«الاستخبار الجيومكاني»: تحليلاتٌ محوسبة بذكاءٍ اصطناعي وتعلُّم ذاتي للآلة وواقع افتراضي ومعزَّز
فيما تسعى القوّات المسلّحة ووكالات الاستخبارات إلى الإفادة على نحو أمثل من «الاستخبار الجيومكاني» GEOINT، فإنّ الصناعة تعمل بجهدٍ حثيث لدمج الجيل الجديد من «الذكاء الاصطناعي»AI، وحلول «تعلُّم الآلة» و«الواقع الافتراضي» والآخر «المعزَّز» في شبكات جَمْع الاستخبار. هذا ما يبحث فيه أندرو وايت، المُحلِّل في الزميلة «ديجيتال باتل سبايس».
يُعرَّف «الاستخبار الجيومكاني» Geospatial Intelligence (GEOINT) من قِبَل «الوكالة القومية الأميركية للاستخبار المكاني» (US National GEOINT Agency) بكونه استخباراً مستَقى من اعتماد وتحليل الصور والمعلومات المستمدَّة من حمولات مستشعرات متعدِّدة مرتَكزة فضاءً ومحمولة جوّاً قبل تحليل أنظمة المعلومات الجغرافية.
لذا فإنّ استخبار GEOINT يعتمد بشدّة على حمولات ومنصّات مستشعرات للمراقبة والاستطلاع والاستخبار ISR كوسيلة لتزويد القوات المسلّحة ووكالات الاستخبار بصورٍ عملانية تكتيكية واستراتيجية، والتي تبقى حاسمة في تخطيط المهام وتنفيذها واستغلالها، حسب مصادر دفاعية.
خلال منتدى GEOINT Symposium الذي عُقِدَ في مدينة «تامبا» بولاية فلوريدا قبل فترة، ناقشَ مدير «الوكالة القومية الأميركية للاستخبار الجيومكاني» روبرت كارديللو، كيف يمكن استخدام تكنولوجيات «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم من خلال الآلة» دعماً لمنصّات ISR في تحديد هويّة الأهداف التي تحظى بالاهتمام قبل تغذية قواعد البيانات بمعلوماتٍ ذات صلة بالمهمة، وقال: «إنّه تغيُّر عميق ويُمثِّل مستقبلنا، وهو يحدث اليوم».
وركّزت مصادر دفاعية في حلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO خلال «مؤتمر أنظمة المراقبة والاستطلاع والاستخبار المحمول جوّاً» Airborne ISR Conference في لندن، على إدماج «الذكاء الاصطناعي» وبرمجيات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» Machine Learning في أطقم مهام ISR التقليدية والأخرى من الجيل التالي.
ووفقاً لمسؤولين، فإنّ أي نهج لهكذا تكنولوجيات قد يساعد الوكالات على تحقيق مستويات متزايدة من السرعة الفائقة في استخراج بيانات ISR، فيما يُشدِّد العديد من الخبراء على أنّ هذه التكنولوجيا قد تساعد أيضاً في الاستغلال الأمثل لاستخبارات جيومكانية في الوقت الحقيقي بغية رصد الأهداف والاشتباك معها وشلّها على نحو ناجح.
وفي مناقشات أمثلة من العالم الحقيقي في شمال العراق وسوريا، حيث كانت تُشغِّل «قوات العمليات الخاصة» للتحالف الغربي «سيارات دفع رباعي بيضاء» White SUV تُماثل تلك التي كان يستخدمها عناصر المتشدِّدين في الدولة الإسلامية للعراق والشام وبعض السُّكّان المدنيين. سلَّط مسؤولون الضوء على إمكانية أن تُخفِّض تكنولوجيا «الاستخبار الجيومكاني» GEOINT المعزَّزة بالذكاء الاصطناعي حوادث إصابات «النيران الصديقة» blue-on-blue أو الأضرار الجانبية.
وبحسب مسؤولين من «سلاح الجو المَلَكي» البريطاني فإنّ تكنولوجيا «التعلُّم من خلال الآلة» و«الذكاء الاصطناعي» ناضجة بالفعل بما يكفي لاستخدامها بغية المساعدة في استراتيجيات وعمليات «الاستخبار والمراقبة وحيازة الأهداف والاستطلاع» ISTAR (الفضائية) المتواصلة في بيئاتٍ مكتظة بالموجات الكهرومغناطيسية، فضلاً عن تخزين البيانات والهندسة المستخدمة لـ «معالجة واستثمار ونَشْر» PED بيانات «الاستخبار الجيومكاني».
ومن خلال وصفه لبرنامج «سلاح الجو المَلَكِي» لتسليم قدرة ISTAR من الجيل التالي، أوضح العقيد الطيّار آدم نورثكوت-رايت، رئيس تطوير ISTAR لدى السلاح المذكور، أنّ هناك سعياً لتحسين إفادة هذا السلاح من «الذكاء الاصطناعي» دعماً لمعالجة واستثمار ونَشْر الاستخبار بغية تسريع دورات صنع القرار وتخفيض العدد المطلوب من الكوادر لتنفيذ المهام.
وحذَّر نورثكوت-رايت أيضاً من أنّ جناح ISR، الذي يُشكِّل عنصر القوة الأكبر في «سلاح الجو المَلَكِي»، يسعى جاهداً لدعم نشاطات GEOINT. وأكّد أنّ تحسين أداء فعالية PED في استخدام الأتمتة بما في ذلك «الذكاء الاصطناعي» وترابط البيانات هو خطوة مهمة في هذا الاتّجاه. واقترحَ بالنسبة إلى الإدماج على المدى البعيد لمثل هذه الأدوات في شبكات GEOINT أشمل، أن تُعيد قوات ISTAR النظر في الوسائل المُثلى لتولِّي مجموعة متنوّعة من المهام، وكيف يمكن استغلال التكنولوجيا لتمكين ذلك، مؤكّداً أنّ «الذكاء الاصطناعي» لا ريب هو التكنولوجيا المستهدفة.
عبَّرَ عن مواقف مماثلة قائد الجناح في «قيادة القوات البريطانية المشتركة» كايث دير Keith Dear، الذي أكّد أنّ «الذكاء الاصطناعي» و«البيانات الكبيرة» هما في موقعٍ يؤهِّلهما على نحو أمثل للمساعدة على استغلال قدرات GEOINT.
وزَعَم دير أنّ نحو %60 من المعالجة يمكن تحقيقها عبر «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم من خلال الآلة» اليوم. لكنّه جادَل أنّ الحال ليس كذلك مع وزارة الدفاع البريطانية التي تُواصِل «الكفاح» لإدماج «الذكاء الاصطناعي» في أنظمتها التشغيلية العملانية الحديثة.
كما عكسَ فحوى تعليقات نائب رئيس شركة «رايثيون» Raytheon وكبير مستشاريها ريك يوسي، الذي أوضحَ خلال منتدى GEOINT أنّ الحكومات «تسبح في المستشعرات، وتغرق في البيانات وتتعطَّش للاستشراف فيها».
وبحسب دير، يمكن استخدام «الذكاء الاصطناعي» لدعم قدرات GEOINT مع توظيف خوارزميات مصمَّمة للمساعدة في استغلال البيانات. ومن بين الأمثلة التي سلّط الضوء عليها «معالجة واستغلال ونَشْر» بيانات ISR للتحليل المفصَّل تصنيفاً للسُّكّان المحليين إلى «مجتمعات، ومصالح مشتركة، وحلفاء سياسيين وغيرها من الحاجات والاهتمامات»، فضلاً عن التعريف بدقّة أية مناطق من المجتمع قد تكون ضعيفة وعرضةً لرسائل وسرديات لِـ «العمليات السيكولوجية» PSYOP التي تبثّها قوات صديقة أو عدوّة. وقال دير: «يمكننا استخدام كلّ ما وَرَدَ أعلاه لتصميم وترويج سرديات واستبدال السرديات غير المستحبّة في أنحاء المنطقة المشمولة بالنشاط العملاني». وشدّد على أنّ استغلال هذه المعلومات يمكن استخدامه أيضاً لمواصلة مراقبة وضبط العمليات في الوقت الحقيقي.
وعلاوة على ذلك، يمكن لهذا المفهوم من العمليات أن ينطوي على إدماج خوارزميات «الذكاء الاصطناعي» في برمجيات حمولة مستشعرات لأنظمة «مراقبة من علٍ»، ومن ثمَّ الاعتماد عليها لتحديد هويّة أهداف عالية القيمة فضلاً عن أفرادٍ يمكن أن يكونوا مهيَّأين لإثارة العنف وسط تجمعات كبيرة من السُّكان.
وأوضحَ دير أنّ «الذكاء الاصطناعي» يساعد على فهم أفضل للمُدخِلات والمُخرجات التي قد تُؤلِّف تطبيقات لأنظمة طائرات مُسيَّرَة للمراقبة في الوقت الحقيقي، وحذَّر من أنّ قدرة «الجندي في حلقة التحكُّم» man-in-the-loop تبقى مقيَّدة وعرضة لمحدوديات إدراكية ومادية. وأضاف إنّ «مستقبل ISR ليس في المستشعرات بل في «التحليلات المحوسبة» Analytics، وسيسمح لنا الذكاء الاصطناعي التحرُّك عملانياً بسرعة».
تبذل وزارة الدفاع البريطانية أيضاً جهوداً مماثلة في البيئة البحرية، ووصفَ مسؤولون الكيفية التي سيُعتمَد فيها «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» للمساعدة في معالجة واستغلال ونشر البيانات الجيومكانية بغية تعزيز الوعي أو إدراك المحيط في مناطق العمليات مع حدٍّ أدنى من عرض الحيّز bandwidth.
وبحسب دايفيد تاغ-أورام، مدير برنامج «الذكاء الاصطناعي والبيانات» لدى البحرية البريطانية، ستُستخدم أدوات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» للمساعدة في توليد ذكاء «أسلوب عيش». وأوضحَ أنّ جهود «نيلسون» (وهو برنامج ابتكاري يُركِّز على علوم البيانات لإتاحة صنع قرارٍ أفضل) يرنو إلى تأمين تحديثاتٍ في «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» للمشاركين في التمارين البحرية. وقد أُثبتت فائدة برنامج «نيلسون» في دعم تكنولوجيا التنبُّؤ لفَهْم دورات الصيانة واللوجستيات على متن مدمِّرات من فئة Type 45. وأشار تاغ-أورام إلى أنّ «الذكاء الاصطناعي» قد يُمثِّل أيضاً مصدراً إضافياً للاستخبار الجيومكاني للبحرية. وأضاف: «إنّنا نتَّجِه نحو فكرة منصّةٍ مع مستشعرات، وبيئة حوسبة وتخزين مشتركة، جميعها مترابطة بَيْنياً بالبيانات. وتتوافر التطبيقات بوتيرة سرعة أفضل».
تُواصِل في الولايات المتحدة الأميركية، ووكالات حكومية من بينها «قيادة الأنظمة الجوّية البحرية» NAVAIR، و«الوكالة القومية للاستخبار الجيومكاني» NGA و«سلاح الجو الأميركي»، استطلاع سلسلة من تطبيقات الجيل التالي لـ «الذكاء الاصطناعي» و«تعلُّم من خلال الآلة» دعماً لقدرات GEOINT تقليدية وأخرى مستقبلية.
ويشمل العمل استغلال عقود «الأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة» SBIR على غرار عقد بقيمة 92 مليون دولار مُنِحَ إلى شركة «راديانت صوليوشنز» Radiant Solutions لدعم تطوير، ونمذجة واستخدام قدرات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» وتصنيف الحشود بغية تعزيز مجموعة واسعة من مهام «الوكالة القومية للاستخبار الجيومكاني».
وهذا العقد الذي يُشكِّل عنصراً في استراتيجية GEOINT التجارية الأشمل لدى وكالة NGA، يهدف إلى تطوير حلول أتمتة لمَنْح المحلِّلين مزيداً من الوقت للتركيز على مجموعة مشكلات أكثر تحدّياً وحساسية من ناحية المهمّة، وفقاً للوكالة المذكورة.
ويتمحور الحل حول محرِّك النمذجة التنبُّؤي أو التوقعي Signature Analyst، لدى الشركة الذي بإمكانه أن يُطبِّق «التعلُّم الذاتي للآلة» على مجموعة هائلة من معلومات الاستخبار الجيومكاني بغية مساعدة المحلِّلين على البحث سريعاً في مناطق جغرافية واسعة مشمولة بالعمليات.
وأوضحت شركة Radiant Solutions في بيانٍ لها أنّها ستمضي قُدُماً في تطوير قدرات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة»، على غرار طقمها للتطوير البرمجي DeepCore Computer Vision، فضلاً عن قدرات تصنيف الحشود، بغية مساعدة المحلِّلين على أن يُعالِجوا سريعاً أحجاماً كبيرة من بيانات الاستشعار عن بُعد، وفَهْم الأنماط العالمية للحياة وتمكين إجراء بحثٍ في مناطق شاسعة.
في غضون ذلك، يسعى «سلاح الجو الأميركي» إلى تحقيق إنجازات في التقدُّم التكنولوجي بما في ذلك دعم «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» لرصد التهديدات في ميدان القتال، فيما يغتنم القادة إمكانيات «أبحاث ابتكارية للشركات الصغيرة» SBIR للنظر في تكنولوجيات تجارية قادرة على تكييف وتطبيق استشعارٍ استخباري متعدّد، وتقنيات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» لتعريف وفَهْم وتحديد التهديدات» من على منصّاتٍ ثابتة.
وأوضح مسؤولون في سلاح الجو أنّ هذه الخطوة حقّت تطوُّراً ملحوظاً في تقنيات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» على مدى السنوات القليلة الماضية، وذلك يعود من جهة إلى توافر الحوسبة العملاقة بكلفةٍ منخفضة ومجموعة البيانات المصنَّفة على نطاقٍ كبير.
وجاء في ورقة بيضاء خاصة بالأبحاث الابتكارية للشركات الصغيرة وضعها «سلاح الجو الأميركي» منذ سنوات أنّ «المُعالِجات والخوارزميات تعمل بسرعةٍ تزداد توافقاً مع النشاطات في الوقت الحقيقي بما في ذلك توجيه وتشغيل عربات مستقلّة ذاتية الحركة، والتعرُّف الفوري على الوجه ومعالجة اللغة الطبيعية»، وأنّ «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» القادر على مَسْح وفَهْم المرافق أو العمليات ومن ثمّ تصنيف ومراقبة التهديدات الدينامية والتوغُّلات والتدخُّل ضمن البيئة التي تُدلِّل على وجود سلوك شاذ وربّما يفرض تهديداً».
وأخيراً تبقى قيادة NAVAIR مركِّزة على التطوُّرات الخوارزمية المصمّمة لتزويد محلِّلي GEOINT بقدرات إدارة مخزون استخبار صور معزَّزة. ويهدف مشروع SBIR إلى استحداث قاعدة بيانات قادرة على اختيار الصور الأكثر ملاءمةً لفترات تخزين طويلة بغية دعم التحليل الاستخباري، وتطوير تقنيات الملاحة وتحديد الموقع الجغرافي بدقّة عالية.
مهما يكن من أمر، فإنّ استغلال قدرات GEOINT لا يقتصر على «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم الذاتي من خلال الآلة». وقد أفصحت شركة «إنتيغرا سيستمز» Entegra Systems عن تفاصيل تتعلّق بدعم «الواقع الافتراضي» VR و«الواقع المعزَّز» AR في تمارين «سايبر كويست» Cyber Quest التي نُظِّمت تحت رعاية «مركز الامتياز السيبراني للجيش الأميركي» في قاعدة «فورت جوردن» Fort Gordon بولاية جورجيا.
وهذه التمارين المُعَدَّة لتحديد التكنولوجيا القادرة على دعم العمليات المتعلِّقة بالحرب السيبرانية، و«جَمْع الاستخبار»، و«استخبار الإشارة» SIGNIT و«الحرب الإلكترونية» EW، تُوفِّر للجيش الأميركي الفرصة «للإفادة من تكنولوجياتٍ جديدة وناشئة للدفاع عن الوطن»، بحسب ناطقٍ باسم الشركة.
واغتنمَت شركة Entegra Systems الفرصة لإثبات كيف أنّ «الاستخبار الجيومكاني» بالإمكان عرضه ونشره لدى العديد من المستخدمين في أنحاء ميدانٍ واحد عبر «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزَّز» وأجهزة «الواقع المختلط للمستخدِم النهائي» EUD.
وتتمحور هذه المقاربة حول نشر حلٍّ يجمع العديد من المستخدمين مصمّم لتعزيز الإدراك الوضعي، وتخطيط وإدارة المعركة فضلاً عن تحليل البيانات السيبرانية للوحدات المشاركة خلال التمارين.
وتعاونت شركة Entegra Systems مع «إيميرسيف ويزدوم» Immersive Wisdom لاختبار «مركز العمليات التكتيكي الافتراضي» VTOC الذي بحسب مسؤولي الشركة «التقطَ بيانات تكتيكية خلال التمارين الحَيَّة ووفَّر تحديثات في الوقت الحقيقي لأركان اللواء المُشارِك بغية تعزيز الإدراك الوضعي».
وجاء في بيان للشركة أنّ «مركز VTOC أتاح لأركان اللواء التعاون في استيعاب واستعراض وتحليل وتعزيز مجموعة بيانات متنوّعة، من بينها بيانات مستقاة من مستشعرات الحرب الإلكترونية والفضاء السيبراني ومن تطبيقات تقليدية ضمن فضاء واقع افتراضي وواقع معزَّز وواقع مختلط بوعيٍّ زمني وجيومكاني».
وأضاف البيان: «عَمِلَ العديد من المستخدمين سويةً في بيئةٍ افتراضية، مطَّلعِين على خرائط، ومُحاطين ببيانات تكتيكية وأخرى ذات صلة بالمهمة في فضاءٍ تفاعلي. وتفاعَل المستخدمون وحلَّلوا في آنٍ صورة شاملة ثلاثية الأبعاد في الوقت الحقيقي للميدان تضمّنت تغذية مستشعرات، وبيانات سيبرانية/ شبكية، ومنصّات وصور وفيديو (عربة جوّية غير آهلة)».
ثمة عمليات تحديث في التأثيرات المرئية لـ «الاستخبار المكاني» GEOINT تُواصِل استطلاعها شركة «إيسري» Esri ومقرّها الولايات المتحدة، التي تُبقي تركيزها على التطوُّرات في قدرات استخبارها الجيومكاني «الثلاثي الأبعاد».
وبحسب كريس أندروز، مدير المنتجات الثلاثية الأبعاد في الشركة، تدرس Esri فرصة إدماج «الواقع الافتراضي» و«الواقع المعزَّز» وقدرات «التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» بغية جَمْع ومعالجة أنواع جديدة من البيانات، والعرض المرئي للمعلومات الضمنية، وتحليل السلوكيات والعودة بتغذيةٍ إلى مختلف المَعنِيين في أنحاء الميدان.
وأضاف أنّ الشركة تواصل تركيز تكنولوجيتها على بيئة التشغيل المستقبلية حيث بإمكان استخدام منصّتها ArcGIS، لدعم تطوير أدوات تحليلية تفاعلية، والواقعَين الافتراضي والمعزَّز، فضلاً عن بيانات كبيرة لـ «بيئات تفاعلية محيطة ثلاثية الأبعاد».
في غضون ذلك، تواصِل شركة «سيستيماتيك» Systematic الدنماركية إدخال سلسلة من التحديثات البرمجية من الجيل التالي على طقمها للقيادة والسيطرة SitaWare C2. وهذا يشمل عرض مرئي ثلاثي الأبعاد لبرمجياتٍ صُمِّمت لتعزيز إدراك الوضع المحيط للمستخدمين عبر بيئات برّية وبحريّة.
وأوضح أندرو غراهام، نائب الرئيس الأعلى في شركة Systematic، أنّ «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم الذاتي من خلال الآلة» قد يدعمان جهود القيادة والسيطرة في المستقبل حيث التطوير في هذه التقنيات واعِدٌ.
وأكّد غراهام أنّ الطبيعة الدينامية للبيئة العملانية المعاصرة تتطلّب مرونة من الصناعة، وتطوير حلول يمكن تعديلها بحسب ما تقتضي الحاجة. فعلى سبيل المثال يطلب العديد من دول حلف شمال الأطلسي «الناتو» مجموعة قدرات تُلبِّي التزاماتٍ متزايدة في العمليات المضادة للعصابات فيما تكون في الوقت ذاته مستعدة للمهام المستقبلية في بيئات هجينة وربّما ضدّ تهديدات شبه ندّية.
ويُستخدَم طقم SitaWare لدعم إدراك الوضع المحيط للقوات التقليدية والخاصة. ومن بين آخر التحديثات نمط وضع الخرائط لإدراج وظيفية النَّسَق الثلاثي الأبعاد في طقم المهمة SitaWare HQ 6.7.
وبحسب هانز يورغن بوهلبرو، مدير إدارة المُنتج لدى شركة Systematic، فإنّ العرض المرئي الثلاثي الأبعاد للاستخبار الجيومكاني، يستحدث فوائد عملانية عديدة تُوفِّر للقادة «صورة شاملة للبيئة العملانية، وتُتيح لهم اختيار المواقف الأكثر ملاءمة لتحقيق النجاح في المهمة».
ما من شكٍّ يُذكَر في أنّ «الاستخبار الجيومكاني» GEOINT سيزداد أهميةً في البيئات العملانية المعاصرة والمستقبلية. وفيما يُطلَب المزيد من المحلِّلين والمستخدمين على الأرض، تنبري حلول تكنولوجيات «الذكاء الاصطناعي» و«التعلُّم الذاتي بالآلة» و«الواقع المختلط» لتعزيز الفعالية العملانية للقوات المنتشرة في الخطوط الأمامية فضلاً عن التشكيلات القتالية المنتشرة في عمق الجهاز الدفاعي للعدو المُنوط بها مهام دعم «الاستخبار الجيومكاني» على مستوى استراتيجي.
لكن وفقَ تحذيرات مصادر دفاعية يتعيّن على القادة تجنُّب إرهاق كاهل الجنود المقاتلين الراجلين منهم وأولئك المستقلين عربات ومنصّات بكمٍّ كبيرٍ من البيانات من شأنه أن يُسهِم في ثقل العبء الإدراكي المرتبط بالفعل بأوضاعٍ تتَّسِم بالتوتُّر والجهد الشديدَين.