Slideshows

محركات الطائرات المستقبلية: توجُّه نحو محركات كهربائية بالكامل

في ظل التطور السريع للطيران خلال القرن العشرين المنصرم، بقي «الغازولين» (البنزين) و«الكيروسين» (الكاز/ وقود الطيران) نوعا الوقود الرئيسيان لمحركات الطائرات على مدى عقود. والاتجاه المرجح للتطوير المستمر المستند إلى الأبحاث هو نحو وحدات طاقة هجينة (وقودية-كهربائية) وكهربائية بالكامل all-electric.

لم تتغير المتطلبات الأساسية للمحركات بشكل كبير - من حيث فترة الخدمة الطويلة، والموثوقية، والكفاية، والوزن الخفيف فضلاً عن الأبعاد والأشكال المحددة. لكن ذلك لم يمنع المصممين من البحث عن مبادئ بديلة لمحركات الطائرات ومصادر الطاقة. بل توصل بعضهم إلى مفهوم محركات الطائرات النووية. وقد أُجريت أبحاث على المحركات الكهربائية منذ عقود عديدة في صناعة السيارات، مع زيادة مستمرة في قدرات طاقتها ومداها، ما جعل من الممكن البدء باستبدال محركات الاحتراق الداخلي. لكن عالم الطيران، ولأسباب واضحة تتصل بمتطلبات أكثر تعقيداً، هو أبطأ في هذا الخصوص، ولو أنه يتحرك قدماً في هذا الاتجاه. ويجري استخدام المشغّلات [المحركات الصغيرة actuator] الكهربائية بازدياد لاستبدال مثيلاتها الميكانيكية والهيدروليكية في الطائرات. ومع ذلك، يبقى الطيران المجال الأكثر صعوبة لتحقيق أي خرق في اعتماد الطاقة الكهربائية electrification اعتماداً كاملاً.

تقدم في الصناعة

يعود تطوير «المحرك الترددي» reciprocating engine إلى فترة ازدهار الطيران الحديث. فلطالما كان هذا النوع من المحركات الخيار الأول، حتى طُرحت «المحركات التوربينية النفاثة» turbojet engine للمرة الأولى في منتصف القرن العشرين. وتُحفز الوقائع المعاصرة في صناعة الطيران على تبنّي نهج لكبح أكلاف الوقود. كما تتنامى في آن المطالب لتحسين أداء محركات الطائرات الحديثة. فأكلاف الوقود هي من بين مصادر النفقات الباهظة الرئيسية للناقلات الجوية، ما يُحتم أن تكون محركات الطائرات الجديدة تتوقع بالطبع توفير الوقود المطوّر. وإضافة إلى ذلك، تغدو معايير الطيران الخاصة بانبعاثات الضجيج والغازات أكثر صرامة. وتبدو مزايا الطائرات الكهربائية جلية: فهي أقل ضجيجاً، وأكثر موثوقية، وأرخص كلفة من ناحية التشغيل. وإضافة إلى ذلك، إنها تحل مسألة الانبعاثات المؤذية. فمن جهة، توفر مثل هذه المحركات فرصاً كبيرة للإفادة على نحو أكثر من الحجم الداخلي للطائرة، ومن جهة أخرى، تبقى مشكلة عدم نضج البطاريات مسألة في غاية الأهمية، إذ إنها تحد بشكل كبير من مدى الطيران. بل إن توضيب البطاريات المطلوبة لا يزال ثقيلاً جداً، في حين أن طاقتها غير كافية لرحلات الطيران الطويلة في إطار التشغيل المعياري للطائرات. وحتى حينه، يبقى المحرك الأكثر شيوعاً في الطيران الحديث هو محرك الاحتراق الداخلي. أما استبدال مثل هذه المحركات بتلك التي تعمل على الطاقة الشمسية أو غيرها من أنواع الطاقة المتجددة الأخرى، وكذلك وضعها قيد التشغيل التام بأعداد كبيرة، فيبقى هدفاً حساساً ولا سيما في ما يتعلق بالوزن الزائد لألواح الطاقة الشمسية. فعلى سبيل المثال، تمكنت طائرة اختبارية عاملة بالطاقة الشمسية SOLAR IMPULSE2 من التحليق بدون توقف لمدة 26 ساعة. ويمكن إعادة شحن بطارياتها خلال فترة النهار لاغتنام الطاقة في الليل. وإذا ما كانت هذه الأنواع من الطائرات ستُعتمد في المجال العسكري، فإن المسألة الأولى التي تتبادر إلى الذهن هي مقدرة «المسيّرات» (UAV) على تنفيذ تحليق لمسافات طويلة من دون الحاجة إلى إعادة الشحن

حظيت شركة Pratt & Whitney في العام 2021، بدعم من «حكومة كندا» لإجراء التحليق الأول الذي يتضمن محركَ طائرات هجيناً تيربو-داسرياً
تطور تكنولوجيا جديدة عبر الأطلسي

في الاقتصادات المتقدمة، يجري تطوير مشاريع جديدة في حقل تكنولوجيا الطيران بالسرعة الكاملة. وتستطلع تلك البرامج، التي غالباً ما تحظى بدعم حكومي، مجالات جديدة، بما في ذلك إنتاج محركات طائرات. وتجدر الإشارة إلى أن مشاريع المحركات العسكرية والأخرى المدنية غالباً ما تتقاطعان ويكمل بعضها البعض الآخر إذ إنهما تستخدمان تكنولوجيا مشتركة لتطوير محركات جديدة. وقد اكتسبت الولايات المتحدة خبرة في تطوير تكنولوجيا لوحدات طاقة تُستخدم في الطائرات العسكرية والمدنية على حد سواء، ما يدفع الشركات الأميركية إلى مواقع الصدارة في الأسواق العالمية. والحافز الرئيسي للأبحاث والتطوير (R&D) في مثل هذه التكنولوجيات توفره الوكالات الاتحادية، على غرار وزارة الدفاع الأميركية ووكالة الفضاء الأميركية «ناسا» (NASA)، تلك التي تُركز على آفاق المدى البعيد، أي لفترة تُراوح من 25 إلى 50 عاماً. وفي الولايات المتحدة، تتولى «إدارة الطيران الاتحادي الأميركي» (FAA) ووكالة «الناسا» مهمة تصميم محركات جديدة. وتُطوّر إدارة FAA تكنولوجيات مع منظور مستقبلي يُراوح بين 5 و 10 أعوام، بينما تتطلّع وكالة «الناسا» إلى فترة أطول بكثير. وبحسب بحث أجرته وكالة «الناسا»، فإن إحراز أهداف العام 2030-2035 لخفض أكلاف الوقود وضجيج وحدات الطاقة، بما في ذلك طائرات الركاب ما دون سرعة الصوت، يبدو مهمة مثيرة للتحدي تتطلب حلولاً تكنولوجية جديدة. وبالوسع إحراز نتائج أكثر أهمية، بما في ذلك «صفر انبعاثات»، عبر التحوّل إلى محركات هجينة أو وحدات طاقة كهربائية بالكامل. لكن يتعين تطوير مزيد من المعدات والتكنولوجيات الجديدة لتحقيق هذا الهدف. وتشارك كل من «بوينغ» Boeing، و«نورثروب غرومان» Northrop Grumman، و«سيسنا» Cessna، و«جنرال إلكتريك» General Electric، و«رولز رويس» Rolls-Royce، و«برات أند ويتني» Pratt & Whitney في إجراء أبحاث على مفاهيم صناعة محركات المستقبل. في أوروبا، هناك برامج جارية لإيجاد حلول جديدة في حقل الطيران. ويجري هذا العمل تحت رعاية «المفوضية الأوروبية»، من خلال برامج إطار عمل. فقد طور برنامجا إطار العمل السادس والسابع تكنولوجيات حساسة لمحركات طائرات الركاب للأعوام 2020-2025. وكانت شركات «سافران» Safran، و«أم. تي. يو. ايرو إنجينز» MTU Aero Engines، و Rolls-Royce كجهات منسقة للمشروع.

تُطور شركة UTC محركات هجينة لتركيبها في مختلف الطائرات، وقد طرحت مشروعها PROJECT 804، وهو برنامج اختباري للطائرة التيربو-داسرية الخفيفة DASH 8 من صنع شركة  Bombardier، حيث تم تركيب وحدة طاقة هجينة لاستبدال أحد المحركات
تكنولوجيات هجينة

في أيار/مايو 2015، عُقد «منتدى الطائرات الكهربائية» Electric Aircraft Symposium (EAS) IX، الذي نظمته «كايف فاوندايشن» CAFE Foundation، حيث استُعرضت نتائج تقرير حول التقدم الحاصل في تكنولوجيا الطائرات الكهربائية. وكانت الحلقة الأضعف في آلية المحرك الكهربائي هي بطارياتها. وأشير إلى أن بطاريات «الليثيوم» يتعين تحسينها بينما يتوجب التثبت بشكل تام من التشغيل الآمن لها على متن الطائرات. وفي مثل هذه الشروط، ثمة مجال واعد يركز عليه المُصنّعون الرئيسيون لمحركات الطائرات ألا وهو وحدات الطاقة الهجينة hybrid power unit، حيث يُدمج محرك مكبس (بيستون) أو محرك توربيني غازي مع محرك كهربائي. وتكون وحدة الطاقة الكهربائية أقل تعقيداً وأخف وزناً من مثيلتها الميكانيكية، بما يسمح بتطوير طائرات بمختلف التصاميم. وتتيح مثل هذه المقاربة أيضاً زيادة فاعلية تشغيل المحرك، وخفض الانبعاثات المضرة، وتحقيق أدنى استهلاك للوقود. ومن شأن إدماج محرك تقليدي مع آخر كهربائي أن يحل جزئياً المسائل المألوفة في الطيران الحديث. وبالتالي، يعكف جميع كبار مصنّعي محركات الطائرات تقريباً على العمل حثيثاً نحو تحقيق هذه الغاية. فعلى سبيل المثال، حظيت شركة Pratt & Whitney في العام 2021، بدعم من «حكومة كندا» لإجراء التحليق الأول الذي يتضمن محركَ طائرات هجيناً تيربو-داسرياً. وتُطور شركة «يونايتد تكنولوجيز كوربورايشن» United Technologies Corporation محركات هجينة لتركيبها في مختلف الطائرات. وقد طرحت الشركة المذكورة مشروعها PROJECT 804، وهو برنامج اختباري للطائرة التيربو-داسرية الخفيفة DASH 8 من صنع شركة «بومباردييه» Bombardier، حيث تم تركيب وحدة طاقة هجينة لاستبدال أحد المحركات. ويقدر أن مثل هذه الطائرة ستستهلك وقوداً أقل وستكون قادرة على نقل 50 راكباً لمسافات تصل إلى 463 كيلومتراً في غضون ساعة. وبدأت شركة Rolls-Royce في العام 2021 أيضاً، وفي إطار خطتها لتخفيض الانبعاثات بحلول العام 2030، باختبار المكونات الأولى لوحدة الطاقة الهجينة من تطويرها، المستندة إلى وحدة AE2100، الذي جرى تطويرها سابقاً بالتعاون مع شركة «ايرباص» Airbus. ومن المرجح استكمال تطوير وحدة طاقة هجينة بحلول العام 2030. وتُطور شركة Safran الفرنسية نظامَ دفع هجيناً للطوافات والطائرات التجارية. ومن المفترض أن تحظى مثل وحدات الطاقة هذه بحلول العقد 2040-2050 بحصة كبيرة من الطلبات. وتعكف شركة General Electric، بالشراكة مع «أكس تي آي» XTI، على تطوير وحدة الطاقة الهجينة TRIFAN لطائرة ركاب ونقل خفيفة. وستكون الطائرة الخفيفة DENALI من صنع شركة «سيسنا كاتاليست» Cessna Catalyst، العاملة بنظام طاقة هجينة، قادرة على نقل نحو أربعة أشخاص لمسافة تصل إلى 3,000 كيلومتر بسرعة تبلغ نحو 500 كيلومتر في الساعة. ومن المتوقع إجراء التحليق الأول للمنتج عند إنجازه بحلول العام 2030. ووفقاً لذلك، يمكن تطبيق وحدة الطاقة الهجينة على الطيران العسكري كمصدر طاقة كهربائية إضافية وسيُضاعف ذلك من قوة دفع الطائرة وقدرتها على المناورة.

وحدات طاقة واعدة للجيش

تأتي قائمة متطلبات الجيش من ناحية مزايا وقدرات الطائرة العاملة بطاقة كهربائية أكثر صرامة حتى من تلك الخاصة بالطائرات المدنية. وتراوح مناطق عمليات حلف شمال الأطلسي «الناتو» (NATO) من أعالي الشمال إلى الحدود الجنوبية لدول التحالف. ويعني ذلك أن المهام المستقبلية ستُنفذ في ظروف باردة ورطبة على حد سواء، أو في مناخات حارة وجافة. وإضافة إلى ذلك، ثمة مهام تتطلب مناورة سريعة لنقل الحمولات. ومن شأن ذلك أن يؤثر على المنصات التكتيكية الحالية والأخرى المستقبلية. وينبغي على الطائرة العسكرية الجديدة العاملة بالطاقة الكهربائية أيضاً أن تكون قادرة على العمل في ظروف دعم لوجستي محدود وبنية تحتية محدودة، بينما تنقل حمولات ذخيرة هائلة. وفي إطار تقييم التقدم في تطوير هندسة طائرات حربية جديدة، لا بد من أن نذكر شركة «جي إي أفييشن» GE Aviation ومقرها الولايات المتحدة. فلقد استكملت هذه الشركة بنجاح اختبار النموذج الأولي لمحرك طائرة نفاث متكيّف، هو XA100، الجاري تطويره منذ العام 2007، بموجب عقد منحه سلاح الجو الأميركي. وبفضل المزايا الفريدة لتصميم شكل المحرك، من المتوقع أن يستهلك وقوداً أقل. وقد خُطط على الأخص لاستخدام هذا المحرك المتكيّف على المقاتلة F-35 LIGHTING II. ومن شأن استبدال وحدة الطاقة المعيارية بمحرك XA100 أن يضاعف فترة تحليق F-35 لنحو 50 بالمئة ومداها نحو 35 بالمئة. كما سينخفض استهلاك الوقود بشكل كبير بنحو 25 بالمئة. وتُطور شركة Pratt & Whitney أيضاً محركاً متكيفاً شبيهاً. وفي العام 2020، وفي خلال «منتدى الدفاع الوطني» National Defence Seminar الذي نظمته وزارة الدفاع البرازيلية، عرضت شركة «إمبراير» Embraer وسلاح الجو البرازيلي طائرة عسكرية جديدة تشتمل على نظام دفع هجين. وسيتميّز مشروع STOUT (طائرة النقل للخدمة ذات الإقلاع القصير) بمحركين تيبرو-داسريين يقعان في مكان أقرب إلى بدن الطائرة وبمحركين كهربائيين عند طرفي الجناحين. ومن المتوقع أن يبلغ مدى هذه الطائرة 2,452 كيلومتراً مع حمولة 3 أطنان. وستكون الطائرة الحربية هذه قادرة أيضاً على الإقلاع والهبوط فوق مدرّجات قصيرة غير مرصوفة وفي الأدغال. وفي آب/أغسطس العام 2021، وقّع الجيش الأميركي عقداً بقيمة 87 مليون دولار مع شركة «كومينز» Cummins لتسليم «المحرك القتالي المتقدم» Advanced Combat Engine (ACE) ذي «المكبس المتعارض» Opposed Piston (OP). وتتخصص تلك الشركة في إنتاج محركات ديزل ومحركات تعمل بالوقود البديل. ويشتمل تطوير «المحرك القتالي المتقدم» على محرك ديزلي تراكبي يمكن أن يكون هجيناً ويستخدم تكنولوجيا «المكبس المتعارض» المبتكرة لتوفير قدرات متقدمة سبّاقة من ناحية كثافة الطاقة والتخلص من الحرارة لا نظير لها في السوق الحالية. وتُولد تكنولوجيا هذا المحرك طاقة أكثر بنسبة 50 بالمئة وكفاية أفضل في استهلاك الوقود بنسبة 13 بالمئة. ويمكن إدماج محرك ACE المذكور في هندسات هجينة لتوحيد وتخفيف عبء لوجستيات المجموعات العديدة لنقل قوة دفع المحرك، وتسهيل تبنّي تكنولوجيا تعتمد على الكهرباء. وفي العام 2021 أيضاً، أطلقت Rolls-Royce مشروعاً استثمارياً جديداً مع «جامعة برديو» (Purdue University) لتطوير منصات اختبار جديدة للارتفاع العالي والمحركات الهجينة-كهربائية لتركيبها في الأجيال المستقبلية من الطائرات العسكرية. وقد وسّع ميدان اختبار Rolls-Royce الجديد للارتفاعات العالية في «ويست لافاييت» West Lafayette من نطاق الفرص لاختبار تصاميم محركات جديدة بما في ذلك محركات لطائرة الدوار القلاب V-22 OSPREY وطائرة النقل العسكري C-130J SUPER HERCULES، وطائرة الدوار القلاب Bell V-280 VALOR التي تتنافس في برنامج «الطائرة الهجومية المستقبلية البعيدة المدى» Future Long-Range Assault Aircraft لدى الجيش الأميركي. وستُمكّن منشأة الاختبار الجديدة، في إطار هذا البرنامج، شركة Rolls-Royce من المضي قدماً في أهدافها لتحقيق «صفر بصمة كاربونية» بحلول العام 2030 وتحسين فعالية الطاقة في أنظمة الدفع لديها. وتنشط «ب أيه إي سيستمز» BAE Systems أيضاً بدورها نحو تطوير طيران مدني وعسكري يعتمد على الطاقة الكهربائية. وكانت الشركة قد أمضت عقوداً في تطوير أنظمة دفع هجينة وكهربائية بالكامل لمنصات تجارية وعسكرية، على حد سواء في البر أو البحر. وبدأت الشركة الناشئة «رايت إلكتريك» Wright Electric ومقرّها الولايات المتحدة، بتطوير محرك كهربائي لطائرة WRIGHT 1 بمقاعدها الـ 186. وسيتألف هذا المشروع من عدة محركات محوّلة لتردد الطاقة الكهربائية inverter engines [للتحكم بعزم الدوران واستهلاك الطاقة الكهربائية]، التي تشكّل أساس وحدة الطاقة. وستحتضن طائرة WRIGHT 1 ثلاثة محركات كهربائية - اثنين يقعان تحت الجناحين، والثالث في قسم الذيل. وتتعاون شركة Wright Electric في المشروع مع BAE Systems في نواحي التحكم بالتحليق وأنظمة إدارة الطاقة، وهي تُخطّط للبدء هذا العام بأول اختبارات التحليق. وكانت تقارير صادرة في العام 2020 قد تحدثت عن مشروع TEMPEST، وهي مقاتلة من الجيل السادس تُصنّعها شركة BAE Systems، تلك التي يمكن تطوير طرازها الكهربائي بالكامل وتشغيله ببطاريات على متنها. ومن المتوقع أن تكون هذه الطائرة جاهزة بحلول العام 2030. ولم تتسرب أية تفاصيل حتى الآن عن مبدأ تشغيل هذه الطائرة لكن يُفترض أن تشمل مزايا هذا الاشتقاق الكهربائي انخفاضاً في الضجيج وانعدام أثر الحرارة من غازات العادم، وهو ما يُعقّد رصدها بشكل كبير من قِبل رادارات العدو.

الكهرباء وعربات UAV

في ظل المستوى الحالي للتطور التكنولوجي، يبدو من المنطق، على نحو أكثر، اعتماد المحركات الهجينة والكهربائية في «المسيّرات» (UAV) من دون فقدان الخصائص التكتيكية والتقنية، وذلك بفضل الوزن الأقل والحجم الأصغر بشكل كبير مقارنة بالطائرات ذوات الحجم الكامل. وإنما في هذا الاتجاه، تمضي الشركات الطليعية قدماً في إنتاج عربات UAV، لذا فإن هذا التطوير هو مسألة وقت فحسب.

وعرضت شركتا «إيرباص» Airbus و«بوينغ» Boeing، خلال فعاليات «معرض لابورجيه للطيران» Le Bourget Air Show في باريس العام 2019، نماذج أولية لعربات UAV كهربائية، أحدها خلال عرض ضمن برنامج تحليق نظّمه المعرض.

ووردت تقارير في آذار/مارس العام 2021 حول تكييف تكنولوجيا X-Engine لعربات آهلة من قِبل سلاح الجو الأميركي. وعلى الأخص، يمكن تأمين الإمداد بالطاقة لأنظمة الطائرات غير الآهلة عبر نظام دفع هجين-كهربائي. ومُنح عقد «نقل التكنولوجيا لشركات الأعمال الصغيرة» (STTR) بقيمة 150,000 دولار أميركي من خلال برنامج AFWERX الابتكاري لدعم مشروع AGILITY PRIME الهادف إلى تطوير طائرة «إقلاع وهبوط عموديين كهربائيين» (eVTOL) للاستخدام التجاري والآخر العسكري.

ويُعتبر محرك ديزلي دوّار مع وحدة طاقة هجينة-كهربائية نموذجاً واعداً لعربات UAV. وبما أن البطاريات اليوم تتسم بفترة خدمة غير كافية، فلا يمكن بالتالي الإفادة منها تماماً سوى في عدد محدود من الأجهزة. وفي الوقت ذاته، يتطلب الجيش فترة خدمة أطول لمهام تحليق عربات UAV.

 وإضافة إلى ذلك، بإمكان محرك X-Engine، بالاشتراك مع مولد كهربائي، أن يشحن البطاريات خلال التحليق، ما يضاعف من مداها العملاني. وخلص أليك شكولنيك Alec Shkolnik، المدير التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «ليكويد بيستون» LiquidPiston، إلى أن محرك X-Engine يمتلك مزايا محرك هجين-كهربائي في مسيرات مقابل المحركات العاملة بالغازولين والديزل غير المتصفة بالكفاءة، لا سيما في ظل واقع الافتقاد إلى الاختراقات التكنولوجية في تطوير المحركات الكهربائية بالكامل.

رسم فني لمقاتلة F-35 LIGHTING II مزودة بمحرك XA100 صنع شركة GE Aviation. من شأن المحرك XA100 أن يضاعف فترة تحليق F-35 لنحو 50 بالمئة ومداها نحو 35 بالمئة. كما سينخفض استهلاك الوقود بنحو 25 بالمئة. الصورة: GE Aviation
استكملت شركة GE ، بنجاح، اختبار النموذج الأولي لمحرك طائرة نفاث متكيّف، هو XA100، الجاري تطويره منذ العام 2007، بموجب عقد من سلاح الجو الأميركي
في العام 2020 عرضت شركة «إمبراير» Embraer وسلاح الجو البرازيلي طائرة عسكرية جديدة تدفع بنظام دفع هجين
نظرة مستقبلية

يفتح الانتقال إلى المحركات الكهربائية في حقل الطيران العسكري آفاقاً عديدة. وبينما يعتبر ذلك مسألة وقت فحسب، فليس من المرجح تحقيق اختراق كبير بين ليلة وضحاها في ظل الخطى البطيئة لعملية «اعتماد الكهرباء في المحركات» وذلك بسبب الحاجة إلى تطوير تكنولوجيات عديدة ذات صلة. وبالتالي، من المتوقع حتماً أن نرى فترة انتقالية محدودة تستخدم فيها الخيارات الهجينة. ونتيجة لذلك ستكون الأولوية لمحركات غاز الهيدروجين التوربينية، والطائرات الهجينة والكهربائية بالكامل المشغلة بالبطاريات. ومن المتوقع أن يشهد الطلب على محركات الطائرات بحلول العام 2025 ازدياداً كبيراً، لكنها في معظمها لا تزال تشتمل على مبادئ تشغيل تقليدية. وبين العامين 2030 و 2040 يتوقع إنتاج اشتقاقات مختلفة من الطائرات المزودة بنظام دفع هجين وكهربائي. وعلى الرغم من الطلب العالمي على التطوير التكنولوجي، فإنما النظام الكهربائي هو الذي يبدو أكثر استقطاباً بفضل الفوائد التي ينطوي عليها. فمن شأن هذا النوع من أنظمة الدفع أن يخفض إمكانية رصد الطائرة ويبدد الانبعاثات، وستتراجع أكلاف صيانة المحرك بشكل كبير، بينما ستنخفض أيضاً مخاطر الأعطال الميكانيكية.

كهربائية بالكامل ولكن...!

لكن الأسئلة الرئيسية هي حتى الآن تتعلق بالبطاريات التي ستُستخدم في الطائرات الكهربائية بالكامل، خصوصاً من ناحية قدرتها على تخزين كميات كبيرة من الطاقة. وديناميات تطوير البطاريات اليوم بطيئة جداً بما لا يسمح بالتحدث عن ملاقاة احتياجات الطاقة لدى الطائرات القتالية الحديثة. ومما يثير التساؤلات أيضاً، الوتيرة التي يجري فيها حالياً شحن أو استبدال البطاريات، خصوصاً في الظروف القتالية، فضلاً عن اللوجستيات والتخزين في ظروف مناخية متباينة. وبالتالي، يبقى استخدام نظام دفع هجين، يجمع معاً أفضل مزايا المحركات التقليدية والكهربائية على حد سواء، هو الأقرب إلى التطبيق العملي في الطائرات القتالية. أما المسألة الرئيسية الماثلة أمام المصممين فهي التثبّت من أن المرحلة الحالية [المتباطئة في تطوير المحرك الكهربائي بالكامل] لن تستمر على هذا النحو لفترة طويلة جداً. أليكس هوروبيتس

Product
Year
2023
Page No
22

Featured News