تحدّيات الحرب في الأماكن الآهلة

المترجم

كان من شأن المعارك لإخراج مقاتلي تنظيم «داعش» من معاقلهم وسط الأماكن الآهلة في الشرق الأوسط وآسيا، أن ركَّزت الأنظار مجدّداً على التحدّيات والتعقيدات المرتبطة بالقتال في الأماكن الحضرية العامرة. ومع تسارُع خطَى العمران الحَضَري والانتقال إلى حياة المدينة، فمن المرجَّح أن تزداد الحروب في الأحياء المدنية المكتظّة بالسكان. لذا كيف يتطوَّر تدريب وعقيدة وعتاد الجيوش من أجل التصدِّي لهذا الواقع الدفاعي الناشئ! ثمة وسائل عديدة ألقَت الضوء عليها النشرة المختصّة «لاند وورفير إنترناشونال» في تقريرٍ خاص لها.

إنّ القتال في البيئات الآهلة المكتظّة بالسُّكّان ليس بالمفهوم العسكري الجديد. فلطالما شكَّلت معارك دموية عنيفة لغزو المدن سِمَةَ الحروب على مدى عقود (بل حتى على مدى قرون إذا ما أخذنا في الاعتبار حصار المجمّعات المحصَّنة والجماعات الحصينة). ومع ذلك، كان القتال في الأماكن الآهلة قد وصل إلى مرحلة النضج حقّاً في القرن العشرين، وفقاً للمقدّم بيتر منصور Peter Mansoor، المساعِد الأبرز للجنرال دايفيد بيترايوس David Petraeus [قائد الحملة الأميركية على العراق] خلال ذروة حرب العراق في العام 2007.

تشكل  الطرق وتقاطُعات الطرق نقاط إختناق طبيعية حيث يمكن الإيقاع بقواتٍ راجلة أو مهاجمة بعربات مدرّعة

وكانت الحرب العالمية الثانية شَهِدَت قتالاً متزايداً للجيوش داخل أماكن عمرانية حضرية، مع تسجيل إصابات هائلة لدى الطرفَين المتقاتلَين، في صفوف المدنيين والعسكريين، ومنذ ذلك الوقت وقعَت سلسلة من النزاعات تضمّنت عمليات قتالية معقّدة في الأماكن الآهلة. وباتت مدن البصرة، والفلوجة، وغروزني، ومراوي، ومقديشو، والموصل، والرقَّة مُرادِفة في الدوائر العسكرية للنزاع في الأماكن الآهلة وسُبُل الفوز، وربّما الخسارة، في معركةٍ من معاركه.

فرص تكرار النزاعات

إنّ فرص تكرار المعارك في أماكن الاكتظاظ السُّكّاني في المستقبل تتنامى يوماً بعد يوم. ووفقاً للأمم المتحدة، يقطن نحو %55 من سُكّان العالم حالياً في المناطق الحَضَرية الآهلة، ومن المرجّح أن تزداد هذه النسبة إلى %68 بحلول منتصف هذا القرن. وربّما يشهد ذلك ازدياد عدد سُكّان المدن بنحو 2.5 مليار نسمة، وعلى الأخص في أفريقيا وآسيا.

وقال المقدّم منصور في كلمةٍ له أمام «معهد الخدمات المتحدة المَلَكِية»: «نظراً إلى تضاعُف التمدُّن الحَضَري، ستُختَبَر القوات العسكرية في المستقبل على نحو مضطرد بهذه البيئة القتالية الصعبة». وأضاف أنّ هناك ثلاثة عوامل جعلت هذا النوع من النزاع صعباً بشكلٍ خاص: التضاريس الأرضية، والشعب والمتطلّبات الفريدة للجنود العاملين في تلك الأماكن.

وباتت المدن اليوم أشبه بـِ «غابات الإسمنت» وتشتمل على مبانٍ شاهقة الارتفاع ومساكن تنتشر عشوائياً في الضواحي، فضلاً عن بُنية تحتية معقّدة لتصريف ومعالجة مياه الصرف الصحي. ويُشار إلى خليط مناطق المباني الضخمة، وشبكة الطرق وتقاطُعات الطرق، والأنفاق والقنوات تحت الأرض معاً بتسمية «البيئة الثلاثية الأبعاد» 3D Environment. فالمباني تُوفِّر تغطيةً طبيعية وحماية وافية باستخدام بُنَاها الإسمنتية والفولاذية، فيما تشكل الطرق والتقاطُعات نقاط اختناق طبيعية حيث يمكن الإيقاع بقواتٍ راجلة أو مهاجمة عربات مدرّعة.

وجميع ما سَبَق يعطي القوات الدفاعية خيارات من ناحية شل أو تحييد أية قوة مهاجمة، بما في ذلك: القنّاصين/ المُراقِبين المتربِّصين في المباني؛ الأفخاخ والأشراك؛ والتحرُّكات الخفيّة عبر المباني ومن تحتها لتجنُّب الرصد من قِبَل القوات المُناوِئة ومنصّاتها لـ «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR. ولهذا السبب، بإمكان مجموعة أصغر حجماً الصمود والتصدّي لتشكيلٍ مُهاجِم أكبر حجماً بكثير، وغالباً ما تلعب الفوائد التكنولوجية وقوة النيران دوراً ثانوياً مقارنةً بالتخطيط والتكتيكات والعقيدة القتالية.

وقال منصور: «خلال القتال في الأماكن الآهلة، ما يهم هو عدد الجنود ومستواهم القتالي. وذلك يُشكِّل جزءاً ممّا يجعل الحرب في هذه الأماكن صعبة حيث يمكن لمبنى وحيد أن يستهلك قوة بحجم كتيبة كاملة من الجنود في يومٍ من القتال». وأضاف: «لا يتطلّب الأمر حسابات معقّدة لاستبيان سقوط عدد كبير من الجنود في صفوف قوة مهاجِمة عندما تُهاجِم مجموعة مناوِئة متحصِّنة في غابة إسمنتية حَضَرية».

إنّ المعارك الأخيرة لاحتلال معاقِل تنظيم «داعش» في مدينة الرقّة السورية ومدينة الموصل العراقية قد أثبتت، على الرغم من التقدُّم التكنولوجي في المعدّات العسكرية، أنّ التحدّيات التكتيكية تبقى هي ذاتها كشأن تلك التي واجهها الجيش الألماني خلال محاولته احتلال ستالينغراد إبّان الحرب العالمية الثانية، أو الجيش الأميركي أثناء خوضه القتال لاستعادة مدينة هوي Hue خلال حرب الفيتنام.

وبالنسبة إلى هذه المهاجمات الأخيرة فإنّ «أوجه الشبه في القتال الحَضَري تفوق الاختلافات» عند مقارنتها بمعارك الموصل، وفقاً لِمَا قاله بينغ ويست Bing West، مقاتل سابق في البحرية الأميركية وسكرتير دفاعي مساعِد.

إعادة النظر في الوضع

لهذه الأسباب، تُعيد الجيوش تركيز اهتمامها مجدّداً على سُبل تنفيذها للعمليات في الأماكن الحَضَرية الآهلة، مستخلِصَةً الدروس بعد سنين من القتال في الأماكن الريفية من أفغانستان. فالجيش البريطاني على سبيل المثال يُعيد النظر في مبادئ القتال في البيئات العمرانية المعقّدة، وهو أمرٌ أجادَت خوضه خلال حرب العراق لكنّها أخفقت في القيام به في أفغانستان مع ازدياد وتيرة المهام.

بالنسبة إلى البريطانيين، كانت العمليات العراقية ضدّ الميليشيات المتنوّعة المدعومة من الدولة في جنوب العراق «مستَنزِفة للقوة، ودموية وفوضويّة» حيث حاول الجنود اتّخاذ المبادرة أو استعادتها من أيدي الخصوم، كما قال الجنرال زاك ستينينغ Zac Stenning، المحارِب القديم في تلك الفترة وآمر الألوية الضاربة المستقبلية في الجيش.

وغالباً ما شملت العمليات في البصرة انخراط قوات جوّية وبرّية وبحريّة وأخرى غير تقليدية، ومناورات معلومات بالقرب من مقاتلين محليين أو في وسطهم. وقال ستينينغ: «لقد وجدتُ شخصياً أنّ المعارك هناك أكثر تحدّياً ممّا حَدَث في أفغانستان. لقد كان التأقلم السريع أمراً حاسماً، مع مستوى استثنائي في قيادة المهمة على جميع المستويات بدءاً من الجندي العادي إلى قادة التشكيلات العسكرية في بيئةٍ سريعة الخطى ودينامية جداً. ولقد تعلّمنا أنّ المدن هي أنظمة وأنّ المناورة الذكية مهمة أساسية، وأنّ التحدّي الأكثر صعوبة كان التسلُّل إلى المدينة والخروج منها عبر محورٍ واحد أو محاور عديدة».

أثبتت المعارك الأخيرة لاحتلال معاقِل تنظيم «داعش» في مدينة الرقّة السورية ومدينة الموصل العراقية، على الرغم من التقدُّم التكنولوجي في المعدّات العسكرية، أنّ التحدّيات التكتيكية تبقى هي ذاتها

لكن اليوم يتعيّن على البريطانيين إعادة تعلُّم سُبُل التخطيط للعمليات في الأماكن الآهلة في ظل النزاعات الحالية، وقال ستينينغ: «لقد راقبنا من كثب وتعلّمنا من التجارب في الموصل والرقّة ومراوي. إنّ هدفنا هو جيش بريطاني أكثر تنافسية في القوات المشتركة ضمن البيئة المعقّدة للقرن الواحد والعشرين، دون أن ننسى وجوب أن نكون قادرين على المناورة أيضاً على نطاق مساحةٍ واسعة».

وفي إطار بناء الكفاية في الحرب بالأماكن الحَضَرية، يخضع الجيش البريطاني لعملية تطوير تُركِّز على التعلُّم والتدرُّب والاختبار، وذلك بدراسة الحَمَلات الماضية والعقيدة الحالية، فضلاً عن العمليات الأخيرة في الشرق الأوسط وأوكرانيا. وبات التدريب يتركَّز ضمن هذه المقاربة على تعلُّم الألوية في الجيش البريطاني كيف تُقيِّم على مستوى التشكيلات القتالية «سُبُل تنفيذ المهام» في البيئة الآهلة، على حدّ قول ستينينغ. ولهذا الغرض، قام ضبّاط من لواء المشاة المدرَّع الأول بزيارة المنطقة المالية في العاصمة لندن، والتطلُّع من أعلى أبراجٍ عمرانية إلى سيناريو مناورة لقوة برّية مدرَّعة وقوة ضاربة مستقبلية في بيئةٍ عمرانية معقّدة.

هل هذا يكفي؟

يدرس الجيش الأميركي أيضاً النزاع في الأماكن الحَضَرية وسُبُل التكيّف من ناحية التدريب والعقيدة والتكنولوجيا مع تطوُّر أوجه هذا النزاع. وصرّح رئيس الأركان مارك ميللي Mark Milley في مناسباتٍ عديدة أنّ التمدُّن سيُشكِّل العامل الأكثر أهمية الذي سيؤثِّر في طبيعة الحرب البرّية.

وقال ميللي: «فيما نمضي قُدُماً نحو المستقبل، فإنه من المحتمل جداً أنّ تكون البيئة الجغرافية، التي أكثر ما يُرجَّح أن يخوض الجيش الأميركي القتال فيها،  أماكن آهلة معقَّدة وشديدة الاكتظاظ السُّكّاني. وستكون نتائج تطوُّر العقيدة والتنظيم والأسلحة كبيرة. وسيتطلّب ذلك تحوُّلاً جوهرياً في سُبُل تنظيم وتجنيد وتدريب وتجهيز جيش الولايات المتحدة».

ستسمح التكنولوجيات الجديدة بتحسين فرص البقاء لدى الجنود، وقدرتها على الفتك والإلمام بالوضع المحيط بشكلٍ كبير، وهذا من شأنه أن يُقدِّم ميزة حاسمة في الأماكن الآهلة

ومع ذلك، يرى المخطِّطون والخبراء أنّ الجيش الأميركي لا يزال غير مدرَّب على نحو وافٍ لخوض العمليات في الأماكن الحَضَرية الآهلة. وقال الرائد جون سبنسر John Spencer، الباحث لدى «معهد الحرب المعاصرة» Modern War Institute في «أكاديمية الجيش الأميركي» في وست بوينت: «لقد تغيَّرت متطلّبات الزمن. بات الجيش يحتاج إلى إنشاء كلّية خاصة بالحرب في الأماكن الآهلة لإعداد الجنود لخوض القتال والنجاة في بيئةٍ حَضَرية ذات اكتظاظٍ سَكَنِي».

ولَفَت سبنسر إلى أنّه يتعيّن على الجيش الأميركي استحداث وحدة مدرَّبة ومهيَّأة ومجهَّزة للعمل في مدنٍ كبرى، إضافةً إلى «كلّية مخصَّصة تُنفِّذ دورات تدريبية للجنود والوحدات وتُوفّر تسهيلات تدريبية لكامل الوحدات». وأضاف أنّ العديد من مراكز التدريب المُحاكية للأماكن الآهلة الموجودة حالياً ليست واقعية بما يكفي لتُمثِّل بنطاقٍ كافٍ مشهدية المدينة المتوسِّعة عمرانياً، بما في ذلك الأماكن المهمة ذات الكثافة السُّكّانية.

وكتب سبنسر لصالح «معهد الحرب المعاصرة» قائلاً: «إنّ مفهوم العمليات في الأماكن الآهلة لا ينطوي على الحاجة إلى تدمير قوات العدو فحسب، بل أيضاً الوجود وسط المدنيين العاملين في البيئة الحَضَرية الآهلة والاحتكاك الحتمي معهم».

Fuchs

إنّها مشكلةٌ مألوفة لدى قوات أخرى في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، وعلى الأخص الجيش البريطاني. وتسعى القوات المسلّحة البريطانية إلى مواجهة هذه المشكلة عبر سلسلة من التمارين تحمل تسمية «الفجر الحَضَري» Urban Dawn، تسعى من خلالها إلى الخروج من منشآت التدريب التقليدية على الحرب في الأماكن الآهلة مثل ميدان «كوبهيل داون» CopehillDown وتوسيع نقاط التدريب ليشمل 32 موقعاً مختلفاً. ويتمثَّل الهدف بالنسبة إلى القادة في تطوير تكتيكاتٍ على نطاق محدود وآخر شامل، فضلاً عن تثقيف الجنود حول ما يُدعَى «أهداف القرن الواحد والعشرين»، بما في ذلك بيئات كابلات الألياف البصرية، ومراكز الاتصالات وشبكات الطاقة الكهربائية (إضافةً إلى الطرق والجسور التقليدية).

ومع ذلك، لا تزال الحرب في الأماكن الآهلة تتطلّب العدد الوافي من الجنود لتحقيق تلك الأهداف، وهو ما تُعتبر القوات الغربية في أمَسّ الحاجة له بعد سنينٍ من انكماش ميزانياتها الدفاعية والتراجع الناجم عن ذلك في أعداد الجنود. فالقوات المسلّحة في الغرب، بمنعها لبعض أوجه التعبئة العسكرية الواسعة الانتشار، ستضطرّ إلى تطوير عقيدة قتالية والإفادة من القوات الحليفة والأخرى المحلية المتحالفة والتكنولوجيا بوسائل أكثر ابتكاراً لضمان التمتُّع بالمقدرة العملانية الوافية داخل المدن.

وقال اللواء كريس تيكل Chris Tickell، رئيس «وحدة القدرات» في الجيش البريطاني: «حتى مع قوة ضخمة يبلغ عديدها 140,000 جندي، علينا أن نُعير انتباهنا إلى تحدّي إيصال العدد الكافي من المقاتلين إلى حيث تستدعي الحاجة. ويمكن التصدّي لهذا التحدّي أو التخفيف من حدّته عبر عددٍ من الوسائل، ليس أقلها استخدام كامل القوة، بل أيضاً عبر التوافق التشغيلي، وتحسين معدّل «السنّ إلى الذيل» ] tooth-to-tail  أي عدد العناصر العسكرية/ «الذيل» المطلوبة لدعم وإمداد كلّ جندي أمامي يخوض القتال/ «السن»، والعمل والتنسيق مع القوات المحلية.

الكلمة الفَصْل للتكنولوجيا

قال اللواء تيكل مستَدرِكاً: «ستسمح لنا التكنولوجيات الجديدة بتحسين فرص البقاء لدى الجندي، وقدرته على الفتك والإلمام بالوضع المحيط بشكلٍ كبير، وهذا من شأنه أن يُقدِّم ميزة حاسمة في الأماكن الآهلة.

وفيما كانت العربات والقتال في الأماكن الآهلة يُشكِّلان تقليدياً عصب الحروب، فهناك العديد من المفاهيم التي قد تُغيِّر ذلك. فمن بين الاختراقات الابتكارية في هذا الصدد تطوير «أنظمة الحماية النشطة» APS التي يمكنها أن تعترِض المقذوفات الداهِمة وتدمرها قبل اصطدامها بالعربة حيث تُثبِت الجيوش مدى أهمية هذه الأنظمة لحماية المنصّات القتالية في الأماكن العمرانية. وأضف إلى هذه الأنظمة المشتريات المعيارية للجيوش التي توفِّر تغطيةً دائرية ذات زاوية عامودية عالية ضدّ الصواريخ الداهِمة، خصوصاً تلك المُطلَقة من مواقع عالية فوق العربات على غرار أسطح المباني.

BAE Systems

وثمة أنظمة أسلحة أحدث على غرار المدفع CT40 التلسكوبي، وهو نتاج مشروع مشترك يجمع بين شركات BAE Systems، و Nexter، وCTAI، الذي يُوفِّر أيضاً زاوية عامودية متزايدةً لسبطانته. وبفضل الآلية الدوّارة الفريدة للمدفع المذكور - الذي يسمح بزاوية عامودية تصل إلى 75 درجة علوية - يمكن لطاقم العربة أن يرمي قذائف مدفعيّته نحو طوابق عليا في المباني. وتستفيد المنصّات القتالية باضطراد من «مراكن الأسلحة المشغَّلة من بُعد» RWS ما يتيح للجنود أن يبقوا مغطين أو تحت الحماية بدلاً من تعريض أنفسهم للخطر فوق تدريع البرج الآهل للعربة. كما أنّ منصات RWS تُضاعِف مهامها أيضاً كمنصّات «الاستخبار والمراقبة والاستطلاع» ISR، ما يمنح الجنود وسائل لتحديد هويّة المقاتلين وذلك بفضل بصرياتٍ ليلية نهارية أكثر اقتداراً.

JLTV

إنّ العربات غير الآهلة UAV قد تُغيِّر أيضاً الطريقة التي يخوض فيها الجنود القتالَ في البيئات الآهلة بالسُّكّان. وثمة عددٌ من الجيوش التي تفيد بازدياد من تلك المنصّات لمهام «الاستخبار والاستطلاع والمراقبة» ISR. وهذا هو الحال مع «العربات الأرضية غير الآهلة»  UGV، التي بإمكانها أن تتسلَّل إلى المباني قبل دخول مجموعات المداهمة. وقد طوَّرت الشركة الأميركية المتخصِّصة «إنديفور روبوتيكس» Endeavor Robotics، التي استحوذت عليها FLIR Systems العام المنصرم، الروبوت «فيرست لوك» FirstLook الذي يمكن وضعه في حقيبة الظهر، وعند الحاجة رميه داخل الأبواب والنوافذ. ويمكن لهذا الروبوت الذي يزن 2.4 كيلوغراماً أن ينجو سالماً من سقطةٍ على ارتفاع 16 قدماً [4.9 أمتار]، وهو مجهَّز بكاميرات عاملة ليلَ نهار ويمكن أيضاً أن يعمل كجهاز وسيط راديوي.

سواء كان الحل هو التكنولوجيا، أم العقيدة، أم التدريب، فإنّ الجيوش الغربية بدأت الآن بالاستعداد لنزاعاتٍ مقبلة التي من المرجَّح أن تقع في بيئةٍ حَضَرية آهلة. ومهما يكن من أمر، تبقى التحدّيات ماثلة في الأذهان فيما تتطلّب الحلول تنسيق الجهود ليس فقط من قِبَل الحكومات المحلّية بل أيضاً في ما بين مختلف الدول لضمان تحقيق مقاربة تضافرية مشتركة.^

FirstLook
منتجات
العدد
العدد حسب الاشهر
السنة
2020
رقم الصفحة
30

أخر المقالات