائلة WATERCAT، الزورق المدرّع M18 Armoured Modular Craft (AMC) بطول 20 متراً، الذي دخل الإنتاج في العام 2013. وقد استحصلت البحرية الفنلندية على 12 وحدة لاستخدامها كزوارق دعم قتالي، وأطلقت عليها تسمية فئة JEHU. ويمكن نشر زورق الإنزال المتعدد الأغراض العالي السرعة هذا لمهام الإخلاء الطبي، والنقل العام للجنود، ونقل قوات الإنزال الهجومية، وتنفيذ الدوريات، والمواكبة، ومهام الدعم القتالي.

ويبلغ مدى هذه الزوارق 200 ميل بحري، وبحسب المهمة يتراوح أفراد طاقم الزورق منها بين 2 و 5، فضلاً عن استيعاب 26 جندياً مجهّزاً للقتال، ويأتي الزورق مجهزاً بمركن سلاح مزدوج TRACKFIRE (RWS)، فضلاً عن منصات إضافية لتركيب مدافع رشاشة يتم التحكم بها يدوياً. وتوفر المقصورة المكيّفة للطاقم وللركّاب حماية بالستية ووقاية من عوامل «كيميائية وبيولوجية وإشعاعية ونووية» (CBRN). ويتيح محّركان ديزليان من نوع Scania DI 16 007 (بقوة 900 حصان لكل منهما)، ونفاثان مائيان من نوع Rolls Royce 40A3 وسرعة تجوالية تبلغ 35 عقدة مع قدرة على تجاوز الـ 40 عقدة عند الضرورة. ويبلغ غاطس هذا الزورق ذي القدرة العالية على المناورة 1.1 متر وهو مطوّر على نحو أمثل للعمليات قبالة الشاطئ، وعلى الساحل وفي بيئات أرخبيل الجزر. ويشمل طقم المستشعرات كاميرات، وجهازَ سونار متقدّم التغطية، وراداراً ومتحسّساً صوتياً للعمق.

طوّرت شركة «سايفهافن» Safehaven الايرلندية الزورق BARRACUDA XSV-17، وهو زورق اعتراضي آخر ذو رأس على شكل سهم. ويشتمل البدن المنخفض بطول 17 متراً على تكنولوجيات وتصاميم خفية، بما يضمن بصمة بصرية وأخرى رادارية صغيرتين جداً. ويندفع الزورق بمحرّكين ديزليين من نوع Caterpillar C12.9 (بقوة 1,000 حصان لكُلٍّ منهما)؛ وتبلغ سرعته القصوى 60 عقدة ومداه الأقصى 700 ميل بحري. ويبقى البدن على شكل حرف V العميق الكاسح للأمواج عملانياً بالكامل حتى في حالة اضطراب البحر بـ «مستوى 6»، وهو قادر على العمل بسرعات عالية في حالة اضطراب البحر بـ «مستوى 4». أما المقاعد المخفّفة للصدمات فتستوعب لـ 10 من أفراد الطاقم والركّاب في مقصورة أساسية مكيّفة، مع غرفة تتّسع لـ 6 ركّاب إضافيين في المقصورة الأمامية، ما يسمح لكادر من 16 جندياً الإبحار مُتوارين داخل الزورق.

وبينما كان الهدف الأساسي من وراء تطوير زورق XSV-17 الاعتراضي هو حماية الموانئ والمنشآت الساحلية وتلك الموجودة قبالة الشاطئ، فإن بإمكانه أيضاً تنفيذ مهام مراقبة وعمليات خاصة وإنزال جند على نحو خفي. أما الأسلحة المُتحكّم بها عن بُعد - وتحديداً المدفع الرشاش أو منصة إطلاق القنابل الرمّانية - فتُثبّت داخل متن الزورق الأمامي للحفاظ على بصمة رادارية منخفضة وللتخفيف من الأضرار البيئية. ومن بين الخيارات غير الفتّاكة، هناك السلاح الصوتي HYPERSPIKE 18 ونظام التعمية ROSY.

إن الزورق الأسرع من بين عائلة WATERCAT من صنع شركة Marine Alutech الآنفة الذكر هو K13 FIC («الزورق الاعتراضي السريع»)، مع سرعة قصوى تفوق 55 عقدة (سرعة تجوال: 35 عقدة). ويمكن للبدن البالغ طوله 13.8 متراً أن يستوعب طاقم من أربعة بحّارة، إضافة إلى جنديين. أما البدن المصنوع من المعادن المركّبة الكربونية المركّبة وغرفة القيادة، فيوفر حماية بالستية. ومن بين خيارات المعدات الدفاعية مجموعة من مستشعرات المراقبة والأسلحة الخفيفة. ومع ذلك، يظل المقصد الرئيسي وراء هذا الزورق هو مهام الدورية والمراقبة والمرافقة، بما في ذلك منع الأعمال الإرهابية والتخريب والتهريب بحراً. وقد استحصلت «الشرطةُ السلطانية العُمانية» على 14 زورقاً من هذا الطراز في العام 2017.

تُنتج شركة «ميتال شارك» Metal Shark، ومقرها ولاية لويزيانا الأميركية، ست سلاسل مختلفة من الزوارق المطوّرة على نحو أمثل للاستخدام العسكري أو لأغراض إنفاذ القانون، مع وجود أكثر من 1,000 زورق منها في الخدمة عبر أنحاء العالم. والزورق الأكثر تطوراً وسرعة من بينها هو من ضمن عائلة الزوارق الاعتراضية FEARLESS SUPER INTERCEPTOR المقتدر قبالة الشاطئ، التي يمكن أن تُحقق سرعات قصوى تصل إلى 70 عقدة، وسرعات تجوال تبلغ قرابة 50 عقدة. وتأتي هذه القدرة العالية الأداء بفضل سطح بدن الزورق «على شكل حرف V متدرّج ذي نفق تهوئة» (SVVT) ونظام الدفع القوي الذي يتألف من محرّكي ديزل تبلغ قوتهما معاً نحو 5,000 حصان. ويمكن تطوير أبدان تلك الزوارق لتتوافق مع مواصفات المستخدم، بما في ذلك تصاميم مفتوحة، أو مغلقة، وحماية بالستية إضافية، فضلاً عن منصات أسلحة مخصصة للمهام، ومستشعرات وخيارات حمولة إضافية.

وتأتي هذه الزوارق ذوات الأبدان المصنوعة من خلائط الألمينيوم بثلاثة أحجام، من 13,8 متراً إلى 19,4 متراً، وتُؤثّر هذه الأطوال على فترة المكوث بحراً، والحمولة وسعة الركّاب.

تصل سرعة زوارق الدورية C-MES 40 (COMMANDER 40)، التي صممتها شركة «أوفشور نواتيكا» Offshore Nautica وبنتها الشركة الإيطالية «أم إي أس» MES، سرعةً قصوى تبلع 75 عقدة مع حد أدنى من الحمولة، و 65 عقدة مع حمولة كاملة (طاقم من أربعة بحّارة، إضافة إلى 10 ركّاب). أما سرعة التجوال فهي مثيرة حقاً وتصل إلى 60 عقدة، وذلك بفضل محرّكين ديزليين من نوع SEATEK بقوة 820 حصاناً. ويشتمل البدن البالغ طوله 12.5 متراً ومقصورة الطاقم المغلقة على حماية بالستية من المادة التدريعية «كيفلار» Kevlar ضد نيران الأسلحة الخفيفة. ويتألف السلاح المعياري من مدفع رشاش واحد، يمكن تعزيزه بصواريخ طوربيد أو صواريخ دفاع جوي على المدى القصير. وتوفر شركة MES أيضاً اشتقاقاً بطول 18 متراً تحت تسمية C-MES60، وهو يحقق سرعة قصوى تبلغ 56 عقدة.

أطلقت «البحرية الملكية البريطانية» زوارق الدورية السريعة من فئة CUTLASS في العام 2022. وتستند هذه الزوارق العالية المرونة، التي طوّرتها شركة «مارين سبشيالايزد تكنولوجي غروب» Marine Specialised Technology Group (MST)  بالشراكة مع شركة «بي أم تي» BMT، إلى اشتقاق HPB-1900 من سلسلة تصاميم HPB. وقد أُحيلت هذه الزوارق إلى الوحدة البحرية في «جبل طارق» Gibraltar، وستُجري عمليات حفظ أمن ساحلي وحماية السفن الحربية وغيرها من السفن ذات القيمة العالية التي تزور «جبل طارق». ومن شأن نظام مقصورة المراقبة المدمج CGI OpenSea360 وطقم الوعي المحيط المحسّن (الذي يضم أنظمة بصرية إلكترونية وراداراً) أن يُعزّزا قدرات المراقبة والرصد المبكر للتهديدات.

ويوفر تصميمُ البدن، مقروناً بجُنيحات موازنة الاستقرار HUMPHREE ثباتاً في البحر وسط أعتى الظروف المثيرة للتحدي. ويتألف نظام الدفع من ثلاثة محركات Volvo D13 (بقوة 1,000 حصان لكل منها) وثلاثة نفاثات مياه MJP 350X تتيح سرعات قصوى تبلغ 41 عقدة. ويتعزز طاقم الزورق البالغ طوله 19 متراً والمؤلف من ستة أفراد بكادر إضافي من ستة جنود للعمليات الأمنية. وثمة ثلاثة مدافع رشاشة عيار 50 كاليبرا مثبّتة عند مقدّم ومؤخر الزورق.

تُنتج شركة «سويفتشيبس» Swiftships، ومقرها ولاية فيرجينيا الأميركية، طرازين من زوارق الدورية البحرية تبلغ سرعة كل منهما ما يفوق 40 عقدة. وقد صُمّم هذان النوعان من الزوارق للعمل في جميع المناطق الجغرافية والمناخية في أنحاء العالم، وهما قيد الخدمة حالياً لدى العديد من القوات البحرية في الشرق الأوسط وفي الأميركيتين. وقد جرى تطويرهما على نحو أمثل ليناسبا الدفاع الساحلي، والتحرك المباشر وإجراء عمليات اعتراض بما في ذلك مهام مكافحة الإرهاب ومكافحة القرصنة.

كما تُظهِر الأمثلة الواردة أعلاه، فإن الحدود الفاصلة بين الزوارق الهجومية، والأخرى الاعتراضية، وزوارق الدورية قد تكون متداخلة. فالمرونة وقدرة تنفيذ مهام متعددة هي قيد الطلب بازدياد. ويعود ذلك جزئياً إلى الميزانيات المتقشفة، وهو ما يُجبر القوات البحرية، وخفر السواحل، والقوات الأمنية على تعظيم الإفادة من كل وحدة مماثلة يتم الاستحواذ عليها. ويعكس ذلك أيضاً التطوّرات في البيئة العملانية لمناطق عديدة. وربما يتعين على قواتٍ أُنيطت بها مهمة اعتراض تهريب السلاح أو المخدرات أن تعترض زوارق عسكرية، أو أن تنقل قوات مغاوير الكوماندوس إلى شاطئ مُعادٍ. ومن الطبيعي أن تُفضّل البحريات زوارق بإمكانها أن تُنفّذ جميع تلك المهام مع تعديلات بسيطة أو من دونها. ولحجم تلك الزوارق تأثير أيضاً، فالزوارق الأكبر حجماً تتميّز بفترة مكوث أكبر وبمدى أطول في البحر، وبوسعها أن تنقل عدداً أكبر من الجنود، وحمولة أسلحة أكثر قوة، بما يعزّز من القوة القتالية الإجمالية فضلاً عن تحسين القدرة على البقاء. وبناءً على جميع هذه الأسباب، بات الاتجاهُ الذي لا ريب فيه سيُهيمن على السوق المستقبلية هو نحو زوارقٍ عالية السرعة أكبر حجماً وأكثر مرونةً وذات اقتدارٍ على مهام متعددة.^