Slideshows

الأجهزة اللاسلكية التكتيكية أساسيات الاتصالية وحبل الأمان

دليل إرشادي سريع إلى قدرات «الاتصالية» لدى أجهزة الراديو، ومحدودياتها ومجالات التقدم التي مكّنتها الرقممة، أعدّه بيتر دونالدسون.

تُعتَبر أجهزة الراديو حبل أمان، من دونه يصبح الجندي معزولاً بسهولة. فالاتصالات هي مما يضاعف القوة حقاً، بل يمكن اعتبار جهاز الراديو سلاحاً، وربما السلاح الرئيسي لجندي الاستطلاع في عربته. لكن المتطلبات التي أصعب ما يمكن تلبيتها في هذا المجال هي لقوات العمليات الخاصة والجنود الراجلين، خصوصاً أثناء التحرك العملاني في مواقع نائية جداً أو في ظروف صعبة من ناحية «التردد الراديوي» (RF)، مثل الأزقة الضيّقة في المناطق الحضرية الآهلة وداخل المباني، حيث يمكن للمحدوديات الأساسية لانتقال الإشارة الراديوية أن تجعل القوات خارج نطاق التواصل. وتسعى جهود التطوير التكنولوجي إلى التصدي لهذه المسائل بينما تمدّ الجنود بمجموعة مُتَّسِعة أبداً من الخدمات المستندة إلى البيانات.

توفر ASELSAN أحدث تقنيات الاتصالات العسكرية التي تمكن المستخدم من الوصول من خلال حلول الشبكات اللاسلكية الآمنة في المجال التكتيكي

في ظل تنافسٍ وحيد يتمثل في أجهزة الاستطلاع والتهديف الكهروبصرية الصغيرة ذات قدرات الرؤية الليلية، فإن الفئة الوحيدة من المعدات العسكرية التي اكتسبت القدرة الأكبر في السنوات الأخيرة هي أجهزة الراديو التكتيكية، خصوصاً تلك التي طُوّرت للجنود الراجلين. وفيما لا تزال تلك الإجهزة بمكوّناتها المادية العسكرية ذاتها، وتُمسك باليد، أو تُشدّ إلى الصدر بأشرطة متينة، أو تُحمل على الظهر، فإن كمية ونوعية المعلومات التي بات بإمكان أجهزة الراديو التكتيكية أن توفرهما للمستخدمين ضمن نطاق «الحجم والوزن والقوة» (SWaP) ذاته قد ازدادتا بشكل كبير.

تنوّع البيانات

في ظل هذا التقدم التكنولوجي، توسّع نطاق أنواع المعلومات التي يمكن لأجهزة الراديو المحمولة الصغيرة أن تؤمنها في ما يتعدّى الصوت فحسب، مع إضافة للبيانات وكذلك الصور الثابتة واللقطات الفيديوية بما في ذلك التغذية في الوقت الحقيقي من المسيّرات (UAV)، وباتت في بعض الحالات تسمح للجنود على الأرض بالطلب من مُشغّلي المسيّرات بتوجيه تلك العربات لاستطلاع أهداف معيّنة، أو حتى للتحكُّم بالمستشعرات أو العربات بحد ذاتها. وتُمثِّل هذه الأجهزة أيضاً تكنولوجيا ممكّنة أساسية لمفهوم «الجندي كمستشعر» (soldier-as-a-sensor) من حيث كونها تتيح للجنود ليس فقط أن يُبّلغوا عما يرونه باستخدام الصوت والنص، بل يسمح لهم أيضاً بتغذية صورية مباشرة من أجهزة مراقبتهم ومناظير أسلحتهم إلى الشبكات التكتيكية المحلية وصولاً إلى أعلى تراتبية سلّم القيادة التراتبية.

وأجهزة «الراديو المعرّفة برمجياً» (SDR)، المستندة إلى الرقممة، هي بلا ريب التطوّر التكنولوجي الأكثر أهمية في جيلٍ إذ إن فصل وظائف «التردد الراديوي» RF «المعرّف بالمكونات المادية» (hardware-defined) عن معالجة المعلومات قد منح أجهزة الراديو مرونة الكومبيوترات المعاصرة عندما يتعلّق الأمر بالتحسين والإضافة إلى قدراتها عبر تحميل تحديثات وأشكال موجية جديدة بالكامل، تلك التي تتناظر مع تطبيقات برمجية جرى تحميلها على جهاز كومبيوتر، أو كومبيوتر لوحي (تابلت)، أو هاتف ذكي.

محدودات مادية

مع ذلك، لا تزال هذه التكنولوجيا تخضع للقوانين الفيزيائية لانتقال الإشارة الراديوية radio propagation التي تصف كيف تتراجع قوة الإشارة مع الابتعاد عن المصدر، وكيف يَعبر مختلف الترددات أو يُمتَصّ من قِبل الغازات والأبخرة والغبائر في الجو، ومن المواد والجزيئات في البيئة التي تعبر فيها الإشارات أو تنعكس عنها.

وهناك مقايضة أساسية بين المدى الفعّال لجهاز راديو ومعدل البيانات، أو كمية المعلومات الذي يمكن له أن ينقلها في فترة محددة. وعلى غرار جميع الإشعاعات الكهرومغناطيسية، تُعرّف موجات الراديو بثلاث خصائص هي قوة الإشارة، والتردد، والطول الموجي. والخاصيتان الأخيرتان متصلتان عكسياً، إذ إنه أطول ما يكون الشكل الموجي وأخفض ما يكون التردد الراديوي والعكس بالعكس، ذلك أن الطول الموجي هو المسافة من قمة موجة إلى قمة الموجة التالية، في حين أن التردد هو عدد الموجات الكاملة التي تعبر نقطة ثابتة في الثانية عند سرعة الصوت. أما قوة الإشارة فهي ارتفاع الموجة، أو المسافة من قمة الموجة إلى حضيضها، وبقدر ما تكون هذه المسافة أكبر، بقدر ما تكون الإشارة أقوى.

تقدم عائلة SYNAPS الجديدة من أنظمة الراديو المعرفة بالبرمجيات (SDR) مجموعة من الميزات الرائعة والفريدة من نوعها التي تسمح بتلبية الاحتياجات الحالية والمستقبلية للقوات المسلحة. الصورة: Thales
حُزَم الترددات

تعمل معظم أجهزة الراديو التكتيكية بـ «الترددات فوق العالية» (UHF) و«الترددات العالية جداً» (VHF) من طيف الترددات للاتصالات ذات المدى القصير والمتوسط، مع قدرات مدى أطول تُوفّرها مجموعات «ترددات عالية» (HF) أو أنظمة «اتصالات ساتلية» (SATCOM)، التي تستخدم أيضاً «الترددات فوق العالية» UHF وأحياناً ترددات أعلى لأن وجهتها المباشرة نحو الساتل يتجاوز عائق خط-النظر الذي يحدّ من مدى مجموعات «التردد فوق العالي» الأرضية.

وتتداخل أنظمة «الواي-فاي» WiFi بما في ذلك نظاما 802.11 و WiMax 802.16، مع ترددات UHF، ويعلو نظام 802.11 بتردداته أعلى بكثير، بينما تستخدم اتصالات الجيل الرابع «التطور على المدى الطويل» (LTE) 4G أيضاً ترددات UHF، وتسعى الجيوش إلى إدماجها جميع تلك ضمن شبكات قصيرة المدى ذات معدل نقل بيانات عال.

وباستخدام ترددات بين 300 ميغاهيرتز و 3 جيغاهيرتز وفقاً لمعايير «اتحاد الاتصالات الدولي» (ITU)، توفر ترددات UHF معدلات عالية لنقل البيانات عبر هوائيات صغيرة للأمداء القصيرة ومكونات مادية خفيفة الوزن، وهي عادة ما تستخدم على نحو مشترك في «راديو الجندي» (SR) أو شبكات «راديو الدور الشخصي» (PRR). وعلى الرغم من أن إشاراتها تصدّها التلال والمباني الكبيرة، فإنها تخترق الجدران بما يكفي لاستقبالٍ داخل الغرف.

شركة Rohde & Schwarz تزود NH90 MRFH التابعة للبحرية الألمانية باتصالات آمنةباستخدام أجهزة الراديو المحمولة جواً بواسطة

أما ما يحل ثانياً من ناحية المدى فيتمثل في مجموعات «التردد العالي جداً» (VHF) التي تعمل معاً عبر حزمة الترددات 30 ميغاهرتز إلى 300 ميغاهيرتز. وعلى الرغم من أنّ إشارات VHF تصدُّها التلال والجبال، فإنها يمكن أن تنحني قليلاً مع الغلاف الجوي وبالتالي يمكنها أن تنتقل في ما يتعدى الأفق المرئي وصولاً إلى أمداء نحو 100 ميل، موفرة معدلات نقل بيانات معتدلة. أما ترددات VHF فهي مجال عمل أنظمة «راديو الشبكة القتالية» (CNR) التي توفر القيادة والسيطرة للقوات البرية التكتيكية وصولاً إلى مستوى فصيل أو حظيرة، وبالتالي يمكن لآمري الحظائر التنسيق معاً بأجهزة راديو ذات قدرات VHF و UHF على حد سواء لإرساء اتصالات عبر تراتبية سلسلة القيادة من الأسفل إلى الأعلى وبالعكس.

ويمكن لترددات UHF و VHF على حد سواء أن تعاني من «التداخل المتعدد المسارات» (multipath interference) الذي يحدث بسبب انعكاس الإشارات عن المباني أو جدران الشوارع الضيقة، على سبيل المثال، لتصل إلى هوائي الجهاز في الوقت ذاته، فيما تكون إشارة UHF الأكثر تأثراً. ومع ذلك، يمكن أن تستغلّ التقنيات المتقدمة «الدخل المتعدد، الخَرْج المتعدد» (MIMO) على غرار تقنية «التضميم المتعدد لأقسام الترددات المتعامدة» Orthogonal Frequency Division Multiplexing (OFDM) والانعكاسات المتعددة المسارات وإعادة تجميع الإشارات من الأجزاء المنعكسة.

وتقع أسفل ترددات VHF مباشرة في حزم الاتصالات الترددات العالية HF من 3 ميغاهيرتز 30 ميغاهيرتز، التي يمكن أن تؤمّن المدى «ما بين القارات» عند معدل نقل بيانات أكثر انخفاضاً على نحو مستقل من الاتصالات الساتلية، أو غيرها من البنى التحتية للاتصالات، وذلك أساساً عبر اغتنام انعكاس الإشارات عن طبقة «الأينوسفير» (الغلاف الجوي المُتأيِّن).

ومع ذلك، فإن انتقال الإشارات عبر الغلاف الجوي المُتأيِّن معقد ومتباين لأنه يتأثر بعوامل عديدة من بينها الوقت اليومي، ومدى اقتراب جهاز الراديو من الخط الذي يفصل النهار عن الليل أو ما يسمى بـ «خط الغَلَس الشمسي» (solar terminator) [وهو خط متحرك يفصل بين الجانب المضيء والآخر المظلم لكوكب الأرض]، والفصل من السنة، ودورة الكَلَف الشمسي وغيرها من نشاطات الشمس والشفق القطبي. وتؤثر كل هذه العوامل على التردد الأقصى استخداماً، والتردد الأدنى استخداماً، وتردد الإرسال الأمثل. ففي الماضي، كانت هذه المسائل تجعل أجهزة «التردد العالي» (HF) صعبة الاستخدام، لكن تطوير تقنيات «الإرساء الأوتوماتيكي للوصلة» Automatic Link Establishment (ALE) في البرمجيات قد جعلها صديقة للمستخدم على نحو أكثر، وأداة طيّعة عملية للجنود في الميدان، بحيث تنتشر أجهزة الراديو «عالية التردد المحمولة على الظهر» (HF manpacks) على نطاق يزداد اتساعاً.

المدى الممدد

من بين الجهود المبذولة لتوسيع نطاق أجهزة الراديو التكتيكية من دون التضحية بـ «عرض الحيّز» bandwidth إضافة قدرات اتصالات ساتلية آمنة على غرار نظام UHF العسكري الأميركي المتخصص ذي الحيّز الضيّق «نظام المُستخدِم الهادف النقّال» Mobile User Objective System (MUOS) إلى أجهزة الراديو المحمولة على الظهر المتعددة الحيزات V/UHF والمكتملة بأشكال موجية متعددة.

وثمة مقاربة أخرى هي إدماج وسائط الترحيل والبوابات الراديوية التي تترجم ما بين مختلف الأشكال الموجية في منصات محمولة جواً تشمل طائرات آهلة، وعربات جوية تكتيكية ومتوسطة وعالية الارتفاع ومناطيد جوية لكي تكون بمثابة أبراج خلايا طائرة لنقل الإشارات فوق عوائق جغرافية وأخرى من صنع الإنسان والتعويض عن النقص في البنية التحتية الأرضية الثابتة.

تم تصميم SWave® Airborne SDR SRT-800 لضمان الأداء الفائق على أي طائرة ذات أجنحة ثابتة/دوارة، سواء كانت آهلة أو غير آهلة.
بنية تحتية مبيتة

تعمل أجهزة الراديو التكتيكية بازدياد ببرمجيات تُمكّنها من تشكيل «شبكات مرتجلة نقالة» (MANET)، التي تحيل أوتوماتيكياً رسائل من مُرسلٍ إلى متلقٍ أو من مُرسلٍ إلى عدد من المتلقين عبر المسار الترددي الأكثر كفاية وفعالية. وتُنفذ أيضاً مهاماً أمنية أساسية مثل التحقق من صحة ومصداقية أي جهاز راديوي متى أنضم أو أعاد الانضمام إلى شبكة، وهي «تستجوب» أي جهاز راديو تشتبه به وتُعدّل مستوى الثقة التي تمنحه لأي جهاز بل حتى تعزله عند اقتضاء الضرورة. وتُطبّق أيضاً إجراءات مضادة لمواجهة الاعتراض، وتحديد الموقع الجغرافي والتنصُّت بفضل تقنيات تضم ترددات قافزة (frequency hopping)، وإدارة الطاقة، وكذلك تقنيات «نشر الطيف الترددي» (spread spectrum) [حيث يتم نشر إشارة، استُحدثت بعرض حيّز محدد في المجال الترددي، فوق حيز تردد أوسع منعاً لرصدها أو للتداخل معها والتأثير عليها بالضجيج والتشويش]، والتشفير، مدركة الحقيقة المُرّة بأن جهاز الراديو هو أيضاً جهاز باث يمكن أن يكشف موقع الجندي.

وإضافة إلى ذلك، تُسهم أجهزة الراديو التكتيكية، الأصغر حجماً والأخف وزناً والأكثر اقتداراً عموماً في تحسين إدراك الوعي المحيط من خلال مقدرتها التي تتجاوز كونها ناقلات اتصالات للبيانات التكتيكية. فهي تُشكّل بازدياد مصادر بيانات حساسة بفضل مُتلقّيات «نظام تحديد الموقع العالمي» (GPS) المبيتة فيها، و«مُعرّفات الهويات» identifiers الفريدة التي تُظهر للجندي أين هم رفاقه في الفصيل أو المجموعة أو أي تشكيل من خلال وظائف «تعقب القوى الصديقة» Blue Force Tracking، عارضة إياها على شاشة جهاز منفصل للمستخدم النهائي على غرار هاتف ذكي أو حاسوب لوحي، أو على شاشة صغيرة في جهاز الراديو بحد ذاته.

ومن خلال التشبيك المُحكَم، والاتصالات الموثوقة ضمن الفصائل أو الحضائر/ المجموعات، ودعم سلسلة القيادة، وإدراك الوعي المحيط المحسّن، والإدماج مع المستشعرات والمسيّرات UAV والتوافق مع إلكترونيات استهلاكية مألوفة، تُساهم أجهزة الراديو التكتيكية المعاصرة في جعل حلم الاتصالية أقرب ما يكون إلى الواقع المُجسّد من ذي قبل.^

Date
Issue Months
Year
2025
Page No
42

Featured News