قوات العمليات الخاصة تُركِّز «أنظارها» على التكنولوجيات الأحدث

وتواصل قيادات العمليات الخاصة حول العالم إعادة النظر في العديد من هذه المهام وتحديث أمتعتها، ولو أن هذه المتطلبات ينبغي أن تتماشى مع القيود سواء أكانت من ناحية الميزانية أو البرامج الزمنية للتطوير.
ومع ذلك، يواصل قسمٌ كبير من المجتمع الدولي لـ «قوات العمليات الخاصة» (SOF) اتباع الأبحاث والتطوير من كثب فضلاً عن برامج المشتريات التي تقوم بها «قيادة العمليات الخاصة الأميركية» (USSOCOM). ويسعى هذا المجتمع إلى تمكين مشغلي «قوات العمليات الخاصة» لشراء «أمتعة مرنة» في إطار «المجموعات المنيعة التي لا تُقهر»، مع اعتبار المشغل بمثابة «منصة» لتزويد التكنولوجيا الأحدث والجيل التالي من الأمتعة أو المعدات.
والهدف هو أن يتجهّز المغاوير بمعدات متطورة مخصصة لِـ «قوات العمليات الخاصة» والسماح لهم بأن «يروا تحركاتهم، ويروا أيضاً البيئة المحيطة بهم، وحتى التهديدات المحيقة» من خلال تأمين معلومات عالية الدقة والموثوقية من الناحية التكتيكية الحساسة، بما في ذلك الاتصالات، والحوسبة، والاستشعار، والواجهات البينية الإدراكية والمساعِدات المستقلة المتقدمة.
وعلى مدى السنوات الثماني الماضية، أثبتت «قيادة العمليات الخاصة الأميركية» USSOCOM جدارة قدراتها التكنولوجية الطليعية مع «طقم المغوار الهجومي التكتيكي الخفيف» (TALOS) - الذي أشار بتطويره في الأساس قائد الـ USSOCOM السابق الأدميرال بيل ماك رايفن Bill McRaven، لتأمين طقمٍ قتالي للمغاوير الذين يخوضون حرباً في الأماكن الآهلة على وجه الخصوص. وكان من المقرر أن تكشف «قوة مهام الاستحواذ المشترك على الطقم TALOS» Joint Acquisition Task Force (TALOS) النقاب عن طقم اختباري مماثل قبل تمرير مستجدات التطور التكنولوجي التي أُحرزت في هذا الخصوص على مدى السنوات الثماني الفائتة في المكاتب التنفيذية للبرنامج ضمن قيادة USSOCOM.
وتحدث جيم سميث Jim Smith، المدير التنفيذي للاستحواذ في قيادة USSOCOM، مخاطباً الوفود في «منتدى للعمليات الخاصة/ النزاعات المنخفضة الحدة» في العاصمة الأميركية واشنطن عن مواصلة العمل لاستكمال جهوزية نظام TALOS ميدانياً، ووصف كيف بالإمكان تزويد مغاوير القوات الخاصة بتكنولوجيات أخرى من بينها التدريع البدني الأخف وزناً، وأنظمة الواقع المعزز المرئية، وحلول الأسلحة في وقتٍ قريب.

في مجال «أنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات والكومبيوترات والاستخبار والمراقبة والاستطلاع وحيازة الأهداف» (C4ISTAR)، تواصل قيادات «قوات العمليات الخاصة» (SOF) المطالبة بقدرات رصد، وحيازة، واستغلال معلوماتها الخاصة للأهداف وتحليلها.
وتدعو المتطلبات الناشئة إلى قدرة لإيجاد وحيازة الأهداف من دون أي اعتماد على المجال الجوي في حين كانت مجموعات الوحدات الصغيرة المنتشرة في مواقع متقدمة على الأرض غالباً ما تعتمد على طائرات «الاستخبار والاستطلاع والمراقبة» (ISR) المحمولة جواً.
أعقب ذلك حدوث تغير كبير في التركيز العملاني من العمليات المضادة للعصابات في العراق وسوريا، إلى مواجهة قوات معادية «شبه ندية وعالية القدرة» لبلدان قوية مثل الصين وروسيا.
ومن بين المتطلبات المحددة لمشغلي مغاوير «قوات العمليات الخاصة» (SOF) في مجال أنظمة C4ISTAR الحاجة إلى أجهزة «راديو معرفة برمجياً» (SDR) تكتيكية توفر لمجموعات الوحدات الصغيرة القدرة على تجنب التشويش واعتراض الاتصالات من قبل القوات المعادية.
ومثال على ذلك التكنولوجيا الخاصة بقوات SOF المبتكرة من قبل شركة «هاريس كوربورايشن» Harris Corporation (حالياً L3Harris) التي تواظب على عمليات تطوير أشكال موجية متخصصة لـ «الاحتمال المنخفض للرصد/الاحتمال المنخفض للاعتراض» (LPD/LPI) لدعم المتطلبات التكتيكية لوحدات SOF.
وأكد ناطق باسم شركة Harris Corporation (حالياً L3Harris) لمجلة Defence21 كيف شكّل هذا الطلب توجهاً رئيسياً للشركة التي دخلت في مرحلة الإنتاج الأولي بالطاقة الكاملة لجهاز الراديو «المحمول يدوياً من الجيل التالي» (NGHH) ضمن إطار «الاتصالات التكتيكية لقوات العمليات الخاصة» SOF Tactical Communications (STC)، الذي تطلق عليه قيادة USSOCOM اسم AN/PRC-163 STC.
وثمة متطلبات C4ISTAR إضافية تنشد قدرات متعددة القنوات للسماح بإجراء اتصالات صوتية وبيانية في آن، فضلاً عن «عرض الحيّز» عالي التردد لدعم مدخلات مهام «الاستخبار والمراقبة وحيازة الأهداف والاستطلاع» (ISTAR)؛ وأخيراً القدرة على إرساء ودعم تواصلية في فضاءات مغلقة.

وسلطت مصادر في الصناعة، على ارتباط المجتمع الدولي مع قوات SOF، الضوء أيضاً على سعي العديد من قيادات «قوات العمليات الخاصة» (SOF) التابعة لحلف شمال الأطلسي «الناتو» NATO والشركاء الخمس (كندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأميركية) من كثب لمَيْدنة قيادة USSOCOM لجهاز الراديو التكتيكي اليدوي AN/PRC-163 STC NGHH آخذين في الاعتبار «المبيعات العسكرية الخارجية» (FMS) في المستقبل.
وفي أماكن أخرى، تواصل قيادات SOF تعريف وتطوير مفاهيم العمليات، والتكتيكات، والتقنيات والإجراءات لتفعيل أمثل لأداء وفعالية مهام تكنولوجيا «الذخيرة الحوّامة» (LM).
ومثال على ذلك حل Warmate من صنع شركة «دبليو بي غروب» (WB Group) الذي سلمته في العام 2018 إلى «قيادة العمليات الخاصة البولندية» (POL SOCC)، مع وصول دفعة أولى تضم في الإجمال 1,000 عربة لذخيرة Warmate، التي وصفتها شركة WB Group بكونها «عربة جوية قتالية غير آهلة».
ويمكن استخدام ذخيرة Warmate، التي تزوّد مجموعات الوحدات الصغيرة لقوات SOF بقدرة حوامة تحلّق لمدة تصل إلى 50 دقيقة، لرصد وحيازة أهداف على مسافة عملانية قصوى تصل إلى 10 كيلومترات قبل أخذ القرار في ما إذا كان ينبغي تدمير الهدف برأس حربي ذي باحث ليزري. وتوفر تكنولوجيا LM بحسب ناطق رسمي باسم شركة WB Group، حلاً بديلاً للصواريخ الموجهة المضادة للدبابات مع خصائص رصدٍ ومراقبة أكثر دقة.

من ناحية القدرة على البقاء، ستراقب قيادات «قوات العمليات الخاصة» (SOF) الدولية من كثب اختيار قيادة USSOCOM الأميركية لِـ «عائلة الأنظمة التكتيكية المثبتة على الرأس» (FTHS) من الجيل التالي وهو ما سيؤكَّد في وقت قريب.
وفي الوقت الحاضر يعتمد مشغلو قوات SOF على «خوذات اتصالات تراكبية مدمجة» (MICH) عالية التقنية قادرة على إدماج أجهزة مثبتة على الرأس وإكسسوارات تكتيكية إضافية فيما هي توفر أعلى مستويات الحماية. ومثال على ذلك، نظام FAST MICH من شركة «أوبس كور» Ops Core، حيث هناك نحو 40,000 وحدة منه قيد الخدمة لدى قيادة USSOCOM ومشغّلي قوات SOF آخرين.
وتسعى قيادة USSOCOM إلى تطوير مفهوم «عائلة الأنظمة التكتيكية المثبتة على الرأس» (FTHS) منذ العام 2015، لكن جرى تأخير البرنامج، الذي يهدف إلى تزويد مشغلي قوات SOF بخوذة قتالية تراكبية ومتدرجة المقاييس قادرة على دعم أدوار تدريبية وعملانية على حد سواء مع أطقم تصفيح بالستية وغير بالستية مدمجة كطبقة فيها. ومن بين الاشتقاقات الخوذات القتالية الأرضية والبحرية Bump التي يمكن أن تُدرع بطقم تصفيح يحمي من المخاطر البالستية لتوفير مستويات مضاعفة في الحماية ضد الأسلحة الصغيرة وتأثيرات التشظِّي. وينبغي على الخوذات القتالية أيضاً أن تكون قادرة على مجاراة متطلبات الخدمة من خلال مجموعة المهام المتخصصة التي تضم الإنزال العسكري بالمظلة والسباحة القتالية.
وممّا يقع أيضاً ضمن المتطلبات العملانية الناشئة ذات الصلة بمهام التصدي لخصوم ذوي قدرات عالية يوظفون تكنولوجيات ISTAR ناضجة، وإدارة البصمات الكهرومغناطسية لمشغلي قوات SOF.
وتواصل شركتا «ساب» Saab و«فايبروتكس» Fibrotex على حد سواء دعم مشغلي قوات SOF بحلول قابلة للارتداء من قبل الجندي، مصممة للسماح للكوادر العسكرية بتجنب الرصد الجسدي من قبل مجموعة متنوعة من المصادر عبر الطيف الكهرومغناطيسي بما في ذلك الحراري، والراداري، والمرئي والآخر الخاص بـ «الأشعة القريبة من الأشعة تحت الحمراء» near infrared.
وبحسب كلايس-بيتر سيدرلوف Claes-Peter Cederlöf، رئيس شعبة التسويق والمبيعات لـ «طقم Barracuda للعمليات الخاصة التكتيكية» (SOTACS) من شركة Saab، فإن هذا الحل يوفر للمشغلين «نظاماً تمويهياً يتيح تنفيذ عمليات خفية في البيئات المعادية».
ووصف سيدرلوف كيف يشكل طقم SOTACS حلاً قابلاً للتكييف وفق الطلب، يتميز بخصائص متعددة الطيف ومصممة لتأمين «تغطية ضد مجموعة واسعة من أنظمة الاستطلاع». وطقم SOTACS، المصمم للارتداء فوق البزة العسكرية القتالية، يوفر حماية من إمكانية التعرف على الجندي بواسطة الملاحظة البصرية المرئية، وأجهزة الرؤية الليلية والمستشعرات الحرارية.

منحت قيادة USSOCOM في العام 2018 شركة «سيغ ساوير» Sig Sauer عقداً لإمدادها بعدد غير مفصح عنه من «مجموعات الغلاف العلوي للبنادق الخامدة» Suppressed Upper Receiver Groups (SURG) المصممة لاستبدال الأجزاء الأمامية لبنادق «الكرابين» M4A1 عيار 5.56 ملم. والبنادق المحدثة بمجموعات SURG ستفيد من وسائل محددة لإخماد كبح وكتم للبصمات الصوتية والمرئية لأنظمة السلاح التي بإمكانها أن تؤثر في الاتصالات وتمويه فرق الوحدات الصغيرة لقوات SOF العاملة في مناطق آهلة على وجه الخصوص.
ويمكن تسليم قيادة USSOCOM نحو 70,000 طقم تصفيح لمجموعات SURG في إطار عقد محتمل بقيمة 48 مليون دولار من المقرر أن يستمر حتى تموز/يوليو من العام المقبل.
وقال جويل هاريس Joel Harris، مدير «وحدة العلاقات الإعلامية والاتصال» لدى شركة Sig Sauer، إن الجزء الأمامي المخمِّد للبنادق من صنع شركته يصمد أمام المتطلبات الأكثر صرامة التي وضعتها وزارة الدفاع الأميركية لمواصفات الرمي والارتجاج والصوت ودرجة الحرارة لضمان سلامة الجندي. وأضاف: «فرضت المتطلبات التي وضعتها وزارة الدفاع على المشتريات مجموعة المخمدات SURG التي أدت إلى تحسينات كبيرة من ناحية الموثوقية، والخصائص الحرارية، والاستدامة، وقد أبلت هذه المجموعات بلاء حسناً مقارنة بأي معدات مماثلة نصادفها في هذه الصناعة».
وثمة مجتمع يعنى بتطوير الأسلحة الصغيرة، بهدف إمداد مشغلي قوات SOF بمستويات مضاعفة من القدرة الدقيقة على الفتك فضلاً عن القدرة على المناورة، ومواصلة تخفيض عوامل الشكل لدى بنادق العمليات الخاصة على وجه الخصوص.
ويتتابع انبثاق المتطلبات من بيئة عملانية معاصرة حيث يطلب مشغلو قوات SOF أنظمة أسلحة خفيفة الوزن وسهلة المناورة يمكنها أن تحيّد فعالية الأهداف في فضاءاتٍ مغلقة.

ومثال على تلك الأنظمة، «سلاح الدفاع الشخصي» (PDW) من شركة Sig Sauer التي تدير حالياً برنامج تقييم مع قيادة USSOCOM. وقد جرى تطوير سلاح PDW، استناداً إلى نظام الشركة MCX Rattler، لإمداد المشغلين بقدرة بنادق يمكن حملها على نحو خفي فضلاً عن دعم الاشتباكات في أماكن ضيقة أو مقيدة. ويتمحور مفهوم سلاح PDW حول جزء أمامي للبنادق بديل يمكن أن يحدث بنادق الكرابين M4A1 CQB عيار 5.56 ملم × 45 ملم إلى عيار .300 Blackout كاليبرا، لتصبح قادرة على إمداد مشغلي SOF بمدى مضاعف وردع أقوى خلال عمليات تستخدم فيها أسلحة قوة حركية.
ومن ناحية حيازة الهدف، تواصل «قوات العمليات الخاصة» (SOF) تحديد الوسائل الفضلى التي تسمح للمشغلين بالاشتباك سريعاً مع قوات العدو في بيئات مكتظة ومقيدة.
وكانت قيادة USSOCOM قد كافأت شركة «أل3 تكنولوجيز» L3 Technologies (حالياً L3Harris) بعقد قيمته 26.3 مليون دولار لإمدادها بعدد غير مفصح عنه من بصريات «نظام التهديف الصغروي-النهاري» (MAS-D). وسيعزز منظار السلاح الهولوغرافي هذا بمكبّر Model G33 Magnifier من شركة «إي أو تك» EOTech، يمكن توظيفه كمنظار ضمن خط النظر لبصريات MAS-D بغية السماح بانتقال سلس وأكثر سرعة من تكبير بقوة 1X إلى قوة 3X لاشتباكات على أمداء أطول.
وستدعم بصريات MAS-D مجموعة متنوعة من أنظمة الأسلحة في ترسانات قوات SOF بما فيها «نظام القناص النصف أوتوماتيكي المتراص» (CSASS) فضلاً عن العائلة الأشمل من أنظمة سلاح القناصة التي تستخدمها قيادة USSOCOM.
وكان مركز «حرب السطح البحرية» الأميركي قد تقدّم بطلب نوايا للحصول على منظار Precision Variable Power Scope (P-VPS) لصالح «قوات العمليات الخاصة» البحرية لأجل دعم مهام حيازة الأهداف على أمداء قصيرة إلى بعيدة لصالح المشغلين. ومن المتوقع أن يدعم هذا الجهاز حلول القناصة لدى قيادة USSOCOM بما في ذلك «بندقية القنص المتقدمة» Advanced Sniper Rifle التي ستختارها القيادة المذكورة.

من أجل الحفاظ على التفوق التكتيكي في الميدان، خصوصاً في ضوء انبثاق خصوم شبه أنداد يملكون قدرات تكتيكية عالية، يعمل مشغلو «قوات العمليات الخاصة» (SOF) على تطوير مشتريات أكثر مرونة. ومع ذلك، تؤكد مصادر دفاعية أن أي ضخٍ سريع للتكنولوجيات المستحدثة في الخدمة لدى وحدات قوات SOF ينبغي أن يكون مدعوماً بتطور من ناحية العقيدة القتالية، و«مفهوم العمليات» (CONOPS) و«التكتيكات والتقنيات والإجراءات» (TTP) بغية إحراز المستويات المحسنة من ناحية كفاية وفعالية مهامهم.