Slideshows

ما التوليفة الأفضل لطائرات الجيلَيْن الرابع والخامس؟

في ذروة برامج مشتريات سلاح الجو الأميركي لطائرات الجيل الخامس، وتحديداً طائرات F-22 و F-35A، أدرك هذا السلاح أن هذه الطائرات لا تقوى على تنفيذ بعض المهام التي تقوى عليها طائرات الجيل الرابع. واستدعى هذا الوضع تطوير برامج مشتريات من قِبَل هذا السلاح تتضمن توليفة أو مزيجاً مثالياً من طائرات الجيلين الرابع والخامس، والاستفادة من مكامن القوة لكل منهما. في الواقع، إن هذا التوجه هو انعكاس للدراسة الجديدة التي أصدرها سلاح الجو الأميركي TacAir بالتعاون مع مكتب تصميم الأكلاف والبرامج والتي تهدف إلى إيجاد التوليفة المناسبة من المقاتلات في ترسانة هذا السلاح وتحديد المهام التي ستستأثر بها والعدد المطلوب لكل منها. وفي ما يأتي بعض أشكال التوجه الجديد:
- أنهى سلاح الجو الأميركي خط تجميع مقاتلة السيادة أو الهيمنة الجوية F-22 قبل الوقت المحدد، واكتفى بتصنيع 195 مقاتلة بدلاً من 750 مقاتلة كما ينص البرنامج الأساسي، أدى التأخير في برنامج المقاتلة F-35A إلى تأخير تقاعد المقاتلة F-16 من العام 2029 وحتى العام 2048 على الأقل؛ تحديث طائرات Lockheed Martin F-16 و Boeing F-15 إلى مستوى 4+ كون هاتين الطائرتين التكتيكيتين ما زالتا تلعبان دوراً أساسياً في مهام  طائرات سلاح الجو الأميركي في الخط الأمامي؛ ابتاع سلاح الجو الأميركي دفعة أولية من ثماني طائرات F-15 Advanced Eagle (الجيل ++4) وهناك توجه محتمل لشراء 144 طائرة إضافية من هذا الطراز. وأخيراً، عدم تخلي سلاح الجو رسمياً عن خططه لشراء 1763 مقاتلة F-35A والذي يعتبر رقماً قياسياً في هذا المجال.
يُجادل مركز «قدرة الإدماج القتالي لسلاح الجو» AFWIC بأنّ المنصّات القتالية التقليدية على غرار Boeing F-15 و Lockheed Martin F-16 قد، بل ينبغي أن تُواصِل أداء دورٍ حاسمٍ في التوليفة القتالية المتقدِّمة لدى سلاح الجو، وهذا ربّما سيُسلط الضوء عليه في دراسة TacAir الجديدة، التي أطلقها سلاح الجو الأميركي بالتعاون مع مكتب «تخمين الكلفة وتقييم البرنامج» CAPE التابع لوزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون».
وكان رئيس أركان سلاح الجو الأميركي الجديد الجنرال تشارلز كيو. براون قد وَسَمَ F-35 بأنّها مقاتلة متقدّمة جداً ومتميّزة في الفئة ذاتها كشأن مقاتلة F-22 من «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin. وقد وجَّه ويل روبر، مسؤول الاستحواذ السابق في وزارة الدفاع الأميركية انتقاداً مماثلاً، ولَفَتَ إلى أنّ: «مقاتلة F-35A أبعد من أن تكون مقاتلة متاحة يمكن شراؤها بكمياتٍ كبيرة».
وعلى الرغم من أنّ كلفة مشتريات مقاتلة F-35 قد انخفضت إلى 102.7 مليون دولار للوحدة (تدّعي شركة Lockheed Martin كلفة تبلغ 80 مليون دولار للوحدة لا تتضمّن المحرِّك)، فإنّ هذه المقاتلة لا تزال عالية التكاليف من ناحية التشغيل والدعم والصيانة والاستدامة، وتبقى جهوزيّتها دون التوقعات. إنّ هذه الوقائع هي مصدر الغضب والإحباط المتناميَين وسط المسؤولين ذوي الشأن في أعلى المراتب.
لكنّ سلاح الجو بدأ فعلاً بتحرِّي الخيارات المستقبلية لأسطول مقاتلاته التكتيكية. ويؤخذ في عين الاعتبار بعض البدائل الحديثة في دراسة TacAir الجديدة، التي تهدف إلى إيجاد التوليفة المناسبة من المقاتلات، وتحديد ما هي القدرات والمهام التي ستستأثر بها، والعدد المطلوب من كلّ نوع.
لكن فيما من المبكر جداً التوقُّع بكلّ يقين ما هي الاستنتاجات التي سيخرج بها التقرير، من الواضح جداً أنّ سلاح الجو الأميركي يتحوّل أكثر فأكثر عن خطته الأساسية بنشر قوة متقدّمة تتَّسِم جميع مقاتلاتها بالقدرة على الخفاء، وتتألّف من قاذفات Boeing B-2، ومقاتلات الهيمنة الجوّية F-22، والمقاتلات التكتيكية F-35.
وفي السنوات الأخيرة، جرى التنبُّه إلى المزايا العملانية والأخرى المتعلقة بالكلفة لاستخدام مقاتلات من الجيلَين الرابع والخامس معاً، والإفادة من مكامن القوة في كلٍّ منهما، وتبنِّي هذه المقاربة على نحو أشمل بكثير. فمقاتلات الجيل الرابع تتمتّع ببعض المهام التي لا تقوى عليها مقاتلات متقدّمة مثل F-35.
 

-	 أنهى سلاح الجو الأميركي خط تجميع مقاتلة السيادة أو الهيمنة الجوية F-22 قبل الوقت المحدد، واكتفى بتصنيع 195 مقاتلة بدلاً من 750 مقاتلة كما ينص البرنامج الأساسي

فبإمكانها أن تستوعب حمولاتٍ أكبر من الأسلحة ومزيداً من «صواريخ الجو-جو» AAM لخوض القتال، وقد يتميّز بعضها بأداءٍ متفوِّق، أو يحتوي على مستشعرات أكثر تقدُّماً، أو ربّما يكون قادراً على استخدام معدّات «حرب إلكترونية»  EW قابلة لإعادة البرمجة سريعاً لحمايتها في مواجهة الدفاعات الجوّية المعادية. ويعتقد بعض الخبراء المختصّين أنّ هذا النوع من «الخفاء الرقمي» Digital Stealth هو فعلياً أكثر كفايةً من «الخفاء التقليدي» في التصدِّي لتهديداتٍ ناشئة وداهمة، حيث بالوسع تحديث أجهزة التشويش أو استبدالها، في حين أنّ التغيير لا يمكن إحداثه في شكل وبُنية وطلاء سطح الطائرة ذات الانكشافية المنخفضة. ولطالما كان هناك اعترافٌ بأنّ سلاح الجو الأميركي يملك توليفة خاطئة من الطائرات للقتال على ارتفاعاتٍ منخفضة - وهو ما تُبدي المقاتلات الخفيّة ضعفاً في أدائه على وجه الخصوص.
وقد أدرك سلاح الجو الأميركي ذلك، وكشفَ عن «خطط موسَّعة للجمع ما بين مقاتلات الجيلَين الرابع والخامس التقليدية لتلبية مجموعة كبيرة من المهام». كما بدأ هذا السلاح الاستحواذ على مقاتلات جديدة من الجيل الرابع، وهو ما لم يكن في وارد التفكير فيه قبل سنواتٍ قليلة فحسب. فقد باتت من الماضي فعلاً الفكرة القائلة بأنّ المقاتلات الخفيّة فحسب قادرة على تقديم قدرة فعّالة.
ومن شأن المشتريات المتواصلة لمقاتلات F-35، مع أكلاف تشغيلها ودعمها الباهظة جداً أن تُهدِّد قدرة سلاح الجو الأميركي على التوسُّع في تحقيق هدف رئيس الأركان السابق الجنرال دايف غولدفين الرامي إلى تنمية قدرة سلاح الجو من 312 سرباً عملانياً إلى 386، بحلول العام 2030. أمّا رئيس الأركان الذي خَلَفَه، الجنرال براون، فقد اعتبر أنّ سلاح الجو الأميركي يندفع نحو «القرارات الأكثر صعوبةً في الأجيال من ناحية هيكلية سلاحه»، وقال إنّه يتعيّن اتّخاذ خياراتٍ قاسية.
وأضاف: «إنّ البرامج التي كانت في ما مضى واعِدة، لكن لم يعُد في الإمكان توفير أكلافها أو لم تُسلِّم القدرات المنشودة ضمن جدولٍ زمني يُحافظ على المنافسة، ينبغي تقليصها أو إنهاؤها».
ويُفضِّل الجنرال براون تقديم بديلٍ مُجزٍ على نحو أكثر من ناحية الكلفة للمقاتلات المتبقِّية غير المبنيّة من طراز F-35A، وشراء مقاتلات F-16 جديدة كخيارٍ أيضاً. لكنّ براون (وهو بنفسه كان طيّاراً مخضرماً لمقاتلة F-16) يُبدي انفتاحاً «للتطلُّع في خيارات منصّاتٍ أخرى لاستبيان ما هي التوليفة المناسبة للقوة الجوّية».
ونُقِلَ عن براون تأكيده بأنّ سلاح الجو الأميركي يحتاج بالفعل إلى مقاتلة ذات هندسة أنظمة مهام مفتوحة، ومع قوة حوسبة كافية للسَّماح بتحديث الشيفرات البرمجية على نحو أسرع. ويعتقد أنّ حتى أحدث اشتقاقات لِـ F-16 تفتقد إلى ذلك، وبالتالي ستكون عاجزة عن تقديم ذلك النوع من المرونة العملانية التي يحتاجها سلاح الجو الأميركي.
وكان براون قد صرَّح لإحدى وسائل الإعلام الدفاعية بأنّه: «يتعيّن علينا أن نكون قادرين على بناء مقاتلة جديدة ومختلفة ليست بالضرورة F-16 التي تملك بعض هذه القدرات، لكن تُؤدِّي مهامها بشكلٍ أسرع وتستخدم بعض مقارباتنا الرقمية».
وأضاف براون: «يتعيّن استحداث تصميمٍ لمقاتلةٍ متقدّمة ليست بالضرورة من الجيل الرابع، لكنّها ليست بالتمام أيضاً مقاتلة الجيل الخامس ... دعونا لا نقنع بما هو متوافر في مصانعنا حالياً، بل فلنسعَ فعلياً للتطلُّع إلى ما هو أكثر حداثةً وتقدُّماً ممّا يمكننا أن نبنيه».
وهي المرّة الأولى التي يُصرِّح فيها ضابط كبير في سلاح الجو الأميركي مؤيداً وداعماً انضمام مقاتلة جديدة من الجيل الرابع إلى ترسانات سلاح الجو الأميركي.
لكن إذا ما جرى تبنِّي مثل هذه المقاتلة، وإذا ما أنهى سلاح الجو الأميركي إنتاج مقاتلات F-35A عند الرقم 1,050 مقاتلة (أي 60 بالمئة من الإجمالي المخطَّط له)، فماذا سيعني ذلك لأكلاف صيانة واستدامة مقاتلة F - 35 والوفورات التي كان يتوقَّعها عملاء تصدير F-35.
وكيف سينعكس ذلك على التزام سلاح الجو الأميركي الطويل الأجل بهذا النوع من المقاتلات المتقدّمة؟ إنّ رؤساء أركان أسلحة الجو في كلٍّ من أستراليا، واليابان، وكوريا الجنوبية وسنغافورة (وربّما المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي) سيُراقبون لا ريب هذه التطوُّرات باهتمامٍ كبير.

لم يتخلّ سلاح الجو الأميركي رسمياً عن خططه لشراء 1763 مقاتلة F-35A والذي يعتبر رقماً قياسياً في هذا المجال
Section
Date
Year
2021
Page No
3

Featured News