الاستخبار الإلكتروني» المحمول جواً: الإصغاء من خارج خط النظر

وتُعد السويد من بين أولى الدول التي أدركت هذه الإمكانيات. فقد استحصلت على طائرتين نفاثتين تجاريتين معدلتين من طراز Gulfstream IVSP للقيام بمهام «الاستخبار الإلكتروني» (ELINT)، وتعرفان بتسمية S102B Korpen لدى «سلاح الجو الملكي السويدي». وهاتان الطائرتان هما في الخدمة الفعلية منذ العام 1992، عندما استبدلتا طائرتي الخطوط الجوية المعدلتين TP85 Caravelle كانتا في ما مضى تابعتين لـ «الخطوط الجوية الاسكندنافية» (SAS). وجهزت طائرتي S102B بمستشعرات يُشغلها طاقم «استخبار إلكتروني» من «وكالة الاستخبارات السويدية» (Försvarets Radioanstalt) قادرة على التنصت، فضلاً عن جمع وتحليل انبعاثات إلكترونية من العدو. وتقوم طائرتا Korpen بإجراء مهام مراقبة روتينية فوق «بحر البلطيق»، وهي غالباً تحلّق عالياً بسرعة في المجال الجوي الدولي فوق المنطقة المستهدفة بالاهتمام. و«الهدف» الذي يحظى بتركيز طائرتي S102B هو جيب «كالينينغراد أوبلاست» (Kaliningrad Oblast) الروسي [داخل أوروبا] والمنشآت الروسية الموجودة فيه. ولهذا السبب، غالباً ما تعترض طائرتي «الاستخبار الإلكتروني» (ELINT) السويديتين مقاتلات «سوخوي» Su-27 Flanker الروسية، المنطلقة من القواعد الجوية في جيب «كالينينغراد». 
وفي الآونة الأخيرة، نشطت هاتان الطائرتان أيضاً على الحدود الشرقية لبولندا، ما ترك ارتياحاً لدى حلف شمال الأطلسي «الناتو» (NATO)، حيث تُحلق فوق تلك البقعة واحدة من هاتين الطائرتين على الأقل كل يوم؛ وهي ذات جهوزية أعلى بكثير من طائرات الاستخبار والمراقبة Boeing RC-ISTAR التابعة للمملكة المتحدة.
وما يُمثل حقيقة ذات أهمية مساوية هو افتقاد المملكة المتحدة إلى قدرة «الاستخبار والمراقبة وحيازة الأهداف والاستطلاع» (ISTAR). وفي العام 2022، اتخذت وزارة الدفاع البريطانية قراراً، يؤسَف عليه، لإحالة أسطول «سلاح الجو الملكي» من طائرات Raytheon Sentinel R.1 الذي يشغل «الرادار التباعدي المحمول جواً» (ASTOR) إلى التقاعد قبل أوانه، والذي كان قد نُشر في إطار عملية Herrick في أفغانستان خلال العام 2008 ومن ثم نُشر في عمليتي Shader و Telic في العراق وبلاد الشام ضد تنظيم «داعش» وفي كل نزاع آخر نُشرت فيه طائرات «سلاح الجو الملكي». 
والطائرات الخمس، التي طُورت من طائرات «بومبارديه غلوبال إكسبرس» Bombardier Global Express، نفذت قرابة 4,870 طلعة جوية خلال الأعوام الـ 14 التي كانت خلالها في الخدمة العملانية. ولولا سحبها بالفعل بغية التوفير في الأكلاف، لكانت في طور الاستخدام الكامل لتساعد في الدور الإجمالي المتصل بمهام ISTAR في إطار الجهود الغربية لدعم أوكرانيا.

البديل البريطاني لطائرة «الاستخبار الإلكتروني» Nimrod R.1 لدى سلاح الجو الملكي، التي سُحبت من الخدمة في العام 2011، هو RC-135W Rivet Joint الأميركية الصنع، التي يُطلَق عليها تسمية «ايرسيكر» Airseeker. وثمة ثلاث طائرات طُورت من طائرة الصهريج Boeing KC-135 في ستينات القرن الماضي، قد تم الاستحصال عليها في العام 2013 مع كلفة بلغت في حينه نحو 1 مليار دولار (635 مليون جنيه إسترليني) من مخزون سلاح الجو الأميركي. وعلى الرغم من عمر هذه الطائرات، ثمة احتمال تمديد فترة «البرنامج التعاوني» لطائرات «ريفيت جوينت» Rivet Joint لدى سلاح الجو الملكي حتى العام 2035 بكلفة متوقعة تصل إلى 1.2 مليار دولار (1 مليار جنيه إسترليني).
وقد استحوذت وزارة الدفاع البريطانية على أربع طائرات Shadow R.l، تستند إلى طائرات Beechcraft King Air 350CER، بموجب «المطلب العملاني المُلحّ» (UOR)، وقد تم تسليمها إلى «سلاح الجو الملكي» لتدخل الخدمة لدى السرب No 5 (AC) Squadron في العام 2009. ومن شأن المستشعرات البصرية الإلكترونية العالية التعريف والاستبانة العالية لدى طائرات «شادو» Shadow أن تُكمل المنصات والقدرات الأخرى، وتساعد المحللين على وضع استخبار شامل. وتُمكّن وصلات اتصالات ساتلية تنزيل المعلومات ونقلها إلى منصات أخرى خلال تنفيذ مهمة، كما أنّ الطائرة مجهزة أيضاً بـ «طقم مساعدات دفاعية» (DAS) شاملة للحرب الإلكترونية.
وانتقلت قدرة Shadow من حالة المتطلب العملاني المُلح إلى «برنامج المعدات» الأساسي لدى «وزارة الدفاع» من خلال «المراجعة الاستراتيجية للدفاع والأمن» (SDSR) للعام 2015. وتوسّع الأسطول ليضم ست طائرات Shadow R.1. وتقوم شركة «رايثيون المملكة المتحدة» Raytheon UK بإجراء تحديثات على أسطول Shadow الحالي، وستشمل التحديثات ثماني طائرات بموجب «برنامج تحديث» Shadow Mk.2.
 

استحصلت البحرية الفرنسية على 12 طائرة Falcon 2000LXS من صنع شركة «داسو أفييشين» Dassault Aviation في إطار برنامجها «طائرة ألباتروس للمراقبة والتدخل البحريين» Albatros Maritime Surveillance and Intervention Aircraft (AVSIMAR). وستلحظ الطلبية الأولى الاستحواذ على سبع طائرات، بما يتوافق مع ميزانية الإنفاق العسكري على مدى سنوات (LPM)، حيث من المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم في العام 2025.
وستُجهّز طائرات Falcon 2000 Albatros برادار متعدد الوظائف مركّب تحت بدن الطائرة، وبُريج بصريات إلكترونية عالي الأداء، ونوافذ مراقبة، ونظام لإطلاق طواقم لِـ «البحث والإنقاذ» (SAR) وأنظمة اتصالات مخصصة. وتستحوذ كوريا الجنوبية على طائرتي Dassault Falcon 2000 معدلتين لأغراض «الاستخبار الإلكتروني»، على أن تستبدل طائرات Hawker RC-800 الموجودة حالياً في الخدمة.
 

كانت ألمانيا قد أكدت في آب/أغسطس العام 2021 خططها للحصول على قدرة «استخبار الإشارة» SIGINT استراتيجية جديدة محمولة جواً تستند إلى أسطول من طائرات تجارية نفاثة من نوع Bombardier Global 6000 معدلة، بعدما استثمرت نحو 750 مليون دولار في برنامج الاستحواذ الذي تمّ التخلي عنه للحصول على نظام «استخبار إلكتروني» ELINT يستند إلى الطائرة من دون طيار MQ-4C Triton في العام 2020. وستُعدل أربع طائرات Global 6000 لتنفيذ ما يُسمّى بِـ «النظام الألماني الدائم للمراقبة المحمولة جواً» (PEGASUS). وسيستغرق الأمر حتى العام 2028 حتى تصبح هذه المنصات عملانية بالكامل وتُسدّ الفجوة القائمة في قدرات SIGINT.
 

جرى تبنّي طائرة Global 6000 لصالح مشروع الإمارات العربية المتحدة «دولفين» Dolphin، حيث تم تحويل اثنتين منها إلى طائرتي استطلاع واستخبار في «مطار كامبريدج» Cambridge Airport بالمملكة المتحدة من قِبل شركتي «مارشالز ايروسبايس» Marshalls Aerospace و«كينيتيك» QinetiQ. ومن المعروف أن «سلاح الجو الأميركي» يُشغل ثلاث طائرات منها تحت مسمى E-11A لدور «الاتصالات الميدانية المحمولة جواً» (Battlefield Airborne Communications).
 

تُشغل إيطاليا أيضاً بصفتها عضواً في حلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO طائرات تجارية نفاثة معدلة خصيصاً لجمع الاستخبار ومجهزة تجهيزاً وافياً بالمستشعرات والرادارات. وقد أثمرت التدريبات والتجارب على طائرة Gulfstream G550 مستأجرة، توقيع عقد لشراء طائرتي E-550A، تستندان أيضاً إلى طائرة Gulfstream G550.
وكانت «وكالة التعاون في الأمن الدفاعي» (DSCA) الأميركية قد وافقت على «مبيعات عسكرية خارجية» (FMS) إلى الحكومة الإيطالية لطائرتي Gulfstream G550 CAEW في كانون الأول/ ديسمبر العام 2020، سُلمت الأولى منهما في آذار/ مارس العام 2022.
كما أنّ «وزارة الدفاع الإيطالية» كانت قد نشرت خططاً أيضاً لشراء ثماني طائرات Gulfstream SIGINT جديدة لـ «استخبار الإشارة»، وبناء مركز صيانة لطائرات مماثلة تُشغلها دول أخرى في حوض البحر الأبيض المتوسط.
 

يُشغل «سلاح الجو الأميركي» أسطولاً من طائرات «الاستخبار الإلكتروني» ELINT يضم ثماني طائرات RC-135V وتسع طائرات RC-135W Rivel Joint، وثلاث طائرات RC-135S Cobra Ball، وطائرتي RC-135U Combat Sent. وكانت طائرة RC-135V قد تواجهت عن قرب مع مقاتلة صينية من طراز J-II فوق «بحر الصين» الجنوبي في كانون الأول/ديسمبر العام 2022. وعلى الرغم من أنّ هذه الطائرات تستند إلى منصات متقادمة من دون أي بديل في المدى المنظور، فإن معداتها تخضع لتحديثات متواصلة.
ويُعتبر «نظام الاستطلاع والتهديف الجوي المتعدد المهام» ARTEMIS التابع للجيش الأميركي أول نظام «استطلاع ومراقبة واستخبار» ISR «جوي آهل» لديه. وقد كُشف النقاب رسمياً عن طائرة هذا النظام في العام 2020 من قِبل «المكتب التنفيذي للبرامج لدى الجيش»، الذي أعلن أنها توفر قدرات استشعار من ارتفاعات عالية ضد خصوم أنداد وشبه أنداد وتجسر الثغر في مهام «العمليات المتعددة المجالات» MDO.
وتُجهز منصة ARTEMIS بـ «نظام الرصد والاستغلال العالي الدقة» (HADES) وهو جزء من «نظام الاستشعار المتعدد المجالات» MDSS لدى الجيش الأميركي ويستهدف تلبية متطلبات هذا الجيش من ناحية الاستشعار المكثف.
 

تُعتبر اليابان من بين الدول القليلة التي عدّلت طائرة نقل عسكري لمهام «الاستخبار الإلكتروني» بدلاً من طائرة نفاثة تجارية. ويجري تشغيل اشتقاق «استخبار إلكتروني» من طائرة Kawasaki C-2، هو RC-2، في قاعدة «إيروما» (Iruma) الجوية شمال غرب طوكيو. وستحل RC-2 مكان طائرة القوات اليابانية YS-IIEB ELINT وكذلك طائرة Kawasaki C-1 التي دخلت الخدمة في حزيران/ يونيو العام 1986 وجُهزت بـ «إجراءات إلكترونية مضادة» XJ/ALQ-5 ECM وأنظمة Toshiba ELINT.
 

تُشكل الصين تهديداً اقتصادياً استراتيجياً لليابان ودول أخرى في جنوب المحيط الهادئ. وهي تبني قدراتها العسكرية، لكنها تُشغل عدداً صغيراً من اشتقاقات جمع الاستخبار من طائرة Shaanxi Y-8، بينما لا وجود يُذكر لقدرة «الاستخبار الإلكتروني»، التي تشتمل على أربع طائرات نقل Tu-154 M روسية معدلة. هناك اشتقاقات حرب إلكترونية متخصصة قليلة للطائرات المقاتلة، وتجلت الاستثناءات في طائرتي Panavia Tornado ECR و Boeing EA-18G Growler.
إن النظام «الإلكتروني القتالي/ الاستطلاعي» Electronic Combat/Reconnaissance (ECR) الذي يشغّل من قِبَل ألمانيا وإيطاليا، هو اشتقاق من Tornadoمخصص لمهام «شل الدفاعات الجوية المعادية» Suppression of Enemy Air Defences (SEAD). وتسلم سلاح الجو الألماني الدفعة الأولى المؤلفة من 35 طائرة مجهزة بصاروخ «رايثيون أيه جي أم – 88 هارم» Raytheon AGM-88 HARM المضاد للإشعاعات الرادارية. وبقي منها 20 نظاماً قيد الخدمة.
وتم تعيين السرب 155 من الجناح 50، كأول سرب في سلاح الجو الإيطالي مخصص بصورة رئيسية لمهام SEAD، وهو مجهز بنظام ECR EA-200 ومسلح بنظام HARM اعتباراً من العام 1994. وفيما يخطط سلاح الجو الإيطالي لإعادة تشغيل Tornado اعتباراً من العام 2025، فقد تعاقدت «ليوناردو» Leonardo لتحديث 58 طائرة Tornado، بما في ذلك 15 طرازاً من ECR، وتضمن طراز ECR-M من Tornado عدة أنظمة فرعية وتعديلاً للأنظمة الموجودة على متن الطائرة ومعدات إلكترونيات الطيران وبرمجيات المهام.