أنظمة المسيّرات للارتفاعات العالية
على ارتفاعات تزيد على 60,000 قدم (18,000 متر)، تتطلّب الأحوال الجوية نوعاً جديداً من المنصات، أو ما يُدعى «أنظمة المسيّرات للارتفاعات العالية» (HAPS)، وهي عادة ما تكون «مسيّرات جوّية غير آهلة» (UAV) ذات حمولاتٍ متنوعة من المستشعرات. وقد استعرض دوغ ريتشاردسون مستجدات تطوير هذه المنصات الفريدة.
عند التحليق على ارتفاعاتٍ تُقارب الـ 18,000 متر، تغدو السماء مكاناً مُقفِراً جداً. فقد مضت الأيام التي كان فيها ركّاب الطائرة النفّاثة التجارية السريعة «كونكورد» Concorde يرتشفون قهوتهم فيما هي تُحلّق على تلك الارتفاعات، وقد باتت الخطوط الجوية الحالية تلتزم بسقف أعلى للطيران أقل من 45,000 قدم (14,000 متر). ويمكن لطيّاري المقاتلات أن يُحلّقوا بمهامهم العادية إلى أعلى حدودٍ تقف عندها قدرات مقاتلاتهم، لكنّ أفراد الطواقم الذين سجّلوا عدداً كبيراً من ساعات التحليق على تلك الارتفاعات العالية جداً هم أولئك الذين أُوكِلوا بمهام التحليق بطائرات Lockheed U-2 الشهيرة أو بالطائرات القليلة المتبقّية من مثيلتها الروسية المغمورة Myasishchev M-55 (‘MYSTIC-B’).
وفي هذا العالم الغريب الذي ترتسم فيه السماء بلونٍ أزرق لازوردي غامق ويصبح تَكوّر الكرة الأرضية مرئياً، لا وجود للغيوم، وقلّما تجتاز سرعة الرياح 5 عقد، بينما الاضطرابات أو المطبّات الجوية هي عند حدّها الأدنى، في حين تتطلّب الأحوال الجوية نوعاً جديداً نسبياً من المنصات المحمولة جواً - العربات الجوّية غير الآهلة المخصصة للارتفاعات العالية. وهذه العربات التي غالباً ما يُشار إليها بتسمية «أنظمة المنصات للارتفاعات العالية» HAPS، تتخذ عادة هيئة «عربات جوية غير آهلة» UAV مع باع طويل للجناحين، لكن يُستخدم أيضاً لهذا الغرض «سفن هوائية» أو مناطيد أو حتى بالونات.
وقد بدأت مسيّرة AVENGER من شركة «جنرال أتوميكس أيرونوتيكال سيستمز» General Atomics Aeronautical System، التي كانت تُعرف في الأساس بتسمية PREDATOR-C، كاشتقاق مطوّر عن سلسلة PREDATOR من العربات الجوية غير الآهلة التيربو-داسرية للارتفاعات المتوسطة، لكنها تطوّرت لتصبح عربة أكبر حجماً ومُعاد تصميمها بشكل كبير تدفع بمحرّك تيربو مروحي Pratt & Whitney Canada PW545B. ويمكن لهذه العربة البالغ وزنها 8,250 كيلوغراماً والمجهّزة بجناحَيْن باعهما 20 متراً، نقل حمولة تبلغ نحو 3,000 كيلوغرام للتحليق على نحو جوال على ارتفاعٍ يُقدَّر بنحو 60,000 قدم. وأُعلن عن اشتقاق AVENGER-ER في العام 2016 وهو ذو امتدادٍ للجناحين يبلغ 23 متراً، وبوسعه نقل رادار، وحمولة بصرية إلكترونية (EO) أو ذخائر في طلعات جوية تبلغ فترة مكوثها في الجو 20 ساعة. وكُشِفَ النقاب عن وجود عربة RQ-170 SENTINEL من «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin في العام 2007 من خلال صور غير رسمية أظهرت ما كان آنذاك نوعاً غير معروف من العربات الجوية غير الآهلة UAV في مدينة «قندهار» الأفغانية. وتتميّز هذه العربة الأشبه بـ «جناح طائر» من دون ذيل مع باع لجناحيها يبلغ نحو 27 متراً، بتصميم يتيح انخفاضاً في «المقطع العَرَضِي للرادار» (RCS). وجرى تقدير ارتفاع تحليقها الجوال بنحو 50,000 قدم.
في كانون الأول/ ديسمبر العام 2011، عرضت إيران ما زعمت أنّه عربة RQ-170 جرى «اختطافها» من قِبَل وحدة حرب سيبرانية إيرانية واقتيدت إلى مكانٍ بالقرب من مدينة «كاشمر» في شمال شرق إيران [خُراسان]. وأكدت الولايات المتحدة أنّ هذه العربة كانت إحدى عرباتها الجوية غير الآهلة (وذكرت تقارير أنّها منصة كانت تُشغّلها «وكالة الاستخبارات المركزية» CIA الأميركية لا «سلاح الجو الأميركي») لكنّ مطالبتها باستعادة المسيّرة جُوبِهت برفضٍ من إيران، التي أكدت لاحقاً أنها تعمل على تصميم هندسة مضادة لهذه العربة.
أمّا «أنظمة المنصات للارتفاعات العالية» HAPS الأكثر شهرة فهي RQ-4 GLOBAL HAWK من «نورثروب غرومان» Northrop Grumman. والعربة الجوية غير الآهلة هذه التي كانت تُعرف في الأساس بتسمية Ryan Aeronautical TIER II+، هي ذات باع للجناحين يبلغ 39.9 متراً، ووزنٍ إجمالي يُقدّر بنحو 14,628 كيلوغراماً. ويدفع محرك تيربو مروحي وحيد هذه العربة بسرعة تجوالية تبلغ 570 كيلومتراً في الساعة، وارتفاعاً عملانياً يصل إلى 60,000 قدم. أما الحمولة القصوى للعربة فهي 3,000 كيلوغرام.
أعقبت دفعةَ الإنتاج الأوّلي من اشتقاق RQ-4A لصالح سلاح الجو الأميركي، عربةُ RQ-4B الأكثر تطوراً، وأحدث اشتقاق منها حالياً هو Block 40 . وقد تطوّرت حمولة المستشعرات لعربة GLOBAL HAWK على مر الزمن. ومن بين التجهيزات الأساسية رادارٌ يستند إلى نظام الاستطلاع Raytheon HISAR (وهو اشتقاق من نظام ASARS-2 الذي جُهزت به طائرة U-2)، ومستشعر بصري إلكتروني/ أشعة تحت الحمراء EO/IR مدمج، إلّا أن الاشتقاقات الأخيرة من عربة RQ-4B اشتملت على نظام استشعار مدمج محسّن (EISS). وتضمّنت العمليات فوق العراق وأفغانستان استخدام نظام «استخبار اتصالات» COMINT من «ب أيه إي سيستمز» BAE Systems ومُتعقّب «القوات الصديقة» للتعرُّف أوتوماتيكياً على الأهداف.
ومن بين الحمولات المعروفة الأخرى، «حمولة استخبار الإشارة المحمولة جواً» (ASIIP)، ورادار MP-RTIP (برنامج إدراج تكنولوجيا رادار المنصات المتعددة) يشتمل على «رادار فتحة اصطناعية» (SAR) ورادار «مؤشر الأهداف الأرضية المتحرِّكة» (GMTI). وفي العام 2016، كشفت شركة Northrop Grumman النقاب عن تمويلها لطيران اختباري بغية إثبات قدرة عربة GLOBAL HAWK على نقل طقم متعدّد الأطياف بصري إلكتروني مخصص للاستطلاع Senior Year Electro-Optic Reconnaissance System (SYERS 2) الذي تستخدمه طائرة U-25. وثمة مستشعران محسّنان اعتُمدا في العام 2020 هما نظام الكاميرا المتعددة الأطياف MS-177 لتوفير قنوات متعددة ضمن الحيّزات المرئية والأشعة تحت الحمراء، ورادار AN/ASQ-230 محدّثاً ضمن «الدفعة 1» increment 1 المخصّص للتعامل مع التهديدات الإلكترونية المنتشرة.
وطلب حلف شمال الأطلسي «الناتو» (NATO)، في إطار برنامج «المراقبة الأرضية للتحالف» (AGS)، خمس عربات GLOBAL HAWK RQ-4D Block 40، وتم تسليمه المسيّرة الأخيرة في تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2020. كما وطلبت كوريا الجنوبية واليابان عربة GLOBAL HAWK، في حين أنّ دولاً من بينها كندا والهند قد عبّرت عن متطلبات محتملة. وقامت عربة اليابان الأولى من نوع RQ-4B GLOBAL HAWK بتحليقها الأول في نيسان/أبريل العام 2021.
وأقدمت البحرية الأميركية، في إطار برنامجها «المراقبة البحرية لمناطق شاسعة» Broad Area Maritime Surveillance (BAMS)، على تقييم ومن ثم اختيار عربة GLOBAL HAWK لتلبية متطلباتها لنظام «استخبارٍ ومراقبة واستطلاع» (ISR) في الوقت الحقيقي كي تُكمّل وتُعزّز أسطولها من طائرات الدورية البحرية Boeing P-8 POSEIDON. وأرادت البحرية الأميركية أن تمتلك عربتها الجوية غير الآهلة UAV الجديدة، قدرة على الانحدار أو خفض ارتفاعها بغية الحصول على نظرة من كثب لأهداف تحظى بالاهتمام. ويتطلّب ذلك تقوية بدن العربة وجناحيها، وأن تُجهّز بنظام إذابة للجليد. ودخل هذا الاشتقاق الذي يحمل اسم MQ-4C TRITON الخدمة لدى «البحرية الأميركية» في العام 2018. أمّا أداة المراقبة الأساسية فيه فهي رادار صفيف المسح الإلكتروني النشط «المستشعر النشط المتعدّد الوظائف» AN/ZPY-3 (MFAS) AESA من Northrop Grumman. وأعلنت أستراليا عن طلبها ست عربات مماثلة، وهي تُخطّط للحصول على سابعة.
وفي العام 2007، تقدّمت ألمانيا بطلبية للحصول على خمس عربات EURO HAWKS، وهي اشتقاق من عربة RQ-4B بإمكانها أن تنقل طاقم «استخبار إلكتروني/ استخبار اتصالات» ELINT/ COMINT، لكنّ هذا البرنامج أُلغِي في العام 2015 بسبب ارتفاع كلفة التصديق على قدرة عربة GLOBAL HAWK على التحليق في مجال جوي يخضع للتحكّم. وأعلنت ألمانيا بعد ذلك بثلاث سنوات أنها تُخطط للاستحواذ على اشتقاق MQ-4C، لكنّ هذا القرار لم يدم طويلاً. ففي العام 2020، أُلغيت هذه الخطة لصالح شراء ثلاث طائرات Bombardier GLOBAL 6000 آهلة مجهّزة بطقم «استخبار الإشارة» Hensoldt ISIS-ZB SIGINT. ومجدّداً، تمثلت المشكلة في إمكانية تشغيل «العربة الجوية غير الآهلة» إلى جانب الحركة الجوية المدنية.
في عصر صواريخ السطح-جو، لم يعد التحليق الجوال على ارتفاعات عالية يُوفّر أماناً للمنصة من المخاطر. ففي 20 حزيران/ يونيو العام 2019، أسقطَ «الحرس الثوري الإسلامي الإيراني» عربة جوية غير آهلة UAV للارتفاعات العالية كانت تُحلّق فوق «مضيق هرمز». وبحسب الولايات المتحدة، كانت عربة الـ UAV تُحلّق في مجال جوي دولي، لكن إيران زعمت أنها دخلت مجالاً جوياً إيرانياً. وادّعت تقارير أميركية أوّلية عن الحادثة أنّ العربة الجوية غير الآهلة كانت مسيّرة MQ-4C TRITON، لكنّ «القيادة المركزية» الأميركية أكدت لاحقاً أنّها كانت «عربة اختبارية - لمراقبة بحريّة لمنطقة شاسعة» (BAMS-D)، وهي اشتقاق من عربة GLOBAL HAWK استحوذت عليه «البحرية الأميركية» واستخدمته من أجل إجراء تحسينات على التكتيكات والتقنيات والإجراءات للاستخدام في بيئة بحرية.
ويمكن للمقاتلات القادرة على التحليق بفعالية على ارتفاعات عالية جداً كهذه أن تُشكّل أيضاً تهديداً لـ «أنظمة المنصات للارتفاعات العالية» HAPS. ففي آب/ أغسطس العام 2020، اعترضت ثلاث مقاتلات روسية من طراز MiG-31 FOXHOUND عربة جوية تابعة لسلاح الجو الأميركي من طراز RQ-4B كانت تُحلّق فوق بحر «تشوكتشي» Chukchi (شمال «مضيق بيرينغ»). وكان اعتراض عربة GLOBAL HAWK مهمة تقع تماماً ضمن نطاق قدرات مقاتلة MiG-31، الذي يبلغ أقصى ارتفاعٍ لها ما يزيد على 80,000 قدم (25,000 متر). ولم يتضح ما إذا كانت عربتا GLOBAL HAWK و TRITON مزودتين بطقم «حرب إلكترونية» (EW) للحماية الذاتية. وذكرت بعض التقارير أن عربة GLOBAL HAWK مجهزة بمتلقي إنذار ليزري AN/AVR-3، ومتلقي إنذار راداري AN/APR-49، ونظام تشويش لم يُفصح عنه، ونظام أشراك خداعية مقطورة ALE-50.
في أواخر العقد السادس من القرن العشرين، مَيْدَن الاتحاد السوفياتي Tupolev Tu-123 YASTREB، وهي عربة جوية غير آهلة فائقة لسرعة الصوت مخصّصة للاستطلاع زنة 35,600 كيلوغرام وذات سرعة قصوى تصل إلى 2,700 كيلومتر في الساعة، ومدى يبلغ 3,200 كيلومتر، وأقصى ارتفاع للتحليق يبلغ نحو 75,000 قدم. وعندما رصدت رادارات حلف «الناتو» تحليق عربات YASTREB أولاً، سادَ افتراضٌ مبدئي بأنها طلعات تُنفذها مقاتلات MiG-25 FOXBAT، وأدّت إلى فرط تقييم غربي لأداء تلك المقاتلة. وأعقب عربات Tu-123، التي أُحيلت على التقاعد في أواخر السبعينات، العربة المقاربة لسرعة الصوت Tu-141، لكنّ هذه الأخيرة كانت نظاماً للارتفاعات المتوسطة مع أقصى ارتفاعٍ للتحليق الجوال يقل عن 20,000 قدم.
ونَجَم عن الصعوبات الاقتصادية المتنامية وانهيار الاتحاد السوفياتي شبه تخلٍّ عن تطوير «عربات جوية غير آهلة». وعندما أصبح الروس متورّطين في العام 2008 بحملات عسكرية في «أبخازيا» وجنوب «أوسيتيا»، بدا واضحاً الضعف التقني والأداء التقليدي لعربتها الجوية غير الآهلة آنذاك، لذا تركّزت الجهود الناشئة لتدارك هذا الضعف على أنظمة الارتفاعات المنخفضة والمتوسطة. وإذا ما كان لدى روسيا برنامج عربات UAV للارتفاعات العالية، فينبغي الانتظار لكي تكشف عنها.
ووفقاً لتقريرٍ في العام 2019 نشرته الصحيفة الروسية اليومية «إزفيستيا» (Izvestia)، من المقرر أن تلعب عربة Sokol ALTIUS دوراً كبيراً في عمليات العربات الجوية غير الآهلة UAV المستقبلية للبلاد. والعربة التي حلّقت للمرّة الأولى بهذا التصميم في العام 2019، قد أُشير إليها في بعض التقارير الصحفية على أنّها النظير الروسي لعربة GLOBAL HAWK، لكنّ ذلك غير صحيح. فعربة ALTIUS يبلغ وزنها عند الإقلاع 8,000 كيلوغرام فحسب، وهي لا تعمل بمحرّك تيربو نفّاث أو تيربو مروحي، بل بمحرّكَيْن تيربو-داسريين. أمّا أقصى ارتفاع لتحليقها فهو 39,000 قدم (12,000 متر) فحسب.
ومن بين أكثر مشاريع UAV الروسية إثارة للاهتمام، مشروع OBZOR-1 الذي تُطوّره كُلّ من شركتي «تساغي» TsAGI و«مايسيشتشيف إي أم زد» Myasishchev EMZ. ويبدو أنّ شكل هذه العربة قد صُمّم للحدّ من مقطعها العَرَضي الراداري RCS، لكن على الرغم من الترويج لها كنظام للارتفاعات العالية، فمن المتوقع أن يبلغ أقصى ارتفاع لتحليقها نحو 35,000 قدم.
وتُعتبر عربة التنين المحلّق XIANGLONG (SOARING DRAGON) من صنع مجموعة «غويتجو أفييشن غروب» Guizhou Aviation Group أول عربة جوية غير آهلة صينية في هذه الفئة من الأداء. وتتميّز هذه العربة التي حلّقت للمرة الأولى كما يُعتقد في العام 2008 على باع للجناحين يبلغ 23 متراً، ويبلغ وزنها 7,500 كيلوغرام، ويمكنها أن تنقل حمولة تصل إلى 650 كيلوغراماً. والعربة التي تعمل بمحرّك تيربو مروحي «غير ساخن»، يصل أقصى ارتفاع عملاني لها إلى 59,000 قدم (16,000 متر)، ويبلغ مداها 7,000 كيلومتر.
وكان تطوير عربة «الصقر المقدّس» SHENDIAO (DIVINE EAGLE)، من قِبل معهد تصميم الطائرات «شينيانغ ايركرافت ديزاين إنستيتيوت» Shenyang Aircraft Design Institute قبل نحو عقد من الزمن، ويُرجّح أن يكون هذا النظام قد دخل الخدمة في العام 2018. أما باع الجناحين المقدر بنحو 40-50 متراً فيجعل منها أضخم عربة جوية غير آهلة عملانية في العالم. ويجمع تصميمها المبتكر بدنَيْن توأمين يتلاقيان في المقدمة على سطح جناح أمامي canard wing، وجناحَين صغيرين خلفيين عاليي الأداء، وجهازَي استقرار stabilisers عموديين كبيرين. وتحلق عربة SHENDIAO بمحرك تيربو مروحي وحيد «عالي نسبة تدفق الهواء الالتفافي حول غرفة الاحتراق في المحرك» high-bypass، لكن يبدو أنّ التقديرات التي تحدّثت عن أقصى ارتفاع عملاني يبلغ 82,000 قدم (ما يزيد عن 25,000 متر) مبالغٌ فيها.
طُوّرت عربة UAV التيربو داسرية KUS-FS من قِبَل «قسم الجوفضاء في الخطوط الجوية الكورية» Aerospace Division of Korean Airlines لكي تكون ضمن فئة الأداء ذاتها كشأن عربة PREDATOR، وقد جرى التثبّت من أقصى ارتفاع لتحليقها وهو 50,000 قدم (15,000 متر). وبعد تحليقها الأول في العام 2012، لم يتم التأكد بعد من دخولها الخدمة العملانية. ومن بين أدوارها المحتملة، الاستطلاع والمراقبة الرادارية واستخبار الإشارة والمهام الضاربة.
وبدأت Airbus ZEPHYR مشوارها العملاني تحت اسم QinetiQ ZEPHYR 6، وقد حلقت للمرة الأولى في العام 2003. وتمت تجربة هذا الاشتقاق، الذي يُحلق بمحرّكات كهربائية تُغذيها بطارية قابلة لإعادة الشحن وخلايا شمسية، في مهمة لمدة 82 ساعة على ارتفاع يصل إلى 61,000 قدم (19,000 متر). وبعدما بيعت إلى ما يُسمّى حالياً بشركة «ايرباص ديفنس أند سبايس» Airbus Defence and Space في العام 2013، وجرى طلبها بتصميمها الأساسي ZEPHYR S من قِبل المملكة المتحدة في العام 2016 لكي تخدم كمنصة استطلاع ذات فترة مكوث طويل في الجو. ويبلغ باع جناحي عربة ZEPHYR S، المبنية بنسبة كبيرة من مواد مركّبة من الألياف الكربونية، 25 متراً لكن وزنها هو فقط 62 كيلوغراماً، وقادرة على نقل حمولة 5 كيلوغرامات. وحلقت للمرة الأولى في العام 2018 لفترة 26 يوماً تقريباً. وتحطّمت عربتان بريطانيتان من طراز ZEPHYR 5 في العامين 2019 و 2020. أما الاشتقاق المستتبع ZEPHYR-T فهو ذو تصميم ثنائي الأذرع، ويتميز بباع جناحين يبلغ 33 متراً، وحمولة تصل إلى 20 كيلوغراماً.
الزمن. وتُعتبر منصة STRATOBUS، التي وضعت تصوّرها شركة «تاليس ألينا سبايس» Thales Alenia Space، وهي مشروع مشترك بين Thales و«ليوناردو» Leonardo، «سفينة هوائية» مستقلّة مخصصة لطبقة «الستراتوسفير» الجوية، صُمّمت للعمل على ارتفاع يصل إلى 20,000 متر. ويُتوقع أن يكون طول STRATOBUS نحو 115 متراً، وقطرها 34 متراً عند أعرض نقطة فيها، وأن يبلغ وزنها نحو سبعة أطنان مترية. ومن المتوقّع أن تنقل بتصميمها الأساسي حمولة زنة 250 كيلوغراماً، وأن تتمكن من ذلك بقوة كهربائية تبلغ 5 كيلواط، لكنّ المهام في المنطقة الاستوائية قد ترفع هذه الأرقام إلى 450 كيلوغراماً و 8 كيلواط. وبحسب شركة Thales Alenia Space، ستكون هذه العربة قادرة على التحليق في مهام لخمس سنوات لا يقطعها سوى فترة وجيزة من خدمة الصيانة السنوية.
وفي كانون الثاني/ يناير العام 2020، وقّعت شركة Thales Alenia Space عقداً مع «وكالة المشتريات الدفاعية الفرنسية» (DGA) بغية تنفيذ «دراسة مفهوم» (concept study) لتحديد ما إذا كانت منصة من نوع STRATOBUS قد تُلبي الاحتياجات العملانية للجيش الفرنسي في حقول مثل «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» (ISR). وسيسمح ذلك ببدء عمل طويل الأمد على نواحي التحكم بمثل تلك المنصات، وإلكترونيات الطيران المستقلة العالية الموثوقية التي قد تتطلّبها، ومن المفترض أن تكون STRATOBUS قد خاضت اختبار التحليق الأولي نهاية العام الماضي.
وعلى الرغم من وجود عدد من المنصات غير الآهلة قيد التطوير، فإن الطائرات للارتفاعات العالية الآهلة ليست متقادمة بعد. فلا تزال طائرة U-2، المُشار إليها غالباً باسم DRAGON LADY، مستخدمة من قِبل سلاح الجو الأميركي، وقُدّمت اقتراحات عديدة لإحالة هذه الطائرة على التقاعد، لكن جرى التغافل عن العديد من مواعيد إحالتها، ويبدو اليوم أن ثمة مواعيد أخرى مقرّرة لهذه الطائرة، ما يسمح ببقائها في الخدمة إلى جانب عربة RQ-4.
وهناك فريقا عمل أميركيان على الأقل يعكفان على دراسة بدائل محتملة لطائرة U-2. ففي العام 5102، أصدرت شركة Lockheed Martin رسومات فنية لطائرة خفية غير آهلة مقترحة تحت مسمى TR-X، بينما كشفت «بوينغ» Boeing النقاب عن نموذج أوّلي لطائرة استطلاع ضاربة «فوقصوتية» في العام 2018. لكن في زمن يشهد ميزانيات دفاعية منخفضة، فمن المشكوك فيه ما إذا كانت مثلُ هاتين الطائرتين ستُشيَّدان في المستقبل القريب. ومن المرجح أن تواصل طائرة U-2 و«أنظمة المنصات للارتفاعات العالية» HAPS شبه احتكارهما للسموات المُقفَرة تلك التي يفوق ارتفاعها عن 50,000 قدم.^