مقاتلات الجيل الخامس على وشك دخول بعض القوات الجوية الخليجية
إن سلسلة الطلبات والتسليمات الأخيرة لمقاتلات الجيل الرابع تغيِّر بشكل دراماتيكي مشهد القوات الجوية التكتيكية في منطقة الشرق الأوسط. قد يكون الدفاع، إلى حد كبير، وراء التوترات السياسية في المنطقة والتي أدت إلى نزاعات مستمرة في سوريا واليمن. وتجري الحملتان من قِبَل قوى متعددة الجنسيات، بقيادة الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية على التوالي، وتسليط الضوء على الحاجة إلى نوع من التوافق التشغيلي وقدرات الهجوم الدقيق التي لا يمكن أن توفرها مقاتلات الجيل الرابع. ومع ذلك، وجنباً إلى جنب مع تحسين الأصول الجوية وانتشار أنظمة الدفاع الجوي على غرار نظام S-300 المستخدَم حالياً من قِبَل إيران. كما دخل المسرح الآن نظام الجيل التالي S-400 الذي ميدنته روسيا نفسها في سوريا، وتجري مباحثات لشرائه من قِبَل المملكة العربية السعودية وتركيا.
مع الأخذ بالاعتبار الانتشار المحتمل لهذه الأنظمة والحاجة إلى الحفاظ عليها، تتطلع دولتان في الشرق الأوسط على الأقل للاستحواذ على مقاتلات الجيل الخامس على غرار F-35 Lightning II صنع «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin. وتتصدر الإمارات العربية المتحدة هذا المسار من خلال غيابها عن التدافع للحصول على مقاتلات الجيل الرابع.
تصدرت المملكة العربية السعودية وقطر الإنفاق الضخم على شراء مقاتنلات الجيل الرابع، حيث تتسلم الأولى 84 مقاتلة جديدة من طراز F-15 SA Eagle صنع «بوينغ» Boeing مع تحديث 70 طائرة قديمة لديها إلى المستوى ذاته، كما تسلمت أيضاً 72 مقاتلة Eurofighter Typhoon وأبرمت في آذار/ مارس الفائت مذكرة تفاهم لشراء 48 مقاتلة إضافية.
في الوقت نفسه، اختصرت قطر لائحة مشترياتها بثلاثة أنواع من المقاتلات حيث طلبت من فرنسا 36 مقاتلة Rafale صنع «داسو أفييشن» Dassault Aviation، ومن بريطانيا 24 مقاتلة Eurofighter Typhoon ومن الولايات المتحدة الأميركية 36 مقاتلة F-15QA Eagle.
وفي أماكن أخرى من المنطقة، التزمت الكويت بمقاربة ثنائية المسار لاستبدال مقاتلاتها المتقادمة من طراز F/A-18C/D Hornet وطلبت 28 مقاتلة F/A-18E/F Super Hornet والعدد ذاته من مقاتلات Eurofighter. واشترت سلطنة عُمان 12 مقاتلة Typhoon لدعم أسطولها من طائرات F-16 C/D، في حين أن البحرين ابتاعت الإصدار الأحدث من رادار صفيف المسح الإلكتروني النشط AESA لتجهز به مقاتلاتها طراز F-16 V Fighting Falcon صنع Lockheed Martin مع تحديث مقاتلاتها من طراز F-16 المتقادمة إلى المستوى ذاته.
تسلمت الأردن طائرات محسنة – منتصف دورة حياة الخدمة من طراز F-16 A/B من بلجيكا وهولندا لتحديث أسطولها في الخطوط الأمامية، في حين اشترى العراق 36 مقاتلة F-16 C/D Block 52، حيث قامت هذه الطائرات بأول عملية قتالية خارج البلاد عبر ضرب أهداف لتنظيم «داعش» في سوريا.
نعود إلى الإمارات العربية المتحدة التي طالما اعتمدت في شراء مقاتلاتها المتقدمة على مصنّعين من الولايات المتحدة وأوروبا. ولكنها حتى الآن لم تلتزم بعد بشراء مقاتلات جديدة من الجيل الرابع، وتتم حالياً مناقشة صفقة لشراء مقاتلات Su-35 من روسيا. وأعلنت الإمارات خلال فعاليات معرض 2017 Dubai Airshow عن توليفة تطويرية لأسطوليها من طرازي Dassault Mirage 2000-9 و Lockheed Martin F-16E/F Desert Falcon للحفاظ على جهوزيتهما لعدة سنوات مقبلة، وبالتالي لاكتساب الوقت للحصول على موافقة الحكومة الأميركية على شراء دفعة أولى من 24 مقاتلة F-35 لتجهيز سربين.
من المرجح أن تتم هذه الموافقة من قِبَل الإدارة الأميركية الحالية التي تعتمد سياسة المزيد من التوافق التشغيلي بين القوات الأميركية والخليجية، فيما تسعى في الوقت نفسه إلى تعظيم القوات الإقليمية لتخفيف العبء عن كاهل قواتها المسلحة.
ومع ذلك، هناك حجر عقبة رئيسية تتمثل في ضمان أمن المعلومات المهمة في F-35 من خلال «نظام المعلومات اللوجستية المستقلة» Autonomic Logistics Information أو ALIS، وأدوات إدارة الأسطول، والبيانات المتعلقة بالعمليات، والصيانة، والإنذارات المرتقبة، وسلسلة التوريد، والتدريب والمعلومات التقنية، تأتي جميعها معاً عبر أساطيل F-35 في جميع أنحاء العالم في قاعدة بيانات واحدة تعتمد على «السحابة».
ويمكن الدخول إلى قاعدة البيانات هذه من خلال عُقَد اتصالات مع العملاء، ويعتبر هذا الدخول إلى «السحابة» مصدر قلق واضح للولايات المتحدة الأميركية.
وفيما يرجح أن تكون الإمارات العربية المتحدة الدولة الأكثر احتمالاً لتصبح المشغِّل العربي الأول لِـ F-35، أعربت المملكة العربية السعودية أيضاً عن اهتمامها الشديد بإمكانية شراء مقاتلات F-35 لتحل محل أسطول مقاتلات Tornado المتقادمة. وتجدر الإشارة إلى إعلان عملانية F-35 من قِبَل دولة مجاورة في كانون الأول/ ديسمبر الفائت، ومن المقرر بدء تسليم الدفعة الأولى المثيرة للجدل من أصل 100 طائرة إلى تركيا في وقت لاحق من العام الحالي.
ومع ذلك، أطلق ثلاثة من أعضاء مجلش الشيوخ الأميركي في آذار/ مارس الفائت نداءاً جديداً لمنع بيع مقاتلات F-35 إلى تركيا، زاعمين أن عضو حلف شمال الأطلسي والشركاء الصناعيين في F-35 يشكلان خطراً متزايداً على مصالح الولايات المتحدة الأميركية.