الصواريخ المضادة لحاملات الطائرات
شكّلت الصواريخ الموجّهة المضادة لسفن السطح الذراع الرئيسي في الحرب المضادة للسفن. غير أنه بدأت تطفو على السطح، في الآونة الأخيرة، الصواريخ الموجهة المضادة لحاملات الطائرات التي طوّرتها روسيا، والصين، وكوريا الشمالية، وإلى حد ما الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فما هي التهديدات التي تشكلها هذه الصواريخ، وما هي ارتداداتها؟ مع التسليم بأن هذه الصواريخ تتميز بالخصائص التالية: سرعة فوقصوتية، رأس حربي كبير ومدى بعيد. وفيما يأتي بعض هذه الصواريخ ومميزاتها.
تم تسويق صاروخ Yakhont في سوق الصادرات، المعروف بِـ P-800 Oniks روسياً، و Onyx باللغة الإنكليزية. وهو صاروخ جوال فوقصوتي مضاد للسفن، طوّرته شركة NPO Mashinostroyeniya وهو يدفع بمحرك ramjet (محرك نفاث يعمل باستنشاق الهواء الذي يحترق لدفع الصاروخ) P-80 Zubr. بدأ تطوير الصاروخ في العام 1983، وفي التسعينيات تم اختبار الصاروخ المضاد للسفن من على متن سفينة المشروع 1234.7. وفي العام 2002، أنهى الصاروخ كل التجارب وأُدخل إلى الخدمة في حينه. وفي الطيران الأولي يستخدم Onyx قوة الدفع لصاروخ الإطلاق الذي يعمل بالوقود الصلب، وهو يركّب داخل غرفة الاحتراق للمحرك النفاث ramjet للحصول على السرعة التجوالية. يتميز الصاروخ بالخصائص التالية: استقلالية كاملة أثناء القتال باستخدام تقنية «إرمِ وانسَ»؛ وهو صاروخ مرن يحلّق بمسارات سفلية، أي الطيران فوق سطح المياه (10 – 15 م)، أو علوية-تحتية؛ ويحلق بسرعة فوقصوتية في جميع مراحل الطيران؛ يتوافق بالكامل مع مروحة واسعة من المنصات (سفن السطح، وغواصات، والإطلاق من قواذف أرضية)؛ يمكن استخدام الصاروخ في بيئة الإجراءات الإلكترونية المضادة وتحت رمايات العدو.
وبحسب تقرير وكالة TASS الإخبارية، تقوم المجموعات البحرية الصاروخية الروسية بتطوير نظام جديد من الصواريخ البالستية المضادة للسفن، تحت مسمى Zmeevik، ودخل هذا السلاح مرحلة التطوير الأولي خلال الحرب الباردة كغيره من البرامج الأخرى. ويحتمل أن يكون عُلّق تطوير هذا الصاروخ لأسباب تعود إلى تخفيضات في ميزانية الدفاع الروسية خلال تسعينيات القرن الفائت، وقد أُعيد العمل به في السنوات الأخيرة. وفي حال تمت ميدنته، ستستفيد روسيا من قدرات الضرب البحري الدقيق. «صمم Zmeevik لتدمير الأهداف السطحية الكبيرة، وعلى وجه الخصوص حاملات الطائرات»، بحسب وكالة TASS. وتقترح بعض المصادر الروسية أن يستخدم هذا الصاروخ إلى جانب وحدات الصواريخ الساحلية التابعة للبحرية الروسية. وفي هذا المجال، فإن الصاروخ Zmeevik سيكمل أنظمة الدفاع الساحلية المتوافرة حالياً مع صواريخ أقصر مدى، على غرار K-300P Bastion-P. سيوفر تطوير واستخدام قدرات الإطلاق الأرضي البعيدة المدى لروسيا قدرة أكبر على التصدي للأهداف البحرية التابعة لحلف NATO والمعرّضة للخطر عبر البحر الأبيض المتوسط وبحر الشمال وأجزاء من شمال المحيط الأطلسي، استناداً إلى موقع تمركز هذا النظام. ومن شأن التطوير الطويل الأمد المزعوم للصاروخ أن يطرح أسئلة حول الالتزام المبكر لروسيا بِـ «اتفاقية القوات النووية للمدى الوسيط» البائدة، والتي وضعت قيوداً على إنتاج واختبار الطيران وامتلاك صواريخ بالستية وجوالة مطلقة من الأرض ضمن مدى يراوح بين 500 و 5500 كلم. ولقد انسحبت الولايات المتحدة من هذه الاتفاقية في العام 2019 بسبب تطوير روسيا صواريخ جوالة مطلقة من الأرض (Screwdriver) التي انتهكت شروط هذه الاتفاقية. وينسحب Zmeevik على نظيريه الصينيين DF-21D و DF-26 في مجال الصواريخ الفوقصوتية المضادة للسفن، وبخاصة حاملات الطائرات. جهّز الصاروخ بقدرات مستقلة متعددة الأهداف والتي تسمح بحمل رؤوس حربية متعددة والاشتباك مع أهداف متعددة بالتزامن. أمام هذه القدرات الهائلة، فلا يستغرب المرء انسحاب الأسطول الخامس الأميركي ومجموعة القتال التابعة له من القاعدة البحرية في المنامة/ البحرين إلى عمق البحر العربي، مخافة أن يقع رهينة للقوات البحرية الإيرانية، والاستعاضة عنها بالقاعدتين الجويتين في الإمارات العربية المتحدة وقطر. وباستطاعة الصواريخ المضادة لسفن السطح / حاملات الطائرات ضرب أي هدف في الخليج العربي الذي يصل أقصى عرض له نحو 337 كلم. وما ينطبق على الأسطول الخامس ينسحب على أسطولي حاملات الطائرات اللذين أرسلتهما الولايات المتحدة بعد انطلاق عملية طوفان الأقصى لدعم «إسرائيل» ضد هجمات محتملة لحزب الله، إنما بطريقة معاكسة، فهذه الحاملات ستأخذ مواقعها بعيداً عن الشاطئ الفلسطيني بنحو 200 إلى 300 كلم لتبقى على مسافة آمنة من التهديدات الإيرانية، اللهم إلا تلك المجهزة بنظام الحرب الإلكترونية أو الحماية الذاتية لشل هذه الهجمات انطلاقاً من السواحل الفلسطينية/ المياه الإقليمية