أوكرانيا تتوقّع صيفاً روسياً حارّاً وطويلاً
تُدلّل المؤشرات الأولى على أن هجوم القوات الروسية المتوقع هذا الصيف من المرجح أن يُنفّذ على نطاق كبير، في شرق أوكرانيا. وينبغي على التصوير الساتلي والتنصُّت الإلكتروني من قِبل أسلحة جو حلفاء أوكرانيا الغربيين أن يغذيا مجدداً ويحدّثا باستمرار الصورة الاستخبارية التي تعتمد عليها القيادة العسكرية الأوكرانية.
ولا بد من الافتراض بأن روسيا لا ريب تعلمت بعض الدروس من غزوها الأول غير الشرعي الذي نُفّذ على نحو سيئ جداً. ومن البديهي التوقع من أن الجيش الروسي قد حسن خلال ذلك قدراته على تنفيذ عمليات مشتركة، وهذه المرة مع سلاح الجو الروسي على وجه الخصوص، من أجل حمايته بفعالية في حال شن ذلك الجيش أي اجتياح عسكري بزخم كبير. ولا بدّ أيضاً من أن يكون الجيش قد أدرك بأن التنسيق والدعم المتبادل ما بين قوات المشاة، والمدرعات والمدفعية هما عنصران أساسيان لتحقيق النجاح. وينبغي دعم كل ذلك بقدرات لوجستية محسّنة على نطاق كبير.
ومع ذلك، غدا جنود هذا الجيش الآن بعد دلائل مستقاة على مدى أكثر من عام بأنّ قيادتهم مستعدة لزجهم في أية هجمات «طاحنة للعظام». فمن الناحية التاريخية، قلما تأبه القيادة الروسية لمصير جنودها، وهي على المقدار ذاته من القساوة في ما يتعلق بالإصابات في صفوف المدنيين.
وثمة قطاع في الجيش الروسي سيستخدم بكثافة حسب التوقعات وهو مدفعيته، وصواريخه ومسيراته الانتحارية، ضد القوات الأوكرانية وكذلك بكثافة ضد السكان المدنيين - في معظم أنحاء البلاد كما يرجح. وفي الواقع، وبحسب تقرير بثته شبكة «سي. أن. ب. سي» (CNBC) الأميركية في 8 شباط/فبراير الماضي، أخبر، حاكم إقليم «لوهانسك»، التلفزيون الأوكراني بأنّ الروس: «يحضرون ذخائر تستخدم على نحو يختلف عن ذي قبل - فلن يكون بعد الآن هناك قصف على مدار الساعة. لقد بدأوا يوفرون ذخائرهم بوتيرة بطيئة، ويستعدون لهجوم شامل على نطاق واسع على الأرجح الصيف المقبل الذي يُتوقّع أن يكون حاراً وطويلاً».
وضمت التحضيرات العسكرية الأوكرانية مطالب متكررة للحصول على عربات مدرعة، خصوصاً دبابات ومدافع هاوتزر ذاتية الحركة، وكذلك المطالبة بمزيد من القوى النارية في الآونة الأخيرة. وبينما «تعهدت» دول عديدة بتقديم دبابات - «ليوبارد» Leopard، و«أبرامز» Abrams وتشالنجر» Challenger - فإن ذلك قد حدث في الآونة الأخيرة فحسب، حيث من المرجّح أن يكون طواقمها لا يزالون في مرحلة التدريب الأساسي، هذا إذا ما كانوا قد حصلوا بالفعل على طرز مقرر تسليمها. وينبغي أن يكون وصول مختلف هذه الدبابات، إلى جانب أطقم «الصيانة والتصليح والتجديد» (MRO) ، فضلاً عن كميات كافية من الذخيرة، في أسرع وقت ممكن وأن لا تُسلّم على «دفعات صغيرة تدريجياً» إذ إن ذلك سيحد من القدرة على الإفادة منها في الوقت المناسب ويسمح للروس بالتركيز على التشكيلات القتالية التي تدخل الميدان كل على حدة.
ودار نقاش مكثف أيضاً في ما يتعلق بإعادة تعزيز «سلاح الجو الأوكراني». ويتم التطلع إلى مقاتلة F-16 من صنع شركة «لوكهيد مارتن» Lockheed Martin لكونها متوافرة دولياً ومقتدرة على حد سواء - مع الأنظمة المناسبة من الأسلحة المتقدمة، لمواجهة الطائرات المقاتلة الروسية. لكن الولايات المتحدة قد أعلنت بالفعل أنها لن تزود هذه الطائرات (مع أنها كانت بداية قد صرحت بأنها لن تُزود دبابات Abrams)، لكن حتى ولو التزمت دول أخرى بتقديم مقاتلات مماثلة فإن ذلك لا يرجح أن يُحدث تأثيراً في أي قتال على مدى الأشهر المقبلة.
ولا يزال هناك العديد من الأسئلة التي تحوم حول كيف سيكون أداء الجيش الروسي في أي هجوم مرتقب. ففترة عام واحد ونيف غير كافية بالنسبة إليه لترميم نظام تدريبي عانى الكثير من خيبات الأمل وبخاصة نقص الاستثمارات المخصصة لهذا القطاع. فلا مناص من أن يصار إلى تعلم تنفيذ عمليات الأسلحة المشتركة من خلال التدريب - لا أن تختبر الأمور للمرة الأولى في الميدان حيثما عادة ما تؤدي الأخطاء إلى الفشل الذريع.
وسادت أقاويل في شهر شباط/فبراير الماضي عن قرب شن الهجوم الروسي الكبير، ولكن ذلك لم يحدث لأسباب لوجستية، ويحتمل أن يبدأ في فصل الصيف المقبل. وسيظهر الآتي من الأيام ما إذا كان الجيش الروسي قد عزز قواته الهجومية واللوجستية والتنظيمية والتدريبية على نحو كاف استعداداً للهجوم الصيفي المرتقب. أما بالنسبة إلى أوكرانيا، فعسى ألا يكون قد تحقق ذلك.