الطائرات المسيَّرة والآهلة :التكامل العملاني

بدا قرار «الوكالة الأوروبية لخفر الحدود والسواحل» FRONTEX بديلاً جيداً للتنفيذ في العام 2018 من خلال تجربة واستخدام «أنظمة طائرات مُوجَّهة من بُعد» RPAS بدلاً من منصّات آهلة لأدوار «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR كما شكل التحكُّم بالحدود المستقبلية ضربة أخرى لقطاع المراقبة بالطائرات الآهلة التكتيكية. وكانت وكالة FRONTEX قد نَشَرت العام الفائت نظام «ليوناردو فالكو إيفو» Leonardo FALCO EVO لعمليات المراقبة في البحر الأبيض المتوسط. لذا هل سيكون لمنصّات ISR المحمولة جوّاً المجهَّزة بطاقم مستقبلاً واعِداً على الرغم من التطوُّرات المستَجِدَّة في «الأنظمة الجوّية غير الآهلة» UAS؟

إنّ الانبثاق الأخير للأنظمة الجوّية غير الآهلة الصينية العالية الاقتدار والمجزية اقتصادياً جداً بدأت تسيطر على سوق ISR التكتيكي المستقبلي بعيداً عن المنصّات ذوات الطاقم؛ وكانت مصر وباكستان أحدث عميلَين لنظام «وينغلونغ»WINGLOONG  من صنع مجموعة صناعة الطائرات «شينغدو ايركرافت إنداستري غروب» Chengdu Aircraft Industry Group، الذي بإمكانه، مع أطقم أسلحة جو-سطح جديدة، أن ينتقل بسرعة نسبياً بين دَوْري «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» والمهاجمة الأرضية.

وتشهد الصين ثورة تكنولوجية غير مسبوقة في المسيّرات المشغّلة من بُعد. وكان مسك الختام العربة الفوقصوتية المقاتلة غير الآهلة W2-8 التي عرضت طرازاً اختيارياً في حفل العرض العسكري الذي أقيم في بيجينغ بمناسبة احتفال بالذكرى السنوية السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية. وتنتسب هذه الطائرة إلى فئة العربات الجوية المقاتلة غير الآهلة ذات الارتفاع العالي والمكوث الطويل في الجو HALE UCAV وهي تتميز بشكلها الثلاثي الأضلاع وتُدفع بصاروخين يعملان بالوقود السائل وتفيد المعلومات بأن الطائرة تُحمل على بطن قاذفة H-6 معدلة للتحليق حتى ارتفاع 30.000 متر ومن بعدها تطلق لتحلق بسرعة تجوالية تصل إلى ماك +4.

فهل من مستقبلٍ لمنصّات «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR الجوّية الصغيرة ذوات الطواقم؟ يعتقد العديد من خبراء الطيران العسكري والدفاع الأمني أنّ مستقبل هذا القطاع زاهٍ وليس قاتماً.

ولَفَتَ مؤلِّفو التقرير الأحدث الذي أصدره «مركز تحليل معلومات أنظمة الدفاع الأميركية» إلى أنّه «فيما سُجِّلَت زيادة دراماتيكية في استخدام الأنظمة الجوّية غير الآهلة لمهام ISR في السنوات الـ 15 الأخيرة، فإنّ الاعتماد المتزايد على هذه الأنظمة قد أحدث أيضاً تحدّياتٍ جديدة. وهذه التحدّيات استراتيجية وتقنية في آن، تشمل ضعف الأنظمة الجوّية غير الآهلة أمام الهجمات السيبرانية، وضعفها أيضاً في مواجهة دفاعات الخصم المضادة للأنظمة الجوّية غير الآهلة والعمل في بيئات تُعطِّل عمل أنظمة تحديد الموقع العالمي GPS.

نشرت وكالة FRONTEX نظام Leonardo FALCO EVO لعمليات المراقبة في البحر الأبيض المتوسط

فبدلاً من أن تستبدل المنصّات غير الآهلة بتلك الآهلة، فمن الأفضل أن تعملا معاً بالتوازي، وتخدمان متطلّبات مهام مختلفة قليلاً، لكن أين تبدأ تماماً تلك المتطلّبات المختلفة وأين تنتهي؟

إنّ المنصّات غير الآهلة هي نافعة حقّاً حينما تكون ثمة حاجة إلى مراقبة متواصِلة، هذا ما قاله ويليام هينيت، المدير التنفيذي لشركة «بريتن نورمان» Britten-Norman البريطانية المُصنِّعة للطائرات، التي تصنع أيضاً المحرِّك الأسطواني لمنصّة DEFENDER ISR وقد شَهِدَت طلباً متزايداً على هذا النوع في الآونة الأخيرة. وتابع هينيت: «لكن إذا ما كُنّا نسعى إلى حيازةٍ لهدفٍ محدَّد، وعملياتٍ في الوقت الحقيقي، حيثما ننشد تنسيق الجهود بين الجو والأرض، والمناورة وسط الغيوم، عندها فنحن بحاجة إلى ذلك النوع من قدرات المنصّة الآهلة».

وقد شَهِد قطاع الطيران الاستطلاعي الآهل نهضةً في الآونة الأخيرة مع دفقٍ من الطلبات الجديدة والبرامج الحديثة التي أُعلِن عنها، فيما يزداد الوضوح إزاء إمكانيات ومحدوديات منصّات ISR التكتيكية الآهلة.

ولاحظ ريتشارد أبولفيا  Richard Aboulafia، نائب الرئيس للتحاليل في «مجموعة تيل» Teal Group: «لم يكن هناك أي تباطؤ في الطلب على طائرات ISR التكتيكية الآهلة. فالمرونة التي تُوفِّرها لا يمكن أن تؤمّنها الطائرات المُسيَّرة، ولو أنّ هذه الأخيرة تُكمِّلها حقّاً. إنّ الطائرات الآهلة تستأثر بحمولة مستشعرات أكبر، وقدرة أكثر على البقاء، ومقدرة متفوِّقة جداً في جميع الأحوال الجوّية».

ويتنامى الطلب على هذه الفئة من الطائرات، ليس وسط الدول النامية صناعياً فحسب، بل أيضاً في ما بين أكبر الاقتصادات الدفاعية في الغرب. وكان سلاح الجو الأميركي قد أعلنَ منذ فترة عن نيّته الاستحواذ على 22 طائرة «استخبار ومراقبة واستطلاع» ISR مسلّحة من طراز AC-208 صنع «نورثروب غرومان » Northrop Grumman، جهّزت كلّ طائرة بمستشعرات بصرية إلكترونية/أشعة تحت الحمراء (EO/IR)، واتصالات آمنة، ووصلات بيانات، وصواريخ موجَّهة جو-سطح.

وفي مطلع العام 2020، وقَّعت وزارة الدفاع البريطانية اتفاقية بقيمة 250 مليون جنيه إسترليني لدعم أسطول سلاح الجو المَلَكي من منصّات ISR SHADOW RI، التي طوّرتها شركة «رايثيون» Raytheon.

في الختام، تكمل الأنظمة الآهلة وغير الآهلة بعضها البعض ولكنها تعتمد على طبيعة المهام. ففي المهام الطويلة الأمد يفضل استخدام الطائرة المسيّرة وفي المهام المحدودة تشكل الطائرات الآهلة الحل.

وقَّعت وزارة الدفاع البريطانية اتفاقية  لدعم أسطول سلاح الجو المَلَكي من منصّات ISR SHADOW RI، التي طوّرتها شركة Raytheon
الدول
المستخدم النهائي
الباب
تاريخ المقال
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2021
رقم الصفحة
3

أخر المقالات