طائرة الهجوم الخفيف Calidus B-250 الإماراتية: الخيار الصحيح
تستقطب طائرة الهجوم الخفيف Calidus B-250 الإماراتية الصنع انتباه العملاء من جميع أنحاء العالم لأنها، على عكس منافساتها –Embraer A-29 Super Tucano البرازيلية و Beechcraft T-6B Wolverine الأميركية – لا ينبغي أن تخضع لقواعد «الحركة الدولية للأسلحة» International Traffic in Arms أو ITAR، وبالتالي لا يمكن للولايات المتحدة أن تتخذ القرار بشأن من يشتريها.
وخلال الدورة الأخيرة من معرض البحرين الدولي للطيران، قال طيار من سلاح الجو الملكي البحريني RBAF بعد خروجه من محاكي قمرة القيادة: «إنه لأمر مدهش». وعندما سُئل عن السبب، أجاب: «لأنها مُعدّة على غرار قمرة قيادة المقاتلة».
أما سيف الكعبي، وهو طيار سابق في سلاح الجو والدفاع الجوي الإماراتي UAEF&AD لمقاتلة Mirage 2000-9 وحالياً نائب رئيس التسويق في شركة Calidus، قال مبتسماً: «هذا صحيح، إن طائرتنا جاهزة للمهمة، لم يتم بناؤها كطائرة تدريب ثم تحولت إلى مهام جديدة مثل العديد من منافساتها. لقد بنيناها كطائرة هجومية خفيفة».
استحوذت شركة Calidus على شركة Novaer البرزايلية لبناء مشروع B-250 في العام 2015. وتم كشف النقاب عن الطائرة في معرض دبي للطيران 2017».
للوهلة الأولى، تبدو B-250 مشابهة لطائرة Super Tucan، وهذا ليس مفاجئاً لأن كلتا الطائرتين تم تصميمها من قبل شركة Novaer’s Joseph Kovacs. ولكن قبل أن يبدأ مصمم B-250 عمله، أخبر Calidus أن الطائرة يجب أن تكون أسرع – مع سرعة جوية تصل إلى 300 ميل في الساعة تطير بشكل مستقيم ومستوي – وقوة سحب تراوح ما بين 7G+/3- ولديها أكثر التكنولوجيات تقدماً على متنها. ويجب أن يكون لديها قدرة مكوث قصوى في الجو تصل إلى 12 ساعة.
تُدفع الطائرة بمحرك PTGA-68، صنع شركة «برات أند ويتني» Pratt & Whitney، بقوة 1600 حصاناً مع مروحة Hartzell رباعية الشفرات. وحققت الطائرة السرعة المنشودة وحتى أكثر من ذلك. ويمكن أن تصل سرعة الطائرة إلى 380 ميلاً في الساعة أثناء المناورات. وفقاً للكعبي.
وكون الطائرة معدة لتحمّل ضغط التحليق على ارتفاع يصل إلى 3000 قدم يعني أنه باستطاعتها الوصول إلى ارتفاع كاف لتجنب معظم الدفاعات الجوية للعدو بما فيها الدفاعات الجوية المحمولة ظهراً MANPADS.
تضم قمرة القيادة مقعدين قابلين للقذف طراز Martin Baker MK16، لذا فإن سلامة الطيار مضمونة. كما يوفر نظام إلكترونيات الطيران المدني Pro Line Fusion صنع شركة «كولينز أيروسبيس» Collins Aerospace مظهراً رائعاً.
تحدّث الكعبي عن أهمية القوات الجوية والدفاع الجوي الإماراتي للمشروع وقال: «نحن نتعلم من ردود الفعل الواردة من عملياتها (في اليمن) ونوجهها إلى الطائرة. وتعتمد الطائرة بشكل كبير على واجهة إنسان-آلة MMI الجيدة الموجودة في مقاتلتي Mirage 2000-9 و F-16 Block 60، بالإضافة إلى التعاون الجيد مع القوات الجوية الأخرى. لذا، فإن ردود الفعل أو التعليقات التي تلقيناها من عمليات القوات الجوية الإماراتية في اليمن ومركز الحرب الجوية التابع لها لا تُقدّر بثمن».
وأضاف الكعبي: «في الوقت الحالي، سيتم استخدام طائرات الهجوم الخفيف فقط عندما يحقق التفوق الجوي. ومع ذلك، فإن B-250 ستكون قادرة على العمل خلال مرحلة التفوق الجوي. لقد صممنا الطائرة بحيث يمكن لطاقمها، الذي يعمل في بيئة g في مقصورة مضغوطة، العمل لفترات طويلة في ميدان القتال».
يمكن أن تبقى B-250 لمدة تصل إلى ثماني ساعات في المحطة.
وأرف الكعبي قائلاً: «هناك أولوية أخرى تتمثل في الفوز بالحرب اللامتماثلة. إن هزيمة الميليشيات والإرهابيين، المستعدين لاستخدام المدنيين كدروع بشرية، هي أولوية قصوى في تطور الطائرة. ونحن نريد إدخال أسلحة ذكية غير مكلفة إلى B-250. لا جدوى من إسقاط سلاح بقيمة 100.000 دولار على عربة بقيمة 5000 دولار، لأنك تكون تنتحر اقتصادياً ولا نريد أية أضرار جانبية. لذلك، نحن نحاول إيجاد حلول جيدة للطائرة».
لا شك أن الميزة الأكبر للطائرة أنها مصنوعة من الألياف الكربونية، ما يعني خفض وزنها بنحو 1000 كلغ، ويمكن استثمار أو تحويل هذا الخفض إلى إلكترونيات طيران أكثر والمزيد من الوقود والأسلحة.
حمولة الأسلحة في الطائرة مثيرة للإعجاب. على سبيل المثال، مع أربع قنابل موجهة ليزرياً طراز GBU-58 Paveway II زنة الواحدة 250 رطلاً، واثنتان من طراز AIM-9 Sidewinder وخزان إسقاط، يبلغ مدى B-250 نحو 560 كيلومتراً. بحسب شركة Calidus.
يتم تجميع الطائرة في مدينة العين، موطن حديقة الطيران الوطنية الجديدة. وترغب شركة Calidus بدمج الأسلحة المصنّعة محلياً من قِبَل شركات على غرار Barij Dynamics (سابقاً Tawazun Dynamics) و Emirates Systems and Support Services أو ESSS. والأخيرة هي شركة تم إنشاؤها في العام 2014 تجمع بين الإمارات العربية المتحدة وشركة LLGNex1 الكورية الجنوبية. وقال متحدث باسم ESSS: «يمكن للكوريين مساعدتنا في دمج الأسلحة، وتأهيلها وتغيير الرؤية فيها».
عرضت ESSS، خلال فعاليات معرض IDEX 2017، ذخائر مشابهة للقنبلة الموجهة الإماراتية – سلسلة قنابل MK80 غير الموجهة مع مجموعة جناح/ توجيه، والتي تحولها إلى صاروخ جوال باستخدام نظام الملاحة بالقصور الذاتي/ نظام تحديد الموقع العالمي INS/GPS. ويحتوي النظام على واجهة لاسلكية تربط وحدة التحكم بالرمي في القنبلة بوحدة الطيار Knee-Pad أو وحدة تخطيط المهمة. الميزة الكبرى هي أن الاتصالات تضمن عدم الحاجة إلى أي تعديل خاص لمنصة الطائرة.
إن مجموعة LiGNex1 Wing هي قيد الخدمة بالفعل مع مقاتلات F-15و F-16 التابعة لسلاح الجو الكوري الجنوبي. وهناك سلاح آخر يعمل عليه الشركاء هو القذيفة الصاروخية LOGIR للتصوير الدقيق بالأشعة تحت الحمراء، والتي شوهدت مركبة تحت جناح إحدى طائرات B-250 خلال فعاليات معرض دبي للطيران 2017.
تقوم شركتا ESSS و Al Barij Dynamics بتصنيع عائلة «الطارق» من أنظمة مجموعة Strap-on-Bomb المستخدمة في قنابل MK 81 و MK 82، التي توفر للمستخدم قدرات عملانية ليلاً ونهاراً، و في جميع الأحوال الجوية، باستخدام طريقتي التوجيه GPS/INS. ويسمح النظام بزيادة دقة الاستهداف باستخدام رأس باحث ليزري شبه نشط SAL أو التصوير بالأشعة تحت الحمراء IIR مع قدرة التعرف التلقائي على الهدف ATR . عرضت Al Barij خلال فعاليات معرض دبي للطيران 2017 إحدى أحدث منتجاتها، وهي الذخيرة الموجهة الفائقة الدقة P3، والتي تستخدم أيضاً نظام WiFi. وهي مجموعة توجيه دقيقة، منخفضة الكلفة، مصممة لتحسين مدى ودقة قنابل MK 81 و MK 82 المعياريتين. وتتكون إما من خيار توجيه الملاحة بالقصور الذاتي INS/ نظام الملاحة العالمي عبر الأقمار الصناعية GNSS أو طرار رأس باحث INS/GNSS/ SAL.
تم دمج P3 في عدد من المنصات وبدأ الإنتاج المتوالي بالفعل في منشأة الشركة في أبو ظبي، ولن يتم تخصيص الأسلحة لشركات الإمارات العربية المتحدة فحسب، بل ستشمل أيضاً أنظمة صينية، وروسية، وأوروبية وأميركية لضمان تلبية جميع الأسواق، وفقاً لِـ Calidus.
على الرغم من ذلك، وحتى الآن، لا يعتقد أن B-250 أسقطت أية أسلحة، وقد يكون ذلك بسبب أن الطائرة لديها نظام إلكترونيات طيران مدني Collins Aerospace Proline Fusion، الذي لم يتم تطويره أبداً للعمل مع نظام إدارة المخازن وجهاز كمبيوتر المهمة العسكرية.
وبغية التغلب على ذلك، يمكن لِـ Calidus أن تدمج نظاماً ثانياً للعمل بشكل متوازٍ. لكن السؤال هو لماذا ترجح الشركة Collins Aerospace إذا كان لا بد من إيجاد مثل هذا الحل؟
لدى Calidus علاقة وثيقة مع Collins Aerospace، التي صممت نظام التهديف Firestorm الجديد الذي سيسمح لطائرة B-250 بالانتقال إلى عصر الدعم الجوي الرقمي القريب CAS. يتألف النظام، في التوليفة المعيارية، من قائس مسافات ليزري، وجهاز كمبيوتر تكتيكي، وجهاز تلقي وصلة الفيديو Strike Hawk، ووحدة التحكم في الهجوم الطرفي المشترك JTAC، وبرمجيات استهداف رقمية للرمي المشترك المتصلة بالشبكة، والملحقات ذات الصلة، ونظام إدارة الطاقة ووحدة محسنة يدوية لقياس الزوايا الاتجاهية.
أثبت Firestorm أنه قابل للتوافق التشغيلي مع المقاتلة الضاربة المشتركة JSF، الي ترغب الإمارات بشرائها، لكن سيتم تقديمه فقط لـِ «عملاء معينين»، والسبب في ذلك بسيط سيكون ملزماً بقواعد ITAR، بحسب الكعبي.
ولكن، إذا أُريد لهذه الطائرة أن تكون ناجحة، يجب أن تكون غير خاضعة لقواعد ITAR، بحيث يمكن بيعها في أي مكان في العالم. ولكن لسوء الحظ، فإن العلاقة الوثيقة مع Collins Aerospace ستمنع ذلك. ففي اللحظة التي ستقوم فيها شركة إلكترونيات طيران أميركية بتعديل برمجياتها لاستيعاب دمج الأسلحة، ستخضع طائرة B-250 لقواعد ITAR. ووقعت طائرتا الهجوم الخفيفة A-29 Super Tucano و Beechcraft T-6B بالفعل تحت قيود ITAR.
من المؤكد أن الغرض من تصميم طائرات على غرار B-250 خارج الولايات المتحدة يعني عدم تكرار أخطاء منافساتها. ففي معرض دبي للطيران 2017، تم أيضاً تركيب برج MX-15D EO/IR صنع L3 Harris Wescam على الطائرة. ومع المتعقب الفيديوي المتقدم المدمج لتلبية احتياجات الدعم الجوي القريب، ومهام الاستخبار والمراقبة والاستطلاع ISR واحتياجات مكافحة التمرد، فهو إدارة رائعة حقاً. ومع ذلك، فإنه يخضع أيضاً لقواعد ITAR. تواصل دول مجلس التعاون الخليجي محاولة الانفصال عن قيود الاعتماد على الولايات المتحدة، التي تقيدها بقواعد ITAR. إنهم يعلمون أن هناك حلولاً كافية يمكن أن تستشرفها Calidus لتحل محل الأنظمة الأميركية.
وقال الكعبي: «لدينا العديد من الدول المهتمة، والتي تقارن مرونة وقدرات التصميم مع المنصات الأخرى، وكل ذلك بكلفة تشغيل لا تتجاوز 1200 دولار في الساعة. ويمكننا تزويد العملاء بما يريدون».
الجدير بالذكر أن القوات الجوية الإماراتية طلبت 24 طائرة B-250 وذلك خلال فعاليات معرض دبي للطيران 2019، وبلغت قيمة الصفقة 2.273 مليار درهم إماراتي (نحو 620 مليون دولار)، وهي المرة الأولى التي يشتري فيها الجيش الإماراتي طائرة محلية الصنع.